إن أسباب الاضطرابات السلوكية والانفعالية غير معروفة، فالأطفال أشخاص متميزون، ولا تزال الدراسات العلمية حول الأسباب البيولوجية في بداية الطريق، والتفاعلات التي تحدث للأطفال والصغار مع أسرهم والبيئة والمجتمع معقدة جدا.
لدرجة أننا لا نستطيع تحديد سبب واحد مؤكد للاضطرابات السلوكية والانفعالية، ومع ذلك نستطيع تحديد أربعة مجالات يمكن أن تسبب الاضطرابات السلوكية و الانفعالية.
أسباب الاضطرابات السلوكية والانفعالية
- المجال الجسمي والبيولوجي.
- مجال العائلة أو الأسرة.
- ومجال المدرسة .
- مجال المجتمع .
وتكون الأسباب عادة متداخلة فيما بينها ومتعددة .
أولا: المجال الجسمي والبيولوجي:
يتأثر السلوك بالعوامل الجينية والعوامل العصبية Neurological وكذلك البيوكيميائية Biochemical أو بتلك العوامل مجتمعة، ومن غير شك فإن هناك علاقة وثيقة بين جسم الإنسان وسلوكه .
القول إن جميع كثير من الأطفال العاديين من غير المضطربين لديهم عيوب بيولوجية خطيرة، أما الأطفال من ذوي الاضطرابات البسيطة والمتوسطة فليس هناك ما يثبت وجود عوامل بيولوجية محددة مسؤولة عن مثل هذه الاضطرابات.
وأما بالنسبة لذوي الاضطرابات الشديدة والشديدة جدا، فإن هنالك أسبابا وعوامل بيولوجية لها مسؤولية مباشرة. ويمكن الأطفال يولدون ولديهم محددات بيولوجية لسلوكهم ولأمزجتهم.
ويقول البعض إن تلك السلوكات يمكن تغييرها من خلال عملية التنشئة، والبعض الآخر يعتقد أن تلك السلوكات وخصوصا لدى ذوي المزاج الصعب قد تتحول إلى اضطرابات. بالإضافة إلى ما تقدم هناك مجموعة عوامل بيولوجية ذات صلة بالاضطرابات السلوكية والانفعالية مثل: الأمراض وسوء التغذية وإصابات الدماغ .
هناك كثير من الدلائل والبراهين ما يثبت وجود علاقة للعوامل البيولوجية بالاضطرابات السلوكية والانفعالية الشديدة والشديدة جدا لدى الأطفال .
ويؤكد الباحثون على وجود منحى بيولوجي لبعض الاضطرابات مثل فقدان الشهية والشره المرضي، كذلك وجود أساس وراثي لحالة الشخصية الفصامية، وكذلك وجود دور للبيولوجيا في العلاج، مثلا لا يعرف فيما إذا كان يوجد سبب بيولوجي الحالة الاكتئاب ولكن تلعب العلاجات المضادة للاكتئاب دورا هاما في البرنامج العلاجي، ولا يزال البحث جاريا في هذا المجال.
ثانيا: مجال العائلة أو الأسرة
يعزي الأخصائيون (أخصائيو الصحة النفسية) أسباب الاضطرابات السلوكية والانفعالية في المقام الأول إلى علاقة الطفل بوالديه، حيث إن الأسرة ذات تأثير كبير على التطور النمائي المبكر للطفل، فقد أشار بيتلهيم إلى أن معظم الاضطرابات السلوكية والانفعالية ترجع أصلا إلى التفاعل السلبي بين الطفل وأمه .
أما الأبحاث التجريبية فقد أولت العلاقات الأسرية ومدى تأثير الوالدين على الطفل أهمية كبرى، ومن الواضح أن هذا التأثير يزداد من خلال النظر إلى العلاقات والتعامل المتبادل بين الطفل ووالديه، وتأثير كل منهما في الآخر
ولذلك فقد وجد أن الأطفال ذوي الاضطرابات السلوكية والانفعالية الشديدة والشديدة جدا يعانون من عدم اتساق وتماسك في علاقاتهم مع والديهم . للعائلة دور مهم في التطور الصحي للأطفال
وقد تحدث اضطرابات سلوكية وانفعالية عند أية أسرة، ولا يعني هذا بالضرورة أن الأسرة قد تسببت في حدوث الاضطراب. وبالرغم من ذلك، فإن العلاقات والتفاعلات غير الصحية قد تسبب اضطرابات عند بعض الأطفال، كما أنها قد تزيد من حدة المشكلة الموجودة.
ومن الأمثلة على التفاعلات غير الصحية ضرب الأطفال، وإلحاق الأذى بهم، وإهمالهم، وعدم مراقبتهم وعقابهم، وانخفاض عدد التفاعلات الإيجابية، وارتفاع نسبة التفاعلات السلبية، وعدم الانتباه والاهتمام، ووجود نماذج سيئة من قبل البالغين
ثالثا: مجال المدرسة
يضطرب بعض الأطفال حين التحاقهم بالمدرسة، والبعض الآخر في أثناء تواجدهم في البيئة المدرسية ( في أثناء سنوات الدراسة).
ويمكن لهؤلاء الأطفال أن يصبحوا بوضع أفضل أو أسوأ من جراء المعاملة التي يتعاملون بها داخل الصف . للمعلمين تأثير عظيم على الطلاب من خلال تفاعلهم معهم، حيث تؤثر توقعات المعلمين على الأسئلة التي يوجهونها للطلبة، وكذلك التعزيز الذي يقدمونه لهم وعدد مرات التفاعل مع الطلاب ونوعيته.
قد يسبب المعلمون في بعض الأحيان السلوكات المضطربة أو يزيدون من حدتها، ويحدث هذا عندما يدير المعلم غير المدرب الصف، أو عندما لا يراعي الفروق الفردية، فإن ذلك يؤدي إلى ظهور استجابات عدوانية محبطة واستجابة نحو المعلم أو البيئة الصفية والمدرسية
وتعتبر بعض البيئات التربوية غير مناسبة لبعض الأطفال وقد يلجأ بعض الطلبة إلى القيام بالسلوكات المضطربة لتغطية قضية أخرى مثل صعوبة التعلم.
وعلى المدرسين الفعالين تحليل علاقاتهم مع طلابهم، وكذلك البيئة التعليمية والانتباه الجيد المقصود إلى المشاكل الموجودة، والمتوقع حدوثها .
رابعا: مجال المجتمع
قد يسبب المجتمع أو يساعد على ظهور الاضطرابات السلوكية والانفعالية، وهنا تجدر الإشارة إلى الفقر الشديد الذي يعيش فيه بعض الأطفال وحالات سوء التغذية، والعائلات المفككة (الممزقة) والشعور بفقدان الأهل، والحي العنيف .
كل ما سبق يمكن أن يؤدي أو يساعد على ظهور الاضطرابات عند التعرض لأية ضغوطات مثل تمزق العائلة والوفاة والمرض والعنف ولكن توجد حالات من الأطفال عاشوا في صغرهم ظروفا صعبة، وعندما كبروا أصبحوا بالغين أصحاء مما يؤكد أن الظروف الصعبة لا تقود دائما إلى اضطرابات سلوكية أو انفعالية.
بينما يصبح الأطفال الآخرون حساسين جدا لمشاكل الحياة وتظهر عليهم الاضطرابات، وتختلف من فرد لآخر . كل طفل هو شخص مميز بذاته، ولا توجد علاقة سببية واضحة لتفسير لماذا يطور فرد معين سلوكا مضطربا في زمن معين، ولا يطور فرد آخر سلوكا مضطربا في نفس الزمن ؟ .
الوقاية من الاضطرابات السلوكية والانفعالية
يمكن منع حدوث الاضطرابات السلوكية والانفعالية من خلال طريقتين :
- منع حدوث الأسباب التي تؤدي إلى هذه الاضطرابات .
- معالجة أعراض الاضطرابات .
ويختار المعلم أو المعالج الطريقة التي تؤيد نظريته في منع الإصابة، وإليكم المثال التالي : سامي في الصف الرابع، بدأ في إزعاج طلبة صفه عند وقت الانصراف . كيف تستطيع معلمته أن تمنع هذا السلوك من التحول إلى مشكلة سلوكية؟.
فإذا كان المعلم مدريا على التفكير بالاضطرابات السلوكية والانفعالية من خلال المدرسة السلوكية، فإنه سيختار الطرق التي تمنع حدوث السلوك من خلال ثلاثة أحداث: الظروف التي تسبق السلوك، والسلوك ذاته، والنتائج التي تظهر بعد السلوك .
عندها يتدخل المعلم في الظروف التي تسبق السلوك أو التي تلحق بالسلوك . فقد تقرر المعلمة تنظيم عملية الانصراف أو أن تعزز سلوك سامي الإيجابي عندما يلتزم بالصف وقت الانصراف .
أما إذا كانت خلفية المعلمة تنطلق من مدرسة التحليل النفسي، فإنها قد تقرر أن سامي وعائلته بحاجة إلى علاج، وستطلب دعم المدرسة في ترتيب ذلك.
وقد تصمم برنامجا للعائلة يساعدهم في تحسين تفاعل سامي وعلاقاتهم معه، وكذلك من الممكن أن تدرب سامي على السيطرة على سلوكاته ومراقبتها أكثر، وخصوصا عند وقت الانصراف . وسوف تستخدم العلاجات (الأدوية والعقاقير) لتهدئة سلوك سامي إذا كان الاتجاه طبيا.
وعادة لا تكون استراتيجيات الوقاية محددة. وتوجد عوامل أخرى تساعد في اختيار الطريقة المناسبة ومنها أسباب السلوك، وخبرات المعلم السابقة، وتوصيات الأخصائيين، وتفضيل الطفل والعائلة بالإضافة إلى طبيعة البرنامج .
وهكذا يمكن الإشارة إلى طرق الوقاية التالية من الاضطرابات السلوكية والانفعالية [1]:
- الطرق السلوكية .
- علاج الفرد والعائلة .
- تعليم العائلة طرقا جديدة في التفاعل مع الطفل .
- التدريب الذاتي (الشخصي).
- التعليم الأخلاقي.
- التدخل الطبي.
المراجع
- ↑ Wehby, J. H., Lane, K. L., & Falk, K. B. (2003). Academic instruction for students with emotional and behavioral disorders. Journal of Emotional and Behavioral Disorders, 11(4), 194-197.