هناك ثلاثة أقسام الأنثروبولوجيا العامة وهي الفيزيقية والثقافية والاجتماعية، غير أن الأمر ليس بهذه البساطة ذلك أن للعلماء تصنيفات مختلفة لمباحث الأنثروبولوجيا العامة , نحاول هنا عرض جانب بسيط منها , حيث نعرض لآراء بعض العلماء في إيجاز شديد .
“فآشلي مونتاجيو Ashley Moutagu ” يشير في دراسة له بعنوان ” المليون سنة الأولى من عمر الإنسان ” إلى أن الأنثروبولوجيا هي المعرفة المنظمة عن الإنسان , وهي تنقسم إلى قسمين كبيرين وهما:
- الأنثروبولوجيا الثقافية: وتهتم بدارسة كل ما يخلقه الإنسان من عادات وتقاليد وقيم وأدوات ومنشآت ونظم اجتماعية.
- الأنثروبولوجيا الجسمانية: وتهتم بدراسة البناء الجسمي للإنسان من حيث خصائصه الجسمية وتطورها وأسباب التشابه والاختلاف بين المجموعات البشرية , ويحاول الباحث الأنثروبولوجي أن يبين الكيفية التي وصل إليها الإنسان – في أشكاله الجسمية المختلفة – إلى ما هو عليه الآن وهذا هو ما يقره ” رالف ليتون R. Limton ” حيث يصنف الأنثروبولوجيا إلى قسمين فيزيقي وثقافي.
ويتفق ” رالف بدنجتون R. Piddington ” مع ” مونتاجيو ” و ” لنتون ” في تصنيفهما السابق ذلك , حيث صنف العلوم الأنثروبولوجية إلى قسمين هما : الأنثروبولوجيا الفيزيقية , الأنثروبولوجيا الثقافية . وتتضمن الأخيرة عنده فرعين أساسين وهما علم آثار ما قبل التاريخ , و الأنثروبولوجيا الاجتماعية.
كذلك فإن ” هبيل Hebel ” يتفق مع من ذكرنا من حيث تقسيم الأنثروبولوجيا إلى قسمين هما الثقافي والطبيعي . وهو يقسم الأنثروبولوجيا الطبيعية إلى قسمين هما:
- البيولوجيا البشرية .
- القياس الأنثروبولوجي أو الأنثروبومتري.
وهو يرى أن القسمين يكونان الأساس العلمي لدراسة السلالات البشرية أما الأنثروبولوجيا الثقافية فإنها تتضمن عند هبيل المباحث التالية :
- علم اللغات .
- الأثنولوجيا .
- الأثنوجرافيا .
وتتضافر هذه المباحث الثلاثة لتشكل الأساس العلمي للمباحث التالية :
- الآداب والفنون .
- التكنولوجيا .
- الأنثروبولوجيا الاجتماعية .
ويتفق ” فلكس كيسنج F. Kessing ” مع التصنيفات السابقة حيث يصنف الأنثروبولوجيا العامة إلى الأنثروبولوجيا الثقافية ثلاثة مباحث وهي:
- الأثنولوجيا .
- اللغويات .
- علم آثار ما قبل التاريخ .
ويرى ” كيسنج ” أنه يتفرع من الأثنولوجيا مبحثان وهما :
- الأثنولوجيا .
- الأنثروبولوجيا الاجتماعية .
واعتقد أنه لا ينبغي الاسترسال أكثر من ذلك في عرض آراء العلماء بشأن تصنيف الأنثروبولوجيا العامة . وما يهمنا هنا أن هناك شبه إجماع بين الباحثين على تقسيم الأنثروبولوجيا إلى مبحثين أساسين هما الجانب الفيزيقي للإنسان والجانب الثقافي له .
كذلك فإن هناك اتفاقاً بينهم على أن الأنثروبولوجيا الثقافية تستغرق الأثنولوجيا والأثنوجرافيا و الأنثروبولوجيا الاجتماعية . وهذا ما يمكننا من القول بأن الأنثروبولوجيا الاجتماعية هي في جوهرها أحد فروع الأنثروبولوجيا الثقافية .
فالباحث في مجال الأنثروبولوجيا الاجتماعية لابد وأن يدرس ثقافة المجتمع على الطبيعة أولاً حتى يتعرف على ملامح ثقافته المشخصة كخطوة أولى لمعرفة نظم المجتمع ووظائفها والخروج بالصورة البنائية للمجتمع .
ويشير ” رالف لنتون R. Linton ” إلى أن معنى الأنثروبولوجيا يختلف في إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية عنه في بقية دول أوربا . فهو يشير في الأولى إلى ” علم الإنسان وأعماله ” أما في أوروبا فهو يقتصر إلى حد كبير على دراسة الخصائص الجسمية للإنسان
ويتفق ” لنتون ” مع التعريف الأول , فالأنثروبولوجيا تهتم بفهم جميع الجوانب التي تتعلق بذلك المخلوق الغريب الذي يسير على قدمين , سواء من حيث تكوينه الجسمي الفيزيقي أو من حيث تكوينه السلوكي الذي يفوق تكوينه الجسمي غرابة , على حد قوله .
ويتميز ” لنتون ” الأنثروبولوجيا على أنها علم تركيبي حيث أنها تحاول دراسة الإنسان دراسة تكاملية من جميع الجوانب , الأمر الذي يختم الاستعانة بمجموعة كبيرة ومتداخلة من العلوم الأخرى . فمجال الأنثروبولوجيا متسع جداً يتضمن مجموعة كبيرة من الظواهر المتنوعة لا يمكن أن يحيط بها أي فرد . ولعل هذا هو ما أدى إلى ظهور الانقسام داخل الأنثروبولوجيا على النحو الذي أوضحنا جانباً منه . ويشير ” لنتون ” إلى أن الانقسام الرئيسي يتضح من تعريف الأنثروبولوجيا كعلم لدراسة الإنسان وأعماله .
فدراسة الإنسان تستند إلى العلوم الطبيعية والحيوية , أما دراسة أعماله فإنها تستند إلى العلوم الاجتماعية كعلم النفس والاجتماع والاقتصاد … إلخ . وهذا يعني أنه يتفق مع من ذكرنا من العلماء في تقسيم الأنثروبولوجيا إلى قسمين أساسين الأول هو الأنثروبولوجيا الفيزيقية . والثاني هو الأنثروبولوجيا الثقافية . وقد حدث إنفصال شبه كامل بين المشتغلين بكل قسم حتم تزايد الوعي بالتأثير والتأثر المتبادلين بين العوامل الفيزيقية والفسيولوجية والعوامل الثقافية , الأمر الذي ساهم في إحداث التقارب بينهما .
وانقسم كل من القسمين الأساسين للأنثروبولوجيا إلى عدة علوم فرعية يختص كل منها بدراسة جانب معين من الإنسان . فقد انقسمت الأنثروبولوجيا الطبيعية إلى فرعين هما , علم الحفريات البشرية , وعلم الأجسام البشرية [1].
ويختص الأول بدراسة التطور الفيزيقي للإنسان وأصوله الأولى , أما الثاني فإنه يدرس الاختلافات الفيزيقية الفرعية بين إنسان اليوم . أما الأنثروبولوجيا الثقافية فإنها تتضمن – طبقاً لتصنيف ” لنتون ” – ثلاثة فروع من المعرفة هي علم الآثار القديمة Archiology وعلم اللغويات Linguistics والأثنولوجيا Ethnoiogy.
المراجع
- ↑ شناق، محمد سليمان. (2020). ماهية الأنثروبولوجيا: تعريفها ودورها. أفكار، ع382 ، 42 – 49.