تولي الدول المتقدمة أهمية البحث العلمي المرتبة الأولى لإدراكها بأن تطور الأمم والمجتمعات يكمن في قدرات أبنائها العلمية والفكرية وغيرها.
ويعتبر البحث العلمي بمناهجه وإجراءاته من الأمور الضرورية لأي حقل من حقول المعرفة، فقد أصبح الإلمام بهذه المناهج المختلفة والقواعد الواجب اتباعها
بدءا من تحديد مشكلة ما ووصفها بشكل إجرائي، ومرورا باختيار منهج وأسلوب لجمع المعلومات، وانتهاء بتحليل المعلومات واستخلاص النتائج من الأمور الأساسية في العلوم الطبيعية والاجتماعية والإنسانية.
وتزداد أهمية البحث العلمي بازدياد اعتماد الدول عليه، لاسيما المتقدمة منها التي تدرك مدى أهمية البحث العلمي في استمرار تقدمها وتطورها، وبالتالي تحقيق رفاهية شعوبها والمحافظة على مكانتها الدولية.
وبما أن موضوع البحث العلمي يقوم أساساً على طلب المعرفة وتقصيها والوصول إليها، فان أهمية البحث العلمي تبرز فيما يأتي:
الحاجة الى تغطية النقص
الحاجة الى تغطية النقص الواضح في معلومات البحث الذي يرغب الباحث بدراسته، ويمكن التعرف على هذا النقص عن طريق الاطلاع على البحوث والدراسات المختلفة في مجال التخصص.
الحاجة الى شرح ظاهرة ما
الحاجة الى شرح ظاهرة ما لا يوجد تفسير علمي دقيق لها، لذلك تبرز اهمية البحث في دراستها بمنهج بحثي للتحقق من التخمينات والاجتهادات المبنية على الآراء الشخصية البحتة التي ينقصها الجانب الموضوعي في كثير من الاحيان.
الحاجة الى اختبار نظرية من النظريات
الحاجة الى اختبار نظرية من النظريات في بيئة لم يسبق اختبارها فيها ؛ ذلك ان معظم النظريات نشأت في المجتمعات الغربية وترعرعت فيها ، وتنطبق نتائجها البحثية على تلك المجتمعات دون غيرها
وعلى الرغم من اهمية تلك النظريات في شرح الظواهر الا انه لا يمكن تعميمها على جميع المجتمعات؛ لذلك تبرز اهمية البحث العلمي في محاولة التعرف على مدى ملائمة تلك النظرية لأفراد مجتمعاتهم.
الحاجة الى تقييم الوضع الراهن
ويتكرر هذا النوع من البحوث في دراسة جمهور تتغير سلوكياته بدرجة سريعة، فتكون اهمية البحث في رصد تلك التغيرات بصورة تعين على وضع حلول جديدة طبقا للتغيرات التي حدثت.
ان الاهتمام العالمي بأهمية البحث العلمي يأتي من كونه المدخل الطبيعي لتنمية المجتمعات تنمية مستدامة، ونشر الثقافة والوعي وحل المشكلات وتفسير الظواهر، وتسجيل آخر ما توصل اليه الفكر الانساني.
وهذا الاهتمام العالمي يرجع الى اتساع رقعة البحث العلمي وتناوله لمجالات لم يسبق للعلم أن (طرقها) تناولها من قبل وكان ينظر اليه من باب الخيال العلمي مثل المساعدة الصناعية على الانجاب أو التحكم فيه أو الاستنساخ وبحوث القضاء
فمثل هذه البحوث تجري على أفراد متطوعين خدمة للبحث العلمي أو لأهداف انسانية، ففي هذه الحالة تستلزم هذه البحوث اخلاقيات وسلوكيات وضوابط؛ كي لا تكون على حساب الفرد واحترامه وضمان سلامته.
كذلك فان البحث العلمي الحديث صار عابراً للقارات لـيـس لـه حـدود جغرافية، إذ يشارك في البحث مجموعة من العلماء من بلدان مختلفة اختصاراً للوقت وضـمـاً للجهود وتقييماً للنتائج في ظل الظروف المختلفة للمجتمعات فهذه الدوليــة تحتاج إلى ضوابط وقيم تحكم البحث خصوصاً فيما يتعلق بخصوصية الأفراد.
بالإضافة الى ذلك فان البحث العلمي لم يعد مجالاً فردياً بل استثماراً للمجتمع والعائد يكون أما مادياً أو تنمية بشرية لإعداد الكوادر المؤهلة القادرة على توجيـه البحث العلمي إلى ما يخدم المصلحة
ويسبب ما حدث من اضرار جسيمة للمجتمعات نتيجة بعض البحوث التي لم تعد تستخدم استخداماً صحياً أو استخدمت دون الالتزام بالقواعد الاخلاقية بالبحوث (قنبلة هيروشيما – تشيرنوبل) واحتمالات استخدام المعلومات الجينية والاستنساخ في غير مصلحة الافراد.
ويمكننا اضافة سبب آخر من اسباب الاهتمام العالمي بالبحث العلمي هو دخول العنصر التجاري، فكثير من الشركات تستمر في مجال البحث العلمي؛ بغرض تحقيق تقدم علمي يتيح المزيد من فرص الكسب المادي المشروع.
كما تم من اعلان هلسنكي عام 1964م وأعيد النظر فيه عام 1983 الاتحاد العالمي للأخلاقيات وخلافه.
مجالات البحث العلمي
يشمل البحث العلمي جميع حقول المعرفة بمعناها الواسع ويمكننا بصفة عامة ان تقسم البحوث العلمية الى المجالات الاتية
1 – مجال العلوم الانسانية :
وهو المجال الذي يضم العلوم ذات الصبغة الادبية كالديانات واللغات والآداب والفلسفة والتاريخ… الخ. وغالباً ما تكون البحوث في هذا المجال ذات طابع نظري يعتمد على الوثائق وعلى القراءة وتحليل ومقارنة المعلومات.
2 – مجال العلوم الاجتماعية:
وهو المجال الذي يضم العلوم الاجتماعية مثل الاقتصاد والجغرافيا والقانون و الخدمة الاجتماعية والسياسة والاعلام… الخ.
والبحوث في مجال العلوم الاجتماعية ذات طابع نظري، ولكن يتداخل معه احياناً كما في بعض بحوث علم النفس والبحوث التربوية والاحصائية. وتهدف بحوث هذا المجال الى حل مشكلات المجتمع.
3 – مجال العلوم
وهو المجال الذي يضم كل حقول العلوم الطبيعية والعلوم | البحتة مثل الرياضيات والفلك والكيمياء.. الخ. والعلوم التكنولوجية مثـل الطـب والهندسة والصناعة والزراعة.. الخ .
ويغلب على بحوث هذا المجال الطابع العلمي الذي يعتمد على الملاحظة والتجارب العلمية.