التنمية المستدامة

إمكانية تحقيق التنمية المستدامة

تعريفات التعلم بالاكتشاف الموجه

حتى يمكن تحقيق التنمية المستدامة بمفهومها ومنهجها الشمولي لابد من وجود إرادة سياسية للدول وكذلك استعداد لدى المجتمعات والأفراد لتحقيقها ، فالتنمية المستدامة عملية مجتمعية يجب أن تساهم فيها كل الفئات والقطاعات والجماعات بشكل متناسق

ولا يجوز اعتمادها على فئة قليلة، ومورد واحد. فبدون المشاركة والحريات الأساسية لا يمكن تصوّر قبول المجتمع بالالتزام الوافي بأهداف التنمية وبأعبائها والتضحيات المطلوبة في سبيلها، أو تصوّر تمتعه بمكاسب التنمية ومنجزاتها إلى المدى المقبول

كما لا يمكن تصوّر قيام حالة من تكافؤ الفرص الحقيقي وتوّفر إمكانية الحراك الاجتماعي والتوزيع العادل للثروة والدخل . فلابد أن تقوم كل فئة من فئات المجتمع بدورها لتحقق التنمية المستدامة ، وهي :

دور الفرد في تحقيق التنمية المستدامة

إن التنمية في فلسفتها مفهوم أخلاقي، فهي تعتمد على تغير في أنماط السلوك بحيث يتحمل الفرد مسؤولية الشعور بالآخرين من حوله وكذلك بمن سيأتي بعده. فالتنمية المستدامة محورها هو الإنسان وتوفير الحياة الأفضل له

وبالتالي فإن كل إنسان أيا كان موقعه سواء المواطن الذي يراعي احتياجاته واحتياجات أبنائه وجيرانه والمحيط الذي يعيش فيه أو كان الموظف الذي يؤدي واجبه بأمانة لتحقيق الأفضل لكل المستفيدين من خدماته

أو على مستوى صانع القرار أو واضع السياسة التي من شأنها ضمان رغد العيش والقدرة على تلبية الاحتياجات للحاضر والمستقبل. فطالما محور التنمية المستدامة هو الفرد واحتياجاته فإن الفرد أيضا هو الأساس في بناء هذه التنمية.

دور الأسرة في تحقيق التنمية المستدامة

للأسرة دور كبير في خلق جيل واعي ومنتمي إلى مجتمعه وبلده يحرص على أن يتمتع الجميع بمستوى عيش مقبول ومريح.

ولعل الأسرة هي القدوة في السلوك الذي يكتسبه الفرد منذ الصغر فإذا كانت الأسرة حريصة على محيطها وبيئته فإن أفرادها سيكونون كذلك.فالأسرة هي المعلم الأول لمبادىء التنمية المستدامة من حيث صقل وزيادة الوعي والإدراك للحرص على آخرين كما نحرص على أنفسنا.

دور المجتمع في تحقيق التنمية المستدامة

يؤدي المجتمع دوراً بالغ الأهمية في معالجة قضايا البيئة والتنمية المستدامة ، فالمجتمع هو المحرك الأساسي والمحور في عملية التنمية المستدامة وذلك من خلال وجود مجتمع واعي ومتفهم لحقوق الجميع وواجباته من خلال مجتمع متكامل تتحقق فيه المساواة والعدالة الاجتماعية

وفي نفس الوقت يهيئ أجيال تحافظ علي بيئتها ومحيطها ، وتحرص علي أن يتمتع الجيل القادم بما تمتعوا فيه في بيئة سليمة .

ويقع علي المجتمع دور هام في تحقيق التنمية المستدامة بخلق البيئة الاستثمارية لنمو اقتصادي مستدام من خلال مبادرات المجتمع من النشاطات الاقتصادية والاجتماعية التي تهدف لزيادة الدخل . وقد شهدت السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في دور وقدرات ومشاركات تنظيمات المجتمع المدني

الأمر الذي يسلط الضوء على ضرورة أن تعمل الحكومات والمنظمات الدولية على تمكين وتعزيز مشاركة هذه التنظيمات في نشاطاتها في المسائل البيئية لتحقيق التنمية المستدامة ، و تفويض السلطة للمجتمع لكي ينمى نفسه بنفسه ويستطيع أن يواصل أمور التنمية وأن يكون متفهماً لكل جوانبها.

توصل المجتمع المدني إلى أشكال جديدة وفعالة للتعبير عن المشاعر والاهتمامات الشعبية ، ومن هنا أصبح يعتبر أداة قوية لتعزيز القيم ومقاصد التنمية المستدامة.

وينهض المجتمع المدني بدور هام يلفت أنظار السياسيين إلى القضايا البيئية الناشئة ، والتوعية الجماهيرية ، وترويج الأفكار والنهج الإبتكارية ، والدعوة إلى الشفافية والنشاطات غير الفاسدة في مجال صنع القرارات البيئية.

دور القطاع الخاص في تحقيق التنمية المستدامة

إن القطاع الخاص شريك أساسي  في تحقيق التنمية المستدامة وهو الميزان الذي يتجدد من خلاله الأهداف التنموية. فبالحديث عن التنمية عبر برامج ونشاطات مستديمة. فالجانب الاقتصادي في التنمية هو الأكثر ارتباطا كمؤشر وكنتيجة لهذه التنمية على الأفراد وتركيز القطاع الخاص واتجاهه إلى التخطيط طويل الأمد.

فالاستثمارات التي تؤدي دورها في خدمة المجتمع والمواطن من خلال المشاركة الفاعلة في توفير فرص العمل ضمن ظروف مهنية مناسبة تراعي سلامة الموظف والعامل وأمنه الوظيفي وشروط صحية تراعي المهنة أو الحرفة التي يمارسها وكذلك مراعاة السلامة البيئية لمحيط العمل والمحيط الخارجي.

إن السياسات الاستثمارية والتنموية للقطاع الخاص يجب أن تكون الإنتاج النظيف وتقليل التلوث بمختلف أنواعه تؤمن الاستمرارية لهذه الاستثمارات وتوفر الدعم الشعبي والرسمي ولا نختلف في أن تكون مؤسسات القطاع الخاص ذات رسالة اجتماعية تدعم المجتمعات المحلية بشكل مادي ومعنوي يجعل منها بنية وركيزة من ركائز تطوير المجتمعات والنهوض بأفرادها.

ظهر القطاع الخاص كطرف عالمي فاعل له تأثيره الهام على الاتجاهات البيئية من خلال ما يتخذ من مقررات بشأن الاستثمار والتكنولوجيا ؛ وتستطيع الحكومات أن تؤدي ، في هذا الشأن، دوراً حاسماً في إيجاد البيئة المواتية. وينبغي زيادة القدرات المؤسسية والتنظيمية التي تسمح للحكومات بالتفاعل مع القطاع الخاص.

كما يتعين العمل على زيادة الالتزام من جانب القطاع الخاص بحيث تتولد عنه ثقافة جديدة تدل على مسؤوليته نحو البيئة من خلال تطبيق مبدأ “الملوث يدفع”، ومؤشرات الأداء البيئي ، والإبلاغ عن هذا الأداء، وإتباع نهج تحوطي في اتخاذ المقررات بشأن الاستثمار والتكنولوجيا.

ويجب أن يرتبط هذا النهج بتنمية التكنولوجيات الأقل تلويثاً والأكثر ترشيداً ، لتسخير الموارد لخدمة الاقتصاد الذي يشمل دورة الحياة بأكملها وكذلك ببذل الجهود التي تيسر نقل التكنولوجيات السليمة بيئياً.

الدور الحكومي  في تحقيق التنمية المستدامة

 إن الحكومة هي راسمة السياسات وصانعة القرارات ومن أهم شروط تحقيق التنمية المستدامة هو أن تكون هذه السياسات وما يتبعها من خطط ذات شمولية وتكامل بحيث لا تتعارض قوانين وتشريعات مؤسسة أو وزارة مع غيرها

بل على العكس تكون في مجملها ضمن إطار وضع هذه السياسات مراعاة لجوانب ومناحي التنمية المستدامة فلا يتم فصل الجانب البيئي والاجتماعي عن الخطط الاقتصادية والاقتصاد ولا ينفصل عن العمل البيئي والاجتماعي.

والدور المركزي للحكومة ومؤسساتها في تحقيق التنمية المستدامة لعب الدور الرقابي والمتابع لكافة نواحي التنمية من خلال كوادر مؤهلة تعي مفاهيم التنمية المستدامة وتطبيقاتها ضمن برامج واضحة ومحددة يكون كل منها مدعم ومكمل للآخر.

كذلك يقع على عاتق الجهاز الحكومي كما هي العناية بالوضع الداخلي للتنمية أن يكون منسجم مع التوجيهات العالمية لتحقيق التنمية المستدامة من خلال المشاركة في الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تحقق هذه الغاية

وعكس هذا التوجه على الوضع المحلي من خلال وضع إستراتيجية وطنية للتنمية المستدامة يضعها ويطبقها كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها وتكون المرجع للنهوض بالتنمية المستدامة وتطبيقاتها على كافة مفاصل العمل الحكومي ابتداءً من الموظف وانتهاءً بالمؤسسة التي يعمل بها .

دور القانون في حماية التنمية المستدامة وتدعيمها

اجتمع في الفترة من 18 إلى 20 آب/أغسطس عام 2002 أعضاء الهيئات القضائية من جميع أنحاء العالم بالندوة العالمية للقضاة المعنية بالتنمية المستدامة ودور القانون، وذلك في جوهانسبرج، جنوب أفريقيا، لتأكيد الالتزام بتطبيق القوانين لحماية البيئة واستمرار التنمية المستدامة .

على الرغم من أن هذا الدور هو أيضا حكومي ولكن المقصود هنا وجود آليات قانونية مفعلة كجزء من الجهاز الرقابي فقوانين الاستثمار والتنمية الاجتماعية وقوانين العمل والعمال وما بين البيئة وأنظمتها يجب أن تتكامل في رؤية قانونية تمكن رجل القانون على كافة المستويات من ضبط العملية التنموية ودفعها للأمام بقوانين عصرية تؤكد النهج الشمولي للتنمية.

هذا الدور يتطلب وجود مؤسسات قانونية مدركة لأهمية هذه التنمية ومؤهلة بكوادرها لتطبيق القوانين وتفعيلها لضمان الوصول إلى الهدف المنشود وهو تحقيق التنمية المستدامة كذلك يمثل تطبيق حملة القوانين المتعلقة بالتنمية المستدامة ركيزة المحافظة على تحقيق هذه التنمية التي تتصف بالمدى البعيد والمحتاجة لنفس طويل من قبل الجميع.  

السابق
تعريف التنمية المستدامة ومؤشراتها
التالي
المشكلات النفسية للمعاقين بصريا