هناك مجموعة من استراتيجيات التدخل السلوكي في الموقف الصفي والتي أشار إليها علماء النظرية السلوكية في التعلم، وهي كالتالي:
اولا: حسب الإشراط الاستجابي
يلعب هذا النوع من التعلم دورا هاما في الصف، ويلاحظ من خلال التدخل السلوكي الذي يشتمل على برامج التدريب على الاسترخاء، ويعتمد على كف القلق عن طريق إحداث استجابة مضادة لها بوجود المثير الذي يستجرها .
استخدام هذا الإجراء لتقليل المخاوف من المدرسة، ومعالجة بعض حالات العدوان وبعض الأعراض السيكوسوماتية، وضبط نوبات القلق. ففي دراسة 1986 Lazonus & trichart التي تعتبر مثالا جيدا عن المخاوف المدرسية لطفل عمره تسع سنوات
وكانت الخطوة الأولى في العلاج عمل مدرج القلق وتعريض الطفل لتلك المثيرات تدريجيا، ولوحظ أن استجابة القلق بدأت تتناقص ، إلا أن لهذا الإجراء محددات منها: صعوبة استخدام الاسترخاء العضلي لدى الأطفال.
ثانيا : حسب الإشراط الإجرائي
إن معظم سلوكات التعلم في الصف و استراتيجيات التدخل السلوكي تحدث بطريقة الإشراط الإجرائي، ومن الأمثلة عليها : الخطة التربوية الفردية والأهداف التي تتعلق بالعلاقات بين الطلاب والمعلمين والوالدين، ودعم العاملين في المدرسة.
ولا بد من استبدال السلوكات المتكررة غير المناسبة بسلوكات مقبولة، وهذه الأهداف يمكن تحقيقها من خلال التعزيز الإيجابي والإطفاء والعقاب والإقصاء والتعزيز السلبي .
ولدى السلوكيين افتراض أن السلوك التكيفي واللاتكيفي يخضع لقوانين التعزيز ، وحسب ما أشار إليه Robert فإن قوانين التعزيز تتضمن ما يلي:
أن يكون التعزيز مناسبا، وأن يتبع السلوك مباشرة، ويكون مناسبا زمنيا ما أمكن (التغذية الراجعة) مع مراعاة نوعية التعزيز.
وقد طبقت الإجراءات السلوكية بنجاح على عدد من الاضطرابات كـ (الأوتزم أو التوحد) ، والعصاب، واضطراب الدافعية
وبشكل عام، تعارض السلوكية إطلاق تسميات على الطفل بأنه مريض أو شاذ، وتنظر للسلوك اللاتكيفي والتكيفي على أنه يحدث بسبب عملية التعلم .
أشار 1980 ,New Comer إلى بعض الافتراضات الحاسمة في النموذج السلوكي وهي:
- معظم السلوك متعلم، ويمكن امحاؤه عن طريق تطبيق إجراءات التعلم .
- يمكن استبدال السلوكات غير المناسبة عن طريق إجراءات التعزيز للسلوكات المقبولة (المناسبة) .
- من الممكن التنبؤ وضبط السلوك إذا تمت معرفة الخصائص البيئية.
- هذا ويمكن استخدام مبادئ تعديل السلوك في الصف، والهدف الأساسي لتعديل السلوك هو تحديد السلوكات المنحرفة التي تتداخل مع التعليم، ومساعدة الطفل على تطوير سلوكات تكيفية.
أما الإجراءات المطلوب من المعلم القيام بها سواء في الصف أو في الموقف التربوي فهي كما يلي [1]:
- ملاحظة السلوك المستهدف وتحديده السلوك غير المرغوب فيه الذي يجب تعديله.
- اختيار التعزيز المناسب وتقديمه في الوقت المناسب .
- إعداد برامج تدخل وتصميمها بحيث تعتمد على مبادئ تعديل السلوك .
- مراقبة فعالية البرنامج
امثلة واقعية على استراتيجيات التدخل السلوكي مع الأطفال مضطربين سلوكيا
يفترض الاتجاه السلوكي أن كل إنسان يتعلم السلوكات التكيفية وغير التكيفية، وأن هناك نوعين من الاستجابات بناء على ما يسمى بالإشراط الاستجابة الكلاسيكية والاستجابة الشرطية، ففي الاستجابة الكلاسيكية تكون الاستجابة متعلمة من خلال إقرانها بالمثير مرات عدة
فعلى سبيل المثال ربما يقوم أحد الأطفال بالصراخ (وهو خائف) بصوت مرتفع عندما يشاهد وردة صفراء ، فعند إقران ظهور الوردة الصفراء مرات عدة مع حالات الخوف، فإن الطفل سوف يعطي ردة الفعل نفسها (الصراخ) عند ظهور الوردة الصفراء في أي موقف .
يقوم الإشراط الإجرائي على أساس مبدأ تعديل السلوك، وإن السلوك الذي يقوم به الإنسان متعلم، حيث إن التعزيز يتبع ظهور الاستجابة، فعلى سبيل المثال لو أردنا من الطالب أن يكف عن البكاء والصراخ داخل غرفة الصف، فإننا نقرن ظهور السلوك بالإهمال وهكذا
فإنه وبمجرد ظهور السلوك نهمله ولا نقدم أي تعزيز له، فإنه سوف يتلاشى لأن استجابة الصراخ لم يتم تعزيزها ، وعندما يقوم ذلك الطفل بالتحدث بطريقة هادئة ومناسبة نقوم بتقديم التعزيز المناسب فيحصل ما يسمى بالإشراط الإجرائي، وهو أن المعزز قد اقترن بمجرد ظهور الاستجابة المناسبة .
ولو افترضنا أن طفلا ما يقوم بالقفز على المقاعد داخل الصف وقام المعلم بالصراخ عليه، فربما يكون صراخ المعلم بمثابة تعزيز للطالب لأنه قد يكون الهدف من السلوك هو لفت الانتباه للمعلم، وبالتالي فإن حديث المعلم وصراخه عليه يعتبر بمثابة تعزيز .
ولكن لو تحدث المعلم بصوت هادئ ومعقول مع الطالب الذي قام بسلوك القفز على المقاعد، وعززه مباشرة بعد قيامه بهذا السلوك (الجلوس)، فإن سلوك القفز يتلاشى عندما يعزز السلوك المقابل له (الجلوس).
وهناك ما يسمى بالتعزيز الرمزي عن طريق ما يمكن تسميته (بالفيش)، فلنفرض أن المعلم قد قرر استخدام أسلوب التعزيز الرمزي مع طالب يقوم بسلوكات غير مرغوبة داخل الصف (القفز على المقاعد) ، فإنه يمكن للمعلم أن يقدم فيشة معينة للطالب كلما قام بالجلوس الصحيح
وعند جمع (10) فيش يقوم المعلم بإعطاء تعزيز مساو، فالمعلم هنا يقوم بعملية تشكيل للسلوك كلما قام الطالب بالاقتراب من السلوك النهائي وذلك باستخدام الفيش.
مثال تجريبي
مریم طالبة تبكي بشكل مستمر ودائم عندما يحضر والدها إلى المدرسة، ولا تحاول حل الوظائف المدرسية كانت المعلمة تعززها عن طريق إعطائها ألعابا مناسبة، وعن طريق قراءة القصص المسلية لها عندما تحاول الهدوء والانضباط داخل الصف وعند محاولتها حل الوظائف المدرسية
وعندما كانت مريم تقوم بالبكاء فإن المعلمة كانت تدير ظهرها وتهملها وتدرس طفلا آخر، وعندما كانت تكف عن البكاء كانت المعلمة تعود لتعليمها .
بعد تطبيق هذا البرنامج بشهرين ظهر لديها سلوك آخر وهو الكف عن البكاء ، والقيام بتقبيل المعلمة ومعانقتها .
حاولت المعلمة مناقشتها والتوضيح لها بأن سلوك التقبيل هو سلوك غير مقبول داخل غرفة الصف، وكانت تقوم بإهمال ذلك السلوك عندما تقوم به، وتعززها عندما تكف عنه حتى امحاء السلوك .
وبعد ذلك، كانت المعلمة تقوم بتعزيز مريم كلما اقتربت من زملائها وشاركتهم نشاطاتهم، حتى استطاعت أن تتكيف مع الجو الدراسي داخل غرفة الصف .
ثالثا: استراتيجيات التدخل السلوكي حسب نظرية التعلم بالملاحظة
إن كل ما ذكر من تطبيقات يحدث في الصف، لكن لعب الدور له فائدة في التدرب على تقليل الحساسية والتدرب على المهارات الاجتماعية . فوائد لعب الدور في المواقف مع المجموعة :
- التفاعل الاجتماعي.
- كل طالب يتقدم يقدم وظيفة نموذجية للأعضاء الآخرين في المجموعة .
- الضبط الاجتماعي في بعض المواقف يدفع الطلاب لمحاولة إبداء سلوكات يتم تعلمها .
الضبط الذاتي الذي هو أساسي لكل تكنيكات الإشراط، ويعتمد بشكل كبير على النمذجة والمعززات المشروطة، ويقصد به أن يقوم الفرد بتعزيز ذاته على سلوكات يختارها بنفسه عدم التدخين لتجنب السرطان حياة الأطفال في البداية تكون مضبوطة بمعايير خارجية كقواعد الآباء والمعلمين
ويهدف الضبط الذاتي للتقيد بالمعايير التي تكون مفروضة على الفرد ذاتيا وتظهر عن طريق معززاتهم وعقابهم. ويقصد بهذا المفهوم الفعالية الذاتية
ويمكن التدرب على الضبط الذاتي من خلال خمسة تكنيكات مختلفة هي [2]:
- ضبط المثير.
- المراقبة الذاتية .
- التعزيز الذاتي أو العقاب الذاتي .
- التعلم الذاتي .
- التدريب على الاستجابة البديلة .
إحدى فوائد الضبط الذاتي هو إمكانية تطبيقه في المعالجة ، واستخدامه مع الأطفال المضطربين سلوكيا الذين لديهم نشاط زائد وأخطاء الدفاعية.
أولا : ينمذج المجرب المهمات ويعلم نفسه ويضع مهمات حول المهمة، ويجيب عن الأسئلة، ويخطط لسلوكه، ويوجه هذه الأفعال، ويعزز ذاته، وبعدها يقلد الطلاب ويعلم نفسه بصوت مرتفع، وبعد ذلك دون صوت أو تحريك للشفاه.
هذا النوع من الضبط الذاتي يؤثر في تقليل الأخطاء الاندفاعية مقارنة بمجموعات لم تدرب. كما يستخدم الضبط الذاتي مع الطلاب العدوانيين مثل تكنيك السلحفاة إذ يتخيل الطلاب أنفسهم سلاحف تنسحب من المخبأ وتمارس الاسترخاء العضلي، وتستخدم طرق حل المشكلات لإحداث استجابات اجتماعية بديلة .
ويوضح كلازيو وبلون (1967) وآستر (1982) أسباب انتشار الأسلوب السلوكي بين المدرسين الذين يعملون مع المضطربين سلوكيا كما يلي :
- الأسلوب السلوكي عملي.
- يركز الأسلوب السلوكي على الملاحظة، ويساعد المدرسين على أن يكونوا أكثر وعيا بنوعية مشاكل الطلبة وبقدراتهم الخاصة.
- الأسلوب السلوكي بسيط وسهل الفهم.
- يركز على المعززات الإيجابية لزيادة تكرار السلوك الإيجابي .
- يسهل على المدرسين التعامل مع السلوك الملاحظ مباشرة حيث إن المدرسين غير مؤهلين للكشف عن أسباب السلوك.
بعض الانتقادات التي وجهت للنموذج السلوكي.
- يركز الاتجاه السلوكي على السلوكات البسيطة وهو غير فعال في: تطبيق إجراءاته على المشاكل الإنسانية المعقدة.
- يظهر السلوكيون أحيانا عدم اتفاق للمبادئ الأولية للنضج والنمو والدافعية الداخلية ورفضهم للعمليات الداخلية والمعرفية. ويتضح في حالة المضطربين سلوكيا أن الحاجة لفهم لماذا حصل ؟ ومعرفة ماذا حصل؟ لا يكفي !
- إن تعديل سلوك شخص يتضمن أسئلة جادة حول القيم التي لم يتم التعامل معها بعد على نحو ملائم. يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أننا لا نغير الأطفال من أجل إرضاء الكبار، فالأطفال السلبيون الهادئون الذين يسهل التعامل معهم يمكن ألا يكونوا أسوياء ! .
- بعض الجوانب الإيجابية البرامج السلوكية لا تستمر مع الوقت، وبعض البرامج السلوكية تظهر صعوبة في جانب انتقال التعلم وغير قادرة على مساعدة الفرد لنقل المهارات التي تعلمها لمواقف مشابهة.
- لا يحتمل أن يوجد نموذج يفسر كل السلوكات لكل طفل .
المراجع
- ↑ Daunic, A. P., Smith, S. W., Brank, E. M., & Penfield, R. D. (2006). Classroom-based cognitive–behavioral intervention to prevent aggression: Efficacy and social validity. Journal of School psychology, 44(2), 123-139.
- ↑ Acar, U. A. (2009, January). Self-adjusting computation: (an overview). In Proceedings of the 2009 ACM SIGPLAN workshop on Partial evaluation and program manipulation (pp. 1-6).