التربية الخاصة

اضطراب فرط النشاط المصحوب بقصور الانتباه

قصور الانتباه المصحوب بنشاط حركي زائد

مما لاشك فيه أن مرحلة الطفولة من أهم المراحل النمائية في حياة الأفراد، حيث إنها مرحلة يتوقف عليها الكثير من حيث بناء شخصياتهم المستقبلية، وأوجه سلوكهم في العديد من المجالات المختلفة، ويعد اضطراب فرط النشاط المصحوب بقصور الانتباه – في الوقت الحالي – من الاضطرابات النمائية العصبية الشائعة بين الأطفال؛ حيث يتسبب في المعاناة ليس فقط للطفل نفسه الذي يعاني من هذا الاضطراب، ولكن تقع هذه المعاناة أيضا على عاتق العديد من الأفراد والمؤسسات كالآباء والأمهات والمعلمين داخل الفصول؛ مما يدل على أن هذه المعاناة تشمل كافة النواحي الشخصية والنفسية والاجتماعية والتعليمية والمهنية والمجتمع ككل.

وقد مرت تسمية هذا الاضطراب بمراحل كثيرة ترجع لتاريخ طويل تمت فيه العديد من المحاولات للتوصل إلى تسمية مناسبة وفقا للتشخيصات الخاصة بكل مرحلة من هذه المراحل؛ وذلك من أجل العمل على وصف الأطفال الذين تظهر لديهم أعراض قلة الانتباه والزيادة المفرطة في الحركة والتهور في التصرفات.

ففي منتصف القرن التاسع عشر قام الطبيب الألماني “هوفمان”- تقريبا في عام 1848م – بتسجيل الأعراض الخاصة ببعض الأطفال المترددين على عيادته النفسية لديه، وتتمثل هذه الأعراض في عجز الانتباه، والحركة المفرطة، بالإضافة إلى التهور في السلوك، وقد دون ذلك في كتابه “أمراض الطفولة والذي يشتمل على بعض الأمراض المنتشرة في هذه المرحلة [1].

وبنهاية الحرب العالمية الثانية، وبعد وقوع العديد من المصابين والجرحى، فقد كان العديد منهم لديه إصابات في الدماغ؛ وقد نتج عن ذلك ظهور حالات عديدة تعاني من مشكلات في عملية الانتباه، والتململ والسلوك الاندفاعي، وقد تمت تسمية هذه الأعراض – في هذا الوقت- في بعض الدوائر تحت اسم “متلازمة ستروس” Straus Syndrome

وفي مطلع الستينات من القرن العشرين توقع الباحثون والعلماء أن الأعراض الناجمة عن هذا الاضطراب ذات منشأ يتعلق بالخلل الوظيفي البسيط للمخ، لأنه في تلك الآونة كان قد تم التعرف على أن هناك مناطق معينة في المخ مسؤولة عن النشاط الحركي، فأرجع المختصون هذه الأعراض إلى تلف تلك الخلايا الوظيفية المخية، وبالرغم من ذلك لم يتم تحديد هذا الخلل الوظيفي على وجه التحديد في صلته بأعراض هذا الاضطراب [2].

وفي مطلع الستينات من القرن العشرين توقع الباحثون والعلماء أن الأعراض الناجمة عن هذا الاضطراب ذات منشأ يتعلق بالخلل الوظيفي البسيط للمخ، لأنه في تلك الأونة كان قد تم التعرف على أن هناك مناطق معينة في المخ مسؤولة عن النشاط الحركي، فأرجع المختصون هذه الأعراض إلى تلف تلك الخلايا الوظيفية المخية، وبالرغم من ذلك لم يتم تحديد هذا الخلل الوظيفي على وجه التحديد في صلته أعراض هذا الاضطراب.

ونظرا لما ترتب على ما سبق – من فشل في الوصول إلى نتائج مؤكدة ودالة على أن هذا الاضطراب ذو منشأ يتعلق بالتلف البسيط بالمخ، فقد ظهر اتجاه أخر قام بنقد هذه الفكرة، ويرى أن مجموعة الأعراض التي تندرج تحت مسمى هذا الاضطراب تعد مظاهر سلوكية ناتجة عن التفاعل الحادث بين بيئة الطفل وخصائصه، وقد أطلق على هذا الاضطراب – في نهاية الستينات – رد الفعل الحركي المفرط في مرحلة الطفولة، وذلك بعد صدور الطبعة الثانية من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية DSM-II, 1968.

التطورات الحديثة في اضطراب قصور الانتباه:

وقد حدثت تطورات كبيرة في تسمية هذا الاضطراب بعد صدور الطبعة الثالثة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (1980 ,DSM-III) حيث تمت تسميته باضطراب قصور الانتباه ADD)Attention Deficit Disorder) وقد تم تصنيفه إلى فئتين فرعيتين وهما كالتالي:

  • اضطراب قصور الانتباه المصحوب بالنشاط الزائد: Attention Deficit With Hyper Activity Disorder (ADD-H)
  • اضطراب قصور الانتباه بدون النشاط الزائد: Attention Deficit Without Hyper Activity Disorder ADD.

وبظهور الطبعة الثالثة المعدلة ( DSM-III, 1987-R ) تم تعديل الاضطراب من قصور الانتباه إلى قصور الانتباه المصحوب بنشاط حركي زائد Attention Deficit With Hyper Activity Disorder (ADHD): أي أنه قد تم دمج الاضطرابين السابقين معا.

وقد أشار فتحي مصطفى الزيات: إلى أنه قد تم إلغاء التمييز بين اضطراب الانتباه الذي يحتوي على فئتين فرعيتين، وذلك بسبب عدم توافر الأدلة التطبيقية التي تؤيد هذا التمييز، وبناء على ذلك فقد تمت تسمية هذا الاضطراب كمكون أحادي يجمع بين نقص الانتباه والنشاط الحركي الزائد [3].

ثم صدرت الطبعة الرابعة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية DSM-IV 1994 والتي أكدت على ما تم من تعديل في الطبعة الثالثة المعدلة، ولكنها نوهت إلى أن جميع الأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب لديهم نشاط حركي زائد، ولكن هذا النشاط يختلف من طفل لآخر، فقد يظهر لدى البعض أعراض نقص الانتباه بشكل أكبر من أعراض فرط النشاط الحركي، والعكس صحيح، وقد تتساوى أعراض كليهما لدى البعض الآخر من الأطفال.

واستمر الأمر كذلك حتى صدرت الطبعة الرابعة المعدلة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (2000 , DSM-IV, TR) حيث تم الإبقاء على التسمية، وقد صنف هذا الاضطراب تحت ثلاثة أنماط تتمثل في [4]:

  • النمط الذي يسود فيه نقص الانتباه: Predominantly Inattention Type وفي هذا النمط يسود سلوك نقص الانتباه على الطفل بشكل أكبر من سلوك الحركة المفرطة والاندفاعية.
  • النمط الذي يسود فيه نقص الانتباه: Predominantly Hyper Activity Type
  • النمط المشترك: Combined Type: وهو عبارة عن تلازم ظهور هيمنة الأنماط الثلاثة ما على سلوك الطفل، وهي قصور الانتباه والحركة المفرطة والاندفاع.

وقد تم تصنيف هذا الاضطراب في الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للاضطرابات العقلية كأحد الاضطرابات ذات المنشأ العصبي التي تظهر في مراحل النمو المبكرة، والذي قد يؤثر في الجوانب الشخصية والأكاديمية والاجتماعية للأطفال (DSM-5, 2013).

الخلاصة:

من خلال ما سبق يتضح ما يلي:

  • أن اضطراب فرط النشاط المصحوب بقصور الانتباه له جذور قديمة، وقد مرت تسميته بالعديد من المراحل وفق إجراءات وتشخيصات قامت بمجموعة من المحاولات التي هدفت لتفسير هذا الاضطراب، تبعا للإمكانيات والمعطيات التي يتسم بها العصر في ذلك الوقت.
  • أن أعراض هذا الاضطراب لم يكن معروفا عنها في البداية سوى أنها أعراض قلة انتباه وزيادة في الحركة عن الحد العادي، ويصيب الأطفال في مرحلة الطفولة، ثم تم الانتقال من التصور العام إلى التصور السلوكي ثم النمائي العصبي لهذا الاضطراب، إلى أن تم الاستقرار على الشكل الحالي النمائي العصبي الذي تم وصفه في الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس والأخير.
  • أن هذا الاضطراب يؤثر بالسلب على جميع الجوانب الحياتية للطفل من حيث الجوانب الشخصية والاجتماعية والعقلية وغيرها، ويمتد تأثيره السلبي إلى الأفراد المحيطين به أيضا.

المراجع

  1. Smith, M. (2013). Hyperactive: The controversial history of ADHD. Reaktion books.
  2. Barkley, R. (2001). The executive functions and self-regulation an evolutionary neuropsychological perspective. Neuropsychol Review, 11, 1, 1-29.
  3. فتحي مصطفى الزيات (۱۹۹۸). صعوبات التعلم: الأسس النظرية والتشخيصية والعلاجية. القاهرة: دار النشر للجامعات.
  4. کمال سالم سيسالم (۲۰۰۱). اضطرابات قصور الانتباه والحركة المفرطة- خصائصها وأسبابها – وأساليب علاجها. الإمارات العربية المتحدة: دار الكتاب الجامعي.
السابق
تشخيص اضطراب التوحد عند الأطفال
التالي
تعريفات اضطراب فرط النشاط وقصور الانتباه

اترك تعليقاً