ينبثق نظام الأسرة في الإسلام بعين الفطرة يقول تعالي (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون)([1]) والخطوبة هي أولي خطوات الزواج والخطبة هي أن يطلب الرجل المرأة أو وليه أن يتزوجها ببيان حالة ومفاوضتهم في أمر العقد.
وقديما كانت المرأة تستطيع أن تختار الرجل المناسب وتعرض عليه أن يتزوجها ولكن الحياء يمنعهن من أن يمارسن حقهن في اختيار الرجل المناسب([2]).
وكانت المرأة في المجتمعات القديمة من سقط المتاع وكان النظرة إليها متدنية ومعاملتها يندي لها الجبين وذاقت المرأة طعم الازدراء والهوان والاستخفاف بكيانها الأدمي.
وفي عصر النهضة الحديثة وتغيره الأنظمة الاجتماعية تغيرت النظرة إلى المرأة وتبدلت الرؤية فتحقق للمرأة مكاسب اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية كبيرة فيما يلي عرض عن دور المرأة في مختلف الأديان([3]):
1-المرأة والأسرة في المجتمع المصري القديم:
مكانة المرأة في الأسرة في المجتمع المصري القديم فليس هناك شك أن المرأة المصرية إنما كانت تتبوأ مكانة لم تتطاول إليها امرأة في أي مجتمع معاصر لقومها وإن اختلفت هذه المكانة من عصر إلى عصر.
ففي عصر الأسرتين الثالثة والرابعة كان الزوجان الرجل والمرأة يظهران في التماثيل في حجم واحد واقفين جنبا إلى جنب معا وكانت المرأة المتزوجة كانت قادرة علي أن تتعاقد وتتملك العقارات دون إذن زوجها فأهلية الأداء عندها كانت كاملة مما يدل علي أن ذمتها المالية إنما كانت منفصلة تماما عن زوجها أن مركز المرأة بدأ يهتز في عهد الأسرة الخامسة والسادسة، ومن ثم فقد رأينا النقوش والتماثيل تمثل حجما أقل من حجم الرجل([4]).
2-الأسرة والمرأة في العصر الروماني:
إذا تزوجت الفتاة في الشرع الروماني أبرمت مع زوجها عقدا يسمي اتفاق السيادة-أي بسيادة الزوج عليها وذلك بإحدى ثلاث طرق:
- في حفلة دينية علي يد الكاهن .
- بالشراء الرمزي أي يشتري الزوج زوجته كما يبيع زوجته إذا أراد طلاقها.
- بالمعاشرة لمدة سنة كاملة فإذا استمرت المعاشرة اعتبرت زوجًا قانونيا([5]).
3-الأسرة والمرأة ودورها في اليهودية:
الأسرة نظامًا مقدسًا إلهيا عند اليهود ، حيث حددت التوراة؛ حيث نظمه وقواعده الخاصة بالزواج والطلاق والمحارم وكان أفراد كل عشر يكونون أسرة متحدة متبادلة العون علي الدوام ويجب أن نلاحظ أن الأسرة عند اليهود اختلفت في بعض المراحل.
فنجد مثلا يعقوب (إسرائيل) مثلا تزوج الأختين لينه وراشيل وسليمان كان عنده مئات من النساء بينما مثلا في عهد موسي تأخذ الشرائع بوحدانية الزوج والزوجة وإن إجازات بعض النصوص للرجل الفتي أن يتزوج بأكثر من واحدة وكان يشترط موافقة الزوجة الأولي علي الزواج الثاني في الحالات التي يباح فيها التعدد مثل العقم وإذا لم توافق فلابد من تطليقها([6]).
ويعتبر اليهود المرأة لعنة لأنها أغوت أدم عليه السلام علي الأكل من الشجرة التي نهي الله عن الأكل منها وكانت خادمة وليس لها حقوق، أو أهلية التصرف في شيء وكانوا يعتبرونها مملوكة لأبيها قبل زواجها تشتري منه عند نكاحها لأن المهر كان يدفع لأبيها أو لأخيها علي أنه ثمن شرائها ثم تصير مملوكة لزوجها وهو سيدها المطلق فإذا مات زوجها ورثها وارثه لأنها جزء من التركة وله أن يبيعها أو يعضلها([7]).
4-المرأة ودورها في المسيحية:
- اهتمت المسيحية بالأسرة وبالزواج باعتباره وسيلة تكوين الأسرة؛ فالزواج في المسيحية ليس مجرد اتفاق، أو عقد مبرم بين رجل وامرأة يريدان أن يعيشا معًا، ويشارك أحدهما الحياة كلها أو فترة منها كما الحال في العقد المدني، بل اتحاد واندماج مقدس وكما يقول القديس اكليمنص الإسكندري من هما الاثنان أو الثلاثة الذين يشرعون في الاجتماع معًا باسم المسيح وفي وسطهم أليس الثلاثة هم الرجل والمرأة والطفل، حيث أن المرأة يربط الله بينها وبين الرجل ويقول العلامة أوريحينس يقينا أن الله هو الذي يجعل الاثنين واحدًا فإذا زوج الله المرأة بالرجل ، وجمع بينهما، فإن هذا الجمع نعمة من الله تجمع بينهما)[8].(
- ويتم الزواج في الديانة المسيحية في الكنيسة أمام الكاهن وهو مرتدي ملابس الكهنوتية كاملة (الكاثوليك والأرثوذكس)([9]) ويمسك بخاتمي العروسي (الدبلتين)أو الإكليلين ويتلو صلواته وأدعيته وبعد ذلك يقول باسم ربنا وإلهنا شرع شريعة الفضل والكمال تعقد قرأن الابن المبارك البكر (اسمه) علي خطبيته الأنسة المباركة (اسمها) ويقول القديس أكليمنص الأسكندري ينبغي للعريس أن يعطي عروسة خاتماً من ذهب وذلك لها لا لتفخر به فقط بل تسلم إليها علي أن خاتم العروس لا يرمز إلى الأمانة الزوجية فقط بل ويشير إلى حقوق الخاصة بالزوجة التي هي ربة البيت أم العائلة ويدل علي الكرامة التي نالتها المرأة لله في الأسرة التي رجالها كما يقول الكتاب المقدس ويدل ذلك جميعه علي أنها زينة في يده وأنها ساعده الأيمن في تدبير المنزل وتربية البنين والتعاون علي أمور الدنيا والمرأة تكسبه دلالة علي أنها في طاعة رجلها أو كأنه مالك عليها كشيء في قبضة يده وأنها صارت في حوزته أما كونه خاتم من ذهب فهو للتدليل علي قيمة الرابطة الزوجية وامتيازها ذلك؛ لأن المعروف عن الذهب أنه أصفي المعادن وأنقاها وأجملها وأغلاها وكذلك رابطة الزواج المقدسة يقول العريس في سفر نشيد الإنشاد: “اجعلني كخاتم علي قلبك كخاتم علي ساعديك فإن المحبة قوية وتسمي كنيسة صغيرة([10])“.
نتيجة للزواج يصبح الرجل والمرأة جسدًا واحدًا هكذا تري المسيحية فنجد في إنجيل متي هذا الرباط جعل جسديهما جسدًا واحد فصار جسد المرأة لزوجها واحدًا مع جسده وتمامًا جسد الرجل لزوجته واحدًا مع جسدها ومن ثم صار لكل منهما سلطة علي جسد الأخر([11]).
([1]) سورة الذاريات، الآية 49.
([2]) حسين عبد الحميد أحمد رشوان: علم الاجتماع المرأة، كلية الخدمة الاجتماعية، جامعة حلوان، 2000، ص51.
([3]) مجدي إبراهيم محمد: الإسلام وتنمية المجتمع، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، الإسكندرية، 2019م، ص 7.
([4]) سامية محمد فهمي: مشاركة المرأة في تنمية المجتمع تجارب من الوطن العربي، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، 2001، ص13.
([5]) حسين عبد الحميد أحمد رشوان: علم الاجتماع المرأة، مرجع سبق ذكره، ص 50.
([6]) عبد الخالق محمد عفيفي : الأسرة والطفولة أسس نظرية-مجالات تطبيقية، مكتبة عين شمس، القاهرة، 1998، ص21.
([7]) شعبان محمد إسماعيل: المرأة في الإسلام ودورها في المجتمع، دار الصحابة للتراث، طنطا، ط1، 2009م، ص11.
([8]) سامية محمد فهمي: المرأة في التنمية، دار المعرفة الجامعية، اسكندرية، 1999، ص41.
([9]) المجمع الفاتيكاني الثاني :وظائف العائلة المسيحية في عالم اليوم، 2-1-2010.
([10]) ملكوت الله في الأسرة المقدسة :الأنبا تكلا، 9-7-2017.
([11]) https://ar.m.wikipedia.org/wiki/14-72020.