يستند التعلم التكيفي على مجموعة من الأسس والمبادئ النظرية التي تدعمه وتؤيده وتوضح عمليات التعليم في هذه البيئات, ويمكن عرض هذه الأسس والمبادئ فيما يلي:
1 – مبادئ النظرية البنائية Constructivism Theory[1]:
تعتمد النظرية البنائية للتعلم على التكيفات الناتجة في المنظومات المعرفية الوظيفية للمتعلم، بحيث يبني المتعلم معرفته اعتمادًا على خبراته السابقة، وعلى أساس أن وظيفة المعرفة تتمثل في التكيف مع تنظيم العالم المحسوس، كما أن التكيف ينتج عن طريق التوازن بين التمثيل والمواءمة.
أي أن المتعلم عندما يتعرض لخبرة ما، فإنه إما أن يمثلها أو يتلاءم معها، فإذا وجدها متوافقة مع إحدى الصور العقلية الموجودة لديه، فيكون قد مثلها، وأحيانًا تكون من الصعوبة بحيث لا يستطيع تمثيلها، في تركيب فهمه وعندها يحاول أن يتكيف مع هذه الخبرة الجديدة، وهذه هي عملية المواءمة.
كما أن أحد المبادئ المهمة للبنائية عدم فرض الأهداف والأنشطة على المتعلمين سلفًا، فليس المعلم هو الذي يقرر الأهداف والأنشطة بل المتعلم، مما يجعلها ذات معنى بالنسبة له، ويجعله يشعر بملكية التعليم، ويزيد من دوافعه ومشاركته النشطة وانخراطه في بيئة التعلم.
فالتعلم من وجهة نظر علماء النظرية البنائية هو عملية ذات معنى ولكنها تختلف من فرد إلى آخر باختلاف طبيعة التعلم، والمهام الموكلة إليه، وطبيعة التفاعل الذي يحدث بين الطالب وبيئته التعليمية، كما أن المعرفة يتم بناؤها بواسطة كل متعلم في إطار فهمه، من خلال خطوات نشطة في العملية التعليمية.
والمتعلمون في هذه الحالة يعتمدون على أنفسهم في بناء المعرفة عن طريق ربط المعلومات الجديدة بما لديهم من معرفة سابقة بدلًا من قبول المعلومات من المعلم.
ويمكن استخلاص مجموعة من الإفادات التربوية الخاصة بتلك النظرية فيما يلي:
- مساعدة المتعلم على بناء المعرفة بنفسه.
- حرية المتعلم في بناء المفاهيم والمعارف الخاصة به في ضوء الأهداف الموضوعة.
- الاهتمام بالخلفية السابقة للمتعلم وجعلها بداية الانطلاق نحو المحتوى الجديد.
- الاهتمام بالتفاعل والتشارك بين المتعلمين.
- الاهتمام بالأنشطة التعليمية المتوافقة مع طبيعة المتعلمين.
- الإرشاد والتوجيه لأداء المتعلم، ومساعدته للوصول إلى المعلومات الجديدة التي يمكن توظيفها في المواقف المختلفة في ضوء معلوماته السابقة، فالمتعلم في النظرية البنائية يتعلم إذا قدمت له معلومات إرشادية مما لوترك بمفرده ليستكشف ويتعلم المفاهيم والمعارف الجديدة.
2- مبادئ نظرية التكافؤ [2]:(Equivalency Theory)
والتي تشير إلى أن البيئة التعليمية التي توفر استراتيجيات تعليمية مختلفة، ومصادر تعلم متنوعة، وأنشطة موصفة خصيصًا لكل متعلم، وخبرات تعليمية مختلفة، بما في ذلك ما يمكن مشاهدته أو سماعه أو ممارسته، أو الإحساس به؛ مما يساعد على تعزيز التعلم وتدعيمه.
حيث يختلف المتعلمون في طرق تعلمهم، ولديهم خلفيات معرفية مختلفة تتطلب خليطًا متنوعًا من خبرات التعلم من أجل تحقيق التكافؤ بين المتعلمين.
ويمكن استخلاص مجموعة من الإفادات التربوية الخاصة بهذه النظرية فيما يلي:
- توفير مجموعة من الاستراتيجيات التعليمية المختلفة والمتنوعة التي تدعم عملية التعلم.
- تقديم مجموعة من المصادر التعليمية المتنوعة التي تثري عملية التعلم.
- تقديم أنشطة تعليمية موصفة خصيصًا لكل متعلم؛ بما يعمل على إيجابية المتعلم في موقف التعلم.
- · توفير خبرات تعليمية وتعلمية متنوعة ومتكافئة.
- التنويع في عرض الوسائط المتعددة داخل بيئة التعلم.
3- مبادئ النظرية المعرفية Cognitive Theory: [3]
والتي تركز على البنية المعرفية للمتعلم وكيفية بنائها لديه، وهي بذلك تشجعه أن يكون مشاركًا نشطًا، وتراعي ما بين المتعلمين من فروق فردية، وأهمية مراعاة أسلوب التعلم الخاص بكل متعلم، والاهتمام بالعمليات العقلية، كما تعتمد على تخزين المعرفة في ذاكرة المتعلم واسترجاعها في المواقف الجديدة.
ويمكن استخلاص مجموعة من الإفادات التربوية الخاصة بهذه النظرية فيما يلي:
- مراعاة ما بين المتعلمين من فروق فردية.
- · الاهتمام بالمداخل والأساليب الخاصة بكل متعلم.
- · الاهتمام بالعمليات العقلية الخاصة بالمتعلم.
- التركيز على البنية المعرفية للمتعلم عند بناء المحتوى التعليمي حيث يعد هذا هو الأساس الذي يستند عليه التعلم التكيفي في تقديم تعلم يناسب المتعلمين ويراعي ما بينهم من فروق.
4- مبادئ نظرية التصميم الدافعي ( [4]:(Motivational Design Theory
حيث يرى علماء هذه النظرية أن عمليات التعلم يجب أن توفر الاستراتيجيات التي تلبي احتياجات المتعلمين ضمن بيئة تكيفية لتضمن استمرارية التعلم من خلال اختبار تطبيقات مناسبة لكل موقف تعليمي مثل توفير أنشطة ومهام وتكليفات تشجع المتعلمين على تطبيق المعلومات في مواقف عملية.
ويمكن استخلاص مجموعة من الإفادات التربوية الخاصة بهذه النظرية فيما يلي:
- تنويع الأنشطة التعليمية التي تخدم المحتوى التعليمي.
- تنويع المهام والتكليفات المقدمة للمتعلمين.
- الاهتمام بالجوانب التطبيقية والعملية.
- تقديم مواقف وتطبيقات تعليمية تضمن استمرارية المتعلم في التعلم.
5- مبادئ النظرية السلوكية Behavioral Theory:[5]
والتي ترى أن السلوك عبارة عن مجموعة من العادات التي يتعلمها الفرد، ويكتسبها أثناء مراحل نموه وتتحكم في تكوينها قوانين العقل وهي قوى الكف، وقوى الاستثارة التي تؤثر في مجموعة الاستجابات التي يقوم بها المتعلم، ويرجعون ذلك إلى العوامل البيئية التي يتعرض لها الفرد.
وتدور النظرية حول محور التعلم في اكتساب الجديد، ولذا فإن أكثر السلوك الإنساني يكون مكتسبًا عن طريق التعلم، وبالتالي فسلوك الفرد قابل للتعديل والتغيير بإيجاد ظروف وأجواء تعليمية معينة.
ويمكن استخلاص مجموعة من الإفادات التربوية الخاصة بهذه النظرية فيما يلي:
- التعديل في سلوك المتعلمين وخبراتهم عن طريق تقديم ما يناسبهم من محتوى ومهارات مرتبطة بالوحدة المقترحة.
- الاهتمام بالاستجابات التي يقدمها المتعلم.
- مراعاة نمو الطالب واستعداداته وميوله وخبراته.
- تقديم التعزيز المناسب للمتعلم في ضوء ما يتوصل إليه من أهداف.
- تنويع طرق وأساليب التعزيز بما يتناسب مع ميول المتعلمين.
- دعم المحتوى المقدم للمتعلمين بمثيرات من خلال الوسائط المختلفة (الصوت، والصورة، والفيديو، والرسوم الثابتة، والمتحركة، وغيرها).
6- مبادئ نظرية الهيكلية التكيفية [6]:(Theory Structuration Adaptive)
حيث تؤكد هذه النظرية على أن تطبيقات تكنولوجيا التعليم المتنوعة يمكن أن تحقق عددًا من التغيرات التنظيمية داخل بيئة التعلم التكيفي من خلال إتاحة وسائط تشجع وتحفز المتعلمين على إعادة إنتاج المحتويات المقدمة لهم والوصول إلى منتجات معرفية جديدة.
وذلك لأن الوسائط التعليمية عندما تقدم بشكل تكيفي يواجه احتياجات المتعلمين وفقًا لأسلوب تعلمهم المختلف، وهو ما يفسر أنه كلما توفر التكيف كلما ساعد ذلك بشكل كبير على تقدم المتعلمين نحو عمليات إنتاج معرفي أكثر ديناميكية وارتباطاً بمحتويات التعلم.
ويمكن استخلاص مجموعة من الإفادات التربوية الخاصة بهذه النظرية فيما يلي:
- إتاحة مجموعة من الوسائط المتعددة المتنوعة التي تبسط المحتوى التعليمي.
- تنظيم تلك الوسائط بطريقة تناسب خصائص المتعلمين وتراعي الفروق الفردية بينهم.
- تكييف بيئة التعلم بما يساعد على تقدم المتعلمين في تحقيق أهدافهم التعليمية.
- كلما زادت عمليات التكيف زادت عمليات الإنتاج المعرفي وكانت أكثر ديناميكية وارتباطًا بالمحتوى التعليمي.
7- مبادئ نظرية التعلم الاستدلالي المعرفي Cognitive Inferential Learning Theory:[7]
والتي قدمت إطارًا عمليًا لفهم المعتقدات المعرفية التي ربما تؤثر في تعلم الفرد؛ حيث يقصد بمصطلح Epistemology الكيفية التي يتعلم بها الأفراد، ووجهة نظرهم حول طبيعة المعلومات أو المعرفة.
وتؤكد هذه النظرية على تأثير التجربة والخبرة السابقة، والدافعية على أداء المتعلم في مواقف التعلم الحالية، وهكذا فإن المعتقدات المعرفية الشخصية تشكل جزءًا من تلك التجربة أو الخبرة السابقة.
ويمكن استخلاص مجموعة من الإفادات التربوية الخاصة بهذه النظرية فيما يلي:
- الاهتمام بالمعتقدات المعرفية الخاصة بالمتعلمين.
- الاهتمام بالكيفية التي يتعلم بها الفرد وليس الكم.
- الاهتمام بآراء ووجهات نظر المتعلمين وجعلها في الأولوية.
- الاهتمام بالجوانب العملية في التعليم.
[1] زيتون، عايش محمود (2007). النظرية البنائية واستراتيجية تدريس العلوم، عمان: دار الشر
[2] Schuepbach, Marianne.(2015). Effects of Extracurricular Activities and Their Quality on Primary School-Age Students’ Achievement in Mathematics in Switzerland , School Effectiveness and School Improvement, v26 n2 p279-295.
[3] سرايا، عادل (2007). التصميم التعليمي والتعلم ذو المعنى، عمان، دار وائل للنشر.
[4] سالم، محمود عوض الله؛ وزكي، أمل عبد المحسن (2009). المعتقدات المعرفية وبعض استراتيجيات التعلم المنظم ذاتيا لدى عينة من طلاب الجامعة ذوي أساليب التعلم المختلفة، دراسات عربية في التربية وعلم النفس، مج (3)، ع (3)، ص ص. 156-213.
[5] التويجري، محمد بن عبد الرحمن؛ وآخرون (2011). تطوير بيئات التعلم، لقاء الإشراف التربوي الخامس عشر، وزارة التربية والتعليم، جدة.
[6] خميس، محمد عطية (2016). بیئات التعلم الإلكتروني التكیفى. أعمال مؤتمر: تكنولوجيا التربية والتحديات العالمية للتعليم: الجمعية العربية لتكنولوجيات التربية، القاهرة: الجمعية العربية لتكنولوجيات التربية237 – 251.،
[7] سالم، محمود عوض الله؛ وزكي، أمل عبد المحسن (2009). مرجع سبق ذكره