الصحة والإرشاد النفسي

الإرشاد النفسي لأسر ذوي صعوبات التعلم

دور الأخصائي النفسي في إرشاد أسر ذوي صعوبات التعلم

هناك بعض الواجبات التي ينبغي على الأخصائي النفسي والمدرسي أن يضعها في اعتباره عند التعامل مع والدي أطفال ذوي صعوبات التعلم ونذكر منها ما يلي:

أولًا: كن مستمعًا جيدًا:

على الرغم من بساطة هذا المطلب وسهولته، إلا أنه من المهارات التي يفتقدها الكثير من العاملين في المجالات التي تتطلب الاستماع إلى الآخرين.

إذ يعتبر الاستماع من أهم عناصر العلاقة الإرشادية، إنه الأساس الذي ستبنى عليه العلاقات. ويتضمن قيمة علاجية عالية، إن الاستماع الحقيقي ليس من المهارات سهلة الاكتساب، فالاستماع ليس بالعملية الآلية خاصة في مجال تقديم المساعدة الإرشادية لأسر ذوي صعوبات التعلم، إن عليك (كمرشد) أن تكون واعيًا ومدركًا للأسلوب أو الكيفية التي يتحدث بها المسترشد (والدا الطفل ذو صعوبة التعلم في هذه الحالة) ونعني بالأسلوب هنا الإشارات والإيماءات التي يستخدمها الوالدان أثناء الحديث.

كما عليك أن تكون واعيًا للأشياء التي لا تقال والتي تختفي تحت السطح ويمكن الاستدلال عليها، إن هذه المهارات يطلق عليها الأذن الثالثة، والاستماع يجب أن يكون للرسائل اللفظية وغير اللفظية خاصة عندما نتعامل مع أسرة الطفل ذو صعوبة التعلم والتي تحمل الكثير من الضغوط النفسية والإحباط. إن الأخصائي الكفء هو الذي يستطيع أن يُدرك ما يقول المسترشد وما يشعر به، إن بإمكانه التركيز على الاتجاهات والأحاسيس، والاستماع إذن هو عملية فعالة تهدف إلى الاستجابة للرسالة الكلية.

ثانيًا: ساعد الوالدين لتقبل الطفل من ذوي صعوبات التعلم كما هو:

إن الطفل ذي صعوبة التعلم بحاجة إلى الشعور بالتقبل كفرد له قيمة من قبل الآخرين ومن قبل ذاته أيضًا، وإذا فشل الوالدان في توفير هذا الشعور للطفل ينشأ إحساسًا سلبيًا لديه، وقد يسعى للبحث عن هذه الحاجة وإشباعها عند الآخرين وقد يسلك سلوكًا غير مقبولًا كنتيجة لهذا الحرمان.

لذلك ينبغي على الأخصائي النفسي أن يساعد الوالدين لتقبل الطفل ذي صعوبة التعلم كما هو واعتباره طفلًا بالدرجة الأولى وذو صعوبة تعلم بالدرجة الثانية. ومن الأهمية بمكان أن يسعى الأخصائي النفسي إلى تبصير الوالدين بالحقائق المتعلقة بنمو ونضج هذا الطفل وأنه قد يختلف في سرعة ومعدل نموه بالمقارنة بأقرانه العاديين.

إنه لأمر مفيد للوالدين أن يدركا أبعاد مشكلة طفلهما ذو صعوبة التعلم من خلال بعض المعلومات المبسطة التي يقدمها الأخصائي النفسي، إن توضيح صورة الطفل ومدى قدراته وإمكاناته سيساعد الوالدين على رسم صورة حقيقية لطفلهما وتوقع الممكن من الإنجازات وتجنب الإحباطات المحتملة نتيجة التوقعات غير الواقعية والتي ستنعكس على سلوكهما وأسلوب معاملتهما لطفلهما ذو صعوبة التعلم، ومن بين الإجراءات التي تساعد الوالدين على التكييف مع الوضع ما يلي:

  • ساعد الوالدين ليكونا أكثر موضوعية مع الطفل ومع صعوبة تعلمه.
  • ساعد الوالدين ليكونا أكثر قدرة على التنبؤ بسلوك الطفل المستقبلي (ما هي أنواع السلوك التي سينجح الطفل في التغلب عليها وتلك التي يتوقع أن تظل مع الطفل).
  • ساعد الوالدين على تبني بعض الوسائل والأفكار للتعامل مع المواقف المختلفة والشائعة لدى أطفال ذوي صعوبات التعلم.
  • ساعد الوالدين (وكذلك جميع أفراد الأسرة) ليدركوا أن الطفل ذو صعوبة التعلم لديه نفس الحاجات الفسيولوجية والترفيهية والتربوية التي يحتاجها أقرانه العاديين.
  • ساعد الوالدين على اكتشاف جميع المصادر المتوفرة في المجتمع والتي يمكن أن تقدم الخدمات للأطفال ذوي صعوبات التعلم  (عيادات، مراكز، جماعات أو رابطة للأهالي، ورش عمل أو مؤسسات تعليمية للأطفال ذوي صعوبات التعلم).
  • ساعد الوالدين على عمل أو تصميم وسيلة لمتابعة مدى تقدم الطفل في تحقيق الأهداف القريبة والبعيدة المدى التي سترسم له.

ثالثًا: ساعد الوالدين على التخلص من مشاعر الذنب:

قد ينتاب بعض الآباء والأمهات لأطفال من ذوي صعوبات التعلم شعور بأنهم قد ارتكبوا ذنبًا وأن الله قد عاقبهم على ذلك، ومن المهم التعامل مع هذه المشاعر التي يمكن أن تكون مدمرة. وينبغي أن يقوم الأخصائي بتبصير الوالدين ببعض الحقائق الأساسية لصعوبة التعلم التي يعاني منها طفلهم إذا شعر أو استنتج منهم الإحساس بالذنب.

وعندما تسيطر مشاعر الذنب على الإنسان فإنه لا يخضع أفكاره للتفكير المنطقي وقد لا يقبل النقاش، ومن المهم في هذه المرحلة أن يقوم الأخصائي النفسي بتبصير الوالدين بحقيقة مشاعرهم وتوضيح أنه من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالذنب في مثل هذا الموقف، ومن المهم أن يعي الوالدان حقيقة مشاعرهم ليصبح بإمكانهما تجاوزها.

رابعًا: تذكر…أنك تتعامل مع أناس يحملون مشاعر الإحباط والألم:

على الإخصائي أن يُدرك الذين يتعامل معهم بشر قابلين بشكل كبير أن يُجرح كبرياؤهم ولديهم قابلية كبيرة للإحساس بالذنب، يجب أن يكون الأخصائي على بصيرة بأن آباء وأمهات الأطفال ذوي صعوبات التعلم  بشكل عام يحملون الكثير من المشاعر غير السارة وخبرات الإحباط والإحساس بالذنب.

وذلك يستوجب تعاملًا خاصًا لا يجرح كبريائهم ولا يعمق من مشاعر الذنب، وتذكر أنك كأخصائي لا يمكنك الطلب إلى الوالدين أن يغيروا من شخصيتهم ويتقبلا الأمر الواقع بإصدار (الأوامر) إليهما. إن التقبل والتغير والنضج يأتوا مع مرور الوقت.

خامسًا: اللقاء مع الوالدين… اجعله مثمرًا بأقصى درجة ممكنة:

على الرغم من أن اللقاء مع والدي الطفل من ذوي صعوبات التعلم يبدو أمرًا سهلًا واعتياديًا للأخصائي النفسي، وهذه السهولة قد تنسينا الكثير من الأمور والاعتبارات التي يجب أن نهتم بها حتى تكون مقابلة الوالدين مثمرة، ومن هذه الأمور:

  • تذكر دائمًا أن كل والد أو والدة إنما هو شخص يحمل أفكارًا واتجاهات خاصة عن الطفل والمدرسة والمجتمع والحياة بشكل عام، وهذه الأفكار لن تكون بالضرورة مشابهة لأفكار الآخرين.
  •  قرر مسبقًا ومنذ البداية ما الذي سيتم مناقشته مع الوالدين.
  • لا تحاول تسجيل المعلومات التي يقدمها الوالدين ما لم يتم الاستئذان منهما، ونشرح الهدف من تسجيل الملاحظات.
  •  ابدأ اللقاء وانهه بملاحظات إيجابية ومشجعة عن الطفل.
  • لا تدفع الوالدين إلى الحديث بسرعة… إنهما بحاجة إلى الوقت للاسترخاء والكشف عن كوامن النفس.
  • استمع إلى الوالدين بحماس.
  • حاول أن تكون متفقًا مع وجهة نظر الوالدين كلما كان ذلك ممكنًا.
  • حاول أن يكون شرحك للوضع مفهومًا من قبل الوالدين.
  • حاول أن تجعل الوالدين يشعران بأن اللقاء كان مثمرًا وإيجابيًا، وأنه قد تم وضع الخطوط العامة للقاءات القادمة.
  • قدم للوالدين نصيحة عملية واحدة على الأقل والتي يمكن من خلالها مساعدة الطفل داخل المنزل.
  • ساعد الوالدين على إدراك أن مساعدة الطفل إنما هي عملية مشتركة بين المدرسة والمنزل [1].

المراجع

  1. صالح أحمد الخطيب (2005). الإرشاد النفسي في المدرسة: أسسه – نظرياته – تطبيقاته. العين: دار الكتاب الجامعي
السابق
مجالات القياس النفسي وتطورها
التالي
مفهوم تعديل السلوك وخصائصه

اترك تعليقاً