علم النفس

الإيجابية  Positivity مفهومها وعناصرها

الإيجابية  Positivity مفهومها وعناصرها

على مدى عقود عديدة تركز اهتمام علم النفس حول المشكلات والاضطرابات النفسية، دراسةً وتشخيصاً وعلاجاً، في حين أُهملت الجوانب الإيجابية في شخصية الانسان إلى حدٍ كبيرٍ، ولكن مع نهايات القرن العشرين ومطلع الألفية الثالثة بدأ اهتمام علماء النفس يتوجه نحو مواطن القوة في الشخصية لاستثمارها لصالح جودة حياة الفرد وتنمية المجتمعات، وذلك في اطار ما يُعرف بعلم النفس الايجابي، وأصبحت سمات الشخصية الايجابية من أهم الموضوعات التي يتم تناولها في دراسات علم النفس.

ولقد أشار Seligman(2002,8)إلى أن تنمية الخصال الإيجابية في الشخصية أمراً ضرورياً للإنسان وحصناً وقائياً ضد الضغوط ونواتجها السلبية، كما أن لها دوراً في استثارة السعادة الحقيقية فهي من أفضل السبل للوصول للهناء والسعادة النفسية، وتخطى الفشل وتحمل الصعاب وتحرر الفرد من قسوة الماضي [1].

وتبعاً لذلك وضع  Peterson & Seligman(2004) تصنيفاً لخصال الشخصية الايجابية تتضمن أربعاً وعشرين خصلة انبثقت من ست فضائل وهى: الحكمة- المعرفة- الشجاعة- الحب- ضبط النفس- السمو) وأن توظيف الإنسان لهذه الخصال يجعله يُحقق الرضا والسعادة الحقيقية [2] .

وتشير الدراسات  إلى أن علم النفس الإيجابي ” Positive Psychology” هو تيار حديث في علم النفس يهتم بدراسة كل ما هو إيجابي، كما يهتم بدراسة الفضائل الانسانية، ومكامن القوة داخل النفس البشرية لتحصين الفرد من المرض.

ويشمل علم النفس الإيجابي جانبين: الأول علمي والآخر تربوي، فعلم النفس الإيجابي كتخصص علمي يهتم بتحقيق هدف عام وهو فهم وتحديد العوامل التي تُمكن الأفراد والمؤسسات والمجتمعات من الازدهار، وذلك من خلال توظيف أفضل الطرق العلمية في دراسة مشكلات البشر وتخليصهم من صور المعاناة النفسية أو المرضية لا بالتركيز عليها، بل التركيز على ما في الانسان من مكامن قوة وفضائل انسانية إيجابية.

ويؤمن أنصار علم النفس الايجابي بأن الكشف عن هذه المكامن والفضائل وتعهدها بالرعاية والتنمية، يفضي بذاته إلى فهم الانسان لذاته وحثه على تغيير طرق تفكيره السلبي في ذاته وفي العالم وفي الآخرين وبالتالي التخلص من أهم وأول مصدر من مصادر تعكير صفو الحياة، ألا وهو التفكير السلبي.

مفهوم الإيجابية : Positivity

تُشير سميرة شند (2008، 209) إلى أن مفهوم الإيجابية ” Positivity ” يُعد من المفاهيم ذات الأهمية في مجال الصحة النفسية، لعمقه وتعدد أبعاده، والاختلاف حول الأبعاد والمستويات الخاصة به [3].

كما يُوضح عبد الكريم بكار(2004) أن من الصعب العثور على تعريف جامع مانع للإيجابية، ولكن يُمكن القول أن هذا المصطلح يعني على نحو تقريبي درجة عالية من الفعالية الفكرية والشعورية والنفسية تترتب عليها وضعية حسنة من الطمأنينة والارتياح إلى جانب وضعية جيدة من الالتزام والانتاجية الممتازة بالإضافة إلى نجاح جيد في العلاقات الاجتماعية [4].

            والشخصية الإيجابية: هي الشخصية المنتجة في كافة مجالات الحياة حسب القدرة والإمكانية، وهى الشخصية المنفتحة على الحياة والناس، وهى التي تمتلك النظرة الثاقبة وتتحرك ببصيرة، كما أنها تنظر إلى الإيجابيات في الأمور وتركز عليها، وهي الشخصية الصالحة المصلحة والخيرة، المقبولة عند الله والمحبوبة عند الإنسان [5].

ويعرفها محمد عثمان (2010، 541) بأنها عملية دينامية ذات طراز فريد تتسم بكونها متعددة الأبعاد، ويتميز من يتصف بها بمزايا منها [6]:

  • القدرة على التوافق النفسي أو التكيف الجيد مع كافة التهديدات والضغوط بشتى صورها.
  • القدرة على استعادة الفاعلية والتعافي مرة أخرى بعد الانكسار أو الانهيار.

ومن خلال التعريفات المتنوعة السابقة للإيجابية  يرى الباحث أن تلك التعريفات تُشير في مجملها صراحةً أو ضمنًا إلى أن الإيجابية تتسم بعدة خصاص أهمها:

  1. تُعد الإيجابية من المفاهيم التي تتصف بالعمق في مجال الصحة النفسية، وتتميز بتعدد أبعادها ومستوياتها، كما يوجد اختلاف بين الباحثين حول تلك الأبعاد والمستويات.
  2. أن تعريفات الإيجابية وان كانت لا تذكر الخصائص السلبية إلا أنها تُعتبر أمراً متضمناً فيها لأن الخصائص السلبية للصحة النفسية لا تجتمع عادةً مع المظاهر الإيجابية، أي أن الصفات الايجابية يعني تلقائياً غياب الصفات السلبية.
  3. يترتب على الإيجابية تأثير فعال حقيقي، معنويًا كان أو ماديًا للأشخاص أو الممتلكات أو البيئات.
  4. تتصف الخصائص الايجابية بأنها تثير قبول وإعجاب المحيطين مثل الآباء والمعلمين، ويترتب عليها آثار إيجابية نفسية أو اجتماعية.
  5. أن مستويات الإيجابية تعبر عن سلوك تكيفي يتوافق مع السلوك المجتمعي المقبول. 

عناصر الإيجابية:

في محاولة لرصد ما تنطوي عليه الإيجابية من جوانب أو عناصر، تبين أن الإيجابية تتبدى في صور عديدة وتحت أسماء متباينة بتباين زوايا الرؤية، وفي السطور التالية أهم ما تم رصده من عناصر للإيجابية طبقاً لرؤية واتجاه عدد من الباحثين:

يرى هشام عبد الله (2004، 212- 216) أنه يمكن تحديد أهم المظاهر الإيجابية السوية فيما يلي [7]:

  • الراحة النفسية والطمأنينة.
  • الكفاءة في العمل والتحمس له
  • واقعية الفرد فيما يتعلق بقدراته ومستوى طموحه. 
  •  الملائمة
  • القدرة على ضبط الذات وتحمل المسئولية.
  • الثبات الانفعالي
  • القدرة على مواجهة الضغوط والاحباط.
  • انخفاض مستوى القلق              

وعند رصد الإيجابية وعناصرها المختلفة تتبين أهمية تلك العناصر وأثرها الواضح على الصحة النفسية وجودة الحياة للفرد، ودورها الفعال في التوافق وأثرها على الحالة النفسية للفرد وعلى توقعاته بالنسبة للحاضر والمستقبل، كما أن لها دوراً فعالاً في تشكيل سلوك الفرد وعلاقاته الاجتماعية حيثُ ينظر إلى الحياة بمنظور إيجابي.

المراجع

  1. Seligman, M. (2002) . Positive Psychology, Positive Prevention, and Positive Therapy. In “Handbook of Positive Psychology” by Snyder, C. R. & Lopez, Shane J.(eds.) Oxford University Press, New York.
  2. handbook and classification. Washington, DC: A merican psychological Association.
  3. سميرة محمد إبراهيم شند(2008). فاعلية برنامج إرشادي انتقائي تكاملي في تنمية مكونات الايجابية لدى عينة من المراهقين. مجلة القراءة والمعرفة، ع75، 204- 266.
  4. عبد الكريم بكار(2004). مقومات الشخصية الإيجابية. مجلة البيان، ع 204، 1- 22.
  5. نعيمة جمال شمس الرفاعي(2014). بعض المتغيرات النفسية المرتبطة بالشخصية الايجابية وأساليب تنميتها. بحوث وأوراق عمل المؤتمر العلمي الرابع: التربية وبناء الانسان في ظل التحولات الديمقراطية(من29 إلى 30) ابريل، كلية التربية، جامعة المنوفية، ، 105- 121.
  6. محمد سعد حامد عثمان(2010). الخصائص السيكومترية لمقياس المرونة الإيجابية لدى الشباب الجامعي. مجلة كلية التربية، جامعة عين شمس، 34(2)، 539- 573.
  7. هشام إبراهيم عبد الله (2004). الصحة النفسية مدخل إلى الشخصية الايجابية والمجتمع السوي. مجلة التربية، قطر، 33(151)، 208- 222.
السابق
تعريف الوعي البيئي وأهميته
التالي
التفكير الإيجابي Positive Thinking

اترك تعليقاً