اجتماع عام

الاهتمام بمفهوم تنظيم الأسرة عالميا

الاهتمام بمفهوم تنظيم الأسرة عالميا

عرفت بعض الشعوب قديما ما يشبه تنظيم الأسرة في الوقت الحاضر، فكانت تمارس بعض العادات التي من شأنها أن تعمل على تحسين السلالات وتحسين النوع البشري.

ولقد نادى اليونان قديما بمثل تلك الممارسات التي من شأنها أن تعمل على تحسين النوع حتي يتمكنوا من السيطرة على البلاد التي يستعمرونها، فكانوا يقومون بقتل الأفراد عديمي الفائدة، ويقومون بعملية إبادة جماعية لسكان تلك البلاد التي استعمروها لاعتقادهم أن أنسالهم ضعيفة بالتالي فأنه يورث الصفات النوعية الضعيفة لشعوبهم.

كما اقترح ارسطو في هذا المجال طائفة من الممارسات الشاذة العنيفة فأقر الإجهاض، وإعدام الأطفال ناقصي التركيب أو المشوهين وفاسدي الأخلاق، واقترح تحديد السن الذي يجب ان تقلع فيه الانسان عن الزواج والأنسال[1]

فالبوادر الأولى لحركة تحديد النسل بدأت في أوربا منذ أواخر القرن الثامن عشر الميلادي وكان مالتوس أول من تثند بالفكرة وتبعه أخرون في فرنسا وأمريكا، وفي البداية لم يلتفت الغرب لفكرة التحديد ولكن في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ظهرت حركة جديدة لتحديد النسل تعرف بالديومالثوسية.

حينما بدأت السيدة باني بيسانت تكتب عن الحركة فانتشرت الفكرة انتشارا واسعا لأسباب عديدة : أهمها النهضة الصناعية نتيجة لقيام المصانع الكبري بالمدن ونزوح أهل القرى والأرياف إليها واحتدام التنافس بين الناس، وارتفاع مستوى المعيشة فأصبح العمل في تلك المصانع عاملا من عوامل تحديد النسل، إلى جانب الاستقلال الإقتصادي للنساء حيث خرجت المرأة لمعترك العمل [2]

كما بدأت الحركة في انجلترا في عام 1822 أثناء الثورة الصناعية عندما بدأ(فرانسيس بليس) توزيع مقالات على العمال تعرفهم بطرق تحديد النسل وتحثهم على تحديد حجم الاسرة كخطوة تجاة تحسين رفاهيتهم الاجتماعية والاقتصادية.

وعلى مدى الأعوام التالية كثرت المعارضة لهذه الحركة شكل موانع تشريعية ودينية، وبالرغم من أنه لم يتم إنشاء أول عيادة لتحديد النسل في الولايات المتحدة حتي عام 1912م  من خلال الجهود المتفاوتة والجماعية للنساء.

مثل جهود  songerفي الولايات المتحدة، Dr . Aletta Jacoba في هولندا، Marie stopes  Dr في انجلترا، Mr. Elise ollesen jensenفي السويد، lady Dhanvonthis Ramo  في الهند، حيث تم انشاء عيادات تحديد النسل وما يتصل بها من الخدمات الصحية للام والطفل حول العالم

تاريخ تنظيم الأسرة:

     في عام 1919 تأسس (اتحاد تنظيم الوالدية) بأمريكا ( P.P،F،A) بأمريكا وفتحت أول عيادة لتنظيم الاسرة في بريطانيا سنة 1921، وفي عام 1938 ظهرت في بريطانيا جمعية تخطيط الاسرة( F.P.A)،وفي عام 1952 ظهر الاتحاد الدولي لتنظيم الوالديةI.P.P.F) )الذي ضم اتحادات وجمعيات تنظيم الأسرة في كل البلدان.

وعموما بعد الحرب العالمية الثانية انضمت السويد والبلدان الأنجلو سكسونية إلى سياسة تنظيم الأسرة، وفي عام 1950 عقدت الأمم المتحدة أو دورة لمؤتمراتها حول المرأة وكان عنوانه تنظيم الأسرة)[3]

كما بدأت برامج تنظيم الأسرة المصممة لتغيير أنماط الخصوبة في الاهتمام بتحديد عدد السكان أولا في اليابان والهند في عام 1952 وبحلول عام 1960 كان هناك ثلاثة دول فقط من دول العالم لديها سياسات عن تنظيم الاسرة، وكانت حكومة واحدة فقط هي التي تقدم بالفعل خدمات تنظيم.

ولم تكن هناك مؤسسة للتنمية القومية تعمل في مجال تنظيم الأسرة، وفي عام 1972 كان هناك (ثمان وعشرون)دولة من دول أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وهي تمثل حوالي 72 % من عدد سكان هذه القارات وكان لديها سياسات وبرامج رسمية لتنظيم الأسرة، وفي عام 1983 كان هناك (53) دولة لديها مثل هذه البرامج وتضم حوالي (80%) من عدد سكان العالم النامي [4]

ومنذ النشأة التاريخية توالت اهتمامات حكومات العالم على اختلافها بتنظيم الأسرة إلا أن اتجاهات هذه الدول نحو هذا الموضوع اختلفت من دولة لأخرى، ففي جنوب افريقيا وتونس ومصر نجد برامج حكومية نشطة لتنظيم الأسرة، أما في الدول الافريقية التي كانت خاضعة للاستعمار البريطاني.

فنجد بداية مبكرة نسبيا لهذه البرامج تتمثل في العيادات الخاصة، وفي الوقت نفسة لا نجد نشاطا ملحوظا فيما يتعلق ببرامج تنظيم الأسرة في المناطق التي كانت خاضعة للاستعمار الفرنسي وفي أثيوبيا والمغرب لا نجد أيضا اهتماما ببرامج تنظيم الأسرة.

تنظيم الأسرة في الصين

أما في الصين فقد يكون أحد مبررات تشجيع برامج تنظيم الأسرة فيها هو قبول الفكرة الذاهبة إلى أن معدل النمو السكاني فيها (الذي يتراوح فيما بين 2%، 2،5%) يمكن أن يعوق التنمية الإقتصادية بها على الرغم من أن التبرير الرسمي لهذه البرامج عادة ما يتم في ضوء فكرة رفع مستوى معيشة الأسرة.

تنظيم الأسرة في اليابان

أما اليابان فقد تمكنت في حل مشكلة ارتفاع معدل زيادة السكان، بل أنها كما يبدو من التنبؤات سوف تضطر إلى تشجيع زيادة السكان في السنوات القادمة، ولقد انخفضت أيضا معدلات المواليد في بعض بلاد المحيط الهادي، أما بالنسبة لبقية دول أسيا فإن حدة مشكلة السكان تختلف من واحدة لأخرى وإن كان من الملاحظ وجود سياقا بين زيادة عدد السكان والتنمية الاقتصادية [5]

وانعقد مؤتمر الأمم المتحدة للسكان بالقاهرة عام 1994م،وفي هذا العام تم تبني مصطلح جديد لتنظيم الأسرة سمي بالصحة الإنجابية، والسبب في تغيير اسم تنظيم الأسرة إلى الصحة الإنجابية هو أن مفهوم تنظيم الأسرة أو تنظيم النسل تعارضه تيارات دينية ويسارية وكان من أهداف المؤتمر التركيز على صحة المرأة والطفل والصحة الجنسية من أجل تمتع الأزواج بحياة سعيدة بدل الإفراط في الإنجاب [6]

كما تقيم الامم المتحدة بشكل دوري ومتواصل مؤتمرات وندوات وورشات عمل حول الموضوع وتصدر العديد من القرارات والتوصيات وتحاول دعمها ومتابعة تنفيذها ماليا وبشريا على أرض الواقع من خلال سياسات تتبناها الدول المعنية.

داعية من خلالها ضرورة إتاحة جميع وسائل تنظيم النسل للجميع خلال عام 2015 ضنمن برنامج شامل للصحة والحقوق الإنجابية وتخفيض معدلات وفيات الرضع والأطفال والأمهات وضرورة دعم وضع النساء وتوفير التعليم لهن وخاصة الفتيات واعتبار قضية المرأة إحدى أهم القضايا الحيوية في سياسات الأمم المتحدة

ولقد تبنت الكثير من الدول العربية سياسات هامة في هذا المجال وسعت إلى معالجة المسألة السكانية بربطها بالمتغيرات الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية وجعلها جزءا لا يتجزأ من عملية التنمية الشاملة من خلال المشاريع المباشرة وغير المباشرة [7]


[1]  محمد عبد السميع عثمان : دور التربية في مواجهة تغيرات القيم الاجتماعية المرتبطة بتنظيم الأسرة في المجتمع الريفي , مرجع سبق ذكره , ص 51

[2] حليمة عرزولي : علاقة الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية للأسرة بتحديد النسل في الوسط الحضري , مرجع سبق ذكره , ص 108

[3]الأخضر زكور : دور التعليم العالي في تنظيم الاسرة الجزائرية , رسالة ماجستير , كلية العلوم الانسانية والعلوم الاجتماعية , جامعة منتوري , قسنطينة , الجزائر , 2008 , ص 110

[4]سلوى رمضان عبد الحليم : دور الاخصائي الاجتماعي في مساعدة وحدة تنظيم الأسرة بالريف على تحقيق أهدافها , رسالة ماجستير , كلية الخدمة الاجتماعية بالفيوم , جامعة القاهرة , 1993, ص  ص 86- 88

[5]المرجع السابق , ص 88

[6] الأخضر زكور : دور التعليم العالي في تنظيم الاسرة الجزائرية ,مرجع سبق ذكره , ص 121

[7] حليمة غرزول : علاقة الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية للاسرة بتحديد النسل في الوسط الحضري , مرجع سبق ذكره , ص 106

السابق
أهداف القدرة التنافسية للمؤسسات
التالي
مفهوم التعلم التكيفي Adaptive Learning

7 تعليقات

أضف تعليقا

اترك تعليقاً