مهارات التدريس

التخطيط لعملية التدريس وأهميته

التخطيط لعملية التدريس وأهميته

أصبح من الأمور المألوفه أن نرى من المعلمين من ينظرون الى التخطيط لعملية التدريس على أنها عملية مستقلة عما يسبقها من عمليات واجراءات تخطيطية وتجريبية ، ومن ثم يقومون بعملية اعداد أو تحضير الدروس اعتمادا على الكتاب المدرسى فقط في معظم الأحيان.

كما أن هذا الاعداد أو التحضير كثيرا ما يأخذ طابعا شكليا ، ويتمثل ذلك فى الصياغة غير الدقيقة للأهداف أحيانا وفى تلخيص مادة الكتاب المدرسى أحيانا وفى اغفال جانب أو أكثر من جوانب الدرس أحيانا أخرى.

وعلى أية حال فان ذلك يرجع فى أغلب الظن إلى فقدان المعلم للصورة الكلية للمنهج ، فالمنهج ليس هو الكتاب المدرسي ، ولكن الكتاب المدرسي هو مجرد وسيله تشارك مع وسائل أخرى فى تحقيق أهداف المنهج.

وإذا أردنا أن نحدد على وجه الدقة الصورة الكلية للمنهج يمكن القول أنه يشتمل على مجموعة من العناصر أو المكونات هى الأهداف العامة للمنهج ومحتواه من المادة العلمية والطرق والوسائل والأنشطة التي يمكن استخدامها لتنفيذ المنهج.

ثم أخيرا أساليب التقويم التي يمكن استخدامها لتقويم التلاميذ ولتقويم المنهج جزئياً وكليا ، أن عملية التدريس تعد أحد العناصر أو المكونات الأساسية للمنهج والتي تتفاعل فيما بينها لتؤدى فى النهاية إلى تحقيق الأهداف التي حددت للمنهج.

وبالتالى فان النظر الى عملية التدريس باعتبارها عملية مستقلة من الناحية العلمية ، ولكنها عملية تستهدف أساسا تنفيذ المنهج الذي تم تخطيطه وتجريبه، وبالتالى فان من يخططون المنهج تكون لديهم تصورات معينة لكيفية تنفيذه؟

وهذه التصورات تخضع عادة للظروف والامكانات المتاحة ومدى مستويات الكفاءة لدى المعلمين ، ومن هنا جاءت الدعوة إلى ضرورة اشتراك المعلمين في العمليات التخطيطية للمنهج فضلا عن اشتراكهم في جميع. التنفيذية ، ولعلنا في حاجة – فى هذا الشأن – الى معالجة هذا الأمر في شيء من ومن ذلك نرى خطا يعد عملياته التفصيل [1] .

اولا: اشتراك المعلم فى عمليات تخطيط المنهج وتنفيده

يحتاج المخططون عادة الى بيانات ومعلومات عن كثير من الأمور حتى يمكنهم تخطيط منهج سليم ، ومن أهم هذه الأمور طبيعة المتعلمين جسميا ونفسيا وصحيا وعلميا ، ولعلنا نستطيع القول أن أفضل من يمكن أن يقدم بيانات ومعلومات فى هذا الشأن هو المعلم

فهو يقدم هذه البيانات والمعلومات بناء على خبراته السابقة عن تلاميذه، وتنبع أهمية هذا الأمر من أن المخططين حينها يعملون بمعزل عن المعلم يعتمدون على التصورات التي قد يغلب عليها طابع العفوية مما يؤثر بشكل واضح على نوع الخبرات التي يحتويها المنهج وكمها

ولعلنا لا تغالى إذا قلنا أن أى أخطاء عند مستوى التخطيط لا تظهر بشكل واضح وملموس إلا عند الممارسة الميدانية

وإذا ما اشترك المعلم بشكل إيجابى فى عمليات تخطيط المنهج نكون قد أدركنا كيف أن المعلم يمثل قوة دفع حقيقية لها شأنها فى العملية التربوية ، وربما يكون من المفيد في هذا المجال أن نقدم مثالا لمدى فعالية المعلم في عمليات تخطيط المنهج

إذا كان المخططون يرون تقديم بعض المفاهيم العلمية لتلاميذ الصف الثانى الثانوى ، فهذا يعنى أنهم فى حاجة إلى معرفة أمرين أساسيين ، أولهما المفاهيم التي سبق تقديمها إلى التلاميذ فى الصفوف الدراسية السابقة ، وهذا يفرض اجراء دراسات تحليلية للمناهج التي سبق للتلاميذ دراستها

والأمر الآخر هو معرفة آراء مجموعة من المعلمين ذوى الخبرة حول مدى السهولة أو الصعوبة في تعلم المفاهيم السابقة والتصورات الخاطئة عن تلك المفاهيم لدى التلاميذ . وبذلك يستطيع الخبراء التعرف على مواضع القوة والضعف فيما سبق تعلمه

كما يستطيعون من خلال الحوار مع هؤلاء المعلمين التوصل الى ما يمكن اعتباره عوامل أو مسببات لتلك التصورات الخاطئة، والتي قد ترجع الى ما يستخدم من طرق في التدريس ، أو الى قصور ما فى الوسائل التعليمية أو قلة المواقف التطبيقية للمفاهيم ، ، أو غير ذلك من العوامل المتعلقة بالتلاميذ أنفسهم أو الامكانات المتاحة ، أو نوع الامتحانات ومستوياتها.

وهذا يعنى أن تخطيط المناهج على المستوى المركزى يحتاج الى المعلم باعتباره صاحب خبرة ولديه دراية واسعة حول العديد من المؤثرات ذات الصلة بعملية التربية ، فضلا عن تمكنه من كفاءات عملية التدريس وما يمكن استخدامه من الطرق المختلفة والبدائل التي يمكن استخدامها في كل موقف تدريسي [2]

ثانيا: اشتراك المعلم فى التخطيط لعملية التدريس على المستوى اللامركزي

حينما ينم تخطيط المنهج وتجريبه قبل تعميمه يصبح في متناول أيدى القيادات التربوية على مستوى المحليات أو الأقاليم. وهذا لا يعني أن تلك القيادات مسئولة عن توزيع الكتب على المدارس فقط بل ان هذا الأمر يعد عملا اداريا بحتا ولا يدخل في صميم مجرى العملية التربوية .

ولكن المسئولية الحقيقية لتلك القيادات هى عقد اللقاءات العديدة مع المعلمين ذوى الخبرة ، وكذا المعلمين حديثي العهد بالمهنة ، والبدء فى مناقشة المنهج الجديد بكل جوانبه وعناصره وصولا إلى أفضل الأساليب للتنفيذ

ولا يقتصر الأمر فى هذا الشأن على توزيع دروس الكتاب على شهور العام الدراسي وأسابيعه ولكن الأمر المهم في هذا الشأن هو التفكير بعمق في كل الطرق والوسائل والأنشطة وأساليب التقويم المناسبة والتي تصلح لتنفيذ المنهج ، ويعد هذا المجال من أفضل الفرص لكي يعرض كل معلم خبراته وتجاربه التى تستند الى الممارسة الفعلية لعملية التدريس

كما يعد من الفرص الطيبة للموجهين لاطلاع المعلمين على خبراتهم وما يمكن استخدامه من مصادر التعلم المختلفة فى تنفيذ المنهج وتقويمه .

وقد يرى البعض أن اشتراك المعلم فى التخطيط لعملية التدريس على المستوى المركزى لا يختلف كثيرا عن اشتراكه في التخطيط للتدريس على المستوى اللامركزى ، ولكن واقع الأمر هو أن اشتراكه على المستوى الأول يعنى مشاركتة في وضع الملامح العامة أو الاطار العام للمنهج الذي يمثل الخط الرئيسي الذي يتصوره الخبراء لطبيعة المنهج وأبعاده ومساره .

أما اشتراكه على المستوى الثاني فيعنى ترجمة تلك الملامح العامة أو الاطار العام إلى صور تطبيقية للمنهج تختلف باختلاف البيئات والثقافات ومستويات التلاميذ والامكانيات المتاحة [3].

ثالثا: اشتراك المعلم فى التخطيط للتدريس مع زملائه من المعلمين

وفي هذا المستوى يشترك المعلم مع زملائه – وبقيادة رئيس القسم ( المدرس الأول ) في مناقشة ماتم تخطيطه على المستوى السابق في ضوء الادراك الكامل لمصادر التعلم المتاحة  -سواء داخل المدرسة أو خارجها وفى ضوء المعرفة الواعية بمستويات التلاميذ واهتماماتهم ومشكلاتهم – واتجاهاتهم ومستويات مهاراتهم.

وفى ضوء هذه الاعتبارات كلها يستطيع هذا الفريق المتكامل أن يضع تصورا لكيفية تنفيذ المنهج. ويلاحظ أن هذا التصور وغيره من التصورات التي يتم وضعها فى المستويين السابقين هى فى حقيقة الأمر تصورات تتميز بدرجات من العمومية ، ولا يعد أى منها تصم را ملزما للمعلم حينما يخطط للتدريس في أحد الفصول المدرسية.

فالمسلمة الأساسية في هذا الشأن هي أنه لا ينبغي أن نحجر على فكر المعلم وذاتيته وابتكاريته ، فهو مهنى فى المقام الأول لديه خبراته واهتماماته واتجاهاته نحو المهنة ، وبالتالي فان كل معلم يعكس كل جوانب شخصيته على أسلوب تنفيذه للمنهج ، ومن ثم فان ما يتم وضعه من تصورات عامة لا يمثل الا اطارا عاما بالنسبة للمعلم ولا بعد قيدا مفروضا عليه.

ومن الأمور المفيدة في هذا المجال أن يعرض كل معلم على زملائه خبراته وما اطلع عليه من اتجاهات حديثة وتجارب فى مجال تدريس مادة تخصصه ، هذا فضلا عن مناقشة مختلف المداخل المناسبة ومصادر التعلم المتاحة للتلاميذ داخل المدرسة أو خارجها.

وكذا وضع خطة زمنية مرنة لتنفيذ المنهج ، ومن ثم يتضح ان معلمى المادة الواحدة يعملون كفريق متعاون ومتكامل ، وإن كان هذا لا يعنى نمطا واحدا أو تصورا واحدا لتنفيذ المنهج.

رابعا: المعلم و التخطيط لعملية التدريس

يقوم مع ، ويرجع وفى هذا المستوى يصبح المعلم فى مواجهة منهج معين عليه أن . بتنفيذه . وفى هذه الحالة تكون لديه مجموعة من التصورات العامة المتدرجة في مستوياتها ، وفى خبراته السابقة ، ومن ثم عليه أن يضع خططا لدروسه.

وقد يرى بعض المعلمين – وبخاصة من يملكون خبرات فى التدريس – أنه ليس من الضرورى اعداد خطط لدروسهم، وأنهم بحكم امتلاكهم لتلك الخبرات يستطيعون التدريس عندما يحين وقت اللقاء التلاميذ ذلك – فيما يبدو إلى تصور هؤلاء المعلمين أن عملية التدريس ليست أكثر من ترديد ما يحتويه الكتاب المدرسى من معارف.

 وعلى أية حال فان ما يمكن أن نؤكده في هذا المجال هو أن إعداد خطط للدروس يعد أمرا أساسيا بالنسبة للمعلم القديم ، وكذا المعلم حديث العهد بالمهنة. بل ان المعلم يجب أن يدرك أهمية مراجعة ما سبق تخطيطه من دروس في الأعوام الدراسية السابقة .

فليس من المعقول أن تظل العوامل المتحكمة في كيفية تخطيط الدروس في الأعوام السابقة لسنوات طويلة كما هي ، بل ويصل البعض فى هذا الشأن إلى القول بأن المعلم يجب عليه اعداد أكثر من خطة للدرس الواحد، على اعتبار أن هناك متغيرات تختلف من فصل دراسى الى آخر.

وبالتالي اذا كان المعلم ينفذ أحد المناهج الدراسية مع أكثر من مجموعة واحدة من التلاميذ فهذا يعنى أنه لابد أن يعد أكثر من خطة لكل درس فى ضوء ما يراه مناسبا لكل مجموعة استنادا إلى مدى درايته بمستوياتهم واهتماماتهم ، ومفاهيمهم ، واتجاهاتهم ، ومهاراتهم ، وغير ذلك من جوانب التعلم التي يمتلكونها.

السابق
دور المعلم في العملية التعليمية
التالي
عناصر خطة الدرس اليومية ومكوناتها