التدخل المبكر مصطلح عام يصف الحاجة إلى البدء بتقديم خدمات تأهيلية عندما تكشف وتأكد الإعاقة السمعية لدى الأطفال. التدخل المبكر يعني تجهيز الطفل بسماعات طبية، هذا بالإضافة إلى خدمات إرشادية للوالدين أو من يقدم الرعاية والاهتمام للطفل من أجل مساعدتهم على تقبل وفهم تشخيص الطفل المعاق سمعياً.
ويشتمل التدخل المبكر على كافة الممارسات والخطوات التي تهدف إلى تقديم الخدمات اللازمة للطفل. ربما يكون الإخصائى السمعي هو المسئول عن إبلاغ الآباء أن طفلهم معاق سمعياً، وربما أيضا يكون هو الشخص المفضل مهنيا لمناقشة الآباء بخطوات التدخل المبكر الخاصة بطفلهم المعاق سمعياً.
وقد يمثل هذا تحديا لأسباب تتعلق بالقدرة على نقل المعرفة والمعلومات والخبرات إلى الآباء دون إعطاء الرأي الشخصي. وهذا بحد ذاته يأخذ وقتا ويتطلب ثقة حتى يتمكن من بناء علاقة واثقة مع الآباء، وبالتالي تكون كافة الأطراف المتعلقة بتقديم خدمات التدخل المبكر مشاركة بشكل يتناسب مع أهدافها وحاجاتها.
فالتخطيط لخدمات التدخل المبكر يتطلب مشاركة فاعلة للمعلومات في جلسات تفاعلية تسمح للإخصائى السمعي والآباء باحترام القيام بردود فعل واستجابة لبعضهم البعض.
ولقد أشارت الدراسات إلى أهمية السنوات الأولى من عمر الطفل في النمو، ويتمثل الهدف الرئيسي للأطفال الصم والمعاقين سمعياً بتطوير مهارات اللغوية مقارنة بأقرانهم السامعين العاديين بغض النظر عن درجة الفقدان السمعي ونموذج التواصل والحالة الاقتصادية الاجتماعية، والخلفية الثقافية,أو الجنس وغالبا ما يتم التركيز على الوصول أو تحقيق نمو لغوي للطفل يوازي قدراته المعرفية.
العناصر الأساسية للتدخل السمعي
لقد توجهت الجهود في السنوات الأخيرة إلى العمل على الوقاية من التأخر النمائي من خلال التشخيص والكشف المبكر. وتقديم خدمات التدخل المبكر. إن الطريقة والأسلوب الذي يكون فيه الأفراد فاعلين في مرحلة ما قبل المدرسة والمراهقة وحتى الرشد يعتمد على خبراتهم قبل عمر 30 شهرا. وتتمثل العناصر الأساسية للتدخل السمعي بـ:
- إرشاد فوري ومباشر لدعم موقف الآباء للتكيف مع التشخيص والتعبير عن مشاعرهم ومساعدتهم في العمل في ظل هذه المشاعر.
- تزويد الطفل المعاق سمعياً بالسرعة الممكنة بما يحتاج إليه من سماعات طبية.
- تشجيع النمو المبكر لنظام التواصل الرمزي بين أعضاء العائلة والطفل المعاق سمعياً.
إن خدمات التدخل والتشخيص المبكر تفتح المجال أمام أعضاء العائلة ليشعروا أنهم عملوا ما باستطاعتهم لمساعدة طفلهم المعاق سمعياً ودعمه. أن تقديم خدمات التدخل المبكر وخبرة الإرشاد العلاجي النفسي للآباء تساعدهم في تحقيق مستوى جيد من الرضا والتكيف الانفعالي لميلاد طفل معاق سمعياً.
ولقد تضافرت الجهود خلال السنوات السابقة بهدف التزويد بخدمات التدخل المبكر ولكن المشكلة كانت تكمن في قلة الأبحاث، وهذا يعود إلى قلة أعداد الأطفال المشخصين على أنهم معاقون سمعياً في المدى العمري من 2-3 سنوات، ولحسن الحظ حاليا أصبحت العديد من المعالم مؤسسة في مجال خدمات التدخل المبكر.
تطورات التدخل المبكر مع المعاقين سمعيا:
ساعدت عدد من العوامل على تطوير فاعلية الدراسات المتعلقة بخدمات التدخل المبكر والفقدان السمعي وقد شملت التطورات على:
- انخفاض عمر التشخيص كنتيجة ايجابية لتطور تكنولوجيا التقييم.
- التطور المستمر في التقنيات السمعية والسماعات الطبية.
- التأثير الايجابي لعلم الحاسوب على علم السمع لدى الأطفال.
- التغيرات في طرق التواصل المستخدمة في تربية وتعليم الأطفال المعاقين سمعياً.
- الانتشار الواسع لخدمات التدخل المبكر بين المتصلين بالآباء والأطفال وتحول معظم القطاعات التعليم ما قبل المدرسة الخاصة إلى عامة.
- التحسن المستمر في أدوات التقييم الخاصة بالنمو السمعي واللغوي.
- التحسن في نوعية المدارس وأنظمة تقديم الخدمات.
- الفلسفات التربوية المتعلقة بالآباء وأطفالهم وخدمات التدخل لما قبل المدرسة انتقلت أيضا إلى الأسر.
- تغيير أسس التشخيص والأسباب في الفقدان السمعي .
- زيادة مدى حالات الإعاقات المتعددة .
وتتمثل القضية الأساسية التي تؤثر على نتائج التشخيص والتدخل المبكر بعامل الوقت ونمط التأخير بين العمر عند تشخیص واكتشاف الإعاقة السمعية والعمر عند تقديم الخدمات، ويعود التأخير إلى مجموعة من الأسباب:
- إنكار الآباء ورفضهم القاطع للحقيقة التي تقول أن طفلهم معاق سمعياً.
- التأخير في الإحالة إلى الاختصاصيين.
- العديد من الأطفال كان لديهم إعاقات متعددة والسمع ليس الجانب الرئيسي في اهتمام الآباء.
والتدخل المبكر يجب أن يبدأ عندما يؤكد أن الطفل أو الرضيع معاق سمعياً. وهؤلاء الرضع أو الأطفال يجب أن يتلقوا خدمات تدخل مبكر والتي تفتح المجال لديهم للتعرض لبيئة لغوية غنية تساعدهم على تحقيق أقصى حد ممكن من مهاراتهم اللغوية.
وتساعد البرامج الحديثة في فحص السمع لدى الرضع في الكشف عن الإعاقة السمعية مع عمر شهرين، ويبدأ عندها تقديم خدمات التدخل المبكر. وتكون خدمات التدخل المبكر فاعلة وذات جدوى فقط إذا قدمت نوعية الخدمات المبكرة في أبكر وقت ممكن، وعلى نحو التأكيد في السنة الأولى من الحياة.
لقد أكد القانون الأمريكي لتربية وتعليم الأفراد Individuals with Disabilities (Education ActIDEAعلى ضرورة تقديم خدمات التدخل المبكر عند اكتشاف الإعاقة السمعية وتشخيصها. إن عناصر برنامج التدخل المبكر للأطفال المعاقين سمعياً وأسرهم يجب أن تشتمل على:
- دعم للعائلة ومعلومات حول الإعاقة السمعية وحول المدى المتوفر من الخيارات التربوية وطرق التواصل. ويجب أن تقدم هذه المعلومات بشكل موضوعي من الجهة المهتمة.
- الأفراد الصم وثقيلي السمع ويجب أن تصل كل جهة إلى حقها الشرعي والوسائل التربوية والجماعات الداعمة وشبكات العمل وغيرها من المصادر ذات الصلة بالأطفال وأسرهم.
- توفير البيئات التعليمية والخدمات المناسبة مع الأخذ بعين الاعتبار ما تفضله العائلة. وهذه الخدمات يجب أن تكون متمركزة حول الأسرة ومشتملة على حاجات الطفل والأسرة وثقافته.
- نشاطات التدخل المبكر يجب أن تعزز تطور الطفل في مختلف الجوانب مع التركيز على اكتساب اللغة ومهارات التواصل.
- خدمات التدخل المبكر يجب أن تشتمل على مراقبة مستمرة لحالة الطفل الطبية والسمعية وحاجات المضخمات الصوتية وتطور مهارات التواصل.
وقد اجريت دراسة على مجموعة من الاطفال بلغت 120 طفلا معاقا سمعياً كانت إعاقتهم تتراوح ما بين 40 دیسبل إلى 80 ديسبل, وكافة الأطفال كانوا قد شخصوا على أنهم معاقون سمعياً بعد عمر 30 شهرا. لقد أشارت الدراسة إلى أن أعلى مستوى من المهارات اللغوية كان لدى الأطفال الذين تلقوا خدمات تدخل مبكر .
ومن النتائج اللافتة للنظر في هذه الدراسة أن درجة الفقدان السمعي لم تشكل عاملا هاما في المهارات اللغوية اللاحقة والأداء التربوي. وأيضا الأطفال ذوي الإعاقة السمعية المتوسطة لديهم نفس المستوى المنخفض من المهارات اللغوية لدى الأطفال ذوي الإعاقة السمعية الشديدة.
والسبب في ذلك يعود إلى أنه لا أحد من الأطفال شخص في عمر مناسب للاستفادة من الفترات المناسبة التعلم اللغة. مهارات وضوح الكلام كانت متناسبة مع درجة الفقدان السمعي.
الأطفال من ذوي الفقدان السمعي المتوسط کانوا الأفضل في الكلام والأطفال ذوي الفقدان السمعي الشديد كانوا الأفقر في الكلام، وفي النهاية تستطيع القول إن الطريق إلى أنماط لغوية وكلامية للطفل المعاق سمعياً هي بمثابة رحلة طويلة.
نتائج الدراسات الهامة من كولورادو Colorado أشارت إلى أن التشخيص والتعرف المبكر للرضع الذين يعانون من مشكلات سمعية أشارت إلى أن خدمات التدخل المناسبة المباشرة أدت إلى تحسن في أداء الأطفال اللغوي والكلامي والتربوي. كما أشارت إلى أن أداءهم كان مقاربا لمستوى العمر كما هو مقاس لدى الرضع الذين تم التعرف عليهم مع عمر شهرين.
وبغض النظر عن درجة الفقدان السمعي فإن التحسن الملحوظ لدى أطفال الدراسة كان متصلا مع التشخيص المبكر والتدخل المبكر. كما أشارت الدراسات إلى أنه يمكن أن نحسن إيجابيا من التطور المعرفي للرضع من ذوي الإعاقات، هذا بالإضافة إلى انخفاض في مستويات الضغط النفسي الأسري.
وقد حددت لجنة سمع الأطفال الرضع الأمريكية ستة مبادئ للتدخل المبكر الفعال:
- التوقيت التطوري: ويعود إلى العمر الذي تقدم فيه خدمات التدخل المبكر. فالرضع الذين يسجلون في عمر أبكر يستفيدون بشكل أفضل من خدمات التدخل المبكر.
- كثافة البرنامج: ويعود إلى مقدار الخدمات المقدمة، وهذا يقاس بعوامل متعددة مثل عدد الزيارات البيئية والاتصال الفردي لكل أسبوع.
- التعلم المباشر : وتستند إلى أن خبرات التعلم تكون فعالة عندما تكون النشاطات التربوية الأساسية مقدمة من خلال مهنيين مدربين جيدا هذا بالإضافة إلى تدريب بيتي غير مباشر.
- اتساع ومرونة البرنامج: وهذا يعود إلى برامج التدخل الناجحة تقدم مدى واسعا من الخدمات ومرن بحيث تناسب الحاجات الخاصة للطفل الرضيع وأسرته.
- التعرف على الفروق الفردية : وهذا يعود إلى المبدأ الرئيسي في التربية والتعليم والذي يشير إلى تقدم الفرد والفوائد من البرنامج تكون وفقا للفروق الفردية للطفل الرضيع وأسرته.
- الدعم البيئي واستخدام الأسرة : وهذا يعود إلى أن الفائدة من التدخل المبكر تستمر ويعتمد هذا على فعالية الأسرة وغيرها من عناصر الدعم البيئي [1].
المراجع
- ↑ جمال الخطيب ومنى الحديدى : التدخل المبكر ، 2005 ، عمان ، دار الفكر للنشر والتوزيع