يعتبر التعلم التعاوني Co-operative Learning أسلوباً متقدماً وطريقة تدريس تندرج ضمن طرق التعليم التطبيقي، إذ أن فكرته تستند إلى نظرية مفادها أن العملية التعليمية تتم على عدة مراحل مصنفة في ترتيب تصاعدي.
تبدأ في مرحلتيها: الأولى والثانية بالمعرفة والإدراك للمهارات الأساسية وهي أمور يمكن تعلمها بالتكرار والاستظهار، وبالتالي يمكن اكتسابها بنجاح كبير داخل الفصول الدراسية.
تأتي بعد ذلك المراحل المتقدمة من العملية التعليمية، وهي حسب الترتيب التصاعدي: التطبيق والتحليل والتقييم. وهذه المراحل المتقدمة لا يمكن تحقيقها على الوجه الأمثل إلا بواسطة الممارسة العملية وتطبيق المعرفة والإدراك المكتسبين داخل الفصول الدراسية.
والتعلم التعاوني بما يتيحه من فرص عمل فعلية للطلاب في أثناء الدراسة يساعد على تحقيق المراحل المتقدمة من العملية التعليمية لذا يؤكد العديد من العلماء والباحثين على أهمية التعلم التعاوني في مجال التعليم في معظم بلدان العالم المتقدمة وأنه مفهوم يعتمد على إستراتيجية تستهدف تطوير العمل التربوي من خلال تحسين أداء المعلم المهني والقيادي.
التعلم التعاوني مدخل جديد للتعليم:
فقـد قـدم جونسـون وآخـرون ( 1995 ) مدخلاً جديداً في التربية عن مفهوم التعلم التعاوني، حيث يعمل الطـلاب معا في مجموعات صغيرة مكونة من ( 2-5 ) أعضاء لإنجاز أهداف مشتركة بنجاح.
ووفقاً لإستراتيجية جونسون وزملائه عن التعلم التعاوني، فإن العمل التعاوني، بالمقارنة مع العمل التنافسي والعمل الفردي، يؤدي إلى زيادة التحصيل والإنتاجية في أداء الطلاب، والتأكيد على العلاقات الإيجابية بينهم، وتحسن الصحة النفسية وتقدير الذات.
يعد التعلم التعاوني من الاستراتيجيات الحديثة، التي تهدف إلى تحسين وتنشيط أفكار التلاميذ الذين يعملون في مجموعات، يعلم بعضهم بعضا، ويتحاورون فيما بينهم بحيث يشعر كل فرد من أفراد المجموعة بمسؤوليته تجاه مجموعته.
إضافة إلى أن استخدام هذه الاستراتيجيات يؤدي إلى تنمية روح الفريق بين التلاميذ مختلفي القدرات، وإلى تنمية المهارات الاجتماعية، وتكوين الاتجاه السليم نحو المواد الدراسية.
هذا بالإضافة إلى أن التلاميذ الذين يعملون في مجموعات عملا متعاونا يستطيعون السيطرة على المواد التعليمية بصورة أفضل من التلاميذ الذين يعملون بصورة منفصلة، كما أنهم يتقبلون زملاءهم المتأخرين دراسيا.
إن من أبرز فوائد التعلّم التعاونيّ هي إكساب الطلبة كثيراً من المهارات اللغويّة، مثل مهارات الاستماع والحديث من خلال المناقشات التي تجري ضمن المجموعة، ومهارات القراءة والكتابة من خلال كتابة القرارات التي تتوصّل إليها المجموعة، وقراءة المهمّة المطلوب إنجازها.
إضافة إلى قراءة التقرير المعدّ من قبل المجموعة بعد إنجاز المهمّة، هذا فضلاً عن المهارات الاجتماعيّة المتعدّدة التي تكتسب في أثناء العمل التعاونيّ، وزيادة الدافعية نحو التعلّم نتيجة النجاح الذي يحقّقه أفراد المجموعة، والشعور بالراحة النفسيّة لزوال عوامل التوتّر الناتجة عن الغيرة في التعلّم التنافسيّ.
وذكر آدمز Adams أنّ التلميذ يجد في التعلّم التعاونيّ فرصة للتعبير عن رأيه بحرّيّة ودون خوف، وإلقاء الأسئلة، والإجابة عن بعض التساؤلات، وعرض أفكاره، ويحصل على فرصة آمنة للمحاولة والخطأ، والتعلّم من خطئه، وتزداد دافعتيه ونشاطه للتعلّم، وينمو تفكيره، ويكتسب القدرة على التحكّم في وقته، ويكتسب كثيراً من التفاعل الاجتماعيّ.
كما يوفّر التعلّم التعاونيّ الوقت والجهد المبذول من قبل المعلّم في عرض المادّة العلميّة ومناقشتها، إذ يستطيع أن يتابع من 9 إلى 10 مجموعات بدلاً من 40 إلى 50 تلميذاً .
وبشكل عامّ فإنّ العمل داخل المجموعات تجعل المتعلّم يدرك أنّ معرفته ليست ملكاً خاصّاً به، بل هي ملك المجموعة التي يعمل فيها، وبذلك يكون شعار كلّ من في المجموعة: إنّ معلوماتي ملك لمجموعتي، ونجاحي رهن بنجاح كلّ فرد فيها، وهذا ما يمكن أن نعدّه مسوّغاً أخلاقيّاً واجتماعيّاً للتعلّم التعاوني.
مفهوم التعلم التعاوني:
يعرف (Johnson، Johnson & Smith) التعليم التعاوني على أنه “إستراتيجية تدريس تتضمن وجود مجموعة صغيرة من الطلاب يعملون سويا بهدف تطوير الخبرة التعليمية لكل عضو فيها إلى أقصى حد ممكن”.
في حين يعرف (Mcenerney) التعليم التعاوني على أنه ” إستراتيجية تدريس تتمحور حول الطالب حيث يعمل الطلاب ضمن مجموعات غير متجانسة لتحقيق هدف تعليمي مشترك”.
وتعرفه فاطمة (1992) على أنه أسلوب في تنظيم الصف حيث يقسم الطلاب إلى مجموعات صغيرة غير متجانسة يجمعها هدف مشترك هو إنجاز المهمة المطلوبة وتحمل مسؤولية تعلمهم وتعلم زملائهم.
ويرى عابدين ( 1993) ان التعلم التعاوني هو ” إستراتيجية تدريس تتمحور حول الطالب حيث يعمل الطالب ضمن مجموعة متجانسة لتحقيق هدف تعليم مشترك “.
ويعرفه السعدي (1993 ) على أنه نوع من التعليم يتيح الفرصة لمجموعة من الطلاب لا تقل عن اثنين ولا تزيد عن سبعة بالتعلم من بعضهم البعض داخل مجموعات يتعلمون من خلالها بطريقة اجتماعية أهدافا وخبرات تعليمية تؤدي بهم في النهاية إلى بلوغ الهدف من الدرس.
أهمّية التعلّم التعاونيّ:
يمكن تلخيص أهمّيّة التعلّم التعاونيّ بالنقاط الآتية:
- يولّد الثقّة في نفس الطالب.
- يفعل مهارات العمل ضمن فريق.
- يبعد الطالب عن الفرديّة والأنانيّة، ويشعره بالانتماء إلى الجماعة.
- ينمّي لدى الطالب مهارات التفكير الناقد.
- يعمل على تنمية التفكير الابتكاريّ لدى الطالب
- يخلّص الطالب من بعض مظاهر الانطواء والعزلة والخجل.
- يمنح الطالب القدرة على تطبيق ما يتعلّمه التلاميذ في مواقف جديدة.
- يبعد الطالب عن التعصّب للرأي، فيقبل على الآخرين ويتقبّل آراءهم.
- يمنح المدرّس الفرصة للانفتاح على الطلبة، وتعرّف حاجاتهم التعليميّة.
- يحسن المهارات اللغويّة والمهارات الاجتماعيّة.
- يؤدّي إلى حبّ المادّة الدراسيّة والمعلّم الذي يدرّسها.