المناهج وطرق التدريس

التغذية الراجعة في التدريس المصغر

التغذية الراجعة في التدريس المصغر

 تعد التغذية الراجعة في التدريس أحد المكونات الأساسية التي يقوم عليها التدريس المصغر؛ حيث تتيح الفرصة أمام الطالب المتدرب لأن يعرف نتيجة عمله على الفور، وبالتالي تلافي الأخطاء السلوكية غير المرغوب فيها عند إعادة التدريس للمرة الثانية.

مفهوم التغذية الراجعة في التدريس

وتعرف التغذية الراجعة بأنها “العملية التي يقصد بها معرفة نتائج العمل بطريقة فورية لتعزيز الاستجابات الصحيحة، وتلافي الاستجابات الخاطئة “.

وهي تمثل المعلومات والتعليمات التي تقدم إلى الطالب المعلم فيما يتعلق بمحاولاته لأن يحاكي أنماطا معينة من سلوك التدريس، ومن المهم أن يكون سلوك التدريس الذي يخضع للتغذية الراجعة في الفترة هو نفس السلوك الذي تعلمه المتدرب من النموذج، فإذا كان النموذج قد عرض للطلاب المعلمين مهارة معينة ببنود ومعايير للأداء فحينئذ يتم تقويم الطالب المعلم في أدائه للسلوك التدريسي الذي تم تعريفه به فقط مثلا، إذا تعرض الطالب المعلم لنموذج عن مهارات المناقشة، فيتم بناء أداة التقويم على كيفية استخدام مهارات المناقشة فقط، وبالتالي تقدم التغذية الراجعة عن كيفية أداء مهارة المناقشة في تدريس درس معين.

وأسلوب التدريس المصغر يقوم على أساس أن التغذية الراجعة الدقيقة مهمة لتطوير العملية التدريسية؛ حيث إنها تساعد على تعزيز الأنماط السلوكية المرغوب فيها، والقضاء على الأنماط السلوكية غير المرغوب فيها، ودور التغذية الراجعة هو إعطاء الطالب المعلم فكرة عن ذاته، ونتائج عمله، الأمر الذي يؤدي إلى تغيير سلوكه وتعديله إلى الأفضل بناء على التغذية الراجعة التي تعتمد على محك الأداء السليم والتدريس الفعال.

كيف تتم التغذية الراجعة في التدريس؟

بداية يعرف الطالب المعلم قبل البدء في التدريب ما هو السلوك الذي ستتم ملاحظته، وذلك ليتم تقديم التغذية الراجعة في التدريس بناء على محكات سليمة للأداء معروفة مسبقا لكل من المشرف، والطالب المعلم، ثم يقوم الطالب المعلم بالتدريس للمرة الأولى بعد أن يتعرف على نموذج المهارة من أي مصدر من المصادر، ويستخدم المشرف بطاقة الملاحظة أو يستخدم الطالب المعلم استمارة التقويم الذاتي في تقدير السلوك الأولي للطالب المعلم.

ولزيادة فاعلية التغذية الراجعة في التدريس المصغر خاصة المقدمة من المشرف عليه أن يسأل الطالب المعلم “المتدرب” عما قد يغيره في سلوكه التدريسي إذا قام بالتدريس للمرة الثانية، ويأخذ المشرف من المتدرب نفسه بعض الآراء ووجهات النظر الصحيحة ويعززها ويشجعه عليها ويقنعه بالابتعاد عن تكرار السلوك السلبي ويركز المشرف عند إعادة الطالب المعلم التدريس للمرة الثانية على النقاط التي تحتاج للتأكيد عليها وإتقانها.

وتستخدم عادة بطاقات الملاحظة التي توضح معايير الأداء السليم للمهارة في التغذية الراجعة فالمعيار الذي يحدد دقة الأداء للطالب المعلم يكون ثابتا ولا تتأثر نتائجه بخبرات المشرف الخاصة أو اجتهاد أقران الطالب المعلم أيضا، وحتى لا يلجأ الطالب المعلم إلى بعض الحيل الدفاعية والأساليب الإسقاطية لتبرير سلوكه وتصرفاته أثناء التدريب، كل ذلك يؤدي إلى زيادة موضوعية التغذية الراجعة.

ولزيادة دافعية الطلاب المعلمين للاستفادة من التغذية الراجعة لا بد أن يشعر المتدرب بوجود فروق بين أدائهم التدريسي الحالي وما يجب أن يصلوا إليه من هذا الأداء، والهدف من ذلك معرفة كل طالب معلم مدى نجاحه من الأداء وتمكنه من تقويم وتحسين سلوكه في التدريس من خلال مواجهته لذاته وذلك عن طريق مصادر متعددة لعل من أهمها ( أن يرى نفسه على الفيديو، أو يسمع نفسه من خلال التسجيل الصوتي، أو يسمع أراء المشرف والأقران في أدائه ) وذلك يتمكن الطالب المعلم ويكتسب مهارة التقويم الذاتي، ومواجهة نفسه ليعدل من سلوكه ويطوره.

مصادر التغذية الراجعة في التدريس

وإذا كانت النماذج – كما سبق التوضيح – لها مصادر متعددة، فالتغذية الراجعة أيضا لها مصادر متعددة، يمكن الاستفادة من كل منها في تقديم التعليمات والتوجيهات لكل متدرب عقب الأداء مباشرة ومصادر التغذية الراجعة يمكن تحديدها فيما يلي:

  • المشرف.
  • إعادة عرض تسجيل الدرس بالفيديو.
  • إعادة عرض تسجيل الدرس بالتسجيل الصوتي.
  • بواسطة أقران المتدرب.

ولمعرفة أي المصادر السابقة للتغذية الراجعة أكثر فاعلية التسجيل الصوتي أم التسجيل المرئي ( بالفيديو ) أو المشرف أو الأقران أو أي مزيج من هذه البدائل، وقد أكدت نتائج بعض البحوث إلى أن ” التسجيل الصوتي ” يستخدم لتسجيل أداء المتدرب مع أقرانه في مهارات الاتصال أي المهارات التي لا تحتاج إلى أي حركات من الطالب المعلم، ولكن تعتمد على التفاعل اللفظي بين الطالب المعلم القائم بدور المعلم وأقرانه القائمين بدور المتعلمين.

أما الفيديو فيستخدم لتسجيل كل من الصوت والصورة ويسمح كل من هذين المصدرين لتحليل الأداء، وإعادة تحليله بهدف دراسته، ومقارنته بمحكات الأداء السليم، ويعتمد استخدام أي من المصدرين في التسجيل على جوانب التفاعل التي يقوم الطالب المعلم بالتدريب عليها.

وبمقارنة استخدام أي من الجهازين ( الفيديو أو التسجيل الصوتي ) نجد أن التسجيل الصوتي يسهل القيام به، كما أن حجم الأجهزة المستخدمة فيه صغيرة، ولا يؤدي للتشويش على العمل داخل المعمل إذ إنه لا يجذب انتباه الطلبة كما أنه غير مكلف نسبيا، وغالبا ما تتوافر أجهزته في المعاهد والكليات ولا يتطلب تشغيله أي مهارة، أما جهاز الفيديو فيعطي صوتا وصورة، لذا يمكن الاعتماد عليه في التحليل اللفظي وغير اللفظي، ولكن حجمه أكبر غالبا ويجذب انتباه الطلاب وبتكلفة أكثر من التسجيل الصوتي، كما أن تشغيله أكثر صعوبة وتعقيدا من تشغيل التسجيل الصوتي، وقد لا يتوافر كثيرا في بعض المعاهد والكليات.

غير أن نتائج استخدام التسجيل الصوتي أفضل من نتائج استخدام التسجيل بالفيديو لدى بعض الطلاب، ولبعض المهارات أيضا، لأن بعض الطلاب المعلمين يركزون على الاستماع فقط، كما أنه لا يولد الشعور بالاضطراب لدى بعض الطلاب المتدربين كالتصوير بالفيديو، وبرغم أهمية التسجيلات الصوتية والتسجيلات المرئية في تقديم التغذية الراجعة إلا إن بعض المؤسسات التربوية تناولت بالبحث والدراسة كيفية الاستفادة من دور المشرف، وأقران المتدرب في تقديم التغذية الراجعة للمتدربين بدون استخدام أية أجهزة ( تسجيلات صوتية أو مرئية ) بهدف تقليل نفقات التدريب، وذلك للاستفادة من المشرفين والأقران ليدرب الطلاب والمعلمين بعضهم بعضا تحت إشراف متخصص.

فاستخدام الأقران والاعتماد عليهم في تقديم التغذية الراجعة يكون أكثر فاعلية من انفراد المشرف فقط بتقديمها، لأن اشتراك الأقران مع المشرف في مناقشة الطالب المعلم يكشف عن أوجه القصور، والنواحي الإيجابية لزميلهم على نحو أكبر، ولعل بساطة موقف التدريس المصغر تساعد المشرف على أن يركز ملاحظاته على مهارات محددة، مما يجعل التغذية الراجعة بدرجة كبيرة من الدقة (كما سبق توضيح ذلك في دور المشرف).

ولذلك يرى بعض المهتمين بتطوير برامج التدريس المصغر أن الفيديو ليس أساسيا في برامج التدريس المصغر، ولا يعتبر المصدر الوحيد لتقديم التغذية الراجعة، ولكن يمكن الاستفادة من دور المشرف الذي يتفاعل أكثر مع الطلاب، فيما يقدمه الطلاب المعلمون من اقتراحات من أجل تطوير الأداء عند إعادتهم للدرس مرة أخرى.

ومما هو جدير بالذكر، أن بعض المؤسسات التي لا يتوافر لديها أجهزة التسجيل المرئي والصوتي، قد حاولت الاستفادة أكثر من دور المشرف والأقران في تقديم التغذية الراجعة، وذلك بهدف تقليل نفقات الإعداد والتجهيز لقاعات التدريب ببرنامج التدريس المصغر، استنادا إلى وجود محكات تحدد مستويات الأداء لكل مهارة مما يمنحهم الثقة بأنفسهم يحللون ويلاحظون ويقومون بعضهم بعضا، تحت إشراف مشرف، دون التدخل في مناقشاتهم، فالاستفادة من المشرف والأقران أفضل من التضحية بتطبيق أسلوب التدريس المصغر في إكساب الطلاب المعلمين قبل الخدمة وأثنائها المهارات التدريسية اللازمة لهم في حالة عدم وجود أجهزة فيديو وتسجيل صوتي [1].

المراجع

  1. عبد العزيز إبراهيم العصيلي: التدريس المصغر في ميدان تعليم اللغة العربية لغير الناطقين، مجلة العلوم: الشريفة واللغة العربية وأدائها، أبريل 2007م
السابق
مهارات التدريس Teaching Skills
التالي
أهداف تعليم المعاقين سمعياً

اترك تعليقاً