التوحد

السلوك النمطي التكراري لدى أطفال التوحد

السلوك النمطي التكراري لدى أطفال التوحد

السلوك النمطي التكراري لدى أطفال التوحد والذي يعد من الإعاقات النمائية الشاملة التي تحدث بنسبة (١) من كل ٦٨ طفلا بين الأطفال، وقد عرفت الجمعية الأمريكية للطب النفسي في الإصدار الخامس من الدليل التشخيصي للأمراض النفسية -5-DSM اضطراب التوحد بأنه أحد اضطرابات النمو العصبي التي تتميز بالعجز المستمر في التواصل والتفاعل الاجتماعي في المواقف المتعددة.

بما في ذلك من قصور في استخدام وتنمية السلوكيات والمهارات غير اللفظية المستخدمة في التفاعل الاجتماعي وفهم العلاقات والتشخيص اضطراب طيف التوحد يتطلب أيضا، وجود أنشطة واهتمامات وسلوكيات نمطية متكررة وكذلك اضطرابات حسية، هذه الأعراض في مرحلة الطفولة المبكرة.

وبالتالي بعد التوحد من أكثر مشكلات الطفولة إزعاجًا، وهذا ما جعل الجمعية الأمريكية للطب النفسي سنة ١٩٩٤ تصنفها ضمن الاضطرابات النمائية المنتشرة Pervasive Developmental Disorder حيث يعاني أطفال التوحد من الخلل النوعي في المهارات الاجتماعية ومهارات التواصل والاهتمامات والحركات النمطية المتكررة.

كما يعد مصطلح السلوك النمطي التكراري من المصطلحات الشاملة والذي يستخدم للإشارة إلى فئة متنوعة من السلوكيات النمطية التي تتميز بالتكرار والجمود والتشابه الواضح وعدم الملاءمة.

فيُعرف كل من (2008) Watt, Wetherby, Barber & Morgan السلوك النمطي التكراري بأنه عبارة عن مجموعة متعددة من السلوكيات والتي تشمل السلوك الاستحواذي والطقوسي والروتين، والتكرار اللفظي للكلمات والجمل والسلوكيات النمطية التكرارية لدى أطفال التوحد هي عبارة عن مجموعة نمطية تكرارية، واللعب المتكرر بالأشياء، والروتين وسلوكيات إيذاء الذات والطقوس والرغبة في التماثل بصورة استحواذية تتميز بالشعور بالقلق.

في حين يُعرف كل من بيركسون و دافنبورت السلوك النمطي التكراري بأنه سلوك يستند إلى آليات كامنة تهدف إلى زيادة التحفيز الحسي الذاتي لدى أطفال التوحد.

كما يعرف سولنبيه السلوك النمطي التكراري بأنه مجموعة من السلوكيات المتكررة التي لا يشعر خلالها الطفل بالتعب والملل، والتي تشير إلى وجود ضعف في الجهاز العصبي المركزي، والتي تقترن في العادة لدى أطفال التوحد بعدم الرغبة في التواصل والتمعن البصري والرغبة في التماثل.

مما سبق من تعريفات لمفهوم السلوك التكراري يمكن تعريف السلوك النمطي التكراري بأنه مجموعة من السلوكيات التي يقوم بها الطفل بصورة آلية متكررة و بالنمط نفسه، والتي تشمل سلوكيات حركية، مثل هز الجسم ورفرفة اليدين.

أو أفعال روتينية قهرية إلى إيذاء الذات، والرغبة في التشابه ومقاومة التغيير واهتمامات محددها والتي تبدو في ظاهرها غير هادفة ولكنها قد تكون تهدف إلى زيادة التحفيز الحسي أو تجنب المثيرات المزعجة أو ناتجة عن ضعف القدرة على التواصل والتفاعل الاجتماعي.

أنواع السلوك النمطي والتكراري لدى أطفال التوحد.

میز (1999) Turner بين نوعين من السلوكيات النمطية التكرارية لدى أطفال التوحد، هما:

النوع الأول السلوكيات النمطية التكرارية ذات المستوى المنخفض Lower-level repetitive behaviors

والتي تظهر بصورة واضحة لدى أطفال اضطراب طيف التوحد ولدى الأطفال ذوي الإعاقات التعليمية أو النمائية الشديدة، وتشمل هذه السلوكيات الحركات التكرارية، وحالات خلل الحركة واللعب المتكرر بالأشياء، وسلوك إيذاء الذات المتكرر، والحركات والصور النمطية التكرارية.

ويلاحظ أن خلل الحركة وسلوك إيذاء الذات، أقل ارتباطا باضطراب طيف التوحد، في حين أن اللعب المتكرر بالأشياء والصور النمطية تظهر بمعدلات أعلى لدى أطفال اضطراب طيف التوحد أكثر من غيرهم من الأطفال، والتي تزداد لدى أطفال التوحد الأقل ذكاء.

النوع الثاني: السلوكيات المتكررة ذات المستوى الأعلى Higher-level repetitive behaviors

والتي تظهر بصورة عالية لدى الأطفال الذين يعانون من الوسواس القهري، والتي تشمل الاهتمامات المحدودة والروتين الجامد والتركيز على التماثل والتطلق الشديد بالأشياء، واللغة التكرارية، والتي تزداد لدى أطفال التوحد.

كما توصلت دراسة (2006) Piven Harper, Palmer & Armdt إلى وجود نوع ثالث من السلوكيات التكرارية وهو المحرك أو العامل الحسي والذي يتضمن الإصرار على التشابه والتماثل، كما أن السلوكيات التكرارية تنقسم إلى ثلاث أنماط لدى أطفال التوحد قبل مرحلة دخول المدرسة وهي: السلوكيات الحسية والمقاومة (مقاومة التغيير). والاهتمامات المحدودة.

مظاهر السلوك النمطي التكراري لدى التوحد

من مظاهر السلوك النمطي التكراري لدى أطفال التوحد ما يلي: 

1 – السلوك النمطي المتعلق بالأشياء وبثباتها: 

يشير هذا النوع من السلوك النمطي إلى الثبات على روتين ونمط معين ومقاومة أي تغيير يطرأ عليه، وقد يحدث ثبات الروتين بطرق متعددة، مثل أن يرفض الطفل التوحدي تغيير مكان قطعة الأثاث في المنزل ولو لبضع سنتمترات، أو تغيير نوع الأكل الذي يتناوله، أو يصر على أن يوجد شيء معين كلعبة أو زجاجة مثلا برفقته طوال اليوم، كذلك قد يكون لديهم اهتمام قهري يجمع هذه الأشياء

2 – السلوك النمطي المتعلق بالأفكار:

ومن أمثلة هذا السلوك الأفكار المتكررة أو التساؤل المستمر الاهتمام بموضوع أو اثنين بحيث يكون هذا الاهتمام مستحوذا على فكر الطفل التوحدي، إضافة إلى الإيكولاليا Echolalia وهي تكرار المقطع الأخير أو الكلمة الأخيرة من كلام المتحدث. 

السلوك النمطي المتعلق بالأنشطة والاهتمامات تشير السلوكيات النمطية المتعلقة بالاهتمامات والأنشطة إلى الاستغراق في عمل واحد محدد لمدة طويلة ومتكررة بصورة غير عادية والتقيد الجامد بالعادات أو الطقوس غير العملية المهمة والانشغال بأجزاء الأشياء وليس بالشيء كله (الشخص (۲۰۰۳) 

3 – السلوك النمطي المتعلق بالحواس:

تظهر هذه السلوكيات على الشخص التوحدي كان يمشي في أرجاء الحجرة يتحسن الحائط، وقد يمضي الساعات متمعن النظر في اتجاه معين أو نحو مصدر صوت أو صوت قريب أو بعيد أو نحو بندول ساعة الحائط أو الساعة الدقاقة.

ويعد السلوك النمطي التكراري من أهم الأعراض التشخيصية الأطفال التوحد ومنها: اهز الجسم، رفرفة اليدين، طلب الأشياء، وأنماط حركية واهتمامات مقيدة، وبعض الحركات الطقوسية والسلوكيات النمطية قد تكون طبيعية عند الأطفال، ولذا يؤخذ في الاعتبار عقد التشخيص شدة هذه السلوكيات ونوعها.

فالسلوك النمطي التكراري هو استجابات متكررة تصدر من أطفال التوحد، بمعدل مرتفع دون أن يكون لها أي هدف مثل هز الجسم، ومص الإبهام، ولف الشعر، وهز القدمين الربيعة.

وهذه السلوكيات والأنشطة والاهتمامات التكرارية النمطية التي يبديها هؤلاء الأطفال غالبا ما تتميز بأنها مقيدة وذات مدى ضيق فهم عادة ما يعانون من حركات متكررة للجسم، أو حركات غير طبيعية سواء بالأصابع، أو اليدين، أو غير ذلك مما قد يؤدي إلى استثارة من حولهم، وأحيانا يصل بهم الأمر إلى الإيذاء الجسدي لأنفسهم.

وتضيف الشامي أن السلوكيات النمطية التكرارية لا تقتصر على الحركات فقط بل تشمل التفكير والطقوس والاهتمامات المستحوذة على تفكير الشخص، ومن أمثلة هذه السلوكيات تحريك كامل للجسم، والتحديق في الأضواء، ورفرفة اليدين خلال الضوء أمام الوجه، وتدوير الأشياء حول نفسها.

ولا تقتصر السلوكيات النمطية التكرارية لدى أطفال التوحد على مرحلة عمرية دون غيرها، فهي تظهر لد كل أفراد التوحد لأنها تمثل جانبًا مهنا في تشخيصهم، فهذه السلوكيات تبدو غريبة من حيث عدم مناسبتها للموقف وعمر الطفل، فقد يقوم الطفل بالتصفيق أو النقر بالأصابع غير ملحوظ لدى طفل صغير، ولكنها تجذب الانتباه بالتدريج لدى طفل توحدي بالغ وهذه السلوكيات تتسبب في القصور في التفاعل الاجتماعي، أو أن يكونوا مقبولين من قبل الآخرين.

ويشير (2009) Deramus إلى أن من أسباب السلوك النمطي التكراري لدى أطفال طيف التوحد صعوبة التفاعل الاجتماعي الذي يؤدي إلى القلق وبالتالي يظهر السلوك النمطي التكراري لدى أطفال التوحد، وأن أكثر من (٧٤%) من أطفال اضطراب طيف التوحد يعانون من أعراض الوسواس القهري.

الآثار السلبية المترتبة على السلوك النمطي التكراري لدى أطفال التوحد

يعد السلوك النمطي التكراري لدى أطفال اضطراب طيف التوحد من الاضطرابات التي تؤثر سلبيا على مظاهر نموهم الطبيعي والتفاعل الاجتماعي، ويشمل السلوك النمطي التكراري لدى هؤلاء الأطفال كلا من هز الجسم إلى الأمام وإلى الخلف أثناء الجلوس، والدوران حول النفس والتتويج بالذراعين والهمهمة وترديد ثلاث أو أربع كلمات أو جمل معينة لفترة طويلة من الوقت، ومن الآثار السلبية للسلوكيات النمطية التكرارية لدى أطفال التوحد ما يلي:

  • السلوكيات النمطية التكرارية تحد من قدرة طفل التوحد على تعلم مهارات جديدة والانخراط في أنشطة الحياة اليومية.
  • السلوك النمطية التكراري لدى طفل التوحد، تتسبب في عدم إكمال المهام المطلوبة، أو الوصول لشيء أو هدف معين.
  • تشكل السلوكيات النمطية التكرارية الكثير من الضغوط والتحديات لدى مقدمي الرعاية والأسرة أيضا، والتي تكون نتيجة عدم تقبل الطفل للتغيير وسلوكيات عدوانية تجاه الذات والآخرين.
  • السلوكيات النمطية التكرارية لدى أطفال التوحد تتسبب في إهدار الكثير من وقت الطفل وبالتالي تقلل من فرص التعلم واكتشاف البيئة المحيطة بالطفل واكتساب الخبرات
السابق
الوسواس القهري Obsessive-compulsive disorder
التالي
تعريف الموهبة وعلاقتها بالتوفق والابداع

اترك تعليقاً