علم النفس

الشخصية المرتابة وصفاتها النفسية

الشخصية المرتابة وصفاتها النفسية

درس المتخصصون في علم النفس العام وعلم نفس الشخصية بشكل خاص الشخصيات المختلفة للأفراد، وقد حاولوا وضع بعض الصفات التي تميز الشخصية المرتابة عن غيرها من الشخصيات الآخرى، وفيما يلي أهم المعلومات النفسية عنها.

الأسماء الأخرى لمفهوم الشخصية المرتابة:

الشخصية الشكاكة أو الشخصية سيئة الظن بالآخرين.

مفهوم الشخصية المرتابة [1]:

من الناس من فيه علة في شخصيته مدارها حول الإفراط والمبالغة في إساءة الظن والشك في الآخرين، واليقظة والحذر منهم، وهؤلاء في درجات متفاوتة من حيث شدة العلة فيهم؛ فقد تكون في بعض أشخاص الشخصية المرتابة علة خفيفة (سوء ظن يسير) وفي آخرين علة شديدة تكفي لتشخيصهم بأن لديهم اضطراباً في الشخصية وهو اضطراب الشك والريبة من منظور التحليل النفسي.

مثال على الشخصية المرتابة:

علي شخص معروف بين زملائه بالمجادلة والمراء والعناد فهو لا يعترف بأخطائه ونادرا ما يحترم الطرف المقابل من الأشخاص، كان ذاهباً ذات مرة مع بعض أصدقائه في رحلة برية وبينما هم في السيارة يستمعون بإنشاد أحد الشعراء الشعبيين في شريط كاسيت إذ قال الشاعر

المجادل لا تطاوله الجدال      يتعبك لو كان ما عنده دليل

لو تحاول تقنعونه بأي حال     مستحيل يستمع لك مستحيل

فقال ناصر: (هذا أنت يا علي) أي : (قول الشاعر ينطبق عليك) فثارت ثائرة علي وغضب غضباً شديداً وأخذ يقذف سباً وشتماً شمل به ناصر وصاحب السيارة والذي اقترح الرحلة والشاعر الذي قال تلك الأبيات وقال للجميع: (أنتم عاملينها علي مؤامرة هالرحلة علشان أسمع هالأبيات لكن واالله …..).

مثال آخر:

سامي شاب مراهق يملك سيارة فارهة يحب أن ينافس بها أقرانه ويشعر بالتفوق عليهم وإذا شاهد أحد زملائه في سيارة أفضل من سيارته أخذ يغتابه ويتهمه بأنه ما قصد من شرائه تلك السيارة إلا أن يهينه ويأخذ منه الأصدقاء.

صفات الشخصية المرتابة:

  • تغليب سوء الظن في معظم الأوقات ومع معظم الأشخاص في أقوالهم وأفعالهم دون أن يكون لذلك ما يدعمه من الواقع وإنما بسبب علة في الشخص نفسه وقد يزيد سوء الظن إذا كان هناك ما يثيره ولو بدرجة يسيرة.
  • المبالغة في الحذر والترقب والتوجس والحيطة من الناس مع عدم الثقة فيهم وتوقع الإهانة منهم أو الغدر أو الخيانة أو الأذى أو نحو ذلك.
  • حساس جداً فلو أخطأت عليه بدون عمد قد يتضارب معك.
  • المبالغة في التأثر بانتقادات الآخرين وتضخيمها وتحميلها مالا تحتمل من المعاني السيئة مع المسارعة في الرد عليها والدفاع عن النفس قولاً أو فعلاً وإن لم يستطع الدفاع كتم الحقد في نفسه ولا يحاول تناسيه وإنما يحتفظ به إلى الظرف المناسب (مهما كان الانتقاد يسيراً أو تافهاً).
  • إسقاط أخطائه وهفواته على غيره.
  • الإكثار من المراء والجدال والخصومة والتحدي والعناد مع الاعتداد بالرأي مما يجعل التفاهم معه أو أقناعة في بعض الأمور أمر صعب ولاسيما إذا كان أمام الآخرين وكما يقال عنه “رأسه ناشف”.
  • المبالغة في تصور العداء والتنافس والتحدي وكأنه يرى العالم غابة يأكل القوي فيها الضعيف.
  • السعي إلى الزعامة والسيادة والسيطرة والقيادة والتمكن من تدبير الأمور مع الأنفة والاستنكاف أن يكون مرؤوساً لأنداده وأقرانه.
  • السعي إلى إثبات ذاته ووجوده أمام الآخرين .
  • عدم الاعتراف بالجهل أو أي نقص فيه.
  • المبالغة في التعرف على ما في نفوس الآخرين وما قد يخفونه عنه من الأمور المهمة وقد يتطفل على خصوصياتهم ويتجسس عليهم أو يحتال عليهم ليعرف ما عندهم وفي المقابل يميل هو إلى السرية والتكتم بدرجة مبالغ فيها ويتوهم أن المعلومات التي يخفيها قد تستخدم ضده يوما ًما.
  • الحرص على جمع الإدانات من أقوال وأفعال التي تنفعه ضد خصومه وقد يحتفظ بها مده طويلة ويبالغ في الاستناد إليها والاستشهاد بها وتكثيرها.
  • الحرص على معرفة الأنظمة والقرارات وكل ما يمكن أن يخدم أهدافه في خصوماته ليدافع عن نفسه أو ليهاجم غيره.
  • المبالغة في الصرامة والشدة مع ضعف مشاعر الحنان والمودة والرحمة وتغليب العقل عن العاطفة في معظم الأمور.
  • نادراً ما يميل إلى المزاح أو يرضى به في حقه وغالبا ما يبحث فيه عن معنى خفي قد يكون الممازح أراد به إهانته، كما أنه هو إذا مازح فإنه يستثمر المزاح في إهانته وانتقاد غيره ومماراتهم ونحو ذلك.
  • القدرة على الإصغاء والتركيز مع البحث عن معنى خفي في نفس المتحدث والمبالغة في تصور التآمر ضده والتحامل عليه.
  • التركيز على أخطاء الآخرين وعيوبهم وهفواتهم ونقصهم واستخدام ذلك في المواجهة معهم مع التغاضي عن حسناتهم.
  • شديد الغيرة جداً ويحب المنافسة كثيراً.

كيف تعامل الشخصية المرتابة:

هناك بعض التصرفات المقترحة والتي ليس بالضرورة أن تكون مجدية في كل الأحوال ومع كل الأشخاص لذوي الشخصية المرتابة:

  • يجب الحذر في التعامل معه فهو يقرأ ما بين السطور ويفسره على أنه تهديد لذا يجب أن يتم وزن كل كلمة في التعامل معه وأن تكون الكلمات مختصرة قدر الإمكان.
  • الصراحة والوضوح معه في الأقوال والأفعال لئلا تثير الريبة في نفسه.
  • عدم المبالغة في الصراحة معه أو الاعتذار منه إذا بدر منك تجاهه تقصير فإنه قد يفسر تصرفك تفسيراً غير الذي قصدت أنت.
  • تجنب مجادلته ومماراته وانتقاده ولاسيما أمام الناس وبين له ما تراه صواباً بأسلوب لطيف دون تعنيف أو ألزام بتغيير قناعاته فليس هيناً عليه أن يفعل ذلك.
  • إن احتجت إلى محاورته فستعد لذلك بالأدلة المقنعة والحجج القوية والحوار الهادئ مع الحذر من إسقاطاته.
  • لا تدعه يسقط عليك أخطائه وتقصيرة وهفواته ولا تواجه بعنف فينفجر إلا إذا كان لك عليه سلطان وتستطيع أنت أن تسيطر على الموقف ولديك ما يكفي من البراهين والشهود.
  • أعطه ما يستحقه من الاحترام والتقدير إن كان أهلاً ولا تحتقره إن لم يكن أهلاً للاحترام.
  • إذا رأيت أن المواجهة الكلامية لن تجدي معه فستعمل أسلوب المكاتبة

وعلى كل فإن التعامل مع الشخصية المرتابة يفضل أن يكون على قدر الحاجة أو الزمالة أو غير ذلك بشكل محدود حتى لا نضطر إلى الدخول في جدالات لا طائل من ورائها أو الوقوع في مشاكل.

المراجع

  1. متاح على الرابط https://elibrary.mediu.edu.my/books/SDL0696.pdf بتصرف
السابق
تحميل كتاب التدريس الكفء في عصر المساءلة
التالي
الحب في علم النفس وأنواعه

اترك تعليقاً