الصحة والإرشاد النفسي

الصدمة النفسية Trauma  مفهومها ومسبباتها

الصدمة النفسية Trauma مفهومها ومسبباتها

إن الصدمة النفسية Trauma والحدث الصدمي Traumatic events مفاهيم أساسية ب “علم الصدمات” وعلم ” الصدمات النفسية”، حيث يشير علم الصدمات Traumatology إلى الدراسة العلمية والتطبيقية للآثار النفسية والاجتماعية المباشرة وطويلة الأمد للأحداث الضاغطة، والعوامل التي تؤثر في هذه الآثار.

كما يشير علم الصدمات النفسية Psycho Traumatology إلى دراسة الصدمة النفسية، فهو يهتم بالجانب النفسي، والعوامل النفسية المحيطة بالأحداث الصادمة، كما يهتم بالعوامل التي تسبق الصدمة والتي تصاحبها والتي تنتج عنها.

مهفوم الصدمة Trauma :

تعرف الصدمة النفسية حسب الدليل التشخيصي الإحصائي الرابع المعدل للاضطرابات النفسية لجمعية الطب النفسي الأمريكية ( DSM-IV ) بأنها: “حدث صدمي ضاغط على نحو مفرط من الشدة، يتضمن خبرة شخصية مباشرة لهذا الحدث الذي ينطوي على موت فعلي أو تهديد بالموت أو إصابة شديدة، أو غير ذلك من التهديد للسلامة الجسمية، أو مشاهدة حدث يتضمن موتا أو إصابة أو تهديد لسلامة الجسم أو لشخص أخر، أو الإصابة مما قد يقع لعضو من أعضاء الأسرة أو لبعض المقربين [1].

.وتعرف الصدمة حسب قاموس الطب النفسي الأمريكي بأنها خبرة الشخص بحد يتضمن خطرة على حياته، أو سلامته البدنية أو تهديدا بذلك سواء لنفسه أو للأخرين من حوله، وتتضمن مشاعر الخوف والرعب والعجز [2].

وعرف في معجم أكسفورد Oxford English Dictionary بأنها هزة عاطفية ناتجة عن حادثة مؤلمة، تؤدي أحيانا إلى العصاب [3].

وتنتج الصدمات النفسية عن أسباب متعددة فقد تكون ناتجة عن أسباب متعلقة بالطبيعة كالبراكين والزلازل والفيضانات، أو تكون من صنع الإنسان كالحروب والعنف والعمليات الجراحية والحروق والتشوهات والإعاقات، وتكون مباشرة عايشها الإنسان بنفسه أو غير مباشرة كالتي سمع بها على سبيل المثال.

مراحل الاستجابة للصدمة النفسية:

إن الفرد المصدوم يمر بعدد من المراحل التي قد تكون سريعة ومتداخلة، وهذه المراحل هي [4]:

  • المفاجأة بالحدث الصادم، ولا توجد فرصة لتجنبه.
  • التوتر الشديد والشعور بالعجز وفقدان الثقة بالنفس.
  • الاستسلام للعجز وعدم إيجاد أسلوب للتعامل مع الموقف، والتفكير بطلب المساعدة من الأخرين.
  • استنهاك القوى، والشك بقدرة الأخرين على المساعدة، وبالتالي انخفاض التوتر تدريجية والاستسلام الكلي.

ردود الفعل على الصدمة النفسية:

تصنف ردود الفعل على الصدمة النفسية في ثلاث فئات أساسية وهي [5]:

  1. ردود الفعل الاقتحامية:  (Intrusive Reactions) والتي تكون عبارة عن أفكار وصور تقتحم وعي الفرد دون قصد وتعيده لحالة الانزعاج والقلق.
  2. ردود الفعل التجنبية: (Avoidance Reactions)  والتي تكون بالابتعاد عن كل ما يذكر بالحدث الصادم، مثل رفض الحديث عن الحدث، وعدم الذهاب إلى مكانه، وقد يبدو التجنب على شكل حالات إغماء، و فقدان ذاكرة جزئي وربما كلي.
  3. ردود الفعل الجسدية: (Somatic Reactions) والتي تكون نتيجة شدة الانفعالات مثل: ألام المعدة، تسرع ضربات القلب، الصداع، فرط التعرق، التهيج واضطرابات النوم.

العوامل التي تزيد النتائج السلبية للحدث الصادم:

يوجد كثير من العوامل التي تؤثر في استجابة الفرد للحدث الصادم، فمنها ما يعود للفرد نفسه، ومنها ما يعود لطبيعة الحدث الصادم، ومنها للبيئة المحيطة بالفرد، والصدمة بشكل عام وهي [6]:

  • نسبة الخسارة أو الأذي (سواء المادي أو المعنوي والجسدي) فكلما ارتفعت نسبة تحطم الفرد المصاب أثر ذلك بشكل سلبي على مصادر التوازن والاستقرار النفسي الداخلي، وعلى قيم الفرد.
  • تعدد مجالات الحياة التي أثر بها الحدث الصادم ( الأسرة، العمل، الحياة الاجتماعية، الحياة الصحية).
  • درجة العجز التي تصيب الفرد بعد الحدث وأثناءه.
  • الدعم الاجتماعي المحيط بالفرد أثناء الحدث وبعده.

وتعد الصدمات النفسية خطرة كبيرة على صحة الفرد وتوازنه، وينشأ عنها أثار سلبية: كعدم القدرة على التكيف، وضعف مستوى الأداء، والعجز عن ممارسة مهام الحياة اليومية، وانخفاض مستوى الدافعية، والشعور بالإنهاك، وعدم القدرة على التوافق مع الناس المحيطين بالشخص.

حيث توجد فروق بين الأشخاص في مدى تقبلهم للصدمات، إذ ليس كل الخبرات الصدمية تؤدي إلى حدوث الصدمة الحقيقية، حيث إن الأفراد يتعاملون مع الحوادث التي يتعرضون لها بطرائق مختلفة، فمنهم من يقبل الحدث بدرجة معقولة من الحزن، ومنهم من يتعامل مع الحدث نفسه باللجوء إلى الانتحار، ويكون الفرد أمام حالة اضطراب ضغوط ما بعد الصدمة في إحدى الحالتين وهما:

  • استمرار الاستجابات الطبيعية للصدمة لمدة تزيد عن الشهر.
  • عندما لا تظهر ردود الفعل الصدمية بعد الحدث مباشرة، ولكن بعد فترة زمنية وهذا ما يعرف بظاهرة الأعراض المؤجلة لاضطراب ضغوط ما بعد الصدمة.

وتملك الأحداث الصادمة إمكانية التأثير على المشاعر والتفكير والعلاقات الاجتماعية والتصرفات والسلوكيات والمواقف والأحلام والنظرة للمستقبل، وتخلق لدى الفرد مشاعر القلق، والغضب، والشعور بالذنب، وفقدان احترام الذات، وفقدان الثقة، كما يؤدي إلى صعوبة التركيز والتذكر وصعوبة التخطيط للمستقبل

ويكون تطور اضطراب ما بعد الصدمة ليس نتيجة رد فعل للحدث الصدمي، وإنما قد يكون نتيجة العاهات النفسية والاجتماعية الموجودة مسبقا، لدى الفرد خلال فترات ضعفه بالحياة، وبالتالي نكون أمام اضطراب نفسي فيه من الشدة والصعوبة ما يجعله يترك أثرا على الاستقرار النفسي والصحة النفسية للفرد وهذا ما يستدعي الاهتمام به [7].

المراجع

  1. Van der Kolk, B. A. (2003). Psychological trauma. American Psychiatric Pub.‏
  2. Harvey, M. R. (1996). An ecological view of psychological trauma and trauma recovery. Journal of traumatic stress, 9(1), 3-23.‏
  3. Giller, E. (1999). What is psychological trauma. Sidran Institute, 15, 2021.‏
  4. Jones, E., & Wessely, S. (2006). Psychological trauma: A historical perspective. Psychiatry5(7), 217-220.‏
  5. Smelser, N. J. (2004). Psychological trauma and cultural trauma. Cultural trauma and collective identity, 4, 31-59.‏
  6. Reyes, G., Elhai, J. D., & Ford, J. D. (Eds.). (2008). The encyclopedia of psychological trauma (pp. 103-107). Hoboken, NJ: Wiley.‏
  7. Weber, D. A., & Reynolds, C. R. (2004). Clinical perspectives on neurobiological effects of psychological trauma. Neuropsychology review, 14(2), 115-129.‏
السابق
تنظيم الأسرة ومبرراته الاجتماعية والعلمية
التالي
علامات و أعراض التوحد الأساسية

اترك تعليقاً