القياس والتقويم ودورهما في العملية التربوية من طبيعة الإنسان ومن خلال جهوده المتنوعة في الحياة ، يحاول دائما أن يعرف ماذا أنجز منها ، وماذا بقي عليه لينجز ، والفرد حينما يفعل ذلك إنما يهدف إلى معرفة قيمة الأعمال التي قام بها مقارنة بما بذل منها من جهد ومال ووقت .
وليست معرفة القيمة هنا هدفنا في حد ذاتها ، بقدر ما هي مقصودة لمعرفة أيستمر الفرد في تلك الجهود التي يبذلها لتحقيق ذلك العمل ، وبنفس الأسلوب الذي كان يتبعه ، أم يتطلب الأمر تغيرا في الأسلوب ، أو الطريقة للوصول إلى نتائج أفضل .
وهذا النوع من التقويم يعرف بالتقويم الذاتي ، أو المتمركز حول الذات ، وهو يعني أن الفرد يحكم على الأشياء ، والمنجزات ، والأشخاص بقدر ما ترتبط بذاته ، والتقويم بهذا المفهوم عبارة عن وزن للأمور ، أو تقدير لها ، أو حكم على قيمتها .
من هنا نرى أن التقويم يمثل جزءاً لا يتجزأ من عملية التعلم ومقوماً أساسياً من مقوماتها ، وأنه يواكبها في جميع خطواتها ، ويعرف التقويم بأنه عملية إصدار حكم على قيمة الأشياء أو الموضوعات أو المواقف أو الأشخاص ، اعتماداً على معايير أو محكات معينة .
وفي مجال التربية
يعرف التقويم بأنه العملية التي ترمي إلى معرفة مدى النجاح أو الفشل في تحقيق الأهداف العامة التي يتضمنها المنهج وكذلك نقاط القوة والضعف به ، حتى يمكن تحقيق الأهداف المنشودة بأحسن صورة ممكنة .
إن تقويم المتعلمين هو العملية التي تستخدم معلومات من مصادر متعددة للوصول إلى حكم يتعلق بالتحصيل الدراسي لهم ، ويمكن الحصول على هذه المعلومات باستخدام وسائل القياس وغيرها من الأساليب التي تعطينا بيانات غير كمية مثل السجلات القصصية وملاحظات المعلم لتلاميذه في الفصل
ويمكن أن يبنى التقويم على بيانات كمية أو بيانات كيفية ، إلا أن استخدام وسائل القياس الكمية يعطينا أساساً سليماً نبني عليه أحكام التقويم ، بمعنى أننا نستخدم وسائل القياس المختلفة للحصول على بيانات ، وهذه البيانات في حد ذاتها لا قيمة لها إذا لم نوظفها بشكل سليم يسمح بإصدار حكم صادق على التحصيل الدراسي .
و قد أجمع المعلمون والمهتمون في قضايا التربية والتعليم على أن القياس و التقويم حجر الأساس في عملية التطوير والتحديث
والتجديد لما يشكله من أهمية بالنسبة للمعلم والطالب معاً ، وتشكل المرحلة الأخيرة من عملية التعلم والتعليم نقطة البداية لتعلم جديد أو لا حق ، وتهدف هذه العملية إلى معرفة مواطن الضعف والقوة في عمليتي التعلم والتعليم بهدف إدخال تحسينات عليها ، من حيث أساليب التدريس ، أو الوضع التعليمي ، أو المادة الدراسية وغير ذلك.
كما يعتبر القياس ركناً أساسياً، وعنصراً هاماً من عناصر العملية التربوية بشكل عام، والعملية التدريسية بشكل خاص، ولا يستطيع المعلم في مدرسته والمدرس في جامعته أو كليته القيام بدوره الأساسي كمقوم بدون توفر الحد الأدنى من المعلومات والمهارات الأساسية في مجال القياس و التقويم بشكل عام
والاختبارات التحصيلية بشكل خاص، ولذلك يبدو الاهتمام واضحاً من قبل متخذي القرارات بتأهيل المعلمين في هذا المجال قبل الخدمة وأثنائها، وبتأهيل المدرسين في الجامعات، من خلال برامج موجهة لهذا الغرض.
و في التربية قوم المدرس أمور الطلاب أي أعطاها قيمة ووزنا ، بغرض التعرف إلى أي حد استطاع الطلاب الإفادة من عملية التعليم المدرسية ، وإلى أي مدى أدت هذه الإفادة إلى إحداث تغيير في سلوكهم ، وفيما اكتسبوه من مهارات تساعدهم على مواجهة الحياة الاجتماعية وما فيها من مشكلات .
أهمية التقويم التربوي
تتضح أهمية التقويم التربوي من خلال المكانة التي تحتلها في العملية التربوية ، ففي إطار النظرة النظامية لهذه العملية والتي ينظر إليها على أنها تشكل نظاما متكاملا ،
وعليه فان التَّقويم منَ الوجهة التَّربويَّة والنَّفْسيَّة هو:
إصدار حُكْم مُعَيَّن على مدى تحقيق الأهداف المنشودة على النَّحو الذي تتحدَّد به تلك الأهداف، ويتضمَّن ذلك دراسة الآثار التي تحدثها بعض العوامل والظروف في تيسير الوصول إلى تلك الأهداف أو تعطيلها.
ويرتبط بالتَّقويم التَّربوي والنَّفسي مفهومٌ آخر على درجة كبيرةٍ منَ الأهميَّة، وهو مفهوم القياس؛ ولهذا المصطلح معانٍ عدَّة في التراث النفسي والتَّربوي يذكر منها:
- مقارنة شيء معين بوحدة أو مقدار معياري منه؛ بهدف معرفة عدد الوحدات المعياريَّة التي توجه فيه، فمثلاً حينما نقيس طول الحجرة نهدف إلى معرفة عدد أمتار أو عدد السنتيمترات – وحدات القياس – التي توجد وتتكَرَّر في هذا الطول؛ ويسمى هذا النوع من المقاييس “مقاييس النسبة”، “Ratio Scales”، ويتميَّز هذا النوع بأنَّ له وحدات متساوية، وله صفر مطلق.
- العمليَّة التي يمكن بها أن نصف شيئًا وصفًا كميًّا في ضوء قواعد تقليدية مُتَّفق عليها، ولا يشترط في هذا النَّوع من المقاييس توافر خاصيتي الصفر المطلق وتساوي الوحدات، ولذلك تسمي مقاييس المسافة “Interval Scales”. حيث يتحَدَّد القياس بعدد المسافات التي تقدر بالطرق الإحصائيَّة؛ وأشهر هذه المسافات الانحراف المعياري.
- تحديد مرتبة الشَّيء أو مكانته في مقياس يقدم وصفًا كيفيًّا له مثل: قليل أو كثير، كبير، أو صغير….إلخ، وبهذا المعنى الواسع للقياس يتحَدَّد الوجود أو العدد للصفة دون اللجوء إلى الوصف الكمي، كما يمكن استخدام أنواع التَّرتيب المختلفة مثل: الأول، والثاني، والأخير؛ وتسمى مقاييس الرتبة ”Ordinal Scales”.
أهمية القياس والتقويم :
هناك عدة نقاط تبرز من خلالها أهمية التقويم ، وخطورة الأدوار التي يلعبها في المجال التربوي ويمكن إجمالها في الآتي :
- ترجع أهمية التقويم إلى أنه قد أصبح جزءا أساسيا من كل منهج ، أو برنامج تربوي من أجل معرفة قيمة ، أو جدوى هذا المنهج . أو ذلك البرنامج للمساعدة في اتخاذ قرار بشأنه سواء كان ذلك القرار يقضي بإلغائه أو الاستمرار فيه وتطويره .
- بما أن جهود العلماء والخبراء لا تتوقف في ميدان التطوير التربوي فإن التقويم التربوي يمثل حلقة هامة وأساسية يعتمدون عليها في هذا التطوير .
- لأن التشخيص ركن أساسي من أركان التقويم فإنه يمكننا القول بأن هذا الركن ” الشخصية ” يساعد القائمين على أمر التعليم على رؤية الميدان الذي يعملون فيه بوضوح وموضعية سواء كان هذا الميدان هو الصف الدراسي ، أو الكتاب ، أو المنهج ، أو الخطة ، أو حتى العلاقات القائمة بين المؤسسات التربوية وغيرها من المؤسسات الأخرى .
- نتيجة للرؤية السابقة فإن كل مسؤول تربوي في موقعه يستطيع أن يحدد نوع العلاج المطلوب لأنوع القصور التي يكتشفها في مجال عمله مما يعمل على تحسينها وتطويرها .
- عرض نتائج التقويم على الشخص المقوم ، وليكن التلميذ مثلا يمثل له حافزا يجعله يدرك موقعه من تقدمه هو ذاته ومن تقدمه بالنسبة لزملائه ، وقد يدفعه هذا نحو تحسين أدائه ويعزز أداءه الجيد .
- يؤدي التقويم للمجتمع خدمات جليلة ، حيث يتم بوساطته تغيير المسار ، وتصحيح العيوب ، وبها تتجنب الأمة عثرات الطريق ، ويقلل من نفقاتها ويوفر عليها الوقت ، والجهد المهدورين [1].
المراجع
- ↑ Quaigrain, K., & Arhin, A. K. (2017). Using reliability and item analysis to evaluate a teacher-developed test in educational measurement and evaluation. Cogent Education, 4(1), 1301013.
التنبيهات : تعريف التخطيط الاستراتيجي وأهميته | معلومة تربوية