عند العمل في بناء القدرات المؤسسية التنظيمية لأي مؤسسة لابد وأن يكون هناك التزاماً بمجموعة من المبادئ التي تساعد في بناء القدرات وتتمثل في المبادئ التالية:
- مراعاة أولوية الاحتياجات.
- مشاركة الأطراف المعنية داخل المنظمة.
- تحديد مسئول عن بناء القدرات من داخل المنظمة مع لجنة متابعة تمثل جميع الأطراف.
- استخدام مداخل وأساليب بناء قدرات متنوعة.
- إعطاء أولوية للتدخلات التي تلبي أكثر من احتياج.
وعلى المنظم الاجتماعي أن يعي ذلك ويدركه جيداً عند الممارسات المهنية لتزداد فرص نجاح المؤسسة وتزداد قدرتها على تلبية احتياجات أعضائها والمستفيدون من خدماتها، وكلما التزم القائمون على المؤسسة بتلك المبادئ في الممارسة بجانب المنظم الاجتماعي تزداد قيمة وأهمية بناء القدرات خاصة في الجوانب التالية [1]:
- تبادل الخبرات داخلياً وخارجياً.
- الاستشارات والدعم الفني من قبل جهات متخصصة (منظمات أو أفراد).
- التعلم بالإرشاد والمعايشة.
- استعراض دراسات الحالة والدروس المستفادة وأفضل الممارسات.
- تنمية الموارد البشرية.
- وضع النظم والسياسات الداخلية.
وبناءاً على ذلك نجد أن بناء القدرات بالمنظمات التي تمارس فيها تنظيم المجتمع تعد من الأمور الهامة الواجب الاهتمام بها، ودعمها لكي تتمكن من القيام بأدوارها في خدمة المجتمع المحلي وتنميته، حيث أن عملية بناء القدرات ترتبط ارتباطاً مباشراً بعملية التطوير التنظيمي لتلك المنظمات الاجتماعية، الأمر الذي يتم العرض له تفصيلاً فيما يلي [2]:
مفهوم التطوير التنظيمي:
يرجع ظهور مفهوم التطوير التنظيمي إلى المشكلات والنزاعات التي واجهت المنظمات وأدت إلى قصور في بعض أدوارها وأصبح التطوير التنظيمي هو وسيلة لمواجهة مثل هذه المشكلات، وكانت أغلب كتابات التطوير التنظيمي على مستوى المنظمات الصناعية نظراً للقصور الذي لحق بإنتاجيتها، ثم تم الاستفادة منه في معرفة مشكلات المنظمات الأخرى، وخاصة الاجتماعية.
ويقصد بالتطوير التنظيمي: التغيير المخطط لتحقيق أهداف المنظمة ورفع كفاءتها وفاعليتها بصورة عامة، أي أنها محاولة طويلة المدى لإدخال التغير والتطوير بطريقة مخططة ومقصودة، ومن خلال تشخيص المشكلات بطريقة يشارك فيها كل أعضاء المنظمة المراد تطويرها بصورة جماعية.
فالتطوير التنظيمي يعكس إلى حد كبير مقدار الجهود البشرية التي تبذل داخل المنشأة بغية الارتقاء بمستواها بما يحقق لها القدرة على حل مشكلاتها المختلفة من خلال استراتيجية مستقبلية مناسبة بما يكفل لها تحقيق برامجها الإنمائية المستهدفة والإدارة في ممارساتها لمسئولياتها يجب أن تضع نصب أعينها ثلاثة أهداف متكاملة هي:
أهداف التطوير التنظيمي في بناء القدرات المؤسسية:
- أهداف تنظيمية بما يحقق أهداف المنظمة بأكبر كفاءة ممكنة وتحقيق أكبر عائد ممكن يسمح للمنظمة بالاستمرار والتطور.
- وأهداف ترتبط بالعاملين من حيث المساعدة على إشباع حاجاتهم ورغباتهم، إضافة لحرص المنظمة على تحقيق أهدافها بالكفاءة والفاعلية التنظيمية ويجب أيضاً أن تكون حريصة على العاملين.
- أهداف نحو المسئولية الاجتماعية للمنظمة تجاه المجتمع.
والتطوير التنظيمي هو خطة طويلة المدى لتحسين أداء المنظمة في طريقة حلها للمشاكل وتجديدها وتغييرها لممارستها الإدارية تعتمد هذه الخطة على مجهود تعاوني بين الإداريين والبيئة المحيطة.
مراحل التطوير التنظيمي:
- الدراسة التشخيصية.
- وضع خطة التطوير.
- التهيئة لقبول التطوير ورعايته.
- المتابعة التصحيحية.
ونورد فما يلي لمحات أساسية عن طبيعة كل مرحلة والأخذ بأسبابها ومقوماتها وصولاً إلى النتائج المأمولة منها.
[1] الدراسة التشخيصية:
تنطلق عملية التطوير التنظيمي من ثلاثة محاور هي الإنسان، نظم العمل، المعدات وتسهيلات العمل، ومن ثم فإن الدراسة التشخيصية التي تهدف إلى التطوير التنظيمي أو المؤسسي لابد أن تتعرف على هذه المحاور الثلاثة لاكتشاف فرص التطوير، ومواجهة التغييرات وإحداث التغيير المطلوب
أول هذه المحاور هو الإنسان واكتشاف فرص التطوير في هذا المحور ترتبط بالمحاور الأخرى، إلا أن هذا لا ينبغي تشخيص كل محور على حده، بل تشخيص المحاور الثلاثة مجتمعة ومرتبطة.
عملية تشخيص المحور الخاص بالعنصر البشري يبدأ بطرح الأسئلة التالية [3]:
- ما هي الأدوار والمسؤوليات التي يمارسها عضو المنظمة؟
- ما هو ارتباط هذه الأدوار والمسؤوليات بالغير؟
- وما هي طبيعة اشتراك الغير في دور ومسئوليات الفرد؟
- ما هو الموقع التنظيمي بالنسبة للفرد؟
- ما هو موقع الوحدة التنظيمي بالنسبة للتنظيم العام للمنظمة؟
- وما هي المعدات والتسهيلات التي يتطلبها القيام بالعمل ونوع هذه التسهيلات ونظم إجراءاتها؟
- ما هي المشاكل والمعوقات التي تعترض العمل؟
[2] وضع خطة التطوير:
تمر عملية وضع خطة التطوير بمرحلتين:
أ – اكتشاف فرصة التطوير ووضع خطة التطوير في ضوء الأهداف والإمكانيات المتاحة، ويكون ذلك أيضاً بطرح مجموعة من الأسئلة والإجابة عليها، هذه الأسئلة تدور حول ما يلي:
- ما هي الأهداف المعلنة للمنظمة؟
- ما هي فرصة التطوير المتاحة العاجل منها والآجل، الممكن منها وغير الممكن؟ التكلفة المادية، الزمن المتاح، المكان المتاح، التسهيلات المادية المتاحة وغير المتاحة، النظم والتنظيمات التي تحتاج إلى تعديل ونطاق الزمن المسموح به.
ب- تحديد مكونات الخطة، أفراد، معدات وتسهيلات، نظم وتنظيمات، تكلفة، فترة زمنية، أساليب المراجعة، وفقاً لتوقيت الخطة ككل هذا على أساس مبادئ خمسة لا ينبغي تجاوزها هي:
- أن تكون الخطة محددة ومكتوبة ومعلنة وقابلة للمراجعة.
- أن تكون الخطة قابلة للتحقيق في حدود التكاليف والإمكانيات المتاحة.
- وأن تكون الخطة متماسكة ومترابطة ومتجانسة وتؤدي إلى تحقيق الهدف منها.
- أن تكون الخطة قابلة للقياس.
- أن تكون الخطة ذات مساحة زمنية محددة.
[3] التهيئة لقبول التطوير ورعايته في بناء القدرات المؤسسية:
توضع الخطط لتقبل التنفيذ، هذه فرضية صحيحة، وتواجه الخطط عند التنفيذ مقاومة معلنة أو مكتوبة، هذه فرضية صحيحة، فالإنسان يقاوم التغيير بطبعه وإن كان يتوقعه لذا لابد عند وضع الخطط أن نضع في الاعتبار التهيئة لهذه الخطة لضمان التنفيذ السليم، ولعل خطط التطوير التنظيمي أولى بذلك من غيرها لأن الإنسان هو أحد الأركان الأساسية في عمليات التطوير التنظيمي.
إن التغيير عملية لا يمكن تلافيها ومع ذلك فإن معظم الناس يجدوا أن التغيير عملية مزعجة، فبعض الناس يخشى من التغيير لأنه قد يضر بمصالحها أو أنه لا يعني بالضرورة أنه سيؤدي إلى الشيء الأفضل هذا من وجهة نظر بعض الناس
أما من حيث السلوك العام للمنظمة فإن الطابع العام للمنظمة هو الميل إلى الروتين والتعقيد الجامد لأن التغيير عادة يأتي معه المزيد من الجهد والحاجة إلى ممارسة العملية الابتكارية والتجديد، وهذا يعني أيضاً المزيد من الجهد ومع ذلك فإن مقاومة التغيير الذي تأتي به خطط التطوير التنظيمي ليس سيئاً
بل قد يكون عند الوعي به ومعالجته شيئاً جيداً، فالإنصات إلى شكاوى وهموم المقاومة يؤدي إلى تصحيح الفهم وبالتالي يؤدي إلى الفهم الصحيح والنتيجة الصحيحة، كما أن إبراز المشاكل بمعرفة عناصر المقاومة يؤدي إلى معالجتها قبل وقوعها واستفحالها وهذا يؤدي بالتالي إلى تحقيق أهداف خطط التطوير التنظيمي.
وفي ضوء ما تقدم فإن عملية التهيئة لتنفيذ خطط التطوير التنظيمي تقوم على القواعد الأساسية التالية [4]:
- التنوير بحكمة التغيير: لا شك أن العنصر الفعال في عملية التطوير التنظيمي هو مصلحة العمل، وهو نقطة الالتقاء بين العامل والمنظمة، فالعامل يريد للمنظمة البقاء والنمو، والمنظمة تريد من العامل الولاء والالتزام بمصلحة العمل، ولابد أن يكون ذلك واضحاً في عملية التطوير التنظيمي ومتطلباته، وأهدافه التي هي أساس التهيئة لقبول خطة التطوير ورعاية التنفيذ.
- المشاركة: إن مبدأ المشاركة لأصحاب العلاقة وأطراف العمل في عملية وضع الخطط هو الضمان الأكبر لتهيئة الجميع نحو رعاية التنفيذ، والمشاركة هنا تعني الاشتراك والمساهمة في اكتشاف فرص التطوير التنظيمي وتحديد الأولويات ووضع خطط التنفيذ.
- الاتصال الفعال: يأخذ مفهوم الاتصال أبعاداً قد تبدو متنوعة وهي في الحقيقة متشابكة ومتكاملة قد يرمز لها بتدفق المعلومات ونظم التقارير وشبكة الاتصالات كل هذه النظم والتسهيلات تؤكد بشدة على عملية الاتصال وأهميتها، وتتطلب عملية تنفيذ ورعاية خطط التطوير التنظيمي الأخذ بكافة هذه النظم وتأكيد توفير الحصول على المعلومة وديناميكية عملية الاتصال بحيث تتم بصفة روتينية وغير روتينية.
- التدريب: يساعد التدريب على قبول التطوير ورعاية تنفيذ أو متابعة التطوير وهو عبارة عن إدخال تغييرات في مفهوم أو مواقف أو معلومات أو مهارات أو سلوك الموارد البشرية أو تغييرات في النظم والتنظيمات، أو إدخال تغييرات في معدات وتسهيلات العمل وكل محور من هذه المحاور يعبر عن احتياج تدريجي يمهد إلى قبول التغيير ويدرب على التنفيذ.
وهنا تجدر الإشارة إلى أهمية الدور المهني للمنظم الاجتماعي داخل التنظيمات الاجتماعية وما يملكه من معارف ومهارات تجعل منه عضواً فاعلاً ومسانداً لكافة عمليات التطوير التنظيمي في مواجهة التغير الاجتماعي ومن خلال تشخيصه للأوضاع المجتمعية المحيطة بالمنظمة التي يعمل من خلالها
وزيادة إحساسه بالمشكلات المجتمعية نظراً لقربه منها واحتكاكه بمن يشعرون بها من أفراد المجتمع سواء العاملين بالمنظمة أو المترددين عليها من أصحاب الحاجات، وفي سياق ذلك الحديث وجب التأكيد على بعض النقاط الهامة والخاصة بالمنظم الاجتماعي ودوره بالمنظمات المختلفة وهي:
أ – أن المنظم الاجتماعي عند بناء القدرات في حاجة ماسة إلى دراسة وتفهم التغير الذي يحدث في المجتمع وعوامله حتى يتمكن من التدخل فيه والمساهمة في توجيهه.
ب- يجب أن يركز المنظم الاجتماعي على الجانب التخطيطي لإحداث التغيير وأن يكون ذلك التخطيط شاملاً ومتوازناً حتى لا يحدث فجوة أو هوة ثقافية نتيجة لعدم التوازن بين جانبي الثقافة المادي وغير المادي.
ج- أن التغير يمكن أن يعالج مشكلات كثيرة وفي نفس الوقت يخلق بعض المشكلات التي تحتاج إلى وضع خطط علاجية.
د- أن الناس لديهم رغبة في إحداث التغيير ولابد على المنظم الاجتماعي أن يستثيرها ويستثمرها لإحداث التغيير.
هـ- ينبغي أن يدرك المنظم الاجتماعي أن بعض فئات المجتمع قد تقاوم إحداث التغيير وعليه أن يتفهم أسباب ذلك ويعمل على التخفيف منها إذا لم يتمكن من القضاء عليها.
المراجع
- ↑ Margulies, N., & Raia, A. P. (1972). Organizational Development: Values, Process, and Technology.
- ↑ Basadur, M., Basadur, T., & Licina, G. (2012). Organizational development. In Handbook of organizational creativity (pp. 667-703). Academic Press.
- ↑ Grieves, J. (2000). Introduction: the origins of organizational development. Journal of management Development, 19(5), 345-447.
- ↑ Adler, N. J. (1983). Organizational development in a multicultural environment. The Journal of Applied Behavioral Science, 19(3), 349-365.