هناك مجموعة من المداخل العلمية لدراسة المنظمات الاجتماعية والتي تساعد في التطوير التنظيمي للمؤسسات، وتتمثل تلك المداخل فيما يلي.
أ- مستوى تحليل الفرد:
وهو من المداخل العلمية لدراسة المنظمات الاجتماعية وذلك من خلال تحليل اتجاهات الأفراد المكونين للمنظمة وسلوكياتهم داخل تلك المنظمة، ويمثل هذا الاتجاه أصحاب المدرسة الإنسانية والسلوكية المهتمة بعمليات صنع القرار في التنظيمات ومن أصحاب هذا التوجه (هربرت سيمون Semon).
ب- مستوى تحليل العلاقات الاجتماعية:
وذلك بدراسة العلاقات الاجتماعية بين الجماعات المختلفة داخل المنظمة، حيث يكون الاهتمام منصب على دراسة وتحليل شبكة العلاقات والجماعات التي تتكون بطريقة غير رسمية بالمنظمة الرسمية، وكلما كانت هذه العلاقات الغير رسمية في الاتجاه الإيجابي كانت المنظمة أقرب إلى تحقيق أهدافها.
ج- مستوى تحليل المنظمة ككل:
يأخذ بهذا المستوى التحليلي علماء المدرسة البنائية الوظيفية في دراستهم للمنظمة بوصفها نسقاً اجتماعياً يتضمن علاقات متبادلة حيث أجزائها المتساندة تسانداً وظيفياً.
المتابعة التحصيحية و المداخل العلمية لدراسة المنظمات الاجتماعية:
لا تكتمل بنود خطة عمل التطوير التنظيمي إلا بنظام المتابعة الجيدة، ويفضل أن يشترك في المتابعة عنصر من داخل المنظمة وعنصر استشاري من خارج المنظمة، وهناك طرق في المتابعة تعتمد على المقابلة وتقارير المتابعة وأسلوب حصر نتائج كمية ونوعية، واكتشاف الأخطاء
وكلما كانت الأهداف محددة بدقة كلما كانت عملية المتابعة ممكنة وخاضعة للقياس، وفي جميع الأحوال يفضل أن تشتمل خطة التطوير على أسس المتابعة مثال ذلك ما يلي:
- متابعة أداء الموارد البشرية وذلك من خلال معدلات الأداء ومعدلات الغياب ومعدلات دوران العمل ومؤشرات الشكاوى .. وغير ذلك.
- متابعة أداء التسهيلات والإمكانات المتاحة وذلك من خلال قياس حجم الأنشطة والخدمات وما طرأ عليها من تغييرات.
- معدل أداء النظم والتنظيمات وذلك من خلال كفاءة وفعالية وتكلفة الاتصال، تدفق المعلومات، حل المشكلات، اتخاذ القرارات .. الخ.
ومن هنا فإن التطوير التنظيمي ضرورة من ضرورات بناء قدرات المنظمات ونحوها، وتمر عملية التطوير التنظيمي لأي منظمة أو مؤسسة في مراحل أساسية أربعة هي: الدراسة التشخيصية، ثم وضع خطة التطوير، ثم التهيئة لقبول التطوير، ورعايته تنفيذاً ومتابعة ومرحلة قياس النتائج وإجراء المتابعة التصحيحية
ولكل مرحلة أساليبها وهي جميعاً تترابط فيما بينها وتتكامل بحيث تؤدي في النهاية إلى تحقيق الأهداف المحددة لعملية التطوير وهي البقاء والنمو، ومواجهة التغييرات الطارئة، وإدخال التغييرات المأمولة، من أجل صحة التطوير التنظيمي على المدى القريب والمدى البعيد.
كما يلاحظ أن العصر الحالي يتسم بسرعة التغيير مما يجعل من مؤسسة ما جيدة بمعطيات الوقت الحاضر قد لا تكون كذلك في المستقبل، وذلك لما طرأ على المجتمع من تغيير مستمر
وبالتالي فإن المحافظة على جودة مؤسسة ما على متصل الزمن يوجب ضرورة وضع آليات للتقنين والقياس لخدمات المؤسسة، ومستويات أدائها في إطار سياقها المجتمعي من جانب، وظروف ومعطيات العصر من جانب آخر
والعمل على إجراء تصحيح للمسار ومنع للأخطاء من خلال الدعم الفني والمادي للمؤسسة، معتمداً ذلك على معلومات دقيقة تم الحصول عليها بطرق منهجية وبأدوات مقننة ومعالجة علمية دقيقة.
طريقة تنظيم المجتمع والتطوير التنظيمي:
ينطلق التطوير التنظيمي للمنظمات في مجابهة التغيرات السريعة من خلال وضع إطار فلسفي لممارسة طريقة تنظيم المجتمع يدور هذا الإطار حول النقاط التالية:
الوظيفة الأساسية لأي مجتمع هي إشباع احتياجات أفراده عن طريق المنظمات الاجتماعية الموجودة به، ولكن الملاحظ زيادة الاحتياجات مقارنة بالموارد المتاحة، مما يؤدي إلى قصور التنظيمات الاجتماعية في أداء وظائفها على الوجه الأكمل، ومن ثم ظهور مشكلات اجتماعية.
أن المجتمعات تحاول زيادة كفاءة تنظيماتها، ومواجهة ما يظهر من مشكلات عن طريق إجراء تعديلات في هذه التنظيمات، أو خلق تنظيمات جديدة، ولكن استمرار التغير الاجتماعي يؤدي إلى ضعف الموارد مقابل الاحتياجات، ومن ثم يحتاج كل مجتمع إلى تعديل مستمر في تنظيماته الاجتماعية، والى إنشاء تنظيمات جديدة.
وتظهر طريقة تنظيم المجتمع كأداة فعالة لمساعدة المجتمعات على مواجهة ألوان القصور والثغرات في تنظيماتها الاجتماعية، والتي تؤدي إلى ظهور المشكلات المجتمعية، ومعاونتها في سد هذه الثغرات، وعلاج المشكلات بصورة متكاملة.
وبما أن الاحتياجات في ازدياد مقارنة بالموارد المتاحة، فإن المجتمعات تعطي أولوية لبعض الاحتياجات دون الأخرى. ولما كانت احتياجات ومصالح الجماعات المختلفة قد تتفق أو تختلف عن بعضها البعض، فإن بعض الجماعات تحاول أن تعطي لاحتياجاتها صفة الأولوية بالنسبة للمجتمع كله. وإذا علمنا أن ظاهرة النفوذ لا تتساوى في توزيعها بين أفراد المجتمع، فإن الجماعات صاحبة النفوذ ستحاول تحقيق مصالحها حتى ولو على حساب الجماعات الأخرى مما يزيد من ضعف ومشاكل الأخيرة.
وهنا تظهر طريقة تنظيم المجتمع لتساعد في تحقيق العدالة الاجتماعية، أي لتنصف الفئات الضعيفة في المجتمع، وتساعدها على التمتع بالحياة الكريمة، وذلك من خلال التأثير في القرارات المجتمعية بحيث تؤدي تلك القرارات إلى إنصاف ذوي النفوذ المحدود.
وتحاول بعض المجتمعات التوفيق بين مواردها المحدودة واحتياجاتها المتعددة من خلال التخطيط القومي، وهنا تظهر طريقة تنظيم المجتمع كأداة لها أهميتها في استثارة المجتمعات المحلية وتنظيم جهودها لتخطيط وتنفيذ برامج للتنمية المحلية، حتى تلتقي الجهود القومية الموجهة من أعلى مع الجهود المحلية الصاعدة من القاعدة في منتصف الطريق.
وهكذا نرى أن طريقة تنظيم المجتمع يمكن أن تكون أداة فعالة في إحداث تغيرات في التنظيمات الاجتماعية لتصبح أكثر فاعلية وكفاءة، وتحقيق العدالة الاجتماعية بين فئات المجتمع المختلفة، والإسراع بعملية التنمية القومية عن طريق تنمية الوحدات المحلية.
وتعتمد الطريقة في ذلك – أساساً – على إشراك الجماعات المختلفة في اتخاذ القرارات التي تمسها من قريب أو بعيد، والتي ستتحمل عبء تنفيذها فيما بعد، أي أنها تتخذ أسلوب الديمقراطية قاعدة لعملها.
خطوات إجرائية نحو التطوير التنظيمي
كما أن هناك عدة خطوات إجرائية يمكن أن تتبناها طريقة تنظيم المجتمع وذلك عند العمل نحو التطوير التنظيمي للمنظمات من أهم تلك الخطوات ما يلي:
- توصيف اختصاصاتها ووظائف كل أفراد المنظمة والأدوار التي يؤدونها، وجوانب التطوير المطلوب من وجهة نظرهم لتحقيق التحسين المنشود.
- تحديد الشكل التنظيمي والمسؤوليات من خلال اللائحة العامة للمنظمة.
- تحديد الجوانب الأكثر احتياجاً للتطوير من وجهة نظر أعضاء المنظمة.
- وتحديد مقترحات التطوير وأساليبه وآليات تحقيقه بالمنظمة.
- تحديد الاستراتيجيات والتكنيكات المناسبة لإجراء التطوير المطلوب.
- إلغاء واستحداث وظائف مناسبة.
- إعادة تصميم عمليات الاتصال لتحقيق التطوير المنشود مع ضمان استمراريته.
- إعادة توزيع السلطات والاختصاصات بما يتطلبه التطوير المطلوب [1].
المراجع
- ↑ Van de Ven, A. H., & Poole, M. S. (2005). Alternative approaches for studying organizational change. Organization studies, 26(9), 1377-1404.