تعد المراهقة من المراحل المهمة التي يمر بها الإنسان في حياتة من الناحية النفسية والاجتماعية والتربوية والوطنية، فالمراهقين يعتبروا عماد الأمة ودعامة الإنتاج فهم الطاقة التي يتحرك بها الحاضر إلى المستقبل، والذين هم سيكونوا قادته وحكامه وقضاته ومعلموا أجياله، وبالتالي لابد من إعدادهم الإعداد الجيد ومراعاة مشاكلهم النفسية والعضوية.
ونظراً لكون مرحلة المراهقة هي المرحلة التي يتخلى فيها الفرد عن طفولته، ويرتدي فيها ثوب الاستقلال وتحمل المسئوليات والانخراط في المجتمع، فإن تجاوز المشكلات والتحديات التي تقابل النمو في هذه المرحلة تقود إلى تحقيق التوافق والصحة النفسية، وتؤثر إيجاباً على النمو في المراحل التالية انطلاقاً من المبادئ والقوانين التي تحكم عملية النمو الإنساني(ندي عبد الحميد، 2012: 291).
وتعتبر مرحلة المراهقة فترة حرجة حيث الانتقال من الطفولة إلى الرشد، والتي يكتسب خلالها الفرد المهارات الضرورية التي تمكنه من الاعتماد على نفسه للبقاء بعيداً عن الوالدين، كما أنها فترة تكوين الهوية الذاتية والبحث عن القيم ذات المعنى.
كما ينمو خلالها المراهق كم هائل من الانفعالات بسبب التغيرات المتسارعة في النواحي الفسيولوجية، ليصبح أكثر حساسية للعالم الداخلي والخارجي، وهذه الحساسية تجذبه نحو التطلع على خبرات جديدة تخلق فيه مشاعر فياضة وتوترات داخلية، وصراعات مع النفس ومع البيئة(Laycraft, 2012: 6).
تعريف المراهقة
هي مرحلة النمو التي تبدأ من سن البلوغ أي في سن 13 تقريباً وتنتهي في سن النضج أي حوالي الثامنة عشرة أو العشرين من العمر، وهي سن النضوج العقلي والانفعالي والاجتماعي وتصل إليها الفتاة قبل الفتى بنحو عامين، وهي أوسع وأكثر شمولاً من البلوغ الجنسي، لأنها تتناول كل جوانب شخصية المراهق(عبدالرحمن العيسوي، 1993: 21).
كما تُعرف المراهقة أيضاً بأنها مرحلة عمرية تتوسط بين الطفولة واكتمال الرجولة أو الأنوثة، وتبدأ بالبلوغ وتنتهي بالرشد واكتمال الشخصية(محمد كاظم، 2007: 26).
ويشير سعد جلال (ب.ت:232) إلى المراهقة على أنها هي فترة زمنية في مجرى حياة الفرد، تتميز بالتغيرات الجسمانية والفسيولوجية التي تتم تحت ضغوط اجتماعية معينة، مما تجعل لهذه المرحلة مظاهرها النفسية المتميزة وتساعد الظروف الثقافية في بعض الثقافات على تمييز هذه المرحلة.
والمراهقة هي فترة تكيف حيث ينتقل الأطفال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد، ويخضعون للعديد من التغيرات الجسمية والانفعالية والسلوكية خلال هذه الفترة(Lafontana & Cillessen, 2010: 131).
وأشار أريون وآخرون(Arun et al, 2015: 58) إلى أن المراهقة هى فترة الإعداد لمرحلة الرشد، ويحدث خلالها العديد من التغيرات النمائية الرئيسية.
ويمكن تعريف المراهقة أيضاً بأنها هي فترة نمائية حرجة تبدأ من سن البلوغ حتى سن الاستقلال الاجتماعي، فهي فترة حيوية للنمو الفسيولوجي والنفسي والاجتماعي والثقافي(Curtis, 2015: 1)
ويرى كليفلاند وآخرون (Cleveland, 2017: 153) أنها مرحلة المشاركة الاجتماعية والانتقال النفسي والاجتماعي وتكوين سمات الشخصية بين الطفولة والرشد.
ومن هنا نجد أن المراهقة هي الفترة من عمر الفرد التي تبدأ من سن البلوغ إلى سن الرشد، والتي يحدث فيها تغيرات سريعة ومتتالية في جميع الجوانب النمائية.
وبداية المراهقة تختلف من شخص لآخر، ومن نوع لآخر، ومن سلالة لأخرى، ومن جنس لآخر ومن مجتمع لآخر، حيث يتم الاستدلال عليها من خلال مظاهر البلوغ، فبدايتها ليست دائماً واضحة ونهايتها تأتي مع تمام النضج الاجتماعي، ويمكن تقسيم المراهقة إلى المراهقة المبكرة.
والتي تمتد منذ بدء النمو السريع الذي يصاحب البلوغ حتى بعد البلوغ بسنة تقريباً، عند استقرار التغيرات البيولوجية الجديدة عند الفرد، فيسعى الفرد في هذه المرحلة إلى الاستقلال والتخلص من قيود السلطات التي تحيط به، ويستيقظ إحساسه بذاته وكيانه.
والمراهقة المتأخرة والتي فيها يحاول الفرد أن يتكيف مع المجتمع الذي يعيش فيه ويوائم بين تلك المشاعر الجديدة، وظروف البيئة التي يعيش فيها محاولاً الضبط للنفس والابتعاد عن العزلة(خليل معوض، ب.ت: 26).
خصائص النمو في مرحلة المراهقة:
هناك العديد من الخصائص التي يتسم بها النمو في مرحلة المراهقة والتي يمكن عرض بعضها فيما يتناسب مع الدراسة الحالية على النحو التالي:
خصائص النمو الجسمي:
من أكثر مظاهر النمو في هذه المرحلة والملفتة للنظر، هو النمو السريع الذي يبدو بوضوح في زيادة الطول والعرض، والذي يطلق عليه العلماء تعبير الطفرة بسبب التغير الذي يحدث في الجسم مع بداية المراهقة، وتسبق البنت الولد الذي في نفس سنها في النمو الجسمي طولاً وعرضاً.
ولكنهما يتساويان بعد ذلك ثم يسبق الفتى في الطول والوزن والقدرة العضلية، ويصاحب هذا النمو السريع عدم تناسق حركات الأطراف والجذع وعدم التناسق العضلي، مما يؤدي إلى عدم التحكم في السير، وحدوث هذه التغيرات قد يكون مصحوباً بمزيج من الفرح والخجل أحياناً، كما تتغير نسب تقاطيع الوجه لذا تعد مرحلة المراهقة أكثر المراحل في النمو الجسمي بعد المرحلة الجنينية(جوزيف صابر،1970: 27).
النمو العقلي والمعرفي:
يتسم النمو العقلي في مرحلة المراهقة بالعديد من الخصائص والسمات، والتي تتمثل في نمو التفكير الابتكاري بصورة واضحة، وارتفاع مستوى الطموح خلال هذه المرحلة، مما يجعل المراهق يبذل قصارى جهده لتحقيق أكبر قدر من الإنجاز والتفوق والإبداع والتعامل مع الأزمات والتحديات.
ويبدأ ظهور القدرات العقلية وتطورها بسرعة كبيرة سواء كانت القدرات العقلية الخاصة أوالعامة، وتستقر في نهاية المرحلة لتصل إلى مرحلة الاستقلال النسبى وتزداد في التخصص لتصبح مماثلة لنظيرتها عند الراشد(جميل حمداوي، 2015: 46).
خصائص النمو الانفعالي في المراهقة:
تتأثر كل مظاهر النمو في هذه المرحلة بالنمو الانفعالي، والذي يمتد ليصل تأثيره أيضاً كل جوانب شخصية المراهق، حيث تؤثر الانفعالات في العمليات العقلية للفرد، وحدوث تقلبات مزاجية عنيفة والتي تلون تفكير الشخص وتحدد سلوكه
وتتضح مظاهر النمو الانفعالي للمراهق في الحساسية الانفعالية فلايستطيع غالباً التحكم في المظاهر الخارجية لحالته الانفعالية، ويأخذ التعبير عن الانفعالات الشديدة أشكالاً متعددة لدى المراهقين، ويُظهر المراهق الفرح والسرور عندما يشعر بالقبول والتوافق الاجتماعي
وعلى النقيض تظهر لديه مشاعر الغضب والثورة والتمرد نحو مصادر السلطة في الأسرة والمدرسة والمجتمع، خاصةً تلك التي تحول بين المراهق وبين تطلعه إلى التحرر والاستقلال (حامد زهران ، 1986 : 319).
النمو الاجتماعي و المراهقة:
تتسم التفاعلات الاجتماعية في مرحلة المراهقة بالتنوع والتمايز والتعدد، حيث يميل الفرد في مرحلة المراهقة إلى الاجتماعية والألفة والبعد عن الانطوائية والعزلة، ويعتمد مدى نجاح المراهق في التوافق الاجتماعي والتودد نحو الأخرين والميل إلى الانبساط أو الابتعاد على خبراته الاجتماعية الأولى وما كونه من اتجاهات نتيجة هذه الخبرات
لذا فكلما كانت البيئة الاجتماعية التي يعيش في كنفها يسودها الدفء والتقبل والاستقلالية والتشجيع على الإنجاز، كلما ساعد على تنمية الجانب الاجتماعي لديه، ودفعه إلى تحقيق قدر كبير من التفاعل الاجتماعي
أما البيئة الاجتماعية التي يسودها التسلط والنبذ والقسوة فتؤدي بالأبناء إلى العزلة والانطوائية مما يسبب لهم شعوراً بالحزن والقلق والضيق، الأمر الذي يترك آثاراً سيئة في قدراتهم العقلية والفكرية (ربيع يونس،2007 :224).
المراجع([1])
- خليل ميخائيل معوض(ب.س). دراسة مقارنة في مشكلات المراهقين في المدن والريف( السلطة والطموح)، القاهرة، دار المعارف.
- سعد جلال(ب.س). الطفولة والمراهقة، ط2، القاهرة، دار الفكر العربي.
- عبدالرحمن محمد العيسوي(1993). مشكلات الطفولة والمراهقة أسسها الفسيولوجية والنفسية، بيروت، دار العلوم العربية للطباعة والنشر.
- محمد نبيل كاظم(2007). كيف نتعامل مع مراهقة أبنائنا؟، القاهرة، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة.
- ندى نصر الدين عبدالحميد (2012). مقياس المهارات الاجتماعية للمراهقين، مجلة الإرشاد النفسي، مركز الإرشاد النفسي، عدد(30)، ص ص291-309.
- جميل حمداوي(2015). المراهقة خصائصها ومشاكلها وحلولها، شبكة الألوكة، http://www.alukah.net.
- جوزيف صابر(1970). مراهقة بلا مشاكل، مطبوعات إيجلز.
- حامد عبدالسلام زهران(1986). علم نفس النمو الطفولة والمراهقة، القاهرة، دار المعارف.
- ربيع شعبان عبدالعليم يونس(2007). علم نفس النمو الطفولة والمراهقة، المملكة العربية السعودية، مكتبة المتنبي.
- LaFontana, K. M., & Cillessen, A. H. (2010). Developmental changes in the priority of perceived status in childhood and adolescence. Social Development, 19(1), 130-147.
- Laycraft, K. C. (2012). The development of creativity: A study of creative adolescents and young adults, Doctoral dissertation, University of Calgary.
- Cleveland, H. H., Wiebe, R. P., & Rowe, D. C. (2017). Sources of exposure to smoking and drinking friends among adolescents: a behavioral-genetic evaluation. Biosocial Theories of Crime, 253.
- Curtis, A. C. (2015). Defining adolescence. Journal of Adolescent and Family Health, 7(2), 2.
- Arun, L., Ravikumar, M. B., Makhija, A. J., Barreto, S. C., & Vishwanathan, V. (2015). Study of Self Concept In Relation To Family Environment among Adolescents. The International Journal of Indian Psychology, 2(2).