تحدث تقوم النظرية البيئية على مبدأ أن الاضطرابات السلوكية والانفعالية التي : للطفل لا تحدث من العدم أو من الطفل وحده، بل هي نتيجة التفاعل الذي يحدث بين الطفل والبيئة المحيطة به .
ويقول البيئيون إن حدوث الاضطراب السلوكي والانفعالي لدى الأفراد يعتمد على نوع البيئة التي ينمو بها ، فالبيئة السليمة لا تؤدي إلى حدوث اضطراب لدى الطفل .
فالنظريات النفسية المختلفة ودراسة السلوك الإنساني وتطبيقاتها في تدريس الطفل المضطرب سلوكيا، مبنية على أساس الفلسفة النظرية الفردية للإنسان والطبيعة والعالم.
تعريف المضطرب سلوكيا
يعرف هارنج وفيليب Haring & Philips المضطرب سلوكيا بأنه ” الشخص الذي لديه مشاكل شديدة مع الأشخاص الآخرين مثل الرفاق أو الآباء والمدرسين ” .
فالمضطربون سلوكيا هم غير السعيدين وغير القادرين على موافقة أنفسهم مع قدراتهم واهتماماتهم، وبشكل عام المضطرب سلوكيا هو الذي لديه نماذج سلوكية كثيرة فاشلة بالمقابل مع النماذج السلوكية الناجحة .
والطفل المضطرب سلوكيا يحتاج لنوع معين من البيئات بحيث يتجه ويميل للنمو بشكل طبيعي، فهو يحتاج إلى خبرات منتقاة ليتحمل المسؤوليات ويتعلم بشكل أكثر فاعلية كي يتجه لممارسة أمور حياته العامة بشكل طبيعي
والنظرية البيئية تميل لربط الفرد في البيئة في مفهوم واحد ، فالفرد لا ينفصل عن بيئته وبالتالي فإن مشاكل الفرد تصبح شائعة لدى المجتمع. ولا يتم التعامل مع المشاكل بشكل فردي وكنتيجة إذا كان هناك اضطرابا لدى المجتمع، فإن الفرد سيتأثر بالبيئة
فالنظام البيئي يقدم لنا نموذجا يقول : ” لقد أسأت لي، وأنا سوف أسيء لك ! ” .
يقول لويس (1970 ,Lewis إن الأطفال يحتاجون لأكثر من برنامج تعليمي جيد، لأن التخطيط البيئي يقترح تضمن النظام البيئي الكلي للطفل الذي يشمل الأفراد الذين يعيش ويتفاعل معهم .
فالناس جميعا لديهم وجهات نظرهم أو اعتقاداتهم الخاصة التي يفهمون ويطوعون بها العالم، ووجهة النظر هذه تتضمن الإدراك الشخصي لذاته ولتصرفاته وإدراكه للأشخاص والأماكن والأحداث التي تبني عالمه فكل منا لديه وجهة نظره أو اعتقاده الشخصي الفريد.
والفلسفة الشخصية للفرد وعالمه تعتبر حرجة، لأنها ذلك العنصر الذي ينقل طاقته للفرد ويعطيها شكلا واتجاها معينا، وبالتالي يؤثر على نوعية تصرفاته.
أسئلة الفرد حول نفسه والآخرين والبيئة
وهكذا فإن الفرد ينمو ويستجيب لعدة أسئلة حول نفسه والآخرين والبيئة، ومن بين هذه الأسئلة:
- من أنا؟
- ولماذا أنا موجود؟
- لماذا أتصرف نحو نفسي والآخرين والبيئة بهذه الطريقة؟
- هل يستطيع الإنسان تغيير العالم؟
- هل يستطيع تغيير سلوكنا وسلوكات غيرنا من السلوكات غير المناسبة إلى السلوكات المناسبة؟
- من السلوكات غير المنتجة وغير المقبولة إلى السلوكات المنتجة والمقبولة؟ من السلوكات الهدامة إلى السلوكات البناءة ؟
- من السيء إلى الأحسن؟
- هل يجب تغيير السلوك؟ ولماذا؟ وبواسطة من ؟
- هل يمكن استخدام أي شيء لتغيير السلوك ؟
الأسئلة وغيرها تسهل تطور الفلسفة الفردية للشخص والطبيعة والتعليم. هذه … وهذه الفلسفة الذاتية سواء كانت واعية أم غير واعية فإنها تظهر ويتم التعبير عنها في تصرفاتنا .
فهي عنصر هام في اتخاذ القرارات الشخصية والمهنية، ونظراتنا واعتقاداتنا عن الأشخاص هي نظرة ذات معنى نطبقها ونوظفها في تصرفاتنا اليومية مع الآخرين .
وعلم البيئة هو دراسة للعلاقة المتبادلة بين الكائن الحي والبيئة، وعند توظيفه مع المضطربين سلوكيا يصبح علم البيئة هو دراسة للعلاقة المتبادلة بين الطفل أو المجموعة مع الأفراد والجماعات والعناصر الأخرى في البيئة .
البعض يقول إن حالة الآباء الزوجية في غاية الأهمية لمعرفة أسباب الاضطراب، والبعض يقول إن الظروف العامة للمنزل أو الأسرة هي المسؤولة، والبعض الآخر يقول إن بيئة المدرسة هي المسؤولة .
اولا أثر الأسرة والعامل الأسري
يعكس سلوك الأطفال الاتجاهات والآراء والمعايير والظروف التي مرت عليهم وقدمت لهم خلال الأسرة، فعوامل معينة مثل مشاكل الوالدين، والحرمان، والضغوطات من أجل الحصول على سلوكات ناضجة جدا … وغيرها من المواقف التي تحدث داخل الأسرة بالتأكيد ستساهم في الاضطرابات السلوكية .
هناك معايير معينة للسلوك ضمن أية أسرة، وبالتالي فإن الطفل الذي ينمو في بيئة ثقافية معينة ، ثم تنتقل الأسرة لسبب أو لآخر إلى منطقة أخرى، فإنه يجد نفسه تحت تأثير البيئة الجديدة وتدخلها لتغيير سلوكه، فعليه تقبل بعض المعايير السلوكية الجديدة التي لم يعتد عليها .
كما أن الحالة الاجتماعية الاقتصادية لدى الأسرة تحدد شكل الفرص التي ستتوفر للتعلم الاجتماعي، فبعض الأطفال لديهم مزيد من الفرص للتعلم من خلال المواقف الاجتماعية، إضافة إلى أن اتجاهات أصدقاء الطفل وأفعاله سيكون لها التأثير الكبير على سلوكه الكلي .
يميل الأخصائيون في الصحة العقلية إلى وضع اللوم في الاضطرابات السلوكية على العلاقة بين الوالدين والطفل، والبعض يعتقد أن جميع المشاكل السلوكية الشديدة نشأت من خلال التفاعل السلبي المبكر بين الأم والطفل.
على العموم، فإن الدراسات حول العلاقات الأسرية تضمنت أن تأثير الآباء على الأطفال ليس بالأمر السهل، وأن الأبناء يؤثرون على الآباء بالطريقة نفسها، ويبدو واضحا أن التأثيرات والتداخلات الأسرية تفاعلية وانتقالية وعلاقة الآباء والأبناء مع بعضهم البعض هي علاقة تبادلية
وأن الانتباه لحاجات الطفل مثل الحب والاهتمام والتعزيز واستخدام أسلوب العقاب والتهذيب المناسب، سيؤدي إلى تحقيق سلوكيات مرغوبة لدى الأطفال.
ثانيا: العامل المدرسي
يكون بعض الأطفال أصلا مضطربين سلوكيا قبل مجيئهم إلى المدرسة، ويطور البعض الآخر الاضطراب السلوكي في المدرسة، والأطفال المضطربون سلوكيا قبل دخولهم المدرسة يصبحون أسوأ أو أفضل، ويعتمد ذلك على طريقة وضعهم والتعامل معهم في الصف الدراسي .
فالأداء السلوكي والخبرة للطفل ستتفاعل مع سلوكات الأصدقاء والمدرسين، وعندما يدخل طفل ما المدرسة ويكون لديه اضطراب سلوكي وقليل من المهارات الأكاديمية والاجتماعية، فإنه سيحصل على اتجاهات سلبية من قبل رفاقه ومدرسيه .
وهناك خطر حقيقي في أن مثل هذا الطفل سيصبح محاطا بالتفاعل السلبي بحيث يصبح مزعجا ومنزعجا من قبل المدرسين والرفاق. وأخيرا ، فإن بيئة المدرسة ربما تكافئ وتعزز السلوك غير السوي للطفل بواسطة الانتباه الخاص، حتى لو كان هذا الانتباه عبارة عن العقاب
فالطفل غير المقبول من قبل رفاقه ولا يتلقى الانتباه، ربما يميل للشجار مع رفاقه لجلب الانتباه له حتى لو كان ذلك بالطرق السلبية
ومن أساسيات النظرية البيئية أنه ليس هناك سلوك مضطرب بالوراثة، إذ لا بد من النظر للسلوك في محتواه قبل فرض أحكام الاضطراب، وهو نتيجة عدم التوازن والتطابق بين الأفراد والمحتوى البيئي ، وعن طريق إحداث تغيرات في الفرد أو البيئة أو كليهما، يمكن أن يعمل على تخفيض حدة الاضطراب
كما أن النظرية البيئية لا تعتبر الاضطراب السلوكي مرضا للطفل، بل تنظر للنظام كمعيق. وحسب النظرية البيئية، يجب أن يتم التركيز على عدم التوازن بين الفرد وبيئته .
التصورات البيئية للاضطراب السلوكي
إن التصورات البيئية للاضطراب السلوكي والانفعالي لها جذور فيا الأنظمة المختلفة، ومن بين المنظرين لذلك المفهوم أخصائيون أنثروبولوجيون عملوا على توضيح العلاقة المتبادلة بين الأفراد وبيئاتهم والطبيعة المتصلة بالانحراف كما يتشكل المفهوم البيئي من حقلي:
- الطب
- الاجتماع.
ويتفق البيئيون على أن السلوك ناتج عن التفاعل بين القوى الداخلية وظروف البيئة .
ومن الافتراضات المتعلقة بالنظرية البيئية :
- إن كل طفل هو جزء لا ينفصل من نظام اجتماعي صغير .
- الاضطراب ليس مرضا يصاب به الطفل، بل هو نتيجة لعدم التوازن بين الفرد والبيئة .
- الاضطراب يمكن أن يتحدد من عدم التكافؤ بين قدرات الأفراد وتوقعات البيئة ومتطلباتها [1].
المراجع
- ↑ Payne, P. G. (2006). Environmental education and curriculum theory. The Journal of Environmental Education, 37(2), 25-35.