تعتبر النظرية السلوكية من النظريات التي تستخدم المنهج التجريبي، وكان لها تطبيقات عملية في الميدان القيادي والتربوي، وقد استخدمت منهج حل المشكلات التجريبي في جانب المهارات النمائية والمشكلات السلوكية.
والقوانين في هذا التوجه مشتقة من التعلم وتركز التجارب على تعلم سلوكات جديدة مقبولة والعمل على تقليل السلوكات غير المناسبة.
يشتمل المنحى السلوكي في المعالجة على ما يلي:
- تحديد السلوكات المرغوب وغير المرغوب فيها بطريقة موضوعية قابلة للملاحظة.
- قياس السلوكات عن طريق إجراءات الملاحظة .
- استخدام طرق تدخل تعتمد في الأساس على قوانين التعلم.
- تقييم فاعلية البرنامج عن طريق الملاحظة .
يتلخص محتوى النظرية السلوكية بعبارة (السلوك محكوم بنتائجه) وتهتم النظرية السلوكية بالسلوك الظاهر غير الملائم وتصميم برامج التدخل المناسب للعمل على تغيير السلوك الملاحظ وتعديله
مكونات النظرية السلوكية
أولا: نمو الشخصية وتطورها
يعرف السلوكيون الشخصية كدالة كلية لسلوك الأفراد، ويعتبرونها احتمالا قويا للفرد لكي يسلك طرقا أو سلوكات متشابهة في مواقف مختلفة تشكل حياته اليومية .والتركيز على ما يقوم به الفرد في المواقف المختلفة دون الرجوع لسمات شاملة تجعل الفرد يتصرف بطريقة شخصية
ويتباين هذا التصور مع التصورات التقليدية للشخصية التي تفترض أن سلوك الفرد هو تعبير لمحركات أولية محددة تتمثل في الحاجات والرغبات والسمات والاندفاعات.
يعتقد السلوكيون أن الفرد يتعلم أن يسلك بطريقة محددة من خلال تفاعله مع البيئة ويرث تركيبا بيولوجيا يساعده في عملية التفاعل التي تحدد السلوك. كما يعتقدون بأن بعض السلوكات كالقيادة والصداقات … إلخ لا تورث بل تنتج عن التفاعل.
ويركز السلوكيون على ماذا يفعل الفرد بدلا من ما هو ؟ ومن الضروري فهم الطفل بدلا من إطلاق التسميات
ثانيا: السلوك السوي والسلوك غير السوي
معظم السلوكات متعلمة باستثناء الانعكاسات، وعندما تحدث العلاقة الوظيفية بين المثير في البيئة واستجابة الفرد يحدث التعلم. مثلا : يتعلم الطفل أن البكاء يخلصه من الألم والجوع، ومن وجهة نظرهم أن السلوك السوي متعلم وكذلك السلوك غير السوي .
وهناك معايير للحكم على السلوك غير السوي كالمعيار الاجتماعي والذاتي ومعايير أخرى كالشدة والتكرار. تهتم النظرية بقياس تحت أي ظروف يحدث أو لا يحدث السلوك المرغوب وغير المرغوب فيه
وتحديد ما هو التغير المناسب في البيئة الذي يجعل الطفل قادرا على تعلم استجابات تكيفية مناسبة.
يحدث السلوك غير السوي عن طريق خبرات تعليمية سابقة أو فشل في تلقي الفائدة من الخبرات التعليمية المختلفة .
ثالثا: أشكال التعلم
- الإشراط الاستجابي.
- الإشراط الإجرائي.
- التعلم بالملاحظة .
1 – الإشراط الاستجابي
جاءت اهتمامات في تطبيق إجراءات الإشراط الاستجابي لبافلوف في الولايات المتحدة لما لهذا النوع من التعلم من تأثير على الصحة العقلية في المدرسة .
وكان هذا ما قامت به الطالبة Florene Matter في أثناء محاولتها إشراط بعض الأطفال الصغار، وقد اكتشفت أن وضع الغطاء على أعين الطفل مباشرة قبل التغذية يستحث استجابات المضغ والبلع قبل ظهور الطعام.
هناك عناصر هامة في الإشراط الاستجابي، لكن تجارب Matter اشتملت على الضروريات :
- استجرار الاستجابة الشرطية عن طريق المثير الشرطي عن طريق تكرار اقترانه مع تقديم مثير غير شرطي يعول عليه في استجرار الاستجابة غير الشرطية .
- تميز التعلم عن طريق الانطفاء والاستجابة الشرطية لتعميم المثير الشرم هذه العمليات علاقاتها قابلة للتنبؤ وترتبط بسلوكات واسعة ومتنوعة .
ومن الأمثلة على المعالجات السلوكية التي تعتمد على الإشراط الاستجابي:
- تقليل الحساسية التدريجي
- تعديل السلوك المعرفي
- التدريب على التغذية الراجعة
- العلاج بالتنفير
- العلاج السلوكي
2 – الإشراط الإجرائي
ميز سكنر (1938) بين السلوك الاستجابي والإجرائي، ووضح أن السلوك الاستجابي هو سلوك محكوم بالمثيرات السابقة، بينما الإجرائي تحكمه المثيرات الملاحظة، ويحدث الاستجابي بطريقة أتوماتيكية بينما يحدث الإجرائي بطريقة إرادية .
والمبدأ الأساسي في السلوك الإجرائي، أن السلوك هو وظيفة لتوابعه، أي أن الفرد يسلك بشكل معين وسلوكه له نتائج تحددها البيئة، وهذه النتائج تؤثر في احتمالية حدوث السلوك في المستقبل.
والبيئة تعمل تبعا لاحتمالات محددة، فبعض السلوكات تكون نتائجها إيجابية فيزداد احتمال حدوثها في المستقبل، والأخرى تكون نتائجها سلبية فيقل احتمال حدوثها.
المثير التمييزي في الإشراط الإجرائي هو مثير له احتمالية عالية، يتبع باستجابة شرطية عندما تظهر بالمقارنة مع مثيرات أخرى.
والمثير التمييزي يهيء لحدوث الاستجابة، وعند غيابه لا تظهر الاستجابة الشرطية، وعندما تكون هذه العلاقة هي السائدة فإن حدوث الاستجابة يكون محتملا عند ظهور المثير، وعندما يعمم السلوك يسمى السلوك الإجرائي .
ويمكن الإشارة إلى الإجراءات التالية ضمن الإشراط الإجرائي في العلاج السلوكي وتعديل السلوك :
- التعزيز الإيجابي
- العقاب
- التعزيز السلبي
- الإقصاء، العزل
- التعزيز التفاضلي
- الإشباع .
وإن دمج هذه الإجراءات أكثر فعالية من استخدام واحدة منها والتصحيح الزائد كأسلوب علاجي له مكونات : توجيه تدريجي لإيقاف السلوك غير المرغوب فيه ونمذجة جسمية للسلوك المرغوب فيه، وإعادة الوضع البيئي إلى ما كان عليه.
وهذه السلوكات قد تشتمل على العقاب أو الإقصاء والإجراءات الأخرى، لذلك فإن كل مكون في الإشراط الإجرائي يقدم إجراءات يمكن استخدامها مع الطفل في ظروف مناسبة .
التعلم بالملاحظة في النظرية السلوكية:
لقد تمت دراسته تحت تسميات مختلفة، نمذجة وتقليد ولعب الدور، والتسهيل الاجتماعي والتطبيع … وقد اختلف المنظرون السلوكيون بشأن اعتباره شكلا من أشكال التعلم عن طريق الإشراط الإجرائي.
وحسب الصياغة الإجرائية، فإن الشروط الضرورية للتعلم من خلال نموذج هي : التعزيز الإيجابي عند مطابقة الاستجابات الصحيحة للنموذج خلال جلسات عشوائية واستجابات المحاولة والخطأ.
ووفقا لباندورا فإن إحدى القضايا الرئيسية لأي نظرية تعلم هي: كيف يتعلم الإنسان استجابة جديدة في موقف اجتماعي ؟
توضح الأبحاث أن الفرد يستطيع تعلم الاستجابة الجديدة لمجرد ملاحظة سلوك النموذج واكتساب الاستجابة من خلال النموذج يسمى نمذجة
قضية أخرى لأي نظرية تعلم بالملاحظة هي توضيح قدرة الإنسان التي تتوسط بين ملاحظة نموذج الاستجابات وما يتبع ذلك من أداء لهذه السلوكات من قبل الملاحظ وعملية الاكتساب للاستجابة الملاحظة قد لا تظهر في يوم أو أسابيع أو حتى شهور .
ويشير إلى الانتقائية في التعلم، فالأطفال يتعلمون جوانب مختلفة من سلوك النموذج، ويجب على النظرية أن تفسر الجانب الانتقائي في التعلم .
لقد أشار (باندورا) إلى ثلاث نتائج مختلفة لتعرض الشخص المراد تعليمه لنموذج ما وهي:
- اكتساب أنماط استجابات جديدة نتيجة التعلم بالملاحظة
- قد يقوى أو يضعف كف الاستجابات أي يتولد لديه أثر رجعي وغير رجعي.
- قد يكشف عن استجابات سبق له أن تعلمها باستعمال سلوك النموذج كإشارة و من ناحية أخرى ميز (باندورا) بين اكتساب الاستجابة Acquisition وتأديتها Performance فالاكتساب لا يعني بالضرورة تأديتها، حيث إن ذلك يتوقف على نتائج تقليد النموذج .
لقد أصبح التعلم بالملاحظة ينطوي على أربع عمليات فرعية مترابطة لكل منها محدداتها الخاصة، ولكي يتم تقويم التعلم بالملاحظة فلا بد للفرد من:
- الانتباه للملامح المناسبة لعمل النموذج .
- الاحتفاظ بالأحداث الملاحظة على شكل رمزي لاسترجاعها في المستقبل .
- القدرة الجسمية لإعادة إصدار المعلومات المحفوظة.
- الحافز لأداء سلوك النموذج .
وفق افتراضات نظرية (باندورا) المتعددة، فإن التعلم بالملاحظة مصدر رئيسي للقواعد والمبادئ، ومصدر رئيسي للسلوك الخلاق. أخيرا فإن نظرية التعلم بالملاحظة يمكن أن تكون إجراء علاجيا فعالا تحت ظروف مناسبة لتقليل المخاوف، والتدريب على مهارات اجتماعية جديدة [1].
المراجع
- ↑ Cyert, R. M., & March, J. G. (1963). A behavioral theory of the firm. Englewood Cliffs, NJ, 2(4), 169-187.