تعد التغيرات المناخية Climate Changes واحدة من القضايا المهمة المطروحة دائما على مستوى العالم، وذلك في ظل ما يترتب عليها من تأثيرات تهدد مستقبل الإنسان على الأرض.
فهي ظاهرة عالمية تأثيراتها محلية وتختلف من مكان الى أخر، نظرا لطبيعة وحساسية النظم البيئية في كل منطقة. وتقع مصر مناخيًا في نطاق مناخ إقليم البحر المتوسط والذي كان يتمتع بالوضوح والاستقرار على مدار آلاف السنين.
ومع حدوث التغيرات في العوامل المناخية، بدأت تحدث تغيرات أكثر تشــتنا وأقل استقرارا في العوامل المناخية
مفهوم التغيرات المناخية Climate Changes
التغيرات المناخية Climate Changes تعد ظواهر طبيعية تحدث كل عدة آلاف من السنين، كما تمثل تحدي يواجه البشرية وقد بدأ الاهتمام بها مع نهاية القرن التاسع عشر.
وقد أكد العديد من العلماء على أن مناخ الأرض في تغير مستمر، وبشكل سيكون تأثيره سلبي على نمط حياة سكان الأرض من جميع النواحي ومنذ ذلك الوقت قدمت تعريفات متعددة لتغير المناخ منها:
تُعرف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ UNFCCC التغير المناخي بأنه ” التغير الذي يعزى بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى النشاط البشري، الذي يغير التركيب الكيميائي للغلاف الجوي على الصعيد العالمي، والذي يكون إضافة إلى تقلبية المناخ الطبيعية المرصودة خلال فترات زمنية مماثلة.
وعلى ذلك فإن الاتفاقية تميز بين تغير المناخ الذي يرجع إلى الأنشطة البشرية، وبين تقلبية المناخ التي ترجع إلى أسباب طبيعية
أسباب التغيرات المناخية:
هناك أسباب أدت إلى تطور ظاهرة التغيرات المناخية وظهور ما يعرف بالاحتباس الحراري، فانبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي وإن كانت طبيعية وضرورية للحياة وتحافظ على الحرارة، إلا أن انبعاثها بكميات متزايدة وغير منضبطة يؤدي إلى زيادة الحرارة بطريقة غير طبيعية.
وبالتالي تغير في نظام المناخ كله، وتم تقسيم هذه الاسباب إلى أسباب طبيعية وأخرى بشرية كالتالي
أولا: الأسباب الطبيعية للتغيرات المناخية
هناك العديد من العلماء والباحثين يؤكدون أن للعوامل الطبيعية دورًا مهما في التغيرات المناخية ومنها [1]:
أ – الدورة الشمسية
وتعني التغيرات الدورية في مدار الأرض حول الشمس، وما ينتج عنها من تغير في كمية الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى الأرض، والذي يؤثر على المناخ
ب – البراكين:
ظاهرة طبيعية تؤثر في درجة حرارة الأرض ومناخها، من خلال الطاقة الحرارية المنطلقة منها إلى الغلاف الجوي فترفع درجة حرارة الهواء والماء والتربة.
كما تؤدي في كثير من الحالات الى نشوب حرائق في المدن والغابات مما يزيد من انطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون، فالغازات المنطلقة مع الحمم البركانية تمنع الأشعة الشمسية من الوصول الى الأرض، وتحبس الحرارة التي تشعها الأرض والمحيطات إلى الغلاف الجوي وتمنعها من الوصول إلى الفضاء الخارجي.
كما أن بعض الغازات المصاحبة للبراكين تحطم جزيئات غاز الأوزون الذي يقوم بدور أساسي في حماية الأرض من تأثير الأشعة فوق البنفسجية الضارة من الوصول إلى الأرض.
وعلى الرغم من أن البراكين تُطلق كل عام أكثر من 130 مليون طن من ثاني أكســـــيد الكربون، إلا أن الأنشطة البشرية تطلق أكثر من 130 ضعف هذه الكمية، وذلك طبقا لبرنامج المخاطر البركانية التابع لمركز الرصد الجيولوجي الأمريكي .
ج- العواصف الترابية
في الأقاليم الجافة وشبه الجافة التي تعاني من تدهور الغطاء النباتي وقلة الزراعة والأمطار، ومن أمثلتها رياح الخماسين وما تثيره من غبار عالق في الجو.
د – الأشعة الكونية
الناتجة عن انفجار بعض النجوم حيث تضرب الغلاف الجوي العلوي للأرض وتؤدي لتكون الكربون المشع
ثانيًا: الأسباب البشرية للتغيرات المناخية
أحدث الإنسان منذ نشأته على الأرض تغيرات هائلة في الطبيعة والبيئة، منها ما كان إيجابي وأدى إلى تطور البشرية ومنها ما كان سلبي وأدى إلى تدهور البيئة، وأصبحت تشكل تحديًا واضحًا للبشرية لما صاحبها من إضعاف للتنمية في جميع المجالات، ومن هذه الأسباب ما يلي [2]:
أ – الاستعمال المفرط للموارد الطبيعية:
خاصة غير المتجددة كالوقود الأحفوري والذي يترتب على استخراجه وتكريره واستعماله انطلاق كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون سواء بشكل مباشر كاستعمال السيارات والمولدات الكهربائية.
أو غير مباشرة عن طريق استهلاك خدمات ومنتجات يتطلب إنتاجها استعمال الوقود الأحفوري، وتعد أنشطة إنتاج الطاقة مسئولة عن انبعاث الغازات بنسبة 24% وهي الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة الكهربائية.
والغازات المنبعثة من معامل إنتاج الإسمنت ومصانع البطاريات والتي تغير من تركيب الغلاف الجوي بالشكل الذي يؤدي إلى تذبذب مستمر للمناخ، وتعد الثورة الصناعية مسئولة عن زيادة تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون بمعدل 35، والذي يعد من أكثر الغازات احتفاظا بالحرارة في الجو.
ب – القضاء على المساحات الخضراء
استخدام الأراضي للبناء والتوسع الحضري يؤثر على المواصفات الفزيائية والحيوية لسطح الأرض، يليه مباشرة الانبعاثات الناتجة عن قطع الغابات وأزالتها وحرق أخشابها واستخدامه كوقود والتي تعد أكبر مصدر لامتصاص غازات الاحتباس الحراري خاصة غاز ثاني أكسيد الكربون
ولكن النسبة المرتفعة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تعود لمقدرة الأشجار على احتجاز نسبة كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون والتي تتحرر في حالة قطع الأشجار ، وتتساوى الأنشطة الصناعية والزراعية وأنشطة النقل في نسبة الانبعاثات الناتجة عن النفايات.
ج- القطاع الزراعي
يتسبب القطاع الزراعي في انبعاث بعض أنواع من غازات الاحتباس الحراري والتي تأتي من إزالة الغابات، والتخمر المعوي للحيوانات، والسماد المتروك في الحقول، والأسمدة الكيميائية المستخدمة، وممارسات زراعة الأرز.
ولقد أدت إزالة الغابات وتدهور الأراضي إلى الحد من قدرة القطاع على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الجو أو عزلة، كما إن نسبة 40% من هذه الغازات تأتى من التخمر المعوي للحيوانات المجترة والذي يشكل المصدر الرئيسي لانبعاث غاز الميثان.
ومن حيث حجم الانبعاثات يشكل السماد المتروك في المراعي نسبة 16%، ثم استخدام الأسمدة الصناعية 12 ، وزراعة الأرز 10%
آثار التغيرات المناخية على كوكب الأرض:
أ – زيادة درجة حرارة الهواء
تقدر الزيادة الحالية في المتوسط السنوي لدرجة حرارة الهواء في منطقة حوض المتوسط بحوالي 1.5 درجة مئوية سلسيوس، وذلك مقارنة بالمستويات التي كانت عليها خلال الفترة التي سبقت الثورة الصناعية 1880-1899، والتي تتجاوز المعدلات العالمية لارتفاع درجات الحرارة 11 درجة مئوية.
ولقد أشارت العديد من الدراسات في منطقة حوض المتوسط إلى وجود زيادة سنوية في درجات الحرارة تم تقديرها بحوالي 0,03 درجة مئوية وهي بذلك تتجاوز المعدلات العالمية.
كما تشير الدراسات إلى أن درجات الحرارة الإقليمية سوف تزيد إلى أن تصل إلى 22 درجة مئوية في عام 2040 وربما تتجاوز 3,8 درجة مئوية في بعض المناطق في عام 2100، وذلك في حالة عدم اتخاذ اجراءات إضافية للتخفيف من حدة تغير المناخ.
ومن المرجح أن ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف أكثر حدة من ارتفاعها في الشتاء، ومن المحتمل زيادة تكرار وشدة موجات الحرارة المتطرفة وعادة ما تكون المناطق الحضرية أكثر دفئًا من المناطق الريفية بسبب الأنشطة البشرية وخاصــــــــــة الليلية
ب – تقلبات معدلات سقوط الأمطار
يصبح تتميز اتجاهات سقوط الأمطار في منطقة البحر المتوسط بتقلبات شديدة في المكان والزمان، بينما توضح النماذج المناخية أن هناك اتجاه نحو انخفاض سقوط الأمطار خلال العقود المقبلة.
فتراجع معدلات سقوط الأمطار مع ارتفاع درجات الحرارة تؤدي إلى ظروف مناخية أكثر جفافًا، وقد أشارت العديد من الدراسات إلى تكرار وحدة الجفاف في منطقة حوض البحر المتوسط منذ عام 1950م.
كما تعرضت منطقة الشرق الأوسط بين عامي 2008 و 2011 لفترات جفاف ترتب عليها نقص في كميات سقوط الأمطار، صاحبها ارتفاع كميات التبخر نتيجة الارتفاع في درجات الحرارة، إضافة إلى زيادة الطلب على المياه نتيجة الزيادة في عدد السكان.
كما أن زيادة قدرها درجة واحدة في متوسط درجة الحرارة العالمية تؤدي إلى انخفاض الأمطار بنسبة 4% تقريبا، كما أن زيادة درجة الحرارة العالمية بمقدار 1,5 درجة مئوية تؤدي إلى زيادة فترات الجافة بنسبة 7% ، ومن المتوقع أن تزداد حدة سقوط الأمطار المتطرفة بنسبة تتراوح بين %10% و 20% في جميع الفصول باستثناء فصل الصيف
ج – ارتفاع مستوى سطح البحر
ارتفع مستوى سطح البحر في منطقة حوض البحر المتوسط بمقدار 0.7 ملم سنويًا بين عامي 1945 و 2000، وقد وصلت هذه الزيادة إلى 1,1 ملم ما بين عامي 1970 و 2006، نتيجة لارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد
كما تم رصـــــــد الزيادة السنوية خلال العقدين السابقين والتي بلغت حوالي 3 ملم سنويًا، كما أن هناك عدم تأكد فيما يتعلق بارتفاع المتوسط العالمي لمستوى سطح البحر في المستقبل والتي تتراوح من 52 إلى 190سم بحلول عام 2100
وسيؤثر عدم التأكد هذا إلى حد كبير على ارتفاع مستوى سطح البحر المتوسط نظرًا لارتباطه بالمحيط عبر مضيق جبل طارق.
د – تحمض المحيطات
محيطات العالم تمتص نسبة تصل إلى %30 من غاز ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الأنشطة البشرية، ومن ثم ينتج غاز ثاني أكسيد الكربون حمض مخفف يساهم في تحميض المحيطات، ولقد زادت حموضة المحيطات بنسبة 26% [3].
المراجع
- ↑ Berrang-Ford, L., Ford, J. D., & Paterson, J. (2011). Are we adapting to climate change?. Global environmental change, 21(1), 25-33.
- ↑ Urry, J. (2015). Climate change and society. In Why the social sciences matter (pp. 45-59). London: Palgrave Macmillan UK.
- ↑ Change, I. C. (2014). Mitigation of climate change. Contribution of working group III to the fifth assessment report of the intergovernmental panel on climate change, 1454, 147.