لقد تم التعرف على الاضطرابات السلوكية والانفعالية عبر التاريخ، ومع ذلك فقد اختلف هؤلاء حول تحديد الأسباب واعتقد البعض أن بهم مسا من الشيطان، أو أنهم أقدموا على سلوكات خاطئة، أو أنهم كسالى واعتقدت المجتمعات أن هذه السلوكات معدية
وعكست طريقة العلاج هذه المعتقدات التي تضمنت العقاب الشديد، والحبس، والضرب، والتقييد بالسلاسل وغيرها.
لقد أنشئت أول مؤسسة للعناية بهم في لندن عام 1547 ، وكانت تعرف رسميا باسم القديسة مريم من بيت لحم، وأصبح يدعى Bedlam ويدلّ هذا المصطلح الآن على المكان ذي الصوت العالي، حيث تم تقييد الأفراد وضربهم وتجويعهم، واعتبرت زيارة المؤسسة من الوسائل الترفيهية للعائلة وللأطفال.
تطور الاضطرابات السلوكية والانفعالية في القرن الثامن عشر
وبدأ التغير في القرن الثامن عشر بفضل الأفراد المتطورين مثل Philippe Pinel وهو طبيب أمراض نفسية، وقد أمر عام 1792 بالتغيير الإنساني، حيث منع تقييد المرضى النفسيين في مصح في باريس.
وظهر التطور في الولايات المتحدة الأمريكية في تشخيص الأطفال والبالغين ذوي الاضطرابات السلوكية والانفعالية سنة 1800 وعلاجهم، حيث اعتبر بنجامين (أبو الطب النفسي الأمريكي) إذ أنه اقترح طرقا أكثر إنسانية في علاج هؤلاء، وهو من بين الأفراد الذين وقعوا على وثيقة الاستقلال، ومن مؤسسي الجمعية الأمريكية ضد العبودية.
وفي القرن التاسع عشر، عمل ساميئول هيوي Samuel Howe على تحسين طرق علاج المرضى العقليين، وساهمت دورثي دكس Dorthea Dix في إنشاء مؤسسات حكومية للعناية بالمرضى العقليين في عدد من الولايات
وفي عام 1844 تم إنشاء هيئة الأطباء المشرفين على المؤسسات الأمريكية للمرضى العقليين التي تدعى الآن جمعية الأطباء النفسيين الأمريكية.
ومع الأيام فقد الأمل الذي أنشئت من أجله هذه المؤسسات وأصبحت فقط لحماية هؤلاء الأفراد. وفي نهاية 1800 ظهرت في المدارس الصفوف التي تعتني بالأطفال ذوي الاضطرابات السلوكية، وقبل ذلك لم يحصل الأطفال على أية خدمات.
وفي عام 1871 فتح صف للطلاب المشاغبين في كانتيكي، وفي عام 1909 أنشأ وليام هيلي William Healy مؤسسة للعناية بالأطفال الأحداث المرضى النفسيين في شيكاغو، وقد أجرى أوجستا وبرونر Augusta & Bronner دراسات مهمة حول انتهاكات الأحداث.
فرويد و الاضطرابات السلوكية والانفعالية
و ساهمت نظریات فروید (1939-1856) وابنته Anne في التأثير على تعليم وعلاج الأطفال ذوي الاضطرابات السلوكية والانفعالية، وفي القرن العشرين أيقن المختصون بأن الأطفال بحاجة إلى برامج ومعلمين وطرق تدريس خاصة قادت لوريتا بندر Lauretta Bender إلى التطور في الخدمات التربوية المقدمة لهم
وأحدث مفهوم البيئة الكلية من العطف والعلاج للمرضى النفسيين ثورة عندما نادی بها کارل مینجر Karl Menninger مع أبيه وأخيه.
بدأ برونو بيتلهيم Bruno Bettelheim عمله مع الأطفال المعوقين انفعاليا إعاقة شديدة عام 1944 ، في جامعة شيكاغو، واستمر في استعمال فلسفته حول البيئة العلاجية. 1950-1940 بدأت في الظهور مراكز إقامة للعناية بالأطفال المتعبين (ذوي المشكلات السلوكية).
وعام (1947) صدر كتاب بعنوان طبيعة مرض وتعليم الأطفال ذوي إصابات الدماغ الستراس وليتنين Strass and Lehtine قدما فيه طريقة لتنظيم تعليم الأطفال ذوي الاضطرابات السلوكية .
ثم ظهرت عدة كتب ونشرات جديدة ما بين 1970-1960، كما توفرت نتائج الأبحاث حول تعليم هؤلاء الأطفال، وطوّر وليم كروكشانك William Cruickshank ورفاقه خطوات عمل محددة داخل الغرف الصفية.
وفي عام 1962 نشر كتاب الفيلبس وهارينج L.Phillips & N.Haring حول تعليم الأطفال المضطربين سلوكيا والمعاقين انفعاليا مؤكدا على مبادئ السلوكات البيئية المنظمة والتفاعل بين الطفل والبيئة والمدرسة والبيت.
وظهرت عدة نشرات عام 1967 حول ما تم من خلال تدريس وتعليم الأطفال ذوي الاضطرابات السلوكية والإعاقة الانفعالية . وطور إيلي بور Eli Bower تعريف الاضطرابات السلوكية 1962، والذي لا يزال يستعمل نيكولوس هوبز Nicholas Hobbs استلم مشروع 1960 طور فيه مفهوم البيئة، وأكد أن على الأطفال العيش في بيئة كامة (المجتمع).
أما فرانك هيوت Frank Hewett فقد طور وقدم نموذجا لغرفة الصف بحيث يساعد في تطبيق نظريات السلوك . وفي عام 1965 نشر كتاب لنيومان و مورس Newman & Morse حول الصراع داخل غرفة الصف، وقدم عدة طرق لتدريس هؤلاء الطلاب، واستخدمت في الجامعات لتدريب المعلمين.
كما قدم رودس و تريسي 1972, Rhodes & Tracy أعمالا حول نماذج لمفاهيم تعليم الأطفال المضطربين، وقد ساهمت أعمالهم في توضيح الآراء والممارسات المختلفة التي كانت موجودة في ذلك المجال واستمر التطور في تعليم الأطفال.
الحاجة إلى تحديد مفهوم الاضطرابات السلوكية والانفعالية
لا تزال هناك حاجة إلى تعريف أكثر دقة وعلى التربية الخاصة إيجاد حل حول ملابسات قضية سوء التكيف الاجتماعي وحول قلة عدد الطلبة الذين يتلقون خدمات التعليم.
إن استمرار التطور في التعليم وعلم النفس والطب والتكنولوجيا سيساعد كثيرا من الأطفال على الاستفادة من التعليم والعيش بشكل مناسب ومرض 1992 ,Smith & Luckasson
انتشار Prevalence الاضطرابات السلوكية والانفعالية
من الصعب تحديد مدى انتشار الاضطرابات السلوكية الانفعالية ؛ وذلك لعدم وجود تعريف واضح متفق عليه للاضطرابات السلوكية والانفعالية، مما يجعل تشخيص الحالات والتعرف عليها غير موضوعي.
يعتبر ويكمان 1928 Wickman أول من أشار إلى الاضطرابات السلوكية والانفعالية في المدارس، ومنذ ذلك التاريخ بدأت الدراسات والأبحاث لتحديد حجم مشكلة الاضطرابات الانفعالية والسلوكية (1978) Rubin & Balo وفي عام 1969 قدر مكتب التعليم في الولايات المتحدة USOE عدد الأطفال المضطربين سلوكيا وانفعاليا والذين تتراوح أعمارهم بين صفر و 19 سنة حوالي (767108) فردا من المجموع الكلي ، وتشكل هذه النسبة حوالي 29 % .
و في عام 1975 قدر المكتب نفسه عدد الأطفال المضطربين انفعاليا حوالي (1310000) طفلا من مجموع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين صفر و 19 سنة، في حين قدر باور 1969 Bower نسبة الاضطرابات الانفعالية في المدرسة أو المجتمع المدرسي حوالي 10 %
هذا ويقدر البعض وبتحفظ نسبة الأطفال الذي يعانون من اضطرابات سلوكية وانفعالية من 6-3 1989 ,Kauffman، وتحصل نسبة بسيطة منهم على خدمات التربية الخاصة في أمريكا. وتؤكد أبحاث كثيرة هذا الزعم
حيث وجدت كاستيلو وزملاؤها Castello,et al 1988 نسبا أعلى بكثير عندما بحثوا عن الأطفال ذوي المشاكل السلوكية والانفعالية، ووجدوا أن 22% من الأطفال لديهم مشاكل نفسية خلال العام الدراسي (1988) ، وأن طفلا واحدا من بين خمسة من هؤلاء الأطفال حول إلى الأخصائيين .
ونتائج أخرى مشابهة وجدت من قبل وايتيكر (1990 ,Whitaker)، وقدرت نسبة الانتشار بـ 19% من الأطفال مصابين بالاضطرابات النفسية (1990).
وأعلن التقرير السنوي الثاني عشر المقدم إلى الكونغرس الأمريكي حول مدى تطبيق قانون تعليم المعاقين (صدر عن الدائرة الأميركية للتعليم (1990) أنه خلال العام الدراسي 1989-1988 أقل من 19 من الطلاب المصابين بالاضطرابات السلوكية والإعاقات الانفعالية حصلوا على خدمات التربية الخاصة .
و %9 من كافة الطلاب الذين حصلوا على خدمات التربية الخاصة يعانون من اضطرابات سلوكية وإعاقات انفعالية . وهكذا فإن الأرقام الرسمية أقل بكثير مما يتوقعه المختصون Smith,Luckasson و تعتبر عدم القدرة على التعريف بدقة والقياس والمساعدة جزءا من المشكلة
ويتساءل الأخصائيون أيضا حول مدى محاولة المدرسة التخلص من الطلاب المشاكسين المشاغبين، وبالتالي يتم تشخيص أعداد أقل، كما يتردد الأخصائيون في إعطائهم هذه الوصمة من خلال تشخيصهم بالاضطرابات السلوكية والانفعالية . وقد تم تحديد نسب انتشار بعض الاضطرابات
مثال ذلك : تبلغ نسبة الأطفال الذين يعانون من اضطراب التصرف 10-4 (Conduct Disorder) من كافة الأطفال، وهي إحدى المشاكل السلوكية الشائعة .
وهناك مجموعة من العوامل لا بد من أخذها بعين الاعتبار وهي : الجنس : يوجد فرق واضح في السلوكات بين الذكور والإناث إذ يقدر بعضهم أن نسبة الذكور إلى الإناث في الصفوف الرسمية الخاصة تبلغ 8 : 1 ويعتقد الباحثون أن تفاوت النسب في ذلك يعود إلى أن المعلمين يرون بأن سلوكات الإناث مقبولة أكثر من سلوكات الذكور [1].
المراجع
- ↑ Kauffman, J. M. (1999). How we prevent the prevention of emotional and behavioral disorders. Exceptional children, 65(4), 448-468.