يعد اضطراب الألكسيثيميا شكل من أشكال الاضطراب الوظيفي في تعيين وتحديد الفرد لمشاعره، وتشير الألكسيثيميا إلى سمة وجدانية معرفية للشخصية تظهر نفسها بأكثر من طريقة.
ونظرا لفقد الحياة التخيلية أو القدرة على التخيل لدى المصابين بها، فإنه توجد لديهم صعوبة في تعديل انفعالاتهم من خلال التخيلات والاهتمامات واللعب، نظراً لنقص القدرة على خلق التخيلات المرتبطة بالمشاعر.
مما يؤدى الى ظهور طريقه نفعية في التفكير، ويميل الى تجنب الصراع في المواقف الضاغطة والتفكير خارجي التوجه والذي يتميز محتواه بالانشغال بتفاصيل الأمور والاحداث الموجودة في البيئة الخارجية [1].
تعريف اضطراب الألكسيثيميا
تعرف الألكسيثيميا بأنها سمة وجدانية معرفية تتضح من خلال القصور في التعامل مع المشاعر والحالات الانفعالية ، تظهر فى صورة صعوبة التعرف على المشاعر الذاتية للآخرين نتيجة غياب الكلمة المعبرة وصعوبة التواصل النفسي والوجداني ونقص القدرة على التخيل المرتبط بالمشاعر، ومن ثم النقص فى مهارة التعامل مع الآخرين [2]
وفي نفس السياق عرفت بأنها حالة من المعاناة التي يعجز فيها على تحديد ووصف المشاعر وعدم القدرة على التعبير عنها لفظيا وصعوبة التمييز بين الانفعالات والأحاسيس الجسدية.
مظاهر اضطراب الالكسيثميا:
ثمة نماذج متعددة لتناول مظاهر وأعراض الألكسيثيميا وتكاد تتفق جميعها على ان مظاهر اضطراب الألكسيثيميا تتضح من خلال صعوبة تحديد المشاعر الذاتية والتفكير الموجه للخارج ونقص قدرة الطفل على التخيل كما وصف كل من فراويلي Frawley وسميث smith (2001) أعراض الألكسيثيميا في سبعه مكونات مثمثلة في[3]:
- ضعف القدرة على وصف المشاعر الذاتية.
- صعوبة فهم الرموز والتعبير المعتد عن المشاعر والامنيات.
- عجز الفرد عن التعبير عن المشاعر.
- التفكير الموجه للخارج .
- صعوبة التمييز بين الحالة الانفعالية والأحاسيس الجسدية.
- ضعف القدرة على التعبير الانفعالى من خلال الوجه.
- كذلك نقص قدرة الفرد على التعاطف.
كما أن من مظاهر الألكسيثيميا، فقر في الخبرات التخيلية، يتسم الاطفال المصابون بالالكسيثميا بنقص القدرة على التخيل والتصور والتفكير في المستقبل وعدم القدرة على تفريغ الطاقة الوجدانية والفشل في وصف انفعالاتهم في صورة رمزية أو لفظية[4].
أنواع اضطراب الالكسيثميا:
تنقسم الالكسيثميا إلى ثلاثة أنواع ، يمكن اجمالها فيما يلى[5]:
- الألكسثيميا الأساسية وهى الحالات التي ترجع أسباب اصابتها إلى الاسباب العصبية حيث الانقطاع الوظيفي للالياف الترابطية بين نصفى المخ، مما يعكس قصورا في القدرة على تآزر النشاط فى أنظمة تشغيل المعلومات المعرفية والتخيلية والانفعالية لكل من نصفي المخ.
- الألكسيثيميا الثانوية وتعزى لعدد من العوامل النفسية التي تتسبب في احداث خلل وظيفي في الممرات العصبية المتعلقة بمعالجة المشاعر والانفعالات ذات الصلة بالوظائف المعرفية.
- الألكسيثيميا كسمة شخصية، حيث ضعف القدرة على التفكير الموجه للخارج وقصور في تنظيم الانفعالات.
- الألكسيثيميا التفاعلية، ومن أهم ملامحها، صعوبة التمييز بين الانفعالات فضلا عن تمركز الفرد خول ذاته.
المداخل النظرية المفسرة للألكسيثيميا:
ثمة نظريات عديدة يمكن فى ضوئها تفسير اضطراب الالكسيثيميا، يمكن عرضها فيما يلى[6]:
نظرية التحليل النفسي:
يعزو التحليليون الألكسيثيميا الى الاخفاق في ترميز الصراع والفشل فى تكوين صور ذهنية للجسد ، وفى ضوء ذلك يتصف الافراد ذوى الالكسيثميا بنقص مفهوم الذات وكتب الانفعالات مما يؤدى الى الاصابة بالاكتئاب الاساسي depression essential لا تظهر خلاله أعراض الاكتئاب الانفعالية ويهيئ الفرد للإصابة بالأمراض السيكوسوماتية.
نظرية التأثير النمائي:
أشار لين lane وشوارتز Schwartz (1988) إلى العلاقة بين التطور الانفعالى Emotional development للطفل وبين نمو اللغة وتطورها عبر مراحل عمر الطفل، حيث أن تطور الجانب اللغوى يساعد على الوعى بالقدرة الانفعالية التي تمكن الطفل من وصف وتحديد مشاعره.
النظرية النيوروسيكولوجية:
فسر الباحثين أعراض الالكشيثميا في ضوء تحديد الارتباطات العصبية من خلال الملاحظات الاكلينيكية التى لاحظوها على مرضى المخ المقسوم split brain المرضى الذين تجرى لهم جراحات لقطع الالياف الترابطية بين نصفى المخ والمعروفة باسم الجسم الجاسي corpus callosum.
والذين ظهرت عليهم أعراض خاصة الألكسيثيميا ولا سيما ضعف التخيلات وصعوبة وصف المشاعر ووجود نمط من التفكير العملي والخارجى.
ويرى العديد من الباحثين أن النقطة الاساسية فى النموذج النيورولوجي للالكسيثميا هو صعوبة تكامل الخبرات الوجدانية التى يتم معالجتها من قبل النصف الايمن وخاصة المتعلقة بالتواصل اللغوى والتي يقوم بها النصف الأيسر.
وتتسق هذه النتائج مع الفرضية القائلة بأن الألكسيثيميا والاضطرابات المصاحبة لها قد تتضمن درجات متفاوتة من اضطراب الترابط بين التمثيلات غير اللفظية non verbal representations للانفعال والتي توجد في النصف الايمن وبين القدرة البارزة على استخدام الكلمات والرموز (التمثيلات اللفظية) التي تعد من وظائف النصف الايسر.
النظرية التكاملية:
يفسر المدخل التكاملي الألكسيثيميا وفقا لثلاثة أبعاد رئيسية متمثلة في:
- التنشئة الاجتماعية واكتساب التعبير اللفظى وغير اللفظى عن الانفعالات .
- ظام الاستجابة المعرفية.
- نظام الاستجابة الفسيولوجية.
وتقدم هذه الابعاد الثلاثه اطاراً متكاملاً لتفسير الالكسيثميا وعلاجها نظرا لكونها متعددة الاسباب ، ففي حالة السواء تسهم عملية التنشئة الاجتماعية في بناء الشخصية ومن ثم تغذية الاطفال ببناء معرفی مشبع بمعاني الانفعالات والأحاسيس.
[1] متولي، محمد عبدالقادر علي. (۲۰۱۹). علاقة الالكسيثميا بالضغوط النفسية لدي والدي أطفال ذوي إضطراب التوحد مجلية الجامعة الإسلامية بغزة – شئون البحث العلمي والدراسات العليا – مج ٢٧ – ع٤ ص ١١٠ – ١٤٤
[2] البحيري، محمد . (۲۰۰۹). إسهام بعض المتغيرات النفسية في التنبؤ بالألكسثيميا لدي عينة من الأطفال ذوي صعوبات التعلم القراءة الموهوبين موسيقياً، مجلة دراسات نفسية مجلد (۱۹) ص ۸۸۳-۸۱٥
[3] ياسين، حمدي محمد ومكاوي، لمياء محمد (۲۰۲۰). الكفاءة الذاتية المدركة للأمهات واعراض الألكسيثيميا لأطفالهن الذاتويين (دراسة إرتباطية مقارنة) المجلة المصرية للدراسات النفسية العدد ۱۰۹ – المجلد الثلاثون – أكتوبر.
[4] متولي، محمد عبدالقادر علي. (۲۰۱۹). مرجع سابق ص 115.
[5] Albantakis, L., brandi, M., Zillekens, I., Henco, L. (2020). Alexithymia and Autistic traits, relevence for and Socia phobia in Adolts with or without Autism id depression and Comorbid spectre disorder. Autism 2020 Vol. 24 (8) 2046- 2056.
[6] bagby, ti, parker, Jeg taylor, G (1994), the twenty Alexithymia scale-1. ite Selection and cross Validation structure. Journal of psychosomatic research, 38, 23 -32.
