ظهر مصطلح التدخل المبكر ضمن التقرير الذي قدمه وليم ويلكوكس مقرر لجنة البيت الأبيض للتخلف العقلي عام 1961، عندما أشار إلى أن ظاهرة التخلف العقلي تبدو منتشرة في بعض قطاعات من المجتمع الأمريكي تتسم بخصائص معينة، هي: انخفاض مستوى التعليم والدخل، وفقدان الوعي الصحي والاجتماعي
مما يستلزم رسم خطط تدخليه في الأحياء التي تتميز بذلك للتعامل مبكراً مع ظاهرة التخلف العقلي كحلول سريعة، إضافة إلى الخطط القومية طويلة المدى لعلاج هذه المشكلة.
ومنذ هذا الحين بدأ الاهتمام ببرامج الكشف والتدخل المبكرين، وكان من أول هذه البرامج وأكبرها ما أطلق عليه مشروع هيدستارت عام 1965، الذي أُعد بهدف استثارة نمو الأطفال المحرومين ممن ينتمون إلى أسر فقيرة
وتقديم خدمات التربية الخاصة المبكرة للأطفال المعوقين بأنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال دمجهم مع الأطفال العاديين في مرحلة ما قبل المدرسة.
ونظراً لمبررات وفوائد برامج التدخل المبكر على كل من الطفل والأسرة والمجتمع، فقد حظيت برامج التدخل المبكر اليوم باهتمام كبير من الجهات المعنية في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في معظم دول العالم.
وتوجهت أنظار المهتمين في تربية ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في الآونة الأخيرة إلى الخدمات والبرامج التي تقدم للأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة
وذلك لإدراكهم لأهمية التدخل المبكر مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وإيماناً منهم بأن برامج التربية الخاصة للأطفال المعاقين دون سن السادسة “مرحلة ما قبل المدرسة” تعتبر حجر الزاوية لنجاح برامج التربية الخاصة.
إلا أن الاهتمام بمرحلة ما قبل المدرسة في الدول العربية لا يزال دون المستوى المطلوب، فقد تركز الاهتمام على مرحلة التعليم الأساسي لذوي الاحتياجات الخاصة.
مفهوم التدخل المبكر :
يعتبر التدخل المبكر من أهم أنظمة دعم الأسر حيث يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإكتشاف الإعاقه قبل حدوثها، ويعتمد على الكشف النمائي والإختبارات البيئية والصحية والوراثية وعوامل تتعلق بالأم الحامل وفترة الحمل وفترة الولادة وما بعدها
والأطفال الذين يعانون من حالات داون أو كبر الراس أو صغرها، وحالات الإعاقة غير الظاهره، وحالات ولادة الطفل الضعيف أو غير القادر على التحكم بعضلاته
وهناك مؤشرات أخرى متعددة تحتاج إلى تدخل مبكر، حيث يكون الطفل أبطئ من الآخرين في الحركة أو الكلام أو المشي، لذلك لابد من تشكيل فريق من ذوي الاختصاصات المختلفه، للعمل على تلبيه هذه الحاجات قدر الإمكان.
ويشمل التدخل المبكر الاطفال منذ الولادة وحتى سن المدرسة، لأن الأطفال يعتمدون بشكل كبيرعلى والديهم لتلبية حاجاتهم، وهذا من شأنه أن يجعل تركيز برامج التدخل المبكر على تطوير مهارات أولياء الامور لتمكنهم من القدرة على مساعدة أطفالهم على النمو التعلم.
ويعرف التدخل المبكر: بأنه نظام متكامل من الخدمات التربوية والعلاجية والوقائية التي تقدم للاطفال منذ الولادة وحتى سن ست سنوات ممن لديهم احتياجات خاصه نمائية وتربوية والمعرضون إلى مخاطر الإعاقه المبكره لاسباب متعددة.
تعريف جمعية الأطفال المعوقين للتدخل المبكر
وتعرف جمعية الأطفال المعوقين التدخل المبكر بأنه التدخل العاجل قبل ظهور الصعوبات وذلك لمساعدة الأطفال من ذوي الاحتياجات وأسرهم فهو نظام خدمات تربوي وعلاجي وقائي يقدم للأطفال منذ الأيام أو الأسابيع الأولي بعد ولادتهم وخاصة لمن لهم في خطر حسب المنظور العلمي الذي يعتمد على التاريخ الأسرى ومسار الحمل وحالة الولادة وما بعدها لتحديد ذلك.
وعلى ذلك فإن المقصود بالتدخل المبكر كل ما يبذل من جهود من قبل المتخصصين بهدف اكتشاف أوجه الخلل أو القصور وتحديدها
سواء في نمو الطفل قبل ولادته وبعدها أم في بيئته الأسرية أو في كليهما، والتي يخشى أن تؤدي إلى صعوبات أو مشكلات نمائية حالية أو أخطاء مستقبلية محتملة، وتحد من مقدرته على القيام بوظيفة أو أكثر من الوظائف الأساسية اللازمة للحياة اليومية والتوافق بمجالاته ومستوياته المختلفة.
كما يعني التدخل المبكر تلك الإجراءات الهادفة المنظمة المتخصصة التي يكفلها المجتمع بقصد منع حدوث الإعاقة أو الحد منها والحيلولة دون تحولها – في حالة وجودها – إلى عجز دائم، وكذلك تحديد أوجه القصور في جوانب نمو الطفل الصغير
وتوفير الرعاية العلاجية والخدمات التعويضية التي من شأنها مساعدته على النمو والتعلم، علاوة على تدعيم الكفاية الوظيفية لأسرته، والعمل على تفادي الآثار السلبية والمشكلات التي يمكن أن تترتب على ما يعانيه الطفل من خلل أو قصور في نموه، أو التقليل من حدوثها، وحصرها في أضيق نطاق ما أمكن ذلك.
ويشتمل مفهوم التدخل المبكر على مجموعة الاجراءات والعمليات التي تعمل على سرعة تقديم الخدمات الوقائية والعلاجية الشاملة والتي تماثل خدمات الوقاية والرعاية الصحية الأولية، وكذلك البرامج التأهيلية والتربوية والنفسية اللاحقة
وبهذا المفهوم الشامل فان خدمات التدخل المبكر يتم تقديمها مباشرة للأطفال أنفسهم، وكذلك أسرهم أو أولياء أمورهم، إضافه إلى أن هذه الخدمات المبكرة يمكن أن تكون على مستوى البيئة والمجتمع المحلي، وكذلك من خلال التقليل من الحواجز أو العوائق المتواجدة في البيئة المحلية
وكذلك تطوير وتحسين إجراءات السلامة المتوفرة محلياً ومن ثم العمل أيضًا على تعزيز وتنمية التوعية الاجتماعية بمشكلات الإعاقه والآثار السلبيه المترتبة عليها.
وفي المقابل وضحت عبيد 2000 مفهوم التدخل المبكر حيث أشارت إلى أن هذه السنوات الثلاث أو الأربع الأولى من حياة الطفل هى الأهم على الاطلاق .
ويقصد بالتدخل المبكر تلك المحاولات التي تبذل بقصد تحديد بعض المتغيرات في الفرد أو في البيئة مما يساعد على التنبؤ بالوضع النمائي للفرد في المراحل التالية ويشير التدخل المبكر أيضًا الى أساليب التدخل التي يمكن أن تتخذ في المراحل المبكرة من النمو بما يدعم جوانب القوه في الفرد. وبما يقلل من تأثير الإصابات ومظاهر الضعف.
والتدخل المبكر يتطلب في معظم الأحيان نماذج وأساليب متعددة الأبعاد تمكن من القيام بأفعال وإجراءات بعيدة المدى خلال العملية النمائية وبالنسبة للكشف المبكر عن حالات الإعاقه فقد ازدادت المعرفة العلمية مؤخرًا بالعوامل البيولوجية والبيئية التي تجعل الأطفال عرضة للخطر
ومن هذه العوامل عمر الام عند الولاده دون سن الثامنه عشر أو أكثر من 35 سنة و تعرض الأم الحامل للأمراض المزمنة وسوء التغذيه أو للعوامل الخطرة الأخرى (كالكحول، والأشعة، والعقاقير،…. ألخ) وتتوفر حاليًا أدوات وأساليب مختلفه للكشف المبكر عن الإعاقه مثل فحص السائل الامينوسي واختبار أبجار.
وعرفته يحيى (2003) بأنه مجموعة من الخدمات الطبية والاجتماعية والتربوية والنفسية المقدمة للأطفال دون عمر السادسة الذين يعانون من إعاقه أو تأخر نمائي أو الذين لديهم القابليه للتأخر والإعاقه.
ويشير الباحث مورس (1982) إلى أن التدخل المبكر يكون أكثر فاعلية عندما يحدث في أسرع وقت ويكون مكثفًا، وعندما يشارك أولياء الامور بنشاط في فعالياته، وعندما يستثمر القدرات المتبقيه لدى الاطفال المعاقين.
تصنيف حالات الإعاقة التي تستطيع الاستفادة من خدمات التدخل المبكر
ويمكن تصنيف حالات الإعاقة التي تستطيع الاستفادة من خدمات التدخل المبكر في التالي:
- الاطفال الاكثر عرضة للإصابة من ناحيه وراثية أو بيئية.
- الاطفال المتاخرون نمائيًا.
- والاطفال المتاخرون حركيًا.
- الاطفال الذين يعانون من اضطرابات في التواصل.
- الاطفال الذين يعانون من مشكلات سلوكية.
- والاطفال الذين يعانون من اضطرابات شديدة.
- المصابون في أحد الجوانب الحسيه التالية (السمعية- البصرية – السمعية والبصرية معًا).
وبذلك يتضمن التدخل المبكر تقديم خدمات متنوعة طبية واجتماعية وتربوية ونفسية للأطفال دون السادسة من أعمارهم، الذين يعانون من إعاقة أو تأخر نمائي أو الذين لديهم قابلية للتأخر أو الإعاقة.
وبالرغم من أن الاطفال الصغار في السن الذين لديهم إعاقة أو تاخر يشكلون فئات غير متجانسة إلا أن ثمة أوجه شبه كبيرة في الخدمات التي يحتاجون إليها فهم من ناحية أطفال صغار في السن وعليه فهم كغيرهم من الأطفال في هذه المرحلة العمرية المبكرة يعتمدون اساسًا على أسرهم لتلبية احتياجاتهم.
لذلك فان برامج التدخل المبكر تركز بالضروره على تطوير مهارات أولياء الأمور لمساعده أطفالهم على النمو والتعلم وفقًا لما يعرف بالخطة الفردية لخدمة الأسرة
ومن ناحيه ثانية فبما أن الأطفال المعوقين أو المتأخرين أطفال لديهم خصائص ومواطن ضعف متباينة إلى حد كبير فإن حاجاتهم وحاجات أسرهم متعددة ومعقدة وليس باستطاعة أي تخصص منفرد أن يقدم لهم كافة الخدمات اللازمة أو يعمل على تلبيتها بشكل كامل ومتكامل
ولذلك فثمة حاجة للعمل من خلال فريق متعدد التخصصات مع الأطفال المعوقين وأسرهم، وبالطبع فإن الحاجات الفريدة الموجودة لدي الطفل في مجالات النمو اللغوي والعقلي والاجتماعي – الانفعالي والعناية بالذات هي التي تقرر طبيعة التخصصات التي ينبغي توافرها في الفريق والأدوار المتوقعة من كل متخصص.
وبما أن برامج التدخل المبكر تعني بالاطفال في مرحلة عمرية تتباين فيها قدراتهم وحاجتهم تبياينًا هائلًا فإن مناهج وأساليب التدخل تختلف وتتنوع حيث ثمة فروق كبيرة جدًا بين طفل عمره شهرين وطفل عمره سنتان و طفل ثالث عمره أربع سنوات.
كذلك فإن برامج التدخل المبكر قد يستفيد منها أطفال يعانون من كافه انواع الاعاقه، وثمة فروق كبيرة أيضًا بين طفل لديه شلل دماغي وأخر لديه ضعف حسي وثالث لدي تخلف عقلي وهكذا
فعلى الرغم من أن هناك بعض برامج التدخل المبكر التي تسمى بالبرامج الفئوية تعنى بتقديم الخدمات إلى فئات إعاقه محددة كالإعاقات البصريه مثلًا إلا أن معظم برامج التدخل المبكر غير فئوية، بمعنى انها تعني بأي طفل لديه إعاقة.
استنتاج حول التدخل المبكر
وفي ضوء ما سبق من توضيح لمفهوم التدخل المبكر يمكن تحديد بعض النقاط الأساسية المرتبطة بمفهوم التدخل المبكر:
- هو مجموعة من الإجراءات المنظمة التي تهدف إلى تشجيع أقصى نمو شامل ومتكامل للطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة (المعاق) في جميع النواحي (الجسمية، والمعرفية، والنفسية، والاجتماعية، والانفعالية).
- يقدم للأطفال دون عمر السادسة من ذوي الاحتياجات الخاصة.
- التدخل المبكر يكون أكثر فاعلية عندما يحدث في أسرع وقت ويكون مكثفًا.
- سرعة تقديم الخدمات الوقائية والعلاجية الشاملة والرعاية الصحية.
- تدعيم الكفاية الوظيفية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم.
- تطوير مهارات أولياء الأمور لمساعده أطفالهم على النمو والتعلم.
- تختلف نماذج وأساليب التدخل المبكر باختلاف نوع الإعاقة وشدتها وسرعة التعرف عليها واكتشافها مبكرًا.
- الهدف النهائي للتدخل المبكر يعتمد على تطبيق سياسات وقائية بهدف تقليل نسب حدوث أو درجة شدة مسببات العوق والعجز.
- معظم برامج التدخل المبكر غير فئوية، بمعنى انها تعني بأي طفل لديه إعاقة.
التنبيهات : بحث عن علاج صعوبات القراءة والكتابة | معلومة تربوية