يُعد التفاؤل Optimism أحد السمات النفسية المهمة التي لها دوراً بارزاً في الحياة اليومية، وفي العلاقة بالآخرين، ويُعبر التفاؤل تعبيراً صادقاً عن الرؤية الإيجابية للحياة سواء كانت في الحاضر أو المستقبل، ومن الصفات الأساسية لأي شخصية ناجحة.
هو يزرع الأمل ويبث الطمأنينة والسكينة في النفس، مما يجعل التفاؤل طريق الصحة والسعادة والسلامة، أي أن له علاقة بالرضا الذاتي عن الحياة والتوافق مع خبراتها المختلفة.
والشخصية المتفائلة تُعبر عن امتلاك الفرد لتوقعات إيجابية عامة نحو الأشياء التي تمر به وتولد لديه الإحباط، فالتفاؤل يُعتبر بمثابة ميكانيزم نفسي يساعد على التطور والنجاح، ولذلك فهو يتصرف ويستجيب بفاعلية وسعادة، ويستطيع تطور حياته نحو الأفضل بنفسه ولا يتطلب المساعدة من الآخرين.
أما الشخصية المتشائمة فتعبر عن امتلاك صاحبها لتوقعات سلبية عامة نحو هذه الأشياء التي تمر به وتوصله بالتالي إلى حياة رتيبة، تمتاز بعدم الاهتمام واللامبالاة والتعاسة.
فهو يرى الفشل بأنه مأساة لا يمكن الخروج منها. وهو عادةً لا يستطيع وضع حلول ناجحة لمشاكلة اليومية، مما يجعله دائم السؤال وفي حالة من التردد والشك، ولا يستطيع الاعتماد على نفسه فهو كثيراً ما يطلب المساعدة من الآخرين لتأدية أبسط الأعمال والوظائف.
وعلى الرغم من أهمية التفاؤل في الحياة الانسانية بشكلٍ عامٍ، وفي الدراسات النفسية بشكلٍ خاص إلا أن تاريخ الاهتمام بهذا المفهوم حديثاً نسبياً، حيثُ أن الاهتمام بدراسته لم يتحقق بشكل منظم إلا في أواخر السبعينات من القرن الماضي.
وقد ظهر على المستوى العالمي أول كتاب متخصص تأليف(Tiger, 1979) والذي أسهم في بلورة هذا المجال تحت عنوان” التفاؤل بيولوجية الأمل”
تعريف التفاؤل Optimism:
يُعرفه Taylor (1998,915) بأنه نزعة تفاؤلية إلى توقع عام للنتائج على أنها إيجابية أكثر من كونها سلبية، وتُشير النزعة التشاؤمية إلى توقع عام لحدوث نتائج سلبية أكثر من الايجابية وهذه تُعتبر سمة نسبية ثابته للفرد[1].
ويذهب كلٌ منScheir & Carver (2001, 11) بأنه النظرة الإيجابية والإقبال على الحياة والإعتقاد باحتمال حدوث الخير أو الجانب الجيد من الأشياء بدلاً من حدوث الجانب السيء، والشخص المتفائل هو ذلك الشخص الذي يتوقع الأحداث الجيدة في المستقبل[2].
والتفاؤل هو استعداد إنفعالي ومعرفي مُعمم، ونزعة للإستجابة انفعالياً تجاه الآخرين، وتجاه المواقف، وتجاه الأحداث بطريقة إيجابية وواعده، وتوقع نتائج مستقبلية جيدة ونافعة. والمتفائل أكثر ميلاً للاعتقاد بأن الأمور الطيبة ستحدث الآن وستكون مُبهجة وسارة وستستمر لتسعده(أحمد إسماعيل،2001، 54)[3].
كما يُشيرEy & Hadley(2005,551) إلى أن التفاؤل بكونه مكون معرفي Cognitive Structure يتكون من مجموعة من التوقعات حول مستقبل الفرد وهذه التوقعات بمثابة علاقات ايجابية ممزوجة بالأمل Hopeful، وأن التفاؤل يُشكل بعداً هاماً من الحياة العقلية والطبيعية للفرد[4].
فالأفراد الذين لديهم نظرة تفاؤلية للمستقبل يدركون الأحداث السالبة كأحداث مؤقتة أو عابرة، وهم أكثر نجاحاً في النواحي الدراسية والمهنية والمجالات السياسية وأقل إحساساً بالقلق أو الاكتئاب في حياتهم.
ويذكر عادل المنشاوي(2006، 6) أن التفاؤل هو توقعات الفرد بأن الأحداث والمواقف المستقبلية تتجه نحو الأفضل والجانب الايجابي[5].
وفي موضع آخر يُعرفSeligman(2006, 56) التفاؤل بأنه الأُسلوب أو الطريقة التي يستخدمها الفرد لزيادة التحكم الشخصي، ويعتقد أن التفاؤل يُعد تحت مستوى الأمل Hope وهو ميل أو توجه الجوانب الإيجابية في الحياة[6].
ويعرفه Baldwin, Mclntyre & Hardaway (2007, 3)بأنه اتجاه يشمل الأشياء الإيجابية للحياة كما يرتبط بمزاج أقل اضطراباً في الاستجابة نحو أحداث الحياة[7].
ويرىSuberamanian & Phil(2008, 5) بأنه توقعات الأفراد الإيجابية في معظم الحالات ويعتبر واقياً للأفراد عند مواجهة الأحداث الضاغطة، فهو يرتبط بالصلابة، وله تأثيرات جسمية ناتجة عن الضغوط المؤذية للصحة الجسدية والنفسية خاصةً عندما يضع الانسان تفسيرات تشاؤمية للأحداث التي يواجهها والتي من الممكن أن تضعف الوظائف النفسية والفسيولوجية لديه، أو تؤثر على سير المريض له[8].
ويضيف مرعي سلامة(2012، 119) بأن التفاؤل هو الميل لاعتبار الأشياء والأمور تسير في الإتجاه الأفضل، فالشخص المتفائل يعكس الثقة في التوقع لحدوث شيء إيجابي وجيد لحدث معين[9].
وتوضح سناء سليمان(2014، 19) أن التفاؤل عبارة عن استعداد انفعالي ومعرفي مُعمم، ونزعة للاعتقاد أو الاستجابة انفعالياً تجاه الآخرين، وتجاه المواقف، وتجاه الأحداث بطريقة إيجابية.
بالإضافة إلى توقع نتائج مستقبلية جيدة ونافعة، والميل أكثر للاعتقاد بأن الأمور الطيبة ستحدث الآن وستكون مبهجة وسارة وستستمر لتسعده، بالإضافة أيضاً إلى أن التفاؤل هو الشعور بالرضا والفرح والسرور والسعادة، وما ينعكس عنه من أثر إيجابي على كسب الإنسان وعلى عمله وتوجهه نحو فعل الخير[10].
بينما تُعرفه مرفت عبد الجواد(2015، 372) بأنه نظرة الفرد المستبشرة للحياة والمليئة بالأمل للحاضر والمستقبل، وهو الموجه الإيجابي للفرد نحو ذاته وحاضرة ومستقبله[11].
ويشير رمضان حسن(2016، 311) إلى أنه نظرة الطالب الإيجابية نحو الحياة بصفة عامة والحياة المدرسية بصفة خاصة، بحيثُ تٌساعده على تقبل خبرات الفشل والنجاح التي تمر بحياته الدراسية والعامة، ويعتبرها خبرات يمكنه الاستفادة منها في المرات القادمة[12].
استنتاجات حول تعريف التفاؤل Optimism
مما سبق يتضح أنه على الرغم من تعدد التعريفات التي تناولت التفاؤل وكذلك تعدد وجهات النظر بين من يعتبره حاله ومن يعتبره سمة، فإن جميع هذه التعريفات على أن الشخصية المتفائلة تعبر عن امتلاك الفرد لتوقعات إيجابية عامة نحو الأشياء التي تمر به وتولد الاحباط.
فالتفاؤل يعتبر بمثابة ميكانيزم نفسي يساعد على مقاومة الكآبة والفشل واليأس، وتعزيز وجهة النظر التفاؤلية، مما يساعد الفرد على تعلم المهارات المختلفة والنجاح في انتقائها ويكون أكثر قدرة على مواجهة الصعاب.
وطبقاً للتعريفات السابقة يمكن استخلاص بعض خصائص التفاؤل Optimism والتي تتمثل فيما يأتي :
- أن الشخص المتفائل يُفكر في النجاح أكثر من الفشل، وفي التقدم أكثر من التأخر.
- يميل إلى جانب الثقة أكثر من الميل إلى جانب التردد.
- يثق بما يفعل، وتفاؤله منبع نشاطه وقوته.
- يتعامل المتفائل مع المواقف والأحداث السلبية بإيجابية ونجاح.
- معالجته للمواقف والمعلومات تكون بمرونة كبيرة.
- النظرة المشرقة للمستقبل.
- توقع أفضل النتائج.
- التفكير في النجاح والسعي إليه.
- التركيز على نقاط القوة دون نقاط الضعف.
[1] Taylor, K. ,& Shepperd, J. (1998). Bracing forth worst: Severity, testing andfeedback as moderators of the optimistic bias. Personality and Social, Psychology Bulletin, 24, 915-926.
[2] Scheier,M.,& Carver,C.(2001). Optimisme, Pessimism and self-regulation(Ed), Optimisme and Pessimism implication for theary. Research and Practice, 31-55.Washington, American psychological Association.
[3] أحمد السيد محمد اسماعيل(2001). التفاؤل والتشاؤم وبعض المتغيرات النفسية لدى عينة من طلاب جامعة أم القرى. المجلة التربوية، 15(60)، 51- 81..
[4] Ey,S.,& Hodley,W.(2005). A new measure of childrens optimisme and pessimism, The youth life orientation test. Journal of child psychology and psychiatry, 46, 548- 558
[5] عادل محمود المنشاوي(2006). التنبؤ بالتفاؤل والتشاؤم في ضوء بعض المتغيرات النفسية والديموغرافية لدى عينة من طلاب كلية التربية. مجلة التربية المعاصرة، 23(74)، 1- 16.
[6] Seligman,M.( 2006). Learned Optimisme: How to change your mind your life. New York. Pocker books.
[7] Baldwin,D. R, Mclntyre, A.& Hardaway, E.(2007).” Percived Parentin Styles on College Students Optimism”. College Students Journal, 41(3), 2-9.
[8] Suberamanian, S .,& Phil, D. V.. (2008). Hardiness and Optimism as Moderator Of Cogntive emotion regulation Strategies in Coping Negative Life events by adolescents, Bharathiar Universit.
[9] سناء محمد سليمان(2010). السعادة والرضا: أمنية غالية وسعادة راقية. القاهرة: عالم الكتب.
[10] مرعي سلامة يونس(2012). علم النفس الايجابي للجميع، مقدمة، مفاهيم، وتطبيقات في العمر المدرسي. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية.
[11] ميرفت عزمي زكي عبد الجواد(2015). التسامح والتفاؤل كمنبئ بطيب الحياة النفسية لدى عينة من المراهقين. مجلة كلية التربية بالإسكندرية، 25(5)، 363- 423.
[12] رمضان علي حسن(2016). برنامج تدريبي قائم على بعض عادات العقل في تنمية التفاؤل لدى ذوي صعوبات التعلم من تلاميذ المرحلة الابتدائية. مجلة كلية التربية- جامعة بنها، 27(107)، 303- 367.