علم نفس الشخصية هو فرع من علم النفس يهتم بدراسة الأنماط والصفات الشخصية التي تميز الأفراد عن بعضهم البعض، يهدف هذا العلم إلى فهم كيفية تشكل الشخصية وتطورها عبر الزمن، وكذلك تحليل العوامل التي تؤثر في سلوك الفرد وتفسير تفاعله مع الآخرين ومحيطه.
تشمل مجالات دراسة علم نفس الشخصية مفاهيم مثل الأنا والهوية والصفات الشخصية. الأنا تعتبر مركز الوعي والشعور بالذات للفرد، في حين تمثل الهوية التصوير الذاتي للشخص وتتضمن المعتقدات والقيم والأهداف التي يحملها.
والصفات الشخصية هي سمات ثابتة ومستدامة تصف الشخصية، مثل الانفتاح أو الانطوائية أو الكرم أو العصبية وغيرها. تاريخيًا، يعود تأسيس علم نفس الشخصية إلى القرن التاسع عشر، وقد تطور وتنوع مع مرور الوقت.
تم تقديم العديد من النظريات والنماذج لشرح تشكل الشخصية وتأثير العوامل المختلفة عليها. يشتمل بعض النماذج المعروفة في علم نفس الشخصية على نموذج الشخصية الخماسية Big Five ونظرية النمو الشخصي لكارل روجرز ونظرية تشكل الشخصية الاجتماعية لألبرت بانديورا وغيرها([1]).
أهداف علم نفس الشخصية
أهداف علم نفس الشخصية تتنوع وتشمل مجموعة من الأهداف الرئيسية. وإليك بعض الأهداف الشائعة لعلم نفس الشخصية([2]):
- فهم الشخصية: يهدف علم نفس الشخصية إلى فهم طبيعة الشخصية البشرية وتشكلها. يسعى لتحديد الأنماط والصفات المميزة التي تصف الأفراد وتميزهم عن بعضهم البعض.
- التنبؤ بالسلوك: يسعى علم نفس الشخصية إلى تطوير القدرة على توقع سلوك الأفراد بناءً على صفاتهم الشخصية وسياقاتهم. وبالتالي، يمكن استخدام هذه المعرفة للتنبؤ بكيفية تفاعل الأفراد مع الآخرين ومحيطهم.
- التنمية الشخصية: يعمل علم نفس الشخصية على تعزيز التنمية الشخصية والنمو الذاتي للأفراد. يهدف إلى تعزيز الوعي بالذات، وتعزيز القدرات الشخصية، وتعزيز الصحة النفسية والعاطفية.
- التوافق والعلاقات الشخصية: يهدف علم نفس الشخصية إلى فهم كيفية تفاعل الأفراد مع بعضهم البعض وتأثير العوامل الشخصية في العلاقات الشخصية. يسعى إلى تعزيز التوافق والتفاهم في العلاقات وتحسين جودة العلاقات الشخصية.
- التطبيقات العملية: يسعى علم نفس الشخصية أيضًا إلى تطوير تطبيقات عملية في مجالات مختلفة مثل التوظيف والتعليم والاستشارات الشخصية والتنمية المهنية. يمكن استخدام مفاهيم وأدوات علم نفس الشخصية لمساعدة الأفراد والمجتمعات في تحقيق أهدافهم وتطوير طاقاتهم الشخصية.
تتعدد الأهداف في علم نفس الشخصية وتتفاعل مع تطور المجال والاهتمامات البحثية المختلفة. ومن المهم أن يتم تحقيق هذه الأهداف من خلال البحث العلمي والتطبيق العملي لإثراء فهمنا للشخصية البشرية.
علم نفس الشخصية يشمل عدة فروع وتوجهات مختلفة التي تركز على جوانب محددة من الشخصية وتفاعلاتها. وإليك بعض الفروع الرئيسية في علم نفس الشخصية:
فروع علم نفس الشخصية([3]):
1 – علم نفس الشخصية الوصفي Descriptive Personality Psychology
يهتم بهذا الفرع بوصف وتصنيف الصفات الشخصية المختلفة وتحليل أنماط الشخصية للأفراد. يستخدم هذا النهج الأدوات المتعددة مثل استبيانات الشخصية والمقابلات والملاحظات للحصول على بيانات وصفية حول الشخصية.
2 – وعلم نفس الشخصية التجريبي Experimental Personality Psychology
يركز هذا الفرع على إجراء التجارب والدراسات العملية لفهم العوامل التي تؤثر في تشكل وتطور الشخصية. يستخدم المنهج العلمي لتصميم التجارب وجمع البيانات لفحص فروضية وتأكيد العلاقات السببية بين المتغيرات الشخصية.
3 – علم النفس الاجتماعي Social Personality Psychology
يركز هذا الفرع على دراسة التأثيرات الاجتماعية على تشكل الشخصية وسلوك الفرد. يبحث في كيفية تأثير العوامل الاجتماعية مثل العلاقات الاجتماعية والثقافة والمجموعات على تكوين الشخصية وتفاعلاتها.
4 – وعلم نفس الشخصية السريري Clinical Personality Psychology
يركز هذا الفرع على تشخيص وعلاج الاضطرابات الشخصية والمشاكل النفسية. يتعامل مع الأفراد الذين يعانون من صعوبات في التكيف وتشكل الشخصية التي تؤثر سلبًا على حياتهم الشخصية والاجتماعية.
5 – علم نفس الشخصية الثقافي Cultural Personality Psychology
يهتم بهذا الفرع بفهم تأثير العوامل الثقافية على تشكل الشخصية واختلافاتها بين الثقافات المختلفة. يدرس كيفية تأثير القيم والمعتقدات والتوقعات الثقافية على تشكيل وتعبير الشخصية.
هذه هي بعض الفروع الرئيسية لعلم نفس الشخصية. تعمل هذه الفروع معًا لتوفير فهم شامل للشخصية وعوامل تشكلها. قد تتداخل هذه الفروع في البحوث والدراسات لتحقيق أهداف مشتركة في فهم الشخصية البشرية.
أهمية علم نفس الشخصية :
علم نفس الشخصية له أهمية كبيرة للفرد في عدة جوانب من حياته. وإليك بعض الأهميات الرئيسية لعلم نفس الشخصية للفرد([4]):
- فهم الذات: يساعد علم نفس الشخصية الفرد على فهم ذاته بشكل أعمق. من خلال دراسة جوانب الشخصية مثل الصفات والميول والقيم والاهتمامات، يمكن للفرد أن يكتشف من هو وما يميزه عن الآخرين. يساعد هذا الفهم على تحقيق الوعي الذاتي وتطوير النمو الشخصي.
- تحسين العلاقات الشخصية: يمكن لعلم نفس الشخصية مساعدة الفرد في فهم الآخرين وتوقع سلوكهم وتفاعلاتهم. فهم الاختلافات في الشخصية بين الأفراد يمكن أن يؤدي إلى تحسين التواصل والتفاهم في العلاقات الشخصية والعملية.
- توجيه مسارات الحياة: يمكن أن يساعد علم نفس الشخصية الفرد في اتخاذ قرارات مهمة بشأن مسار حياته. عندما يكون الفرد على دراية بصفاته وميوله ومهاراته، يمكنه استخدام هذه المعرفة في اختيار مجالات الدراسة أو العمل التي تتوافق مع قدراته واهتماماته.
- تطوير المهارات والقدرات: يمكن أن يساعد علم نفس الشخصية الفرد في تطوير مهاراته وقدراته. من خلال فهم نقاط القوة ونقاط الضعف الشخصية، يمكن للفرد توجيه جهوده نحو تحسين نقاط الضعف والتطوير المستمر لنقاط القوة.
- التحسين المهني: يمكن أن يؤثر علم نفس الشخصية بشكل كبير على التنمية المهنية للفرد. يساعد في تحديد المهن والوظائف التي تتوافق مع صفات الشخصية واحتياجاته الشخصية. كما يمكن استخدام مفاهيم علم نفس الشخصية في تطوير مهارات القيادة والاتصال وإدارة الوقت في سياق العمل.
إجمالًا، يعتبر علم نفس الشخصية أداة قوية للفرد لفهم نفسه بشكل أفضل، وتحسين علاقاته، وتحقيق نجاح شخصي ومهني. يمكن للفرد الاستفادة من هذه المعرفة لتحسين جودة حياته وتحقيق رضا شخصي أكبر.
([1]) Cervone, D., & Pervin, L. A. (2019). Personality: Theory and research. John Wiley & Sons.
([2]) Funder, D. C. (2015). The personality puzzle. WW Norton & Company.
([3]) Mischel, W., & Shoda, Y. (1995). A cognitive-affective system theory of personality: Reconceptualizing situations, dispositions, dynamics, and invariance in personality structure.
([4]) Pervin, L. A., Cervone, D., & John, O. P. (2020). Personality: Theory and research. John Wiley & Sons.
