البيئة

طبيعة العلاقة بين التربية والبيئة

طبيعة العلاقة بين التربية والبيئة

العلاقة بين التربية والبيئة علاقة وثيقة ليست جديدة، فالتربية تقدم في المضمون التعليمي معلومات بيئية متعددة ذات ارتباط بالمجتمع، وهي لم تقم أصلا إلا لتعليم ماهو موجود في البيئة وطرق الإفادة منها.

ولهذا ظهرت الدعوة إلى الأخذ بالمدخل البيئي أو التربية البيئية التي تأخذ فيها البيئة وضعا جديدا باعتبارها وسيلة وغاية، فالبيئة مصـدر إثراء للعملية التربوية.

وفي الوقت ذاته فإن التربية تهدف إلى المحافظة على البيئة ورفع مستواها وتطويرها. ومن ناحية أخرى فإنه يلزم أن نفرق بين دراسة البيئة والتربية البيئية فقد لا تؤدي دراسة البيئة إلى تربية بيئية.

ولكن إذا تمكن المتعلم من خلال دراسته للبيئـة مـن فـهـم العلاقات المعقدة التي تربط الإنسان بجوانب بيئته واكتسب القيم والاتجاهات المرغوبة التي توجه سلوكه نحو بيئته، فإن دراسة البيئة في هذه الحالة تؤدي إلى تربية بيئية.

أهمية المحافظة على البيئة.

إن للمحافظة على البيئة أهمية بالغة مرتبطة بحياة الإنسان والكائنات الحية الأخرى، حيث إن هناك علاقة طردية قوية بين صحة الإنسان وسلامته وسلامة البيئة ونقائها.

ومن ناحية أخرى فإن ترشيد استخدام موارد البيئة والمحافظة عليها من التلوث يقع بشكل أساسي ورئيسي على عاتق كل فرد من أفراد المجتمع عن طريق تربيتهم تربية بيئيا تركز على إنماء الوعي البيئي لديهم.

والتعريف بأهم الموارد الموجودة في البيئة وطرق استخدامها، والآثار الصحية الناتجة عن تلوثها وترشيد استهلاكها والحد من تلوثها.

وذلك انطلاقا من أنه يمكن عن طريق التربية البيئية تنمية سلوك الأفراد للعمل على حماية البيئة وترشيد استخدامها لما فيه مصلحة الإنسان والبيئة مقا، لذلك لابد وأن نحسن إعداد الأفراد حتى يمكننا المحافظة على مواردنا وصيانتها من المشكلات القائمة والمنتظرة، فالأساس في صيانة البيئة وتنمية مواردها هو حسن إعداد الإنسان بما يتمشى ومصلحة الفرد والمجتمع على حد سواء.

وبالتالي فهناك حاجة ملحة وماسة إلى الاهتمام بالتربية البيئية في مختلف مراحل التعليم لإعداد الإنسان المتفهم لموارده البيئية، المدرك لظروفها، الواعي بما يواجهها من مشكلات وما يتهددها من أخطار، والقادر على المساهمة الإيجابية في التغلب على هذه المشكلات والحد من تلك الأخطار.

ولقد ازداد الاهتمام بالتربية البيئية في العقود الأخيرة نتيجة معايشة التأثيرات غير المرغوب فيها والناتجة عن عدم الوعي البيئي، هذا في الوقت الذي ازداد فيـه تعـداد السكان في العالم، وانتهاج الدول للتقدم التكنولوجي والصناعي.

مما كان له أثر كبير في إحداث مشكلة التلوث البيئي والتي أصبحت تحيط بـنـا مـن كـل جـانـب فـي الهواء الذي نتنفسه والمياه التي نشربها والطعام الذي نأكله.

تأثير البيئة على صحة الانسان

ولكل ذلك تأثير على صحة الإنسان. ومن الملاحظ أن الإنسان لم يتبع منهج الله ومن أجل هذا ظهرت وتفاقمت مشكلات البيئة وتدهورت أنظمتها، واختل توازنها فنشأت الحروب المدمرة (الحربين العالميتين الأولى والثانية) في ظرف ربع قرن، أكلت من البشر ما لا حصر له، وما زالت آثارها تتوالى مع الأجيال.

وفي مواجهة هذه المشكلات البيئية المستمرة، كان من الضروري اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد منها، وعقدت العديد من المؤتمرات والندوات والمؤلفات العلمية المواجهة تلك المشكلات البيئية،.

وقد توصلت المؤتمرات والندوات والمؤلفات العلمية إلى عدد من التوصيات والمقترحات ساعدت حكومات الدول على إصدار تشريعات منظمة العلاقة الإنسان بعناصر البيئة مثل: تحریم صيد الحيوانات المعرضة للانقراض، وإلزام المصانع بالتخلص من نفاياتها بطرق صحية.

وأيضا المحافظة على نظافة المياه من بقايا ونفايات وزيوت السفن والناقلات البحرية، وتنقية الأجواء من التلوث الغازي والإشعاعي وغيرها من مجالات التشريعات البيئية.

التلوث البيئي.

وعلى الرغم من أهمية الإجراءات التشريعية والعلمية والتكنولوجية في صيانة البيئة والمحافظة عليها، فإن الإنسان يبقى دائما العامل الأول والمهم الذي يتوقف عليه تحقيق الأهداف المرجوة في هذا المجال. ذلك لأن الإنسان هو الأساس للإفادة من هذه الإجراءات والمعنى بها، ثم إنه يضطلع بمهمة صيانة بيئته، وهذا لا يتحقق إلا بحسن إعداد هذا الإنسان وتربيته.

كما أن القوانين وحدها لا تستطيع أن تحقق الغرض المرجو منها في هذا المجال، | إن لم تستند إلى وعي تام و إدراك يصل إلى ضمير الإنسان، ويترجم إلى سلوك يحافظ على البيئة وما فيها.

ناهيك عن أن القوانين التي تستهدف المحافظة على البيئة كي تحقق الغرض الذي صدرت من أجله ينبغي أن تستند إلى مناخ قوي من الرأي العام.

ولا يتم ذلك إلا بتوعية الأفراد داخل المدرسة وخارجها، من هنا برز دور التربية نحو البيئة ومن هنا عقدت المؤتمرات والحلقات الدراسية من قبل اليونسكو والهيئات الدولية والإقليمية لتوضيح مفهوم التربية البيئية وأهميتها في حياة الإنسان.

مؤتمرات حماية البيئة.

من هذه المؤتمرات مؤتمر استكهولم ۱۹۷۲، بلغراد ۱۹۷۵، تبليسي ۱۹۷۷)، وقد دعت هذه المؤتمرات إلى إدراج المفاهيم البيئية في المناهج الدراسية وكيفية إعداد المعلم وتدريبه، وكذلك إنشاء برنامج دولي للتربية البيئية يتناول جميع مراحل التعليم داخل المدرسة وخارجها.

استنتاج.

يتضح مما تقدم أن التربية البيئية أصبحت ضرورة ملحة نظرا لعجز القوانين والتشريعات التـي تحـد مـن إهدار واستنزاف وتلويث البيئة، وأنها لم تستند إلـى وعـي وإدراك يصل إلى ضمير الإنسان، ويتحول إلى قيم اجتماعية إيجابية، وضوابط للسلوك الذي يحافظ على البيئة من كل ما تتعرض له من مشكلات يسببها لها الإنسان.

وهذا لن يتم إلا بحسن إعداد الإنسان في هذا المجال وتربيته تربية بيئية داخل المدرسة وخارجها، ذلك أن تربية الإنسان بيئيا تساهم في إعداده وتنشئته على السلوك السوي مع بيئته ممـا يساعد على القضاء على تلك المشكلات.

الأمر الذي يؤدي إلى اكتساب الوعي الكامل بالبيئة والوصول إلى أعماق مشكلاتها، والخلل الموجود فيها ومحاولة تشخيصه وعلاجه عن طريق ما اكتسبه من التربية البيئية من معارف ومفاهيم ومهارات واتجاهات سليمة نحوهـا.

كمـا تساهم فـي اكتسـاب قـيـم منـهـا المشـاركة مع الآخـريـن فـي حـمـايـة البيئـة ومساعدتهم على تنمية الشعور بالمسئولية تجاه المشكلات التي تحتاج لحلول عاجلة.

وهذا يمكنهم من اتخاذ القرارات والإجراءات السريعة المناسبة لحلها، وتجنب حدوث مشكلات بيئية أخرى، ولعل ذلك يوضح أن حماية البيئة هي مسألة تربوية بالدرجة الأولى.

السابق
اختيار مشكلة البحث وتحديدها
التالي
مفهوم التربية البيئية ومحددات التعريف

اترك تعليقاً