في بداية الحديث عن علاقة علم اللغة بالعلوم الأخرى يمكن تعرف أهم تلك العلوم التي يرتبط بها علم اللغة بالعلوم الأخرة كعلم اللغة وعلم الاجتماع وعلم الأجناس كالتالي.
أ- العلاقة بين علم اللغة وعلم النفس:
زاد الاهتمام بالبحث اللغوي في النصف الأول من القرن العشرين زيادة كبيرة حيث قامت فرق بحث من اللغويين وعلماء النفس بالبحث بدقة وعمق في قضايا اللغة، وبخاصة دراسة السلوك اللغوي الذي يمثل أحد جوانب الالتقاء بين علم اللغة وعلم النفس.
وتعتبر المدرسة السلوكية ورائدها سكينر من أهم المدارس التي قامت بدراسة السلوك اللغوي واعتبار ظاهرة اللغة كعادة سلوكية، تقوم على افتراض مؤداه: “تتكون الخبرة لدي الفرد عن طريق الارتباطات الشرطية بين المثير والاستجابة بالنسبة إلى الوحدة اللغوية
والرمز الذي تشير إليه هذه الوحدات مما يحدد استجابات المعني بالنسبة إلى الفرد، أي أن تلك الاستجابات تتحدد تبعا لنوع الخبرة التي تكونت”.
وعلاوة على ذلك فإن الارتباطات التي تحدث فيما بين المثيرات والاستجابات، والتي تؤثر في سلوك الفرد المتحدث بطريقة معينة فإنها في واقع الأمر هي المسئولة الأولي عن جميع تكرارات الوحدات اللغوية التي توجد في عينات كبيرة من مخرجات اللغة.
وإذا كان معظم اهتمام علم اللغة باللغة المنطوقة أو بالعبارات المنطوقة عند صدورها من الجهاز الصوتي للمتحدث، وأثناء مرورها في الهواء ثم استقبال الجهاز السمعي للمخاطب لها، فإن العمليات العقلية (التفكير – التذكر) التي تسبق صدور العبارات المنطوقة لا تدخل في إطار علم اللغة
ولا يهتم بها علماء اللغة قدر اهتمام العاملين في علم النفس، فاللغويون يهتمون باللغة عند صدورها، ولا يهتمون بالعمليات العقلية السابقة عليها، ولا يهتمون بالعلاقة بين الجهاز العصبي والجاهز النطقي عند التحدث حيث أن ذلك من اهتمامات علم النفس،فاللغة عندما تصل إلي الجهاز السمعي للمتلقي والذي ينقلها إلي الجهاز العصبي تحدث عمليات عقلية أخري يبحثها علم النفس.
وخلاصة القول يختص علم النفس بدراسة السلوك الإنساني وإدراك الرسالة المستقبلة، ويهتم علماء اللغة بدراسة اللغة المنطوقة عند صدورها من الجهاز الصوتي للمتحدث عبر الهواء إلي المتلقي، من حيث التراكيب وقواعد اللغة ومختلف الظواهر اللغوية
دراسة السلوك اللغوي
بينما تمثل دراسة السلوك اللغوي أحد جوانب الالتقاء بين علم اللغة وعلم النفس من حيث الدراسة، ويري بعض اللغويين وعلماء النفس أن دراسة السلوك اللغوي إسهام مثمر لا لفهم اللغة فحسب، بل لتكوين النظرية العامة في علم النفس، يضاف إلي ما سبق يمكن للسلوك اللغوي أن يحدد بدرجة كبيرة ملامح شخصية الفرد من حيث العادات اللفظية وأسلوب الفرد في التعبير والكشف عن شخصيته بوجه عام.
وتطورت الدراسات اللغوية والنفسية في السنوات الأخيرة الماضية لتجعل من جوانب العلاقة بين علم النفس، وعلم اللغة فرعا مستقلا بذاته وهو:
- علم النفس Psycholinguistics
- وعلم النفس اللغة Psychology Of Language
- علم النفس اللغوي Psychology linguistics
وفي أوائل الخمسينات من القرن الماضي تناول علم النفس اللغوي المناهج اللغوية لوصف المخرجات بالنسبة لمستعملي اللغة، وبالأخص تحليل الوحدات اللغوية إلى الصوتيات، وبناء الكلمات وتركيب الصيغ. وكل ذلك مما يؤدي إلى تكوين وحدات سيكولوجية كما توجد في الرسائل (أي الكلمات والجمل)، فكل شيء في اللغة إنما هو في جوهرة نفسي.
ب- العلاقة بين علم اللغة و علم الاجتماع:
تعتبر اللغة أهم مظاهر السلوك الاجتماعي، كما أنها تعتبر أوضح سمات الانتماء الاجتماعي للفرد، وقد استفاد الباحثون في العلوم الاجتماعية من نتائج البحوث اللغوية من عدة جوانب باعتبار أن اللغة تعد من مظاهر السلوك الاجتماعي.
ومن ناحية أخري توجد أمثلة كثيرة توضح ما أفادت به الدراسات الاجتماعية اللغوية، ومن بين هذه الأمثلة:
- دراسة الألفاظ ودلالتها تتم في إطار اجتماعي وحضاري.
- التغيرات اللغوية لا تفسر إلا في ضوء الظروف الحضارية الاجتماعية.
- المواقف الاجتماعية توثر في مستويات اللغة وتلك المستويات تحدد مسار التعبير اللغوي الذي يحدث في مجتمع من المجتمعات.
وهناك علوم لها اتصال مباشر بالعلوم الاجتماعية وهي:
- علم الاجتماع اللغوي Sociology Of Language
- علم اللغة الاجتماعي Sociolinguistics
- وعلم اللغة الأنثروبولوجية Anthropological linguistics
- علم الأنثروبولوجيا اللغوية Anthropological linguistics
ج- العلاقة بين علم اللغة، و علم الأجناس البشرية وعلم ما قبل التاريخ:
الخطوط التي تحد هذه العلوم قد لا تكون دائما واضحة ومتميزة فاللغة في هذين العلمين ما هي إلا أداة فقط لتدوين الأحداث والحقائق.