صعوبات التعلم

ما هو اضطراب اللغة النمائي

ما هو اضطراب اللغة النمائي

اضطراب اللغة النمائي ، يستخدم البشر اللغة استخدام الكلمات المنطوقة أو المكتوبة أو لغة الإشارة وفهمها بغرض التواصل. لمشاركة الأفكار والمشاعر، وكذلك لفهم أفكار الآخرين ومشاعرهم، ويستخدم العديد منّا اللغة بشكل يومي ولا نعطي لأنفسنا برهة من الزمن للتفكير فيها.

تخيل الآن كيف سيكون الوضع إذا واجهت صعوبة في فهم ما يقوله الناس لك أو في صياغة أفكارك في صورة كلمات، وفكر في مدى صعوبة مشاركة القصص التي تمر بها، أو فهم الأمور التي يطلب منها معلمك فعلها.

أو أن توضح لأصدقائك سبب شعورك بالانزعاج. هذا هو الشعور الذي قد ينتابك عندما تكون مصابًا باضطراب اللغة النمائيهو حالة مرضية خفية ولكنها شائعة، تتسبب في صعوبة استخدام اللغة أو فهمها أو كليهما معًا..

ما هو اضطراب اللغة النمائي؟

يعتبر اضطراب اللغة النمائي – ويُطلق عليه اختصارًا (DLD) من الحالات المرضية الخفية ولكنه شائع للغاية ويُشير المصطلح إلى أن الطفل يواجه صعوبة في استخدام اللغة أو فهمها أو في كلا الأمرين.

يُعرف الأطفال المصابون باضطراب اللغة النمائي بتأخر قدراتهم اللغوية مقارنة بقدرات الأطفال الأصحاء من الفئة العمرية نفسها، على الرغم من أنهم غالبًا ما يتمتعون بالقدر نفسه من الذكاء.

إن وجود مشكلة في اللغة يعني أن الأطفال المصابين باضطراب اللغة النمائي قد يجدون صعوبة في الاختلاط مع زملائهم في الفصل، والبَوْح بمكنوناتهم، والتعلم في المدرسة.

فهذا النوع من الاضطراب شائع للغاية، فإذا كان فصلك في المدرسة يضم 28 طالبًا، فسيوجد في فصلك طالبان تقريبًا مصابان باضطراب اللغة النمائي.

وهو حالة مرضية تستمر مدى الحياة. فعلى الرغم من أن هذا الاضطراب يُكتشف ويُعالج عادة في البداية في مرحلة الطفولة، فإنه لا يختفي عادةً عندما يكبر الطفل، كما يوجد العديد من البالغين المصابين بهذا الاضطراب أيضًا

لماذا يُطلق عليه اضطراب اللغة النمائي؟

على مر التاريخ، أُطلِق على مشكلات اللغة التي يعاني منها الأطفال العديد من الأسماء المختلفة، فعلى سبيل المثال، قيل إن هؤلاء الأطفال يعانون من “ضعف لغوي محدد” أو “تأخر في اللغة” أو “اضطراب في اللغة“، إلى جانب ذلك من مسميات أخرى.

ونظرًا لوجود العديد من المسميات المختلفة المستخدمة لوصف مشكلات اللغة التي يعاني منها الأطفال، كان يصعب على الاختصاصيين (مثل الأطباء وعلماء النفس وواختصاصيي أمراض النطق واللغةهو أخصائي يقيم ويعالج حالة المرضى من جميع الأعمار الذين يعانون من اضطرابات الكلام أو اللغة أو التواصل أو البلع.

التحدث مع بعضهم البعض حول هذه المشكلات؛ لأن كلًا منهم كان يستخدم اسمًا مختلفًا للتعبير عن المشكلات. كما أن استخدام مصطلحات متعددة لوصف الاضطراب نفسه يعني أنه كان من الصعب على الباحثين تقصي هذه المشكلات لمعرفة كيفية مساعدة هؤلاء الأطفال.

وفي عام 2015، اجتمعت مجموعة من الخبراء من جميع أنحاء العالم لحل هذه المشكلة .

واتفق الخبراء فيما بينهم على استخدام مصطلح “اضطراب اللغة” لوصف المشكلات اللغوية المستعصية التي لن تختفي على الأرجح. هذه المشكلات اللغوية تصعب على الأطفال التواصل مع الآخرين، أو النجاح في المدرسة.

يعاني العديد من الأطفال من اضطراب اللغة إلى جانب إعاقات أخرى؛ مثل متلازمة داون أو اضطراب طيف التوحد، إلا أنه يمكن أن يعاني الأطفال الآخرون من اضطراب اللغة وحده دون وجود أي إعاقة أخرى. وبالنسبة لهؤلاء الأطفال، اتفق الخبراء على أنه يجب استخدام مصطلح “اضطراب اللغة النمائي”.

لم يسمع الكثير من الأشخاص عن اضطراب اللغة النمائي بالرغم من شيوعه، ولهذا السبب فإن مشاركة المعلومات حول طبيعة هذه الحالة يُعد من الأمور المهمة للغاية.

لماذا يُصاب بعض الأطفال باضطراب اللغة النمائي؟

الإجاب عن هذا السؤال معقدة للغاية، فعلى الرغم من كثرة الأبحاث التي تتناول اضطراب اللغة النمائي، فإننا لا نعرف سبب إصابة بعض الأطفال بهذا الاضطراب دونًا عن غيرهم. من المحتمل أن يكون هذا الاضطراب نتيجة لخليط من عوامل مختلفة، بما في ذلك:

1- السمات البيولوجية:

قد يلعب التركيب البدني لجسم الطفل دورًا في إصابته باضطراب اللغة النمائي أو عدم إصابته به، وغالبًا ما يكون هذا الاضطراب حالة وراثية مما يعني أن الجينات التي يحصل عليها الطفل من والديه قد تكون هي العامل المؤثر في إصابته بهذا الاضطراب أو عدم إصابته به.

قد تلعب أيضًا الطريقة التي يتكون بها مخ الطفل وكيفية تفاعل الأجزاء المختلفة من المخ مع بعضها البعض دورًا في الإصابة بهذا الاضطراب من عدمها.

2- الإدراك المعرفي:

يختلف كل طفل في طريقة استقباله لمعلومات جديدة، وطريقة تفكيره في تلك المعلومات واستخدامها، يُطلق على هذه العمليات مصطلح الإدراك المعرفي. إذ يتسم بعض الأطفال بسرعة التفكير والبعض الآخر يفتقر إلى هذه السمة.

كما أن بعض الأطفال يمرون بذكريات جيدة في حين أن البعض الآخر يمرون بذكريات سيئة، وقد تلعب هذه الفروقات في الإدراك المعرفي دورًا في إصابة الطفل بهذا النوع من الاضطراب من عدمه.

3- العوامل البيئية:

قد تلعب البيئة التي ينمو فيها الطفل أيضًا دورًا في إصابة الطفل باضطراب اللغة النمائي من عدمه. فيمكن لبيئة الطفل أن تزيد من خطر إصابة الطفل بهذا النوع من الاضطراب أو تقلله. يعتقد بعض الأشخاص أن الطفل سيصاب بهذا الاضطراب إذا لم يتحدث والديه معه بشكل كافٍ، وهذا الأمر ليس صحيحًا.

هذا ولا توجد معايير بمقادير محددة من السمات البيولوجية والإدراك المعرفي والعوامل البيئية من شأنها أن تؤكد إصابة الطفل باضطراب اللغة النمائي من عدمه. فعندما يكون الطفل مصابًا باضطراب اللغة النمائي، من المحتمل أن يكون ذلك نتيجة لعوامل مختلفة تتفاعل مع بعضها البعض .

ما أنواع المشكلات اللغوية التي يعاني منها الشخص المصاب باضطراب اللغة النمائي؟

لاستيعاب أنواع التحديات التي يواجها الشخص المصاب باضطراب اللغة النمائي، من المهم أن تعرف أن اللغة معقدة للغاية، وأنه توجد طرق عديدة مختلفة يمكن أن تُعرقل تطور اللغة، فالطفل المصاب بهذا النوع من الاضطراب يظهر سمات مميزة مما يعني أنه سيواجه مجموعة فريدة من التحديات اللغوية.

وقد تختلف هذه السمات من طفل لآخر، وقد يطرأ عليها بعض التغيرات كلما يتقدم الطفل في السن. وعلى الرغم من أن كل طفل مصاب بهذا الاضطراب مميز فإنه توجد بعض المشكلات اللغوية الشائعة التي يعاني منها هؤلاء الأطفال.

ويعاني العديد من الأطفال المصابين باضطراب اللغة النمائي من صعوبة استخدام القواعد اللغوية الصحيحةهي التراكيب اللغوية وقواعدها المتبعة.، فعلى سبيل المثال، يمكن للطفل المصاب بهذا النوع من الاضطراب أن يقول هذه الجملة: “هو يلعب بالخارج ليلة أمس” بدلًا من “هو لعب بالخارج ليلة أمس”.

نجد في هذه الجملة أن الطفل لم يستخدم الصيغة الماضية من الفعل وهي “لعب” للدلالة على أن الفعل حدث في الماضي. وقد يقول الطفل المصاب بهذا النوع من الاضطراب “أنا يُذهب إلى المدرسة سيرًا على الأقدام” بدلًا من “أنا أذهب إلى المدرسة سيرًا على الأقدام”.

نجد في هذه الجملة أن الطفل لم يستخدم الصيغة الصحيحة للفعل التي تناسب هذه الجملة. فالأخطاء النحوية الواردة في تلك الأمثلة شائعة للغاية بين الأطفال المصابين باضطراب اللغة النمائي.

يعاني العديد من الأطفال المصابين باضطراب اللغة النمائي من صعوبة تمييز المقاطع الصوتية، وهذا النوع من التحديات يكون شائعًا بشكل خاص عندما يكون الأطفال صغارًا للغاية، وتختلف الطرق التي قد يعاني فيها الطفل من مشكلة تمييز المقاطع الصوتية للكلمات أثناء تحدثه.

فعلى سبيل المثال، قد لا ينطق الأطفال المصابون باضطراب اللغة النمائي بعض المقاطع الصوتية للكلمة (فيقول الطفل “طيخ” بدلًا من “بطيخ”). وقد يستخدم هؤلاء الأطفال مقاطع صوتية خاطئة عند نطق كلمات معينة (فيقول الطفل “أحمل” بدلًا من “أحمر”).

يعرف الأطفال المصابون باضطراب اللغة النمائي عددًا قليلًا من الكلمات مقارنة بغيرهم من الأطفال في نفس الفئة العمرية، ويُطلق على عدد الكلمات التي تعرفها مصطلح المفرداتهي إجمالي عدد الكلمات المختلفة التي يعرفها المرء.

وكلما يتقدم الطفل في العمر، تكون المشكلات المتعلقة بالمفردات مختلفة عن ذي قبل، فقد يتأخر الأطفال الصغار في السن المصابون بهذا الاضطراب في نطق كلماتهم الأولى مقارنة بغيرهم من الأطفال، وقد يستغرق الطفل المصاب بهذا النوع من الاضطراب مدة أطول لتعلم كلمات جديدة وتذكرها.

فحتى إذا تعلم الطفل كلمة ما، فسيواجه صعوبة في تذكر هذه الكلمة عند التحدث، ويًطلق على هذه المشكلة مصطلح “صعوبة إيجاد الكلمات”.

وكلما تقدم الطفل المصاب بهذا الاضطراب في العمر، قد لا يتعلم بشكل سليم أن بعض الكلمات لها أكثر من معنى واحد مثل كلمة “بارد” التي قد تشير إلى انخفاض درجة الحرارة أو قد تشير إلى شعور الشخص ببرودة الجو أو قد تصف الشخص غير الودود .

المشكلات التي تواجه الأطفال المصابون باضطراب اللغة النمائي

ويواجه الأطفال المصابون باضطراب اللغة النمائي مشكلات في الاستخدام الصحيح للغة في المواقف الاجتماعية، فقد يواجهون مشكلة عدم القدرة على متابعة الموضوع أو الخروج عنه أو تبادل أطراف الحديث أو فهم الجمل الطويلة، فهؤلاء الاطفال قد يصعب عليهم مشاركة المعلومات وسرد القصص.

وقد يصعب عليهم أيضًا استخدام الكلمات للتعبير عن مشاعرهم. ومن شأن الصعوبة التي يواجهها الأطفال المصابون بهذه الحالة في شرح مشكلة ما يواجهونها أن تجعل الأطفال يشعرون بالإحباط أو الغضب، وتدفعهم إلى التصرف بطرق لا يفترض أن تبدر منهم.

وعلى الرغم من أن هذه المشكلات اللغوية شائعة الحدوث لدى الأطفال المصابين باضطراب اللغة النمائي، فإنه من الضروري للغاية أن تتذكر أنه لا يوجد طفلين يتمتعان بالقدر نفسه من المهارات اللغوية أو مهارات التواصل أو قدرات التعلم.

كيف يمكننا مساعدة الطفل المصاب باضطراب اللغة النمائي؟

من المهم للغاية معرفة أن تقديم الدعم من جانب المتخصصين مثل اختصاصيي أمراض اللغة والمعلمين من شأنه أن يحدث فارقًا كبيرًا في حياة الأطفال المصابين باضطراب اللغة النمائي، وتُتخذ الخطوة الأولى لحصول الطفل المصاب بهذا النوع من الاضطراب على المساعدة عندما يدرك شخص وجود مشكلة.

هذا وقد تختلف أعراض اضطراب اللغة النمائي من طفل لآخر، وعلى الرغم من ذلك، فنحن نعلم بوجود بعض العلامات التحذيرية المتعلقة بهذا الاضطراب التي يجب أن يتذكرها كل من الوالدين والمعلمين. وإحدى العلامات التحذيرية على هذا الاضطراب هي مواجهة الطفل لبعض المشكلات الدراسية.

فاللغة عامل مهم في كل مادة، لذلك قد يعاني الطفل المصاب بهذا الاضطراب من صعوبة في فهم ما يتعلمه، وقد يشعر بالإحباط في المدرسة، وقد يحصل على درجات سيئة، ومن العلامات التحذيرية الأخرى على هذا الاضطراب هي تمتع الطفل بمهارات لغوية أقل تقدمًا من مهارات الأطفال الآخرين من نفس الفئة العمرية.

وثمة العديد من الأدلة توضح أن تقديم المساعدة – ويُطلق عليها أيضًا التدخل – للأطفال المصابين بهذا النوع من الاضطراب من شأنها أن تكون فعالة للغاية ويمكن أن تحسن مهارات الطفل اللغوية.

وعلى الرغم من أن العديد من الأطفال المصابين بهذا الاضطراب دائمًا ما يوصفون بتأخر مهاراتهم اللغوية مقارنة بأقرانهم، فإن الحصول على المساعدة يمكن أن تزيد من قدرة الطفل على التواصل والتعلم إلى أقصى حد.

 فمن خلال رفع مستوى الوعي بقدر أكبر حول اضطراب اللغة النمائي، ستصبح الحالة أقل غموضًا وستصل المساعدة للأطفال في القريب العاجل. نتحمل جميعًا مسؤولية مشاركة ما نعرفه عن اضطراب اللغة النمائي.

حتى يتمكن الباحثون والاختصاصيون من مواصلة العمل بجد كل يوم للمساعدة في جعل حياة الأطفال المصابين بهذا الاضطراب أسهل.

المصدر

السابق
النظريات التي يعتمد عليها التعليم الإلكتروني
التالي
مفهوم المحتوى الرقمي digital content