مفهوم البحث العلمي وأهدافه – تدرس مناهج البحث العلمي كمادة أساسية في الجامعات العربية والعالمية كافة في التخصصات العلمية والتقنية، وتخصصات العلوم الاجتماعية والانسانية.
وتهدف مناهج البحث العلمي الى جعل الطالب الجامعي منهجياً في تفكيره وطروحاته وبحوثه متخلصـاً مـن الجمود الفكري ومتوجهاً نحو الابـداع والتجديد والنقد والتحليل الممنهج والمنظم
إذ يجب على الطالب الجامعي أن يتجنب إصدار أية أحكام تعسفية أو الوقوع في السذاجة العلمية وهذا يعتمد على مدى تسلحه بالمنهجية العلمية وأساليب البحث العلمي وتقنياته.
وقد أصبح الهدف من تدريس هذه المادة لطلاب المراحل الجامعية الأولية والدراسات العليـا هـو إعداد الطلاب إعداداً تربوياً علمياً يؤهلهم ليصبحوا أساتذة وباحثين منهجيين وتوجيههم التوجيه الصحيح ليتفرغوا للبحوث والدراسات العلمية الأكاديمية
لأن الهدف الأساسي للتعليم الجامعي ليس هو تخريج المدرسين أو المهنيين وحسب، وإنمـا هـو تخريج باحثين أكاديميين يمتلكون الوسائل العلمية لإثراء المعرفة الإنسانية.
مفهوم البحث العلمي
ان البحث في معناه العام هو محاولة العثور على شيء معين، فالمحاولة هنا هادفة وعندما تقترن كلمة (البحث ) بصفة ( العلمي) فان ذلك يحتمل معنيين: المعنى الأول هو ان البحث يتم في مجال العلم وليس في مجال الادب أو الفن مثلاً
أما المعنى الثاني فهو التعامل مع المعرفة بطريقة منظمة بهدف اكتشاف حقائق جديدة، أو التثبت من حقائق قديمة، مع رصد وتحليل العلاقات التي تربط بين المتغيرات والعناصر المختلفة
أياً كان الموضوع الذي يتناوله البحث العلمي، في العلوم أو الفنون أو الآداب أو الحياة الاجتماعية أو الثقافة أو السياسة أو الاقتصاد… الخ. ان المعنى الثاني للبحث العلمي هو الذي يقع ضمن اهتمام مناهج البحث([1]).
والبحث العلمي هو محاولة للتوصل الى أسباب ظاهرة معينة، كشفها وكيفية حدوثها، ومعرفة العلاقة بين متغيراتها بطرق وأساليب وخطوات محددة للوصول الى الهدف.
وهناك من يعرف البحث العلمي بأنه: تقصي أو فحص دقيق من اجل اكتشاف معلومات أو علاقات جديدة ونمو المعرفة الحالية والتحقق منها.
والبحث العلمي بهذا المعنى هو التحري عن حقيقة الأشياء ومكوناتها وأبعادها ومساعدة الأفراد والمؤسسات على معرفة محتوى ومضمون الظواهر التي تمثل أهمية لديهم أو لديها، ومما يساعدهم على حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الأكثر إلحاحاً وذلك باستخدام الأساليب العلمية والمنطقية.
أهم تعريفات البحث العلمي:
وهناك تعريفات عديدة لتوضيح معنى البحث العلمي منها([2]):
يعرف وتني Whitney البحث العلمي بأنه: “استقصاء دقيق يهدف الى اكتشاف حقائق وقواعد عامة يمكن التحقق منها”.
اما بولنسكي Polansky فيعرفه بأنه : “استقصاء منظم يهدف الى اضافة معارف يمكن توصيلها والتحقق منها عن طريق الاختبار العلمي”.
ويعرف باكلي Backley البحث العلمي بانه : “البحث المنظم عن الحقيقة أو انه البحث المنظم نحو زيادة وتنمية المعرفة”([3]).
ويعرفه احمد بدر بأنه: “وسيلة للدراسة يمكن بواسطتها الوصول الى حل لمشكلة محددة، وذلك عن طريق التقصي الشامل والدقيق لجميع الشواهد والادلة التي يمكن التحقق منها والتي تتصل بهذه المشكلة”.
اما قاموس ويبستر فيعرف البحث العلمي بأنه: “تقصي واختبار الحقائق اختباراً دقيقاً”([4]).
ويعرفه قاموس اكسفورد بأنه : “التحقق المنهجي للأفكار والمعلومات ودراستها من اجل الوصول الى استنتاجات جديدة.
أهداف البحث العلمي:
يهدف البحث العلمي الى البحث عن الحقيقة بمحاولة معرفة حقائق لم تكن معروفة من قبل، أو استكمال حقائق عرف بعضها. وتقوم حقائق العلم ليس على أساس الملاحظة العشوائية وانما على أساس الملاحظة المقصودة ذات المعنى.
ويؤكد علماء المنهجية هذا المعنى فيضيفون للتعريف السابق ان البحث هو طريقة أو منهج معين لفحص الوقائع، الذي يقوم على مجموعة من المعايير والمقاييس تسهم في نمو المعرفة.
ويكتمل البحث العلمي حين تخضع حقائقه للتحليل والمنطق والتجربة والاحصاء، وحين تبث صحة فروضه وتساؤلاته العلمية ، فان هذا الامر يساعد على نمو النظرية.
ويعد البحث العلمي عملية اختراع واكتشاف وتحقق واثبات والاختراع هو: تطبيق جديد لمعرفة قائمة بالفعل، أما الاكتشاف فهو اكتشاف شيء جديد كاكتشاف قارة جديدة.
وللتفرقة بين الاكتشاف من جهة والتحقق والاثبات من جهة أخرى نذكر أن الاكتشاف يهتم بالخطوات الفنية والمنطقية التي تؤدي الى تنمية الأفكار التي تظهر نتيجة التقدم العلمي. أما الافكار التي قد تكون مثمرة أو غير مثمرة فهي تدخل في إطار التحقق والاثبات([5]).
ان البحث العلمي هو مجموعة من النشاطات التي تحاول اضافة معارف أساسية جديدة على حقل أو أكثر من حقول المعرفة من خلال اكتشاف حقائق جديدة ذات أهمية باستخدام عمليات وأساليب منهجية موضوعية.
والبحث العلمي بهذا المعنى هو الوسيلة التي يمكننا عن طريقها الوصول الى الحقيقة أو مجموعة الحقائق في موقف من المواقف، ومحاولة اختبارها للتأكد من صلاحيتها في مواقف أخرى وتعميمها لتصل الى النظرية وهي هدف كل بحث علمي.
وهو أسلوب تفكير وجهد يهدف الى تحديد المشكلة وتحليلها الى عواملها، وبالتالي افتراض حلـول واختبار هذه الافتراضات لتأكيد فعاليتها أو رفضها جزيئاً أو كلياً.
بينما يرى بعضهم الآخر البحث العلمي بأنه: جهد انساني منظم وهادف يقوم على الربط بين الوسائل والغايات من أجل تحقيق طموحات الانسان ومعالجة مشكلاته وتلبية حاجاته واشباعها، ويتضمن مجموعة من الادوات والبيانات والمعلومات المنظمة والهادفة.
والبحث العلمي في نظر بعضهم هو: نشاط علمي يتقدم به الباحث لحل أو محاولة مشكلة قائمة ذات حقيقة معنوية أو مادية أو لفحص موضوع معين واستقصائه من أجل اضافة أمور جديدة للمعرفة الانسانية، أو لإعطاء نقد بناء ومقارنة معرفة سابقة بهدف تقصي حقيقة وإذاعتها بين الناس.
ويعرف آخرون البحث العلمي على أنه : التحري والاستقصاء المنظم والدقيق، الهادف للكشف عن حقائق الاشياء وعلاقاتها مع بعضها البعض ؛ وذلك من أجل تطوير أو تعديل الوضع الممارس لها فعلا بإتباع أساليب ومناهج علمية محددة للحقائق العلمية بقصد التأكد من صحتها أو تعديلها وإضافة الجديد لها([6]).
استنتاج عام
ومما تقدم من تعريفات البحث العلمي نستطيع ان نستنتج ان جميع ن التعريفات تدور حول مضمون واحد يتمثل في دراسة مشكلة ما، بقصد التوصل الى حل لها وفقاً لقواعد علمية دقيقة.
كذلك تتفق تلك التعريفات على ان البحث العلمي وسيلة للاستقصاء المنظم والدقيق الذي يقوم به الباحث بغرض اكتشاف معلومات أو علاقات جديدة، بالإضافة إلى تطوير أو تصحيح أو تحقيق المعلومات الموجودة فعلاً، على أن يتبع في هذا الفحص الدقيق خطوات المنهج العلمي، واختيار الطريقة والأدوات اللازمة للبحث وجمع البيانات.
ولابد لنا من الاشارة الى ان البحث العلمي مسؤولية تتطلب من الباحث الأمانة العلمية، فمن الضروري في البحث العلمي صحة نقل النصوص، والتجرد في فهمها وتوثيقها ، ومن أجل هذا فإن تدوين المصادر والتعليقات في الرسائل والبحوث العلمية أمر جوهري في تقدريها.
وإن الإهمال أو الإخلال به يعتبر خدشاً في أمانة الباحث، وعيباً في البحث لا يمكن التغاضي عنه أو التهاون به ولابد للباحث ان يكون صبوراً ومثابراً وبعيد النظر، لان البحث يتطلب من الباحث المثابرة والمصابرة في سبيل الوصل إلى الغاية.
كذلك فان التأني لازم من لوازم البحث العلمي ليكون الباحث انطباعاً سليماً، أحكاماً ، ويؤسس وتقديرات صحيحة والإخلاص للبحث هو لب العمل وروحه.
([1]) ومحاولة بركات عبد العزيز: مناهج البحث الاعلامي – الاصول النظرية ومهارات التطبيق، القاهرة، دار الكتاب الحديث ، 2012، ص46.
([2]) علي معمر عبد المؤمن مناهج البحث في العلوم الاجتماعية ـ الاساسيات والتقنيات والاساليب، ليبيا، منشورات جامعة 7 أكتوبر 2008، ص75-76.
([3]) Webster’s Desk Dictionary of the English Language, New York, Portland House, 1990, P.291.
([4]) Oxford Modern Dictionary: Sixth Edition, London, Oxford University Press, 1999, p. 652.
([5]) حسين عبد الحميد احمد رشوان: العلم والبحث العلمي – دراسة في مناهج العلوم، ط 4 ، الاسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، 1989، ص25 -27.
([6]) ربحي مصحلفى عليان البحوث العلمية ومشروعات التخرج والرسائل الجامعية ـ دليل عملي، عمان، الدار المنهجية للنشر والتوزيع، 2015 ، ص14-16.
التنبيهات : العلاقة بين المعرفة والبحث العلمي | معلومة تربوية
التنبيهات : أهمية البحث العلمي ومجالاته | معلومة تربوية
التنبيهات : خصائص البحث العلمي وصفاته | معلومة تربوية
التنبيهات : خصائص البحث العلمي وصفاته | معلومة تربوية
التنبيهات : المهارات البحثية للباحث العلمي | معلومة تربوية