يُعرف التحول الرقمي بأنه إحداث تغيرات في كيفية إدراك وتفكير وتصرفات الأفراد في العمل، والسعي إلى تحسين بيئة العمل من خلال التركيز على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
بالإضافة إلى تغيير الافتراضات التنظيمية حول الوظائف الإدارية في الإدارات التعليمية، بحيث تتضمن فلسفة الوزارة وقيمها والهياكل التنظيمية، والترتيبات التنظيمية التي تشكل سلوك العاملين بما يتفق وطبيعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
كما أن كلمة التحول الرقمي تعني استخدام التكنولوجيا لدعم عمليات التغيير الجذري في العمليات المؤسسية.
أهمية التحول الرقمي
وتكمن أهمية التحول الرقمي في قدرته على الإسهام في حل مشكلات الإنسان من ناحية وفي تفعيل التنمية وتعزيز استدامتها من ناحية ثانية ويشمل ذلك جوانب اقتصادية واجتماعية وبيئية وثقافية أيضاً وتأتي التقنية لتكون عاملاً مساعداً ومحفزاً في كل هذه الجوانب.
ويسهم التحول الرقمي في تحسين تجربة العميل والمرونة والابتكار من البداية إلى النهاية. إلى جانب تطوير مصادر جديدة للإدارات والنظم البيئية التي تدعمها المعلومات مما يؤدي الى تحولات في نموذج الأعمال.
وتطرق كافي (۲۰۱۲) إلى عدة أهداف أخرى لإدارة الإلكترونيات كجزء من عملية التحول الرقمي مثل التأكيد على مساهمتها في الجودة الشاملة، وذلك بتلبية احتياجات العمل في أسرع وقت، والخروج برؤية استراتيجية واضحة من أجل الانطلاق بخطى ثابتة نحو تطبيق الإدارة الرقمية
وإلغاء نظام الأرشيف التقليدي واستبداله بنظام أرشفة إلكتروني مع ما يحمله من مرونة في التعامل مع الوثائق والمقدرة على تصحيح الأخطاء الحاصلة بسرعة ونشر الوثائق لأكثر من جهة في أقل وقت ممكن والاستفادة منها في أي وقت كان.
وبالمثل يرى عبد البديع (2015) أن التحول الرقمي نحو تطبيق الإدارة الإلكترونية هدف استراتيجي ليس على مستوى الفردي فقط وأنما على مستوى العام للمؤسسة ككل.
وظائف التحول الرقمي
أدى التطور الهائل في العصر الحالي الى حدوث تغيرات واضحة في الوظائف التقليدية للإدارة، وتحولت الى وظائف رقمية، من اجل الاستخدام الأمثل للوقت والمال والجهد والطاقات وتتمثل وظائف التحول الرقمي، كما ذكرها العياط (٢٠١٥):
1 – التخطيط الرقمي:
نتيجة للتغيرات الهائلة في مجالات تكنولوجيــــــا المعلومات والتنافسية العالية اصبح التخطيط يتم بطريقة أكثر فعالية، وقــــــادر عـلـــــــى مواكبة مختلف المستجدات والتطورات عبـــــر اعتمــــــاد المزايا الرقمية
وأصبح يعرف ب “التخطيط الرقمي” الذي يعني تحديد ما يراد عمله آنياً ومستقبلاً باعتماد تدفق معلوماتي هائل من داخل المؤسسة وخارجها
وبتعاون مشترك بين القمة والقاعدة وبالإفادة من الشبكة الالكترونية لمواجهة متطلبات الأسواق المتغيرة وحاجات الزبائن وتفضيلاتهم المحتملة وفقا لخطط طويلة الأمد ذات مرونة عالية وتجزئة واضحة لخطط آنية وقصيرة الامد.
2 – التنظيم الرقمي:
يعد التنظيم الرقمي الإطار العام لتوزيع واسع للمسؤوليات والواجبات والعلاقات الوظيفية الشبكية التي يحقق التنسيق العملي في المؤسسة، من أجل إنجاز الهدف المشترك لهـا فمع وجود الإنترنت يتم التحول من التركيز على الهياكل والخصائص التنظيمية الرسمية لمكان العمل الى التركيز على الهدف العام
ويعد الهيكل التنظيمي الرقمي أحد أهم مستلزمات التحول من الإدارة التقليدية إلى الإدارة الرقمية.
3 – التوجيه الرقمي:
يعتمد التوجيه الرقمي في المؤسســـــات علـــــى قـيــــادات قادرة على التعامل الفعال بطريقة رقمية مع الاخرين، والقدرة على تحفيزهم وتعاونهم لإنجاز الأعمال المطلوبة، كما يعتمد التطبيق الكفء للتوجيه الرقمي على استخدام شبكات الاتصالات الالكترونية المتقدمة كشبكة الانترنت
4 – الرقابة الرقمية:
هناك العديد من المزايا للرقابة الرقمية، منها: أنهــا تحقق الرقابة المستمرة بدلاً من الرقابة الدورية، وتحقيق الرقابة بالوقت الحقيقي بدلاً من الرقابة القائمة على الماضي، فهي تحقق الرقابة اللحظية بدلاً من الرقابة بالتقارير.
مما سبق يمكن القول أن وظائف التحول الرقمي تسهم في إحداث تغيرات مؤثرة في بيئة عمل مكاتب التعليم فتنقلها من إدارة النشاط المادي إلى إدارة النشاط الافتراضي، وتحقق نقلاً في الإدارة فتحولها من الإدارة وجهاً لوجه إلى الإدارة عن بعد ومتابعة سير العمل والرقابة المستدامة
كما أنها تحقق الانتقال من التنظيم الهرمي القائم على سلسلة الأوامر إلى التنظيم الشبكي، وهذا التغيرات بدورها تحقق المرونة في العمل بما يتوافق مع الاتجاهات الإدارية الحديثة.
معوقات التحول الرقمي
من الممكن أن يتعثر تطبيق أي مفهوم من المفاهيم الإدارية داخل المنظمات وذلك نتيجة لوجود إشكالات متنوعة تحول دون تطبيقه
والتحول الرقمي كمفهوم إداري يواجه العديد من المعوقات والمشكلات التي تعرقل نجاحه، ويمكن تصنيفها إلى معوقات بشرية مثل ضعف ثقافة الحاسوب عند بعض الإداريين وبخاصة القيادات العليا
إضافة إلى عدم توفر القوى البشرية المؤهلة والملمة بالمهارات الأساسية بشغل الوظائف القامة على استخدام الحاسوب والانترنت في بعض المجتمعات
وعدم كفاية برامج التدريبات اللازمة على الأجهزة الرقمية، وقلة الوعي الثقافي بتكنولوجيا المعلومات على المستوى الاجتماعي والتنظيمي.
حيث جاءت المعوقات المالية في المرتبة الأولى بدرجة موافقة كبيرة تلاها المعوقات البشرية وأخيراً التنظيمية
كما سلط الحسن (۲۰۱۱) الضوء على عدد من معوقات إدارية، منها ضعف التخطيط والتنسيق من قبل الإدارة العليا لإنجاز التحول الرقمي، سواء من جانب تحديد الوقت الملائم لبدء التنفيذ
أو استهانة بعض القيادات بضرورة متابعة خطوات مشروع التحول ومراقبة تطوراته، وسيطرة المفاهيم التقليدية البيروقراطية على أجواء العمل الإداري في المؤسسة وعدم التمكن من تجاوزها أو الحد من تأثيرها.
وبالمقابل أكدت دراسة الحكيم (2017) على عدد من المعوقات الإدارية للتحول الرقمي منها: عدم اهتمام المسؤولين في الإدارة العليا بتطبيق الأنظمة الإدارة الإلكترونية داخل إدارات التعليم.
أما المعوقات المالية التي تحول دون تعميم تطبيقات التقنية على الإدارات، او تؤخر تنفيذ هذا المشروع التقني المعلوماتي، فتتمثل في قلة الموارد المالية اللازمة لتوفير البنية التحتية للإدارة الرقمية
وعدم وجود مخصصات مالية كافية لتدريب العاملين في مجال نظم المعلومات، وارتفاع تكاليف خدمة الصيانة لأجهزة الحواسيب وشبكاتها ([1]).
([1]) آل نملان، إيمان بنت عبد الله، وآخرون. (2022). التحول الرقمي في مكاتب التعليم بمدينة الرياض من وجهة نظر المشرفات التربويات. مجلة دراسات تربوية، 23(2), 329-356.