التعليم الإلكتروني

مفهوم التعلم الذاتي Self-regulated learning

مفهوم التعلم الذاتي Self-regulated learning

إن المتتبع للجذور التاريخية لمفهوم التعلم الذاتي؛ يدرك أن النظريات والتوجهات والنماذج التي ظهرت في مجال علم النفس – خاصة نظريات التعلم – كانت تمثل روافد مهمة لهذا المفهوم، وأسهمت في بروزه، وتحديد أبعاده.

نشأة التعلم الذاتي:

وقد مهد لظهور مفهوم التعلم الذاتي عدد من الإرهاصات الأولية والتي يمكن إيجازها فيما يلي:

  1. تأكيد نظرية التعلم الإجرائي على مفهوم التعزيز الذاتي وقدرة المتعلم على التمييز بين المعززات المؤقتة والدائمة، وذات الأثر طويل المدى.
  2. تأكيد اتجاه تكوين وتناول المعلومات على مفهومي : المراقبة، والتقويم الذاتي.
  3. إسهامات نظرية التعلم المعرفي الاجتماعي، أو التعلم بالملاحظة التي قدمها (1986) Bandura في التعرف على عدد من العمليات المحددة للتنظيم الذاتي كالفاعلية الذاتية، والحكم الذاتي، وتأثير النماذج الاجتماعية.
  4. تأكيد نظرية الجشطالت على مبادئ الإغلاق والتنظيم والاستمرارية، والتي توضح أن المتعلم لا يتعلم المعلومات بصورة منفصلة، ولكن بصورة متكاملة.
  5. الأبحاث التربوية في مجال التحكم الذاتي بين الكبار، وتطورها بين الأطفال
  6. وقد كان لآراء النظرية البنائية تأثيراً في تطور التعلم ذاتي التنظيم؛ حيث تؤكد تلك النظرية على دور المهارات الذاتية في تطوير استراتيجيات للتعلم أو الأداء، كاستخدام استراتيجية التفصيل، أو أخذ الملاحظات لتعميق الفهم.
  7. حيث يفترض أن استخدام المتعلم لاستراتيجية معينة بكفاءة يتوقف على قدرته على تقسيم المهام إلى أجزاء، وتنظيم هذه الأجزاء بطريقة هرمية، مما ييسر عليه تعلم هذه المهارات.

كما أن التفسيرات المعاصرة للتعلم الذاتي تنظر إلى الطلاب على أنهم باحثون، ومجهزون نشطون لتلقي المعرفة، وهذا ما جعل الباحثون في هذا المجال يؤكدون على دور المعرفة في حماس الطلاب واتجاهاتهم ومثابرتهم، بدلاً من كونهم متلقين سلبيين للمعرفة.

فهم يشاركون بشكل نشط وفعال في أهداف تعلمهم، ويتحكمون في تحقيق تلك الأهداف([1]) ,Schunk) .2008, 119)

يتركز اهتمام البحوث في مجال التعلم الذاتي في قضية تطبيق النماذج العامة لتنظيم المعلومات والتنظيم الذاتي، في مجال التعلم الأكاديمي، ويؤكد ذلك المنحى على أن التعلم لا يتمثل في اكتساب المعلومات وتطوير المهارات فقط.

ولكن إذا لم يكتسب المتعلم القدرة على التوجيه الذاتي للتعلم والأفعال الخاصة به؛ يكون التعلم جزئيًا وقدرة المتعلمين محدودة فيما يمكنهم القيام به.

وعلى الرغم من رسوخ فكرة التعلم ذاتي التنظيم في الدراسات النفسية والتربوية؛ إلا أن ظهوره بشكل واضح كان عام (۱۹۸۹م) على يد كلّ من Zimmerman & Schunk في كتابهما التعلم ذاتي التنظيم والتحصيل الأكاديمي.

كما أن للأبحاث التي قام بها Bandura (1986) دورا بارزا كذلك في التعلم ذاتي التنظيم، من خلال نظريته عن التعلم المعرفي الاجتماعي، والتي نتج عنها العديد من الافتراضات، والتي تم اعتمادها لتفسير ونمذجة التعلم ذاتي التنظيم([2]).

مفهوم التعلم الذاتي:

يعرف (1989,329) Zimmerman التعلم الذاتي التنظيم بأنه بالعمليات التي ينشط بها الطلاب ويدعمون معارفهم وسلوكهم ومشاعرهم الوجدانية، والتي يمارس الطلاب من خلالها ضبط تفكيرهم ووجدانهم وسلوكهم عند اكتسابهم للمعارف والمهارات المختلفة.

وبالتالي يتوجهون بانتظام لتحقيق أهدافهم، ويقومون بإنشاء حلقات تغذية مرتدة ذاتياً يمكنهم من خلالها مراقبة فعالية أهدافهم وتكييف أدائهم([3]).

بينما يعرف التعلم ذاتي التنظيم بأنه عملية بنائية يضع بموجبها المتعلمون أهدافًا، ويستخدمون المراقبة في تنظيم وضبط معرفتهم وسلوكهم متقيدين بأهدافهم، ويوظفون الاستراتيجيات المعرفية والتنظيم الذاتي لعمليات ما وراء المعرفة وإدارة الوقت وبيئة الدراسة([4]).

ويشير التعلم الذاتي إلى المدى الذي يكون فيه الطلاب مشاركين نشطين ما وراء معرفيًا ودافعيًا وسلوكيًا في عمليات التعلم الخاصة بهم، ثم يقومون بتكوين أفكارهم ومشاعرهم وخطوات تحقيق أهدافهم التعليمية([5])

ويعرف بأنه دورة من الأنشطة المعرفية والأساليب التي يستخدمها الطلاب، والتي تتضمن تخطيط وتحليل وتنفيذ المهام التعليمية ومراقبة تقدمهم في تلك المهام([6]).

ويری البعض أن التعلم الذاتي يشير إلى المشاعر والأفكار والسلوكيات المولدة ذاتيًا، والموجهة نحو تحقيق الأهداف الشخصية للأفراد، الذين يتحكمون في تعلمهم، ويتمتعون بالفعالية الذاتية، ويضعون استراتيجيات لتحقيق الأهداف ومراقبة الأداء، والتفكير في النتائج.

ونتيجة لذلك؛ فهم يميلون إلى تحقيق مستوى تحصيلي أعلى من الطلاب منخفضي التعلم ذاتي التنظيم([7]).

و التعلم الذاتي أكثر من مجرد محاولات بسيطة لاكتساب المعرفة، ويرون أنه مجموعة من الأفكار والمشاعر والإجراءات التي يخطط لها الفرد ويعمل على تكييفها لتحقيق هدف ما.

ويقوم المتعلمون من خلاله في التحكم بعملية تعلمهم، وإجراء تعديلات دافعية وسلوكية للوصول إلى المعرفة وتنفيذها بشكل أكثر فعالية([8]).


([1]) Schunk, D. (2008). Social cognitive theory and self-regulated learning. In B. J. Zimmerman & D. H. Schunk (Eds.), Self-regulated learning and academic achievement: (2nd ed., pp. 119–144). New York: Springer.

([2]) فهد الردادي (۲۰۱۹) . التعلم المنظم ذاتياً والتحصيل الدراسي، (ط۱). المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية : الناسخ العلمي للطباعة والتصوير.

([3]) Zimmerman, B. (1989). A social Cognitive view of self-regulated academic learning. Journal of Educational Psychology, 81(3), 329-339.

([4]) Pintrich, P. R. (2004). A conceptual framework for assessing motivation and self-regulated learning in college students, Educational Psychology Review, 16(4), 385-407

([5]) Zimmerman, B. J. (2001). Theories of self-regulated learning and academic achievement: An overview and analysis. In B. J. Zimmerman & D. H. Schunk (Eds.), Self-regulated learning and academic achievement: Theoretical perspectives (2nd ed., 37). Mahwah, NJ: Erlbaum pp. 1

([6]) Gifford-Lemcool, K. E. (2008). Effects of coaching on self-regulated learning strategy use and achievement in an entry level nursing class (Unpublished PhD thesis). Retrieved from ProQuest.

([7]) DiBenedetto, M, K. (2018): Self-regulation in Secondary Classrooms: Theoretical and Research Applications to Learning and Performance, in M. K. DiBenedetto, (Ed) Connecting Self- regulated Learning and Performance with Instruction Across High School Content Areas, (PP.3-23) Springer International Publishing AG.

([8]) Colthorpe, K., Ogiji, J., Ainscough, L., Zimbardi, K., Anderson, S. (2019). Effect of Metacognitive Prompts on Undergraduate Pharmacy Students’ Self-regulated Learning Behavior, American Journal of Pharmaceutical Education, 83(4), 526-536

السابق
البرامج التدريبية – مفهومها وأهدافها
التالي
مفهوم التحصيل الدراسي Academic achievement