علم النفس

مفهوم القياس النفسي وأنواعه

مفهوم القياس النفسي وأنواعه

القياس النفسي عملية منهجية مخططة تعنى بالوصف الكمي المحدد لفظيا أو عدديا للصفة المراد قياسها وتستخدم فيها الاختبارات والمقاييس وهي الطريقة المنظمة لقياس عينة من السلوك وأساليب الملاحظة المختلفة والمتعددة والتي تساعدنا على الحصول على كميات أكبر من المعلومات كإجراءات ممهدة لعملية التقويم في علم النفس.

مفهوم القياس النفسي:

  • الأصل اللغوي لكلمة قياس: هو الفعل ” قاس ” ويقال قاس الشيء أي قدره , وقاس الشيء بغيره أي قدره على مثاله , والقياس هو رد الشيء الى مثيله.
  •  يعرف القياس النفسي بأنه: تعيين فئة من الأرقام أو الرموز مناظرة لخصائص أو سمات الأفراد طبقا لقواعد محددة تحديدا جيدا.
  • كما يعرف بأنه: اعطاء تقدير كمي لشيء معين عن طريق مقارنته بوحدة معيارية متفق عليها.

خصائص القياس النفسي:

يتميز القياس النفسي بمجموعة من الخصائص العامة من أهمها [1]:

  • القياس النفسي غير مباشر: بمعنى أننا لا نقيس الصفات النفسية أو التربوية كالإبداع والغضب والقدرة اللغوية والرضا والقيم الروحية بصورة مباشرة كما هو الحال في قياس الطول والوزن والحرارة , وهذا راجع إلى أن معظم الصفات النفسية صفات مجردة غير محسوسة وغير مدركة بالحواس مباشرة لكن يمكن الاستدلال عليها من خلال سلوك الفرد العملي أو اللفظي , والفحص النفسي يحاول أن يستوحي من هذه المؤشرات أو الدلائل مستوى هذه الصفة أو تلك.
  • أن القياس النفسي يقيس عينة من السلوك ( الصفة): بمعنى ان القياس النفسي لا يستغرق او يظهر كافة الصفة كما هو الحال في قياس الطول والوزن والنمو ,فحينما نقيس الذكاء أو الطمأنينة النفسية فإننا نأخذ عينة من المواقف أو نعرض الفرد إلى عينة من المثيرات أو الأسئلة التي من خلالها نستدل على حجم الصفة ومستواها وبهذا تعرف الاختبارات النفسية بأنها عبارة عن عينة من المثيرات أو المواقف أو الأسئلة التي نقيس عن طريقها مقدار صفة معينة.
  • القياس النفسي نسبي: أي أن تفسير الدرجات في المقاييس النفسية يتم من خلال مقارنة بعضها ببعض. وليس الأمر كذلك بالنسبة لوحدات الطول أو المسافة أو الوزن كالأمتار والأميال والكيلوجرامات , فلا نستطيع أن نحكم على مستوى الخجل عند طفل معين حتى نقارن درجته بأقرانه وبمتوسط من هم في عمره.
  • كما أن القياس النفسي يتضمن خطأ: فكل عملية قياس تقريبا تتضمن خطأ يسمى خطأ القياس , هذا الخطأ في القياس النفسي أكبر منه في القياس الطبيعي ويعود هذا الخطأ إلى عدة مصادر أبرزها أداة القياس والقائم بعملية القياس وحالة الشخص المرغوب قياسه وظروف التطبيق.

فلو طلبنا مثلا من ثلاثة فاحصين تحديد مستوى فرد معين في قلق اللغة الإنجليزية وكل فاحص أعد اختبارا وصححه , فإنه من المتوقع اختلاف الدرجة التي تعطى لهذا الشخص من فاحص لآخر والسبب في هذا الاختلاف قد يعود لاختلاف الاختبار أو لاختلاف ظروف التطبيق أو لاختلاف معايير التصحيح أو لأن حالة المفحوص قد تغيرت من وقت لآخر.

  • القياس النفسي كمي: أي يعتمد على لغة الأرقام فهو يحدد كميات الخاصية المراد قياسها وذلك وفق قواعد محددة سابقا تخضع لمعايير معينة.

لذلك فإن الأسلوب العلمي في القياس يعمد الى ما يسمى بتقنين الاختبار أو اداة القياس , حيث يحدد محتوى الصفة أو السلوك المرغوب قياسه تحديدا واضحا وتكون أسئلة الاختبار أو فقراته عينة ممثلة للصفة ويكون تطبيق الاختبار وتعليماته محددة واضحة وموحدة لا تختلف من شخص لآخر وتكون معايير التصحيح محددة وواحدة كما أن تفسير الدرجات والدلالات المستفادة منها مقننة.

مستويات القياس النفسي Levels of Measurement

تختلف الخصائص الانسانية في مستويات قياسها فخاصية نوع الفرد أو مستوى تعليمه أو حالته الاجتماعية تختلف في مستوى قياسها عن خاصية ترتيب الطفل بين أخوته كما تختلف عن خاصية الذكاء أو التحصيل أو الميول , فكل خاصية من هذه الخصائص تقاس عند مستوى معين من مستويات القياس ومن أكثر تصنيفات المقاييس النفسية والتربوية انتشارا واستخداما تصنيف(ستيفتر) والذي يصنف المقاييس في ترتيب هرمي إلى أربعة مستويات هي [2]:

  • المقاييس الإسمية
  • مقياس الرتبة
  • مقاييس المسافة
  • المقاييس النسبية

1 – المقاييس الإسميةScales Nominal:

ويسمى مستوى التصنيف والعد وهو أدنى مستويات القياس وفية تستخدم الأعداد كعناوين أو للإشارة الى الأشخاص فقط دون أن يتضمن المعنى الكمي للأعداد من عمليات حسابية مثل الترتيب أو الجمع أو الطرح أو الضرب أو القسمة.

ومن أمثلة ذلك الأرقام الأكاديمية للطلاب فلا يوجد معنى للتمايز بين طالبين أحدهما رقمه (100) والآخر رقمه (50) وكل ما تعنية هذه الأعداد أنها حلت محل أسماء الطلاب , ومثل هذا يقال عند استخدام الأرقام للتمييز بين الفئات مثل الذكور والإناث فقد تأخذ الذكور رقم (1) والإناث رقم ( 2).

وتتضح أهمية هذا النوع من المقاييس في حالة استخدام الأعداد لتدل على الأشخاص أو الأشياء في سهولة التعامل مع هذه الأعداد بدلا من التعامل مع أسماء الأشخاص , كما أن تصنيف الأشخاص داخل فئات يؤدي الى توفير امكانية عدهم حيث نحصل على معلومات عن عدد الأفراد داخل الفئة وخارجها وتتوفر بالتالي امكانية المقارنة بين توزيع الأفراد داخل فئات مختلفة

2- مقياس الرتبة Scales Ordinal:

 يقوم هذا المقياس على أساس وضع الأشخاص أو الأشياء في رتب لتصنيفهم من الأقل للأعلى أو العكس في السمات أو الخصائص دون اعتبار لتساوي الفروق بين أعلى رتبتين منهما , فالشخص الذي يتصف بسمة معينة أكبر من غيره يكون ترتيبه الأول والشخص الذي يليه يكون الثاني والذي يليه يكون الثالث وهكذا…..

ومن أشهر طرق القياس النفسي والتربوي التي تنتمي لهذا النوع ما يسمى (مقياس التقدير) حيث يتم تقدير الطلاب مثلا في القيادة مستخدما فئات التقدير ( جيد – متوسط – ضعيف ) ومنها أيضا مقياس الاتجاهات حيث يطلب من الفرد أن يعبر عن درجة موافقته ازاء موضوع معين بأن يختار احدى الاستجابات ( موافق جدا – موافق – محايد- معارض – معارض جدا)

كما تعتبر الارباعيات والاعشاريات والمئينيات والوسيط مقاييس رتيبية.

ويتضح مما سبق أن الأرقام المستخدمة في عملية الترتيب لا تقدم معلومة عن كم أو مقدار معين للخاصية , كما لا يتوافر معلومات عن انتظام الفروق الفردية في الخاصية , وأن موقع الفرد نسبي ومتغير وليس مطلقا أو ثابتا فهو يتأثر بالإضافة أو الحذف فإذا كان (س) هو خامس فرد في الطول بين عشرين شخصا فإن انضمام (ص) للمجموعة واحتلاله المركز الثالث يؤثر في ترتيب (س) ويجعل ترتيبه السادس.

3- مقاييس المسافة أو الفترة Interval Scales:

يتألف هذا النوع من المقاييس من وحدات يطلق عليها الأسئلة أو المفردات , كما تسمى هذا المقاييس في المجال النفسي والتربوي بالاختبارات ويحصل التلميذ على درجة في هذه الاختبارات قد تدل على الإجابات الصحيحة أو النسبة المئوية للإجابات الصحيحة من العدد الكلي لأسئلة الاختبار ومعنى هذا ان هذه المقاييس تستخدم لغة العدد وفي نفس الوقت تدل على كميات من صفة أو خاصية.

فأنت حين تقيس تحصيل تلميذ في مادة دراسية معينة فإنك عادة تعد اختبارا تحصيليا مؤلف من عدد من الأسئلة وليكن (50) سؤالا يتم تطبيقه ثم تصحيحه بطريقة عد الإجابات الصحيحة وتفترض في هذه الحالة أن التلميذ (أ) والذي حصل على درجة (40) أكثر تفوقا من الطالب (ب) الذي حصل على درجة ( 20) ومعنى هذا أن هذا المقياس يستخدم لغة العد ولغة الكم بما تتضمنه من تمايز وتفاضل , إلا أن هذا النوع من المقاييس يتسم بخاصيتين هامتين هما:

  • الأولى أن وحداته أي أسئلة الاختبار غير متساوية فبعض الأسئلة قد تكون اكثر صعوبة من الأخرى ونتيجة لعدم تساوي وحدات مقاييس المسافة لا نستطيع أن نستخدم درجاتها الخام في المقارنة المباشرة بين التلاميذ فلا نستطيع القول بأن قدرة التلميذ(أ) ضعف قدرة التلميذ (ب) أو ان قدرة (ب) نصف قدرة (أ).
  • الثانية ان هذه المقاييس ليس لها صفر مطلق الذي يدل على عدم وجود الصفة فحين يحصل تلميذ على الدرجة صفر فهذا لا يعني أنه لا يوجد لدية معلومات على الإطلاق عن موضوع الاختبار, لكنه يوجد له صفر اعتباري(فرضي) والذي لا يعني عدم وجود الظاهرة.

وحتى يمكننا المقارنة بين التلاميذ في أداؤهم على الاختبار فإننا نستخدم الدرجات المعيارية والتي لها مسافات متساوية من القيم المتتابعة ومن هنا جات التسمية بمقاييس المسافة.

والعمليتان الحسابيتان المسموح بهما في هذا المستوى هما عمليتي الجمع والطرح فقط لتساوي المسافات أو الوحدات لكن لا يمكن استخدام الضرب والقسمة لعدم وجود صفر مطلق.

ومن أشهر مقاييس المسافة: الدرجات المعيارية والدرجات التائية ونسبة الذكاء

4- المقاييس النسبية Ratio Scales :

مقاييس النسبة لها كل خواص مقاييس المسافة بالإضافة الى وجود نقطة الصفر المطلق مثل مقياس الطول , ويدل الصفر المطلق على عدم وجود الصفة المقاسة تماما فالطول يساوي صفرا يعني أنه لا يوجد طول على الإطلاق , وبذلك نستطيع القول بأن الشخص الذي طوله (180) سم ضعف الذي طوله (90) وقد جاءت تسمية هذا النوع بهذا الاسم من قابلية هذه المقاييس للقسمة أو للتعبير عنها في صورة نسبة. كما أن هذا النوع يمكن اجراء كل العمليات الحسابية علية من جمع وطرح وضرب وقسمة.

أي ان مقاييس النسبة تزودنا بالمعلومات التي في المقاييس السابقة بالإضافة الى معلومة متعلقة بالمقدار المطلق لقياس الخاصية , فمثلا لو كانت أوزان ثلاثة أفراد كالآتي 60 كجم , 50 كجم , 30 كجم فإن هذه الأرقام تدل على أن الثلاثة ليسوا متساويين في الوزن ( معلومة اسمية ) وأن الأول أكبر وزنا من الثاني والثاني أكبر من الثالث (معلومة رتيبية) وأن الفرق بين وزن الأول والثاني أقل من الفرق بين الثاني والثالث (معلومة مسافة ) وان النسبة بين الأوزان الثلاثة 6: 5: 3 (معلومة نسبية).

هذا النوع من المقاييس لا يوجد إلا قليلا في المجالات التربوية والنفسية ولا تتوافر المقاييس القليلة من هذا النوع إلا حين نقيس الخصائص النفسية والتربوية لأحداث فيزيائية من نوع ما , كأن نقيس زمن الرجع أو التعلم بوحدات زمنية كالثانية وهي مقاييس نسبية , كما أن هذا النوع من المقاييس لا يحتاج الى ادخال أي تعديلات على القيم العددية التي نحصل عليها منها حتى يمكن المقارنة بين الأفراد.

المراجع

  1. Rust, J., & Golombok, S. (2014). Modern psychometrics: The science of psychological assessment. Routledge.‏
  2. Furr, R. M. (2021). Psychometrics: an introduction. SAGE publications.‏
السابق
الخصائص الاجتماعية لأطفال التوحد
التالي
معوقات التدريس الفعال لدى المعلم

اترك تعليقاً