علم النفس اللغوي

نظريات علم اللغة وأنواعها

علم اللغة ومجالاته المختلفة

نظريات علم اللغة حيث تعد الطفولة بمراحلها المختلفة من أهم مراحل حياة الإنسان لأنها تمثل حجر الزاوية في بناء شخصيته مستقبلا، فإذا صلحت أساساته أمكنها أن تنشىء شخصية سوية تنعم بالتوافق النفسي والاجتماعي والمهني معا وإذا فسدت لبنات أساسه سوف توُقع صاحبها في الباثولوجيا وعدم السواء.

وإن الكم الهائل من الدراسات المتعلقة بالطفولة وأبعادها دليل على الاهتمام الذي يوليه كل من الوالدين والمجتمع والدول بتربية الأطفال، والذي يأتي في المقام الأول من هذا الاهتمام هو تلقين وتعليم اللغة، لأن النمو اللغوي هو من مؤشرات الصحة النفسية لدى الأطفال

فالطفل يبدأ تعلُم اللغة منذ الأيام الأولى من طفولته ولكن في واقع الأمر لا يتعلمها بالصورة المألوفة وإنما يستعد لتعلمها فالطفل في تلك المرحلة يحاول الاتصال مع الآخر وبخاصة الأم بشتى الوسائل.

وتُشكل اللغة في حياة الإنسان وظيفة اتصالية لابد منها، حيث يستخدمها كل فرد في الحديث من أجل الاتصال مع الآخرين أو التعبير عن أفكاره ومشاعره ، وهي عملية تعلّم لمجموعة رموز تتكون منها اللغة أو التي يتمثلها الطفل وتُكتسب تدريجياً عن طريق الاحتكاك مع الآخرين المحيطين به وبخاصة الوالدين وأفراد الأسرة.

ولهذا يرى المختصون بأن اكتساب الطفل للغة يختلف عن اكتسابه لمهارة المشي الذي يعتبر نتيجة للتطور والنمو والنضج البيولوجي للأعضاء والذي يعد متماثلا لدى جميع البشر.

اللغة كظاهرة ثقافية وحضارية

 وتعتبر اللغة ظاهرة ثقافية وحضارية، وهي ترتبط بالوسط الذي يعيش فيه الطفل، فالطفل قد يوجد في وسط متعدد اللغات، إلا أن اللغة التي يكتسبها هي التي يتدرب عليها ويتعلمها، ومما لاشك فيه أن موضوع اللغة يرتبط بالخصائص النمائية للطفل.

كما أن النمو اللغوي يتأثر بالعديد من العوامل العضوية، والاجتماعية والنفسية وهي محصلة التفاعل بين عوامل البيئة والوراثة، وإن معرفة هذه العوامل يفيد في معرفة وفهم العمليات النمائية المحددة للسلوك اللغوي لدى الطفل، من أجل التحكم في تلك العمليات، وتحسين قدرة الطفل اللغوية.

 ويُعد موضوع اللغة واكتسابها من الموضوعات المهمة التي شغلت بال الباحثين من علماء الطب وعلماء النفس وقد أكد هؤلاء جميعاً على أهمية عامل اللغة والكلام في القدرة على الاتصال وعلى التوافق والنمو المعرفي والاجتماعي معا.
وتُعد عملية اكتساب اللغة الشفوية حسب العقلانيين هي نتيجة لخصائص فطرية لدى الطفل، وليست نتيجة للتقليد والتعزيز مثلما ذهب إليه السلوكيون إذ يعتقدون أن تعلم الطفل للغة مكتسب، أما تشومسكى فيرى أن تعلم اللغة مستمد من قواعد عامة تتشكل كمبادئ لغوية فطرية .

وحيث نجد أن اكتساب اللغة الشفوية في الطفولة تبرز أولاً حيث يتعلم أطفال العالم كلهم أياً كانت لغتهم ولغة محيطهم بإتباع العملية نفسها وباختيار الجمل نفسها، ويكون هؤلاء الأطفال في السن نفسها على وجه التقريب، ولمزيد من التوضيح لابد من التطرّق إلى النظريات التي تطرقت لإشكالية نشأة واكتساب اللغة.

قضية نشأة اللغة و نظريات علم اللغة

ولقد شغلت قضية نشأة اللغة المفكرين على مر العصور، وتصدى لها بالبحث كثير من العلماء، والفلاسفة، واللغويين، ولكننا لا نستطيع الحديث عن نشأة اللغة وكيف يكتسبها الطفل دون التحدث عن نظرية التلخيص الارتقائي لصاحبها ارنست هيكل.

والتي تنص على أن “الأفراد في نموهم الجنيني وطفولتهم المبكرة يعيدون مراحل فترة البلوغ لأسلافهم ويتسلقون شجرة التطور ملخصين مراحلها المختلفة ” يعني مراحل التطور لكائن ما من أسلافه سابقة.

وتفترض الأنثروبولوجيا التطورية أن مرحلة الطفولة للكائن البشري توازي مرحلة الإنسان البدائي في تفكيره وفي سلوكياته وفي صيرورة اكتسابه اللغة والصراخ بنسبة للطفل هو نفسه بالنسبة للإنسان البدائي والمناغاة هي نفسها تلك المقاطع الصوتية التي كان يصدرها الإنسان القديم والغرض منها طلب تلبية حاجاته الاجتماعية والنفسية

والتعبير الأحادي أو الكلمة التي تقوم مقام الجمله هي نفسها تلك الكلمات التي أطلقها أسلافنا مُعبيرين عن الهلع والتعب، ومن أجل التعبير عن الملل والضجر فإنه يصدر المقطع الصوتي، ولكي يعبر عن الألم فإنه يعمد الى كلمة، ومازلت تلك المقاطع الصوتيه تعطي نفس المدلولات في كل المجتمعات المعاصره

وبهذا نستطيع القيام بعملية إسقاط مراحل تطور الطفل بعملية تطور الجنس البشري وبمعنى آخر ما يتعلمه الطفل في طفولته المبكرة ما هو إلا تلخيص لما عاشه لإنسان العاقل قرابة 180 ألف سنة .
وذهب كثير من العلماء إلى الاعتقاد في أن المراحل التي يجتازها الطفل في أي فرع من فروع الحياة تمثل المراحل التي اجتازها النوع الإنساني في هذا الفرع.

 إن الكم الهائل من الدراسات المتعلقة بالطفولة وأبعادها دليل على الاهتمام الذي يوليه كل من الوالدين والمجتمع والدول بتربية الأطفال، والذي يأتي في المقام الأول من هذا الاهتمام هو تلقين وتعليم اللغة، لأن النمو اللغوي هو من مؤشرات الصحة النفسية لدى الأطفال.

فالطفل يبدأ تعلُم اللغة منذ الأيام الأولى من طفولته ولكن في واقع الأمر لا يتعلمها بالصورة المألوفة وإنما يستعد لتعلمها فالطفل في تلك المرحلة يحاول الاتصال مع الآخر وبخاصة الأم بشتى الوسائل.

وتُشكل اللغة في حياة الإنسان وظيفة اتصالية لابد منها، حيث يستخدمها كل فرد في الحديث من أجل الاتصال مع الآخرين أو التعبير عن أفكاره ومشاعره ، وهي عملية تعلّم لمجموعة رموز التي تتكون منها اللغة أو التي يتمثلها الطفل وتُكتسب تدريجياً عن طريق الاحتكاك مع الآخرين المحيطين به وخاصة الوالدين وأفراد الأسرة

ولهذا يرى المختصون بأن اكتساب الطفل للغة يختلف عن اكتسابه لمهارة المشي الذي يعتبر نتيجة للتطور والنضج البيولوجي للأعضاء الذي متطابقاً عند جميع البشر

نظريات علم اللغة والمفسرة لنشأة اللغة:

لقد بُذلت جهود علمية كثيرة، وصممت تجارب عديدة من أجل تسليط الضوء على هذه الإشكالية، فلم يجمعوا على قول واحد، بل توصلوا إلى نظريات عديدة أشهرها خمس نظريات هي:

1 – النظرية التوقيفية أو الإلهامية:

 من مُسلماتها أن اللغة إلهام إلهي نزل على الإنسان فعلمه نطق أسماء الأشياء، وفي العصور الوسطى تبنى ابن فارس هذا المنحى، والجدير بالذكر في هذا المقام أن التيارات الدينية من يهود ومسيحيين ومسلمين قد تبنت هذا الطرح بسبب توافقها مع قصة الخليقة.

2- نظرية الاصطلاح والتواضع:

يرى رواد هذه النظرية أن اللغة اصطلاحية حدثت بالتواضع والاتفاق والاعتباط ومن بين من تكلموا في هذا الموضوع ابن جني حيث قال: أن أصل اللغة إنما هو تراضِ واصطلاح وذهب إلى أن أصلها لابد وأن يكون هناك مواضعه.

أي يجب توفر ثلاثة أشخاص على الأقل فيحتاجون إلى الإبانة عن الأشياء والمعلومات، فيضعون لكل واحد منها سمة ولفظاً، ثم يضيف قائلا: أن كل اللغات تجري على هذا المنوال ثم يتولد منها لغات كثيرة، ولكن لا بد لأولها أن يكون متواضعاً عليه بالمشاهدة والإيماء.

يتصور السويسري فيرديناند دي سوسير وفي نظريته البنائية الدليل اللساني على أنه صورة ذهنية تتشكل من: (دال ومدلول) حيث إن الدال هو صورة صوتية أي تلك الملفوظات المنطوقة صوتيا

أما المدلول فهو صورة ذهنية، أي ” ما يتصوره العقل” والمدلول هو مفهوم الانسان لذلك الشيء الخارجي بمعنى ذلك الموجود خارج ذهن الانسان قبل أن تصله الصورة الصوتية، وهذا المجال تدرج فيه كل الأشياء المادية والمعنوية ويسمى المرجع أو المدلول عليه.

3- النظرية الغريزية الكلامية:

وتقرر أن الفضل في نشأة اللغة يرجع إلى غريزة خاصة زود بها في الأصل جميع أفراد النوع الانساني، وإن هذه الغريزة كانت تحمل كل فرد على التعبير عن كل مدرك حسي أو معقول بكلمة خاصة به كما أن غريزة التعبير الطبيعي عن الانفعالات تحمل الانسان على القيام بحركات وأصوات خاصة (الضحك، البكاء، وتغيرات الأسارير المختلفة ..) وأن هذه التغيرات الغريزية عامل مشترك من البداية لجنس الإنسان.

ولقد وجد العالم الألماني (مكس مولر) أن اللغات الهندية الأوربية وهي إحدى اللغات الثلاث التي ترجع إليها اللغات الانسانية لها مفردات لا تتجاوز 500 أصل مشترك وأن هذه الأصول تمثل اللغة الأولى التي انشقت منها هذه الفصيلة

وتبين له من تحليل هذه الأصول أنها تدل على معانٍ كلية، وأنه لاتشابه مطلقاً بين أصواتها وما تدل عليه من فعل أو حالة ففي دلالتها على معانٍ كلية .4-نظرية التقليد والمحاكاة:

تقرر أن اللغة الانسانية نشأت من الأصوات الطبيعية (أصوات مظاهر الطبيعة وأصوات الحيوانات وأصوات الأفعال، كصوت الضرب والقطع وغير ذلك)، وسارت في سبيل الرقي شيئاً فشيئاً تبعاً لارتفاع العقلية الانسانية وتقدم الحضارات وتعدد حاجات الإنسان.

وبحسب هذه النظرية، يكون الإنسان قد افتتح هذه السبل بمحاكاة أصوات الطبيعة والمؤثرات الناتجة من الأفعال كصوت الريح  قبل أن تصله الصورة الصوتية، وهذا المجال ندرج فيه كل الأشياء المادية والمعنوية ونسميه المرجع أو المدلول عليه.

5-نظرية النمو التوليدي من نظريات علم اللغة:

 كان الاعتقاد أن اللغة تكتسب عن طريق التقليد Imitation من المسلم به حتى ثبت العكس، على يد الأخصائي ناعوم تشومسكي في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي حيث قال إنه أمر مستحيل أن يتعلم الطفل اللغة الأم بالتقليد، وإنما بملكة موجودة في الدماغ

ويؤكد تشومسكي بأنه في مرحلة من مراحل التطور البشري أي منذ حوالي 180 الف سنة حدث ما يسمى بالأنفجار اللغوي العظيم وبالتالي فإن اللغة هي نتيجة، وبمجرد امتلاك الانسان للعقل استطاع هذا الأخير من اختراع اللغة والكتابة فيما بعد

وهذا الاختراع ما هو إلا تراكم نتيجة التفاعل الانساني مع الطبيعة حيث يتعامل مع الخصائص الصوتية للأشياء وبتضافر التفكير واللغة بدأ يرمز للأشياء بأشكال مستوحاة، معطيا لها أسماء مستوحاة ثم اخترع الأبجدية لها .

وأثبتت الدراسات التي رصدت اكتساب الأطفال للغة، أنه يتبع جدولا زمنيا تفصيليا من حيث أن الطفل يبدأ بالتصويت ثم بالمناغاة، فالكلمة الواحدة فتنغيم الجملة ثم بالكلمتين معا ثم بجمل تبدو غير صحيحة، ومما لا شك فيه أن التكلّم أمر مكتسب وليس من قبيل الفطرة ولو كان ذلك لما تعددت اللغات.

وتقرر نتائج أخرى لدراسات انثربولوجيا أن مراحل تطور السلوك اللغوي واحدة بالنسبة لجميع أطفال العالم والشيء المتفق عليه هو أننا نستعمل عبارة لغة الأم لنشير إلى أن اكتساب اللغة يتم أكثر ما يتم في المراحل المبكرة من الحياة لأن هذا الاكتساب مرتبط بالأم فهي التي تراعي طفلها وتدربه على الأصوات اللغوية سواء في المجتمعات المتحضرة أو البدائية .

السابق
فروع علم اللغة الرئيسية وتصنيفاتها
التالي
الأساس البيولوجي للغة في علم النفس