علم النفس

اتجاهات حديثة في علم النفس

الاتجاهات الحديثة في علم النفس

نعرض في هذا الموضوع من معلومة تربوية عرضا موجزا لمجموعة اتجاهات حديثة في علم النفس الحديث والمعاصر على النحو التالي.

الاتجاه التطوري (جان بياجيه) [1]:

تمثل أعمال عالم النفس السويسري المعاصر جان بياجيه (1856) عن تطور نمو الأطفال قفزة رائعة الفكر السيكولوجي المعاصر بحيث صارت تؤلف مدرسة علمية متميزة في علم النفس بما فتحته من أفاق عديدة أمام حقيقة النمو النفسي للأطفال فقد بدأ بياجيه بالسؤالين الآتيين:

  • ما الخصائص التي تساعد الأطفال على التكيف مع البيئة؟
  • وما أبسط طريقة لوصف نمو الأطفال؟

بين بياجيه أن تكيف الطفل مع بيئته يتضمن التفاعل المستمر معها بحيث يؤثر ويتأثر كل منهما بالأخر مما يؤدي إلى وجود حالة من التوازن بينهما وأن الخصائص التي تساعد الطفل على التكيف مع البيئة هي التمثل Assimilation والملائمة Accommodation.

أما إجابة السؤال الثاني فقامت على أساس تحديد الخصائص النمائية لسلوك الأطفال في المراحل العمرية المختلفة فقد بين بياجيه أن الطفل في نموه يمر بمراحل وهي المرحلة الحسية الحركية، ومراحل ما قبل العمليات العقلية وهذه تتضمن مرحلتين فرعيتين: هما مرحلة ما قبل تكوين المفهوم والمرحلة الحدسية، ومرحلة العملية الحسية أو العيانية، وأخيرأ مرحلة العمليات الشكلية أو الذكاء المجرد وعلى الرغم من أن هذه المراحل تختلف بعضها عن بعض اختلافا كيفية إلا أن كلا منها يعتمد على ما قبلها.

الاتجاه السوفيتي في علم النفس [2]:

من أهم ما يميز نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين فيما يخص علم النفس هو مولد علم النفس التجريبي، ونشأة علم النفس الفسيولوجي على يد العالم الروسي بافلوف. فقد أنشأ بختريف سنة ۱۸۸۰ أول معمل لعلم النفس في روسيا بعد ست سنوات من إنشاء معمل فونت السيكولوجي في ألمانيا.

وتبع ذلك إنشاء عدد من المعامل الأخرى في أجزاء مختلفة من روسيا. وقد قدم بافلوف نظريته عن الانعكاسات الشرطية لأول مرة في عام ۱۹۰۳ وكان الاتجاه الموضوعي الذي اختاره بافلوف في دراساته الفسيولوجيا الجهاز العصبي أثر كبير في كشف الميكانيزمات العصبية للنشاط النفسي.

ويعتبر فيجوتسکی (1896- 1934) مؤسس المدرسة السوفيتية في علم النفس وهو صاحب المدخل الاجتماعي – التاريخي في دراسة نمو الوظائف العقلية العليا، ويتحدد الاتجاه السوفيتي المعاصر في تناول الظاهرات النفسية بمدخلين أساسيين:

  • مدخل اجتماعي – تاريخي، يؤكد على اعتبار العمليات النفسية كنشاط تام متطور، لأنها انعكاس للواقع الثقافي الذي يعيش فيه الفرد.
  • مدخل بيولوجي، يؤكد على الوحدة الوظيفية بين ما هو خارجي وما هو داخلي، بين ما هو اجتماعي وما هو بيولوجي، وهو اتجاه يضع في الاعتبار أثر العوامل الاجتماعية الثقافية، كما يكشف عن الميكانيزمات العصبية التي تكمن وراء النشاط النفسي.

وهذان المدخلان يعكسان تصورا أساسيا وهو أن الإنسان وحده وظيفة متكاملة، وتلك حقيقة النشاط النفسي الإنساني.

الاتجاه الإنساني في علم النفس [3]:

يعتبر علم النفس الإنساني Humanistic Psychology أحد اتجاهات حديثة في علم النفس يقع بين السلوكية والتحليل النفسي بهدف الاتجاه الإنساني إلى أن يصل علم النفس باختلاف نظرياته إلى ارتباط أوثق بإدراكنا اليومية للإنسان حيث تحدد دراسات الرابطة الأمريكية لعلم النفس الإنساني في دوره في أنه علم يمثل بالدرجة الأولى اتجاها كليا نحو علم النفس Whole Of Psychology إلا أنه يمثل میدانأ أو مدرسة محددة.

وهو يحترم القيمة الذاتية للأشخاص ويميل إلى الكشف عن الجوانب الجديدة في السلوك الإنساني حيث يهتم بالموضوعات التي تحل مكانة ضئيلة في النظريات القائمة مثل الحب، الابتكار، الذات، القيم العليا، اللعب، الدفء، المسئولية، الشجاعة… وغير ذلك ويتضح هذا في كتابات البورت، بوهلر، فروم، جوك شتین، ماسلو روجرز، فرتهيمر، ويونج، وغيرهم.

هكذا يكشف التطور التاريخي لعلم النفس عن المسار الخلاق الذي يأخذه هذا العلم في سبيل إقرار أهدافه وخصائصه وأدواته ومناهجه، ولعلم النفس وطبيعة موضوع دراسته وهو الإنسان لم يقتصر في كل تاريخه على مدرسة بعينيها ونظرية محددة، وإنما عرف بتعدد مدارسه وبتشعب اتجاهاته واختلاف مذاهبه، الأمر الذي يصل أحيانا إلى حد التناقض بينهما، وربما في هذا السبب نفسه تكمن قوة علم النفس وسرعة استقراره وانتشاره كعلم له هويته بين العلوم الأخرى.

علم النفس المعرفي [3]:

يعتبر علم النفس المعرفي امتدادا لمدرسة الجشطالت السابق الإشارة إليها، فلقد أكدت مدرسة الجشطالت، على أهمية الاستبصار وإدراك العلاقات في عملية التعلم ثم عممت تفسيراتها في الإدراك والتعلم على السلوك كله.

ويقدم هذا الاتجاه تفسيرا للسلوك مبرزا أهمية النشاط العقلي (المعرفي الذي يمارسه الإنسان في حياته فالمثيرات الحسية التي يتلقاها الفرد تتحول إلى معان ورموز عقلية تختزن في ذاكرة الفرد لكي تستخدم في تفسير ومواجهة مواقف الحياة المختلفة.

ومن هذا المنطق نجد أن علم النفس المعرفي يهتم بدراسة الإدراك والتذكر والتعلم والتفكير وحل المشكلات كما يهتم بأساليب معالجة المعلومات، أي العمليات التي تمر بها المعلومات في عقل الشخص منذ لحظة تلقيها (مدخلات حسية) ثم معالجتها حتى تخرج في صورة مخرجات سلوكية.

المراجع

  1. آمال صادق، فؤاد أبو حطب: علم النفس التربوي. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصريةٌ، ط4، 1994
  2. جابر عبد الحميدٌ جابر: سيكولوجية التعلم. القاهرة: دار النهضة العربيةٌ، 1994م
  3. جابر عبد الحميدٌ جابر: مرجع سابق
السابق
أهداف علم النفس العام الرئيسية
التالي
تعريفات الإعاقة البصرية وأنواعها

اترك تعليقاً