التغيرات المناخية ومفهومها

أخذ اهتمام المجتمع الدولي يتزايد بشأن التغيرات المناخية التي أثرت على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خاصة بعد ما وصلت الأوضاع إلى مرحلة حرجة، وبرزت ظواهر مناخية جديدة لم تكن معروفة من قبل لها خطورتها البالغة على مستوي كوكب الأرض.

حيث شهد العالم تغيرات جذرية وخطيرة، منها موجات الحر الشديدة التي أخذت تجتاح العالم، والفيضانات والأمطار الغزيرة غير المنتظمة، وتحور الأمراض الفيروسية مع البيئات الجديدة، مما جعل من التغيرات المناخية مشكلة عامة أخافت الدول؛ وذلك لأنها لا تقف حبيسة الحدود البشرية، وتزايد خطورتها من خلال تأثيراتها الممتدة على المدى البعيد.

فالتغيرات المناخية ليست مسألة حديثة العهد ولكنها قديمة منذ الأزل، ولعل ما جاء في سورة يوسف عليه السلام عن سنوات الجفاف خير دليل، وإن كانت أسبابها طبيعية ولا دخل للإنسان فيها خاصة قبل الثورة الصناعية، ولكنها اليوم أصبحت ضمن المفاهيم التي تتطفل عليها حركات سياسية واقتصادية وفكرية وثقافية لها أهدافها، والتي لا تظهر إلا مع كل مشهد مناخي مثير، حيث تستخدمه كسلاح تستنزف به موارد العالم الفقير علميًا وتقنيًا

تعريف التغيرات المناخية:    

في البداية، وقبل التعرض لتلك التعريفات يجب أن نفرق بين مفهومي الطقس والمناخ؛ لمنع حدوث اللبس بينهما، ومعرفة أيهما يبدأ قبل الآخر، وأيهما يمتد أثره ليصل إلى ما وراء التغيرات المناخية، وربما يتداخل معه في المعني. الأمر الذي يبين أهمية الوقوف على سمات كل منهما من حيث الدلالة والآثار.

• الطقس: عبارة عن وصف للأحوال الجوية السائدة لمنطقة معينة، ويعبر عنه بقيم عناصر الأرصاد الجوية كدرجة الحرارة والضغط الجوي وحركة الرياح واتجاهاتها والرطوبة النسبية والمطلقة والظواهر الجوية المصاحبة. فحينما تقول أن الجو اليوم حار أو ممطر وأن الليلة شديدة الرطوبة فإننا نتحدث عن عوامل الحالة الجوية في ذلك اليوم أو تلك الليلة. أي ما يعرف بحالة الطقس.
• المناخ: فهو متوسط الأحوال الجوية التي تسود منطقة معينة خلال فترة زمنية طويلة، ويعرف بأنه متوسط حالة الطقس أو الوصف الإحصائي له من حيث متوسط تقلبية المقادير ذات الصلة على مدي فترة تتراوح بين شهور وآلاف أو ملايين السنين. والفترة المعتادة الكلاسيكية تكون بين 35-30 عامًا حسب تعريف المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

اقرأ ايضا: أهم مبادئ التنمية المستدامة

     ومن الملاحظ، أنه لمعرفة مناخ منطقة معينة، فإنه يتعين أولًا مراقبة ودراسة طقسها لفترة طويلة قد تصل إلى عدة سنوات وقياس العوامل الجوية المعروفة. ومن ثم، يمكن تصنيف مناخ المنطقة فنقول مثلًا أنه مناخ مداري أو استوائي أو صحراوي أو معتدل أو قاري…، وهكذا.

      فالمناخ عامل رئيس للسيطرة على الأنماط العالمية النباتية والإنتاجية وتقسيم الأقاليم الحيوانية والمناخية والبشرية، ويعني الأحوال الجوية في مكان ما على مدى سنوات عديدة، في حين أن الطقس يمكن أن يتغير في غضون ساعات قليلة، أما المناخ فيستغرق سنوات للتغيير . ‏

    أما من حيث ماهية التغيرات المناخية، فيعرفها شحاته طلبة (2003، ص161)، بأنها: استمرار زيادة أو نقصان عنصر ما من عناصر المناخ لفترات زمنية متصلة وطويلة نسبيًا، وكثيرًا ما تشير إلى جميع أشكال التقلب المناخي أي التباينات في إحصاءات العناصر المناخية ^[1].

بينما يرى كريم العوابد (2009، ص250)، أن كلمة التغير لغويًا يقصد بها التحول، وعلميًا تعني تبدل أحوال عناصر المناخ وظواهره من حالة لأخرى، وهذا التبدل يستغرق مدة طويلة ولا يحدث في الفترات القصيرة. فالتغيرات المناخية التي حدثت أثناء الانتقال من الفترة الجليدية إلى الفترة الدفيئة، تعني أن الأحوال المناخية التي كانت سائدة آنذاك تبدلت من حالة لأخري خلال فترة طويلة ^[2].

     ويشير محرم الحداد وآخرون (2010، ص.118) إلى أن التغيرات المناخية لمنطقة ما على سطح الأرض بشكل عام تعنى: اختلاف التوازن السائد في الظروف المناخية مقارنة بالمعادلات المرجعية والسائدة التي ميزت هذا المناخ خلال فترة زمنية طويلة ومنذ مئات السنين ^[3]

مما ينعكس في المدي الطويل على الأنظمة الحيوية القائمة. وطبقًا للتقرير التجميعي للهيئة الدولية المعنية بالتغيرات المناخية، فإن تغير المناخ يشير إلى تغير مهم إحصائيًا سواء في متوسط حالة المناخ أو في تقلبيته، وهو يمتد لفترة طويلة تبلغ عقودًا.

     هذا إلى جانب أنSarsak, (2011, p.29) ‏ يعرفها بأنها: تلك التغيرات التي تعزى مباشرة أو بشكل غير مباشر للأنشطة البشرية التي تركزت بالغلاف الجوي والتي عملت على تقلبية المناخ الطبيعي على مدى فترات زمنية طويلة قابلة للمقارنة ^[4].

بينما يعرفها حسين الشمري (2013، ص.369)، حسب رأي فريق العمل بالهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، حيث اعتبرت التغيرات المناخية هي كل تغير في حالة المناخ، والذي يمكن الكشف عنه إحصائيًا من خلال تغير المتوسط أو تباين خصائص المناخ والتي تستمر لفترة طويلة عادة لعقود متوالية، ويمكن أن يرجع هذا التغير لنشاط الإنسان أو التغيرات الطبيعية الداخلية أو الخارجية ^[5].

أما سعيد الهينا (2014، ص.4)، فقد عرفها كما عرّفتها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) حسب ما ورد في المادة الأولي من الفقرة الثانية التي تعزي التغيرات المناخية بصورة مباشرة أو غير مباشرة للنشاط البشري الذي يفضي إلى تغير في تكوين الغلاف الجوي للأرض والذي يمكن ملاحظته ورصده، بالإضافة إلى التقلب الطبيعي للمناخ على مدى فترات زمنية متماثلة ^[6].

     ولكن التعريف الأكثر شمولًا، هو ما أشار إليه محمد سلامة (2016، ص821.)، الذي يرى أن التغيرات المناخية: هي الزيادة التدريجية في درجة حرارة أدني طبقات الغلاف الجوي المحيط بالأرض؛ نتيجة زيادة انبعاث غازات الصوبة الخضراء ^[7].

ويقترب منه تعريف Sampson, (2017, p.7) الذي يشير فيه أن التغيرات المناخية هي: متوسط ​​التغيير الموسمي على مدى فترة طويلة من الزمن كالتغير في المناخ العالمي أو الإقليمي مع مرور الوقت، ويعكس حالة من تغيير الغلاف الجوي على مر الزمن ويعرف من خلال قراءة مقاييس تتراوح بين العقد وآلاف السنين؛ لتسجيل الزيادة القابلة للقياس في متوسط ​​درجة حرارة الغلاف الجوي والمحيطات، ومتابعة التغير الكبير في عناصر الطقس على مدى موسع خلال فترة من الزمن ^[8].

وتعرفها دولة سليمان (2020، ص27.)، بأنها: اختلال في الظروف المناخية المضادة، كالحرارة وأنماط وحركة الرياح والتساقط لإقليم معين على الأرض ^[9].