علم نفس النمو

العوامل الوراثية المؤثرة في النمو

علم نفس النمو المظاهر والمراحل

يتضمن معنى العوامل الوراثية المؤثرة في النمو جميع العوامل الكامنة فى الفرد منذ بداية تكوينه (88،31) حيث تتفاعل الخصائص الوراثية للوالدين عن طريق تلقيح المني الحى الذكرى للبويضة داخل رحم الأم وتكوين البذرة أو الزيجوت وتهدف الوراثة إلى المحافظة على الصفات العامة للنوع والسلالة (الجنس) بانتقالها من جيل الى أخر، كما تعمل على التقارب بين الأجيال فى الصفات الوراثية.

فالطفل يرث بشكل مباشر نصف صفاته الوراثية من أبويه مباشرة، أما النصف الأخر فيأتي من أجداده عبر الأجيال، إذ يرث 1/8 خصائصه من الجيل الأول لأجداده، ويرث1/8 خصائصه من الجيل الثاني لأجداده، كما يرث 1/16 من الجيل الثالث، 1/32 من الجيل الرابع …وهكذا لتصل أدناه فى الترتيب العميق للأجيال.

وتنتقل الخصائص الوراثية للوالدين للطفل عن طريق( الخلايا الجرثومية) وتتكون الخلية الجرثومية الحية من نواه محاطه بمادة هلامية تعرف بالسيتوبلازما.

  وتحمل النواة 46 كروموزوما تعرف باسم الصبغيات، وتنظيم هذه الصبغيات فى 23 زوجا متماثلا تماما فى النوع والشكل الخارجي والحجم والخصائص، ذلك باستثناء الزوج الأخير الذى يكون متماثلا فى حالة الأنثى فقط (xx)وغير متماثل فى حالة الذكر(xy) ويعرف هذا الزوج باسم كرموزومات الجنس سواء كروموزوم x( أنثى) أو y( الذكرى).

أي تلك المحددة للجنس الجنين وما يتبع ذلك من خصائص جسمية وبيولوجية مثل الخصيتين مقابل المبيضين والرحم عند الأنثى وهكذا، يطلق على الأثنين والعشرين زوجا الأولى من الكروموزومات اسم “الأتوزومات” أي التي تحمل جميع الخصائص الوراثية الجسمية والبيولوجية والعصبية والعقلية وغيرها من الخصائص العامة للجنس البشرى من جهة والتي تميز أي فرد عن الأخر من جهة أخرى.

انتقال الخصائص الوراثية

  عموما، يوجد كل زوج على شكل حبائل أو فتائل خيطية، يمثل نوعا مميزا من الخصائص الوراثية، كما يحمل كل كرموزوم عددا هائلا من حبات متناهية الصغر تعرف باسم الجينات أو المورثات وربما يصل عدد كل ما تحمله الكروموزومات فى الخلية الجرثومية الواحدة ما يقرب من 300ألف مورثة، تمثل جميع الخصائص الوراثية البشرية.

   وتوجد هذه الخلايا الجنسية أو الجرثومية إما على شكل منى حي فى حالة الذكر أو بويضة فى حالي الأنثى، ويختلف المني الحى عن البويضة فى أن الأول يمثل أصغر خلايا الجسم، بينما تعتبر البويضة أكبر خلاياه، حيث يبلغ حجمها أضعاف مضاعفة حجم المني الحى، ويرجع ذلك الى أن البويضة تحتوى على ( المح) الذى يستخدم فى تغذية الخلايا الجديدة المتكاثرة بعد عملية التلقيح.

بينما لا يحتوى المني الحى على أي مادة غذائية مختزنة، كما تتميز البويضة بالاستدارة وعدم امتلاكها أي وسائل للحركة الذاتية، بينما يمتلك المني الحى رأسا صغيرة شبه مستديرة وهدب على شكل ذيل يمكنه من السباحة فى السوائل والاحماض المحيطة به، وأخيرا، فإن البويضة لا تفرز إلا مرة واحدة عن طريق أحد مبيضي الأنثى وعقب كل دورة شهرية، بينما تفرز خصيتا الذكر ما بين 200 مليون و300مليون منيا حيا فى القذفة الواحدة.

عملية الميزيسMeisis  وتكوين الأمشاج:

   تحدث تغيرات جذرية على الخلايا الجرثومية ذكرية كانت أم أنثوية قبل أن تصبح قابلة للتخصيب، بل دون هذه التغيرات لا تكون الأمشاجGamets  التي يتم بواسطتها فقط تكوين البذرة.

ذلك أن البلوغ الجنسي للذكر والأنثى لا يعنى أن ما تفرزه الخصيتان والمبيضان من حيوانات منوية وبويضات تكون قابلة للتخصيب فورا، ويطلق على خطوات نضج الخلايا الجنسية اسم عملية الميزيس أو اختزال عدد الصبغيات وهي التي تؤثر على علم نفس النمو فيما بعد، ويرى علماء الوراثة أن هناك ثلاثة شروط لتكوين الجنين هي:

الشرط الأول: عملية الميزيس:

   يتم نضج الخلية بواسطة عملية الميزيس، حيث تختزل عدد الصبغيات الى النصف عن طريق الانقسامات الاختزالية أو ما يعرف بالانقسام الفتيلي(غير المباشر) إذ تنتظم مفردة واحدة من كل زوج من الكروموزومات – أي من كل فتيل أو جديلة – فى 23 كروموزوما مفردا آخرا، أي نكون بصدد خليتين مماثلتين تماما فى عدد ونوعية الكرموزومات.

   بحيث تعتبر كل خلية صنوا للأخرى، ويعقب ذلك انقسام طولي فى كروموزومات الخليتين الجديدتين، وبالتالي تكون كل خلية جديدة من الخليات الأربع صورة طبق الأصل لبعضها.

ووجه الاختلاف بين الخلايا الجنسية الناضجة وغير الناضجة أن الأولى تحتوى على نصف الخصائص الوراثية لأحد الأبوين، بينما تحتوى الخلايا غير الناضجة على كل الخصائص الوراثية، والجدير بالذكر أن أي من النصفين موزع عشوائيا على الخلايا الأربع الجديدة.

   ومن الوجهة العملية، نجد أن عملية الميزيس هذه تسفر عن انتاج أربعة أمشاج ذكرية ناضجة لكنها لا تنتج سوى مشيج أنثى واحد فى حالة البويضة، ذلك أن طبيعة تكوين البويضة بما تحتويه من “مح” ومواد غذائية أخرى سيحتاج إليها الجنين عند تكوينه لا يسمح بالتوزيع المتساوي على أربعة أمشاج، لأنه لا يفي بالاحتياجات الغذائية للجنين المرتقب( فى حالة تكوين الزيجوت عقب التلقيح).

لذلك ينجذب معظم السيتوبلازم بكل ما يتضمنه من مواد غذائية الى خلية واحدة فقط لتصبح أكبر من صنوها الأخر عند الانقسام الفتيلي الأول، ونكون بصدد بويضة كبيرة جدا واخرى صغيرة جدا لا يوجد بها “مح” تقريبا، وعند الانقسام الطولي للكروموزومات الفردية يحدث نفس الانجذاب السيتوبلازمي مرة أخرى لتكون بصدد بويضة ناضجة كبيرة جدا وثلاث بويضات صغيرة جدا ضامرة تسمى ” بالأجسام القطبية” سرعان ما تموت أو تختفى.

الشرط الثاني: القابلية للتبويض أو تحرر البويضة:Ovulation

   ويعنى ذلك تحرر البويضة من الجريب Follicless وانتقالها بالتدريج إلى إحدى قناتي فالوب ( قناتي البويضات) أثناء الدورة الشهرية، إذ يقدر ما هو مختزن فى جريبي مبيض الأنثى – بعد بلوغها-ما يقرب من 30ألف بويضة غير ناضجة.

ينضج منها ما يقرب من 400 بويضة على مدار سنوات خصوبتها الجنسية التي تمتد نظريا من عمر 13- 14 سنة، أي بعد البلوغ إلى ما يقرب من عمر 45 سنة حيث يفرز أحد المبيضين بويضة واحدة كل دورة شهرية، ويساعد على تحريرها من الجريب وانتقالها إلى إحدى القناتين الحركة الانقباضية للمهبل.

وعندما تصل إلى بداية القناة، فإن حركة الخلايا الشعرية المبطنة لهذه القناة تدفعها دفعا بداخلها حتى مشارف الرحم، وبعد الأيام الأربعة أو الخمسة الأولى من بداية الدورة الشهرية تصبح البويضة قابلة للتبويض، أي على استعداد للتخصيب بواسطة أي مشيج ذكرى يستطيع اختراق جدارها الخارجي، وتظل متمتعة بهذه الخاصية لمدة اسبوعين تقريبا( بعد الأيام أو الخمسة الأولى من العادة الشهرية)، وإذا لم تصادف مشيجا ذكريا يلحقها خلال تلك الفترة، فإنها تواصل انتقالها إلى الرحم حيث تتفكك وتتحلل.

الشرط الثالث: عملية التخصيب أو تكوين البذرة:

   ويعنى التقاء مشيجين ناضجين من جنسين مختلفين داخل الرحم، وتبدأ الحياة عندها يستطيع أحد المنيات الحية الناضجة اختراق جدار بويضة ناضجة، وإذ ينطلق هذا المني الحى مع غيره من ملايين المنيات الحية الأخرى فورا لحظة القذف على قناتي البويضات، حيث لا يقوى على الاقتراب منها سوى عشرات قليلة من المنيات.

والمني الأقوى والأكثر سرعة من هذه العشرات هو الذى يخترق جدارها قبل غيره، وعلى الفور يتغير لون جدارها نتيجة ما تفرزه من مادة تحصنها من أن يخترقها أي منى أخر مجاور، والجدير بالذكر أن فى إمكان المنيات الحية أن تعيش داخل الرحم بعد عملية القذف، ما بين 24-27 ساعة، وإذا لم يتم التلقيح خلال تلك الفترة فإنها تموت وتحلل.

وعندما يستقر المني داخل البويضة، فإن نواته تقترب بالتدريج من نواة البويضة، حيث تتحرر كرموزومات كلتا لنواتين تمهيدا لاتحادهما معا فى خلية موحدة أو مخصبة، وتعرف عملية التكاثر أو انقسامات البذرة باسم الانقسام المنصف للخلية أو الميتوزيس Mitosis .

إذ ينجذب كل كرموزوم فى المشيج الذكرى إلى قرينه المناظر له فى كرموزوم المشيج الأنثى لتكون من جديد23 زوجا متماثلا من كرموزومات المشيجين، وهكذا تحمل البذرة نصف الخصائص الوراثية للأم ونصف الخصائص الوراثية للاب.

ويؤدى حامض “الديوكسير ييونيوكليك” مهمة تنظيم تكاثر الخلايا الوراثية الجديدة بحيث تكون مطابقة تماما (صورة طبق الأصل) للخلية الأولى، أى انتقال الخصائص الوراثية بالكامل من خلية إلى أخرى حتى اكتمال نمو الجنين ( يختصر هذا الحامض بحروف DNA)، وتكمن الأهمية الحاسمة لها الحامض فى أنه العضو النشط لعملية الانقسام التي تحدث داخل البويضة الملقحة [1].

المراجع

  1. محمد عماد الدين اسماعيل (2001). الطفل من الحمل إلى الرشد. ج1. الكويت: دار القلم.
السابق
مناهج البحث في الدراسات النمائية
التالي
الانفعالات agitation– مفهومها وأنواعها

اترك تعليقاً