الفروق الفردية

الفروق الفردية مفهومها ومستوياتها

الفروق الفردية مفهومها ومستوياتها

لتوضيح مفهوم الفروق الفردية يجب أن نذكر بأن الله سبحانه وتعالى لما خلق الخلق جميعا ونثر عليه من نعمه وهباته, جاء كل واحد منهم مختلفا عن الآخر لا يشابهه ولا يطابقه.

وقد أكد الله سبحانه هذا الاختلاف {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} (الأنعام، 165). وهذا التفضيل قد يكون بالجسم أو بالعلم أو بطريقة التفكير أو بالأمور المادية. قال الله حكاية عن طالوت: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيهمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة،247).

وظاهرة الفروق الفردية عامة بين الأفراد في جميع نواحي الحياة، بل إن هذه الظاهرة عامة بين كل الكائنات الحية، فالفروق الفردية بين الأفراد حقيقة ملموسة من حولنا.

لأن الأفراد يختلفون في البناء الجسمي، فهناك الطويل والقصير، وملامح الوجه ولون البشرة، ويختلفون في المهارة، والكفاءة، والتوافق الدراسي، كما يختلفون في أساليب العلاقات الاجتماعية، مثل: علاقة التعاون، والتنافس، والثقة، والتشكك، وهكذا توجد الفروق بين الأفراد في مختلف الصفات الجسمية، والنفسية وهو ما ظهر على أساسه مصطلح التربية الخاصة.

كذلك تظهر الفروق بين الكائنات الحية من أدناها إلى أعلاها، فقد ساق علماء البيولوجيا اختلافًا وفروقًا بين الكائنات العضوية في العمليات الفسيولوجية، ونشاط الغدد الصماء، وأعضاء الجسم كالقلب والمعدة في الشكل والحجم، كما أن التركيب الكيميائي لوسائل الجسم لدى الكائنات الحية يظهر اختلافات واضحة.

أقسام وطبقات الفروق الفردية:

ولقد لفتت الفروق الفردية انتباه الفلاسفة والمفكرين منذ أقدم العصور، فأفلاطون الفيلسوف اليوناني الشهير وضع فروقًا فردية بين الأفراد لكل طبقة من طبقات المجتمع في المدينة الفاضلة التي خططها لشعبه.

وقد قسم أفلاطون الأفراد إلى ثلاث طبقات:

  • الأولى: طبقة الحكام والعلماء والفلاسفة: يتميز أفرادها بتغليب قوة العقل على القوى البشرية الأخرى.
  • والثانية: طبقة الحراس أو الجنود: يتميز أفرادها بسيطرة الغضب على باقي القوى الأخرى.
  • والثالثة: طبقة العبيد أو العاملين: يتميز أفرادها بسيطرة قوة الشهوة على باقي القوى البشرية الأخرى، غير أنه لم يتسن معرفة الفروق الفردية معرفة دقيقة، وقياسها إلا في أو اخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين بعد أن تقدمت أساليب القياس النفسي والإحصاء بجهود علماء النفس.

وقد فطن الفلاسفة القدامى إلى أهمية الفروق الفردية، فظهرت في أقوالهم المأثورة  وفي هذا الصدد قال الأصمعي” لن يزال الناس بخير ما تباينوا فإذا تشابهوا هلكوا”

كما اهتم “كاتل” عالم النفس المشهور بدراسة الفروق الفردية، كما استخدم “دالتون” عالم النفس أساليب إحصائية لدراسة الفروق بين الأفراد في السمات الفيزيقية، كذلك استخدم العديد من الاختبارات الفردية، ثم توالت بعد ذلك الدراسات التي تناولت ظاهرة الفروق الفردية لمناهج متعددة.

تعريف الفروق الفردية:

أدى تطور مناهج البحث والدراسات التي تناولت مختلف مظاهر الفروق الفردية إلى ظهور فرع خاص من فروع علم النفس يسمى بعلم النفس الفارق، يرجع الفضل إلى “بينية” العالم النفسي في نشر أول تحليل لمجال هذا العلم وطرق البحث فيه سنة 1895 في مقالته بعنوان: “علم النفس الفارق”، كما نشر “ستون” سنة 1900 كتاب بعنوان: (سيكولوجية الفروق الفردية)، يشتمل على الفروق الفردية بين الأفراد، والفروق بين الجماعات، وبين الجنسين.

ثم تزايدت البحوث حول الجوانب المختلفة لمفهوم الفروق الفردية، لكنها تدور معظمها حول الإطار الذي حدده رواد هذا المجال أمثال: “بينية، وشترون”. فما هو تعريف الفروق الفردية كمحور لدراسة علم النفس الفارق؟ إن محاولة التعرف على الفروق الفردية بين الأفراد يقصد منها: أخذها في الاعتبار عند التعامل مع أي عينة من الأفراد، سواء أكانت من الريف أو الحضر، وليس المقصود من ذلك الوصول إلى تذويب الفروق الفردية بينهم؛ لأنها حقيقة واقعية في جميع المجالات.

ملخص التعريف:

وإذا حاولنا تعريف الفروق الفردية؛ فإننا نجد أنه يتضمن العناصر التالية:

  • التعبير الكمي عن السمة المقاسة عن طريق القياس النفسي، وأدواته المختلفة، مثل: الاختبارات والمقاييس النفسية.
  • مدى درجات الأفراد على السمة، وهو الفرق بين أعلى درجة وأقل درجة.
  • مقارنة درجة الفرد بالمتوسط العام في المجموع.
  • الانحرافات الفردية عن متوسط المجموع.

فمثلًا: إذا تم قياس صفة الطول لمجموعة من الأفراد؛ فإنك تجد أن بعض الأفراد طوال القامة، والبعض الآخر منهم قصار القامة، والغالبية العظمى متوسطوا الطول، يتم معرفة هذا وذاك عن طريق حساب متوسط لهذه المجموعة؛ عندئذٍ يكون هذا المتوسط الأساسي المشترك للمقارنة، فالزيادة والنقصان عن هذا المتوسط، هوما يسمى: بالفروق الفردية، ويسمى: بالانحرافات الفردية عن المتوسط والتي تحتاج إلى كفايات تدريسية خاصة من المعلم لاكتشافها.

لذا تعرف الفروق الفردية بأنها: الانحرافات الفردية عن متوسط المجموعة التي ينتمي إليها الفرد في أي صفة مقاسة، سواء أكانت نفسية، أو جسمية بحيث يتوزع الأفراد ما بين أعلى درجة وأقل درجة في الصفة المقاسة، هذا هو التعريف الشامل المانع الجامع.

ولكن من الممكن أن تعرف الفروق الفردية بأنها اختلافات بين الأفراد، ممكن أن تعرف الفروق بأنها تباينات بين الأفراد، فالاختلاف والتباين يدل على الفروق في أي سمة من السمات الشخصية، سواء كانت عقلية، أو انفعالية، أو جسمية، وهذا هو تعريف الفروق الفردية.

السابق
الكفايات التدريسية للمعلم مفهومها ومصادرها
التالي
أنواع الفروق الفردية ومظاهرها