قياس وتقويم

طرق القياس النفسي ومجالاته

طرق القياس في علم النفس ومجالاته

يعرض الموضوع الحالي طرق القياس النفسي حيث يهتم القياس في علم النفس بقياس خصائص الأشياء وليس الأشياء، والمقارنة تتم وفقًا لمقدار ما يتوفر من الخاصية الواحدة, فمثلًا لا نقيس الطفل بل نقيس سلوك الطفل أو ذكاؤه.

كما أننا لا نقيس الظاهرة نفسها بل نقيس مؤشرات وجود هذه الظاهرة فالكهرباء والذكاء وغيرها من الظواهر تكوينات فرضية (نفترض وجودها) لا يمكن قياسها مباشرة بل يستدل عليها من خلال ملاحظاتنا لوجود هذه الظاهرة.طرق القياس النفسي

طرق القياس النفسي

ويستخدم علماء النفس عددًا من الطرق في قياس الخصائص النفسية توضح لنا مقدار السمة أو الخاصية في ضوء مؤشراتها وأهم هذه الطرق ما يلي:

 1 – تكرار حدوث مؤشر السمة:

 فعدد الاستجابات الصحيحة يمثل دالة وجود السمة، وبالتالي فإن عدد الإجابات الصحيحة يعطي دالة على مستوى التلميذ في الاختبار، فالتكرار هنا يؤكد بقوة وجود السمة ومستواها.

فيمكن القول بأن عدد الاستجابات الصحيحة في اختبار للقدرة مثال لما نسميه تكرار حدوث مؤشر السمة لأن كل مفردة من مفردات الاختبار هي فرصة للدلالة على ما اذا كانت استجابة المفحوص تدفعه الى الطرف الأعلى من المقياس أو تهبط به الى طرفه الأدنى.

2- شدة حدوث مؤشر السمة:

فالشدة هنا هي دالة الجدة بمعنى قوة الاستجابة في الموقف فالإجابة على أكثر الأسئلة صعوبة يشير إلى قدرة الفرد على الإجابة على الأسئلة الأقل صعوبة.

وتستخدم هذه الطريقة في القياس عندما يكون على الباحث المبالغة في تأكيد القوة، ويمكن أن يستخدم كمؤشر للسمة حين يحصل الباحث على مقياس يتألف من أسئلة مرتبة حسب الصعوبة ويصبح السؤال هنا ما هو الحد الذي يصل إليه المفحوص ولا يتعداه؟

3- مدى حدوث مؤشر السمة:

 ففي السمات التي تتنوع فيها خصائص السمة يصبح حصول الفرد على إجابات في مختلف هذه السمات دالة على اتصافه بمقدار كبير من السمة وليس حصوله فقط على الدرجات النهائية في جانب واحد فقط.

وهذه الطريقة ليست واضحة أو شائعة الاستخدام كالطريقتين السابقتين وتتطلب في جوهرها تحديد عينة متنوعة من الأسئلة يتألف منها الاختبار ويستخدم في قياس السمة تنوع الأسئلة التي أجاب عليها المفحوص كما يتحدد مثلا بعدد فئات الاستجابة.

مجالات القياس وتطورها:

يمكن حصر مجالات القياس فيما يلي:

أولاً: مجال قياس التحصيل أو نتائج التعلم:  

بدأت حركة قياس التحصيل في الظهور منذ أقدم العصور البشرية، حينما كان معلم الحرفة في المجتمع الابتدائي يحاول تقويم المتعلمين على يديه بوصفهم في مواقف عملية تتطلب منهم القيام بأداء عمل معين، ثم يصدر حكمه إلى أي مدى نجح “الصبي” في أداء هذا العمل.

ومع تطور المجتمعات البشرية نشأت المدرسة كمكان يتم فيه تعلم الصغار تراث الأجيال السابقة. وهنا انتقلت حركة القياس إلى تقويم وقياس نتائج التحصيل المدرسي. وظهرت وسائل القياس التحريرية وعقد للطلبة امتحانات تحريرية.

وفي العصور الوسطى والتي تسمى بعصر الظلام المعرفي، اقتصرت عملية القياس على مجرد عدد من الأسئلة تلقي شفاهية ويجاب عليها شفاهية أيضاً، أي أن القياس اعتمد على الامتحانات الشفهية.

وفي أواخر القرن التاسع عشر استبدل الامتحان الشفهي بامتحان تحريري يقوم المعلم بعمله، وهكذا انتقل القياس خطوة نحو التقدم لأن الامتحانات التحريرية تتميز عن الامتحانات الشفهية بأنها تسمح للتلاميذ بالتفكير في الإجابة في وقت واحد.

وفي أوائل القرن العشرين فكر المربون وعلماء النفس المهتمين بقياس التحصيل المدرسي في طريقة للتغلب على عيوب التقدير الذاتي. فأدى ذلك إلى ظهور نوع من الاختبارات الموضوعية، واتخذت الأسئلة فيها صورة أخرى غير أسئلة المقال. مثل الاختيار من متعدد، وبعد ذلك انتشرت الاختبارات الموضوعية بدرجة كبيرة في الوقت الحالي.

ثانياً: مجال القياس العقلي:

بدأ الاهتمام بالقياس العقلي في الظهور في القرن التاسع عشر نتيجة لاهتمام علماء النفس بدراسة ضعاف العقول في المجتمع، ومحاولة إيجاد وسيلة دقيقة لعزل هؤلاء الأفراد لإيوائهم في مؤسسات خاصة. وقد استخدمت وسائل فسيولوجية مثل مقاييس الجمجمة وملامح الوجه، كما استخدمت اختبارات لغوية بسيطة في تصنيف الضعف العقلي.

تم تطور القياس بعد ظهور الدراسات التجريبية النفسية في ألمانيا وإنشاء معمل تجريبي لفونت، وذلك بالاهتمام بقياس السمات العامة بإجراء تجارب على النواحي الحسية بهدف الوصول إلى قوانين عامة تصف السلوك الإنساني. وقد استخدمت لهذا الغرض اختبارات حسية بسيطة

وقد ساهمت هذه الحركة التجريبية في تطور القياس العقلي لأن واضعيها حاولوا تقنين ظروف إجراء هذه التجارب والاختبارات، وأصبح هذا التقنين من أهم شروط الاختبارات الحديثة.

ثم ساهمت بحوث فرنسيس جالتون Francis Galton في تطوير القياس العقلي، وذلك لاهتمامه بدراسة الوراثة وقياس السمات الجسمانية والحسية، مثل حدة البصر والسمع وزمن رد فعل، وقد استخدم جالتون في أبحاثه الاستبيان ومقاييس التقدير وطريقة تداعي الكلمات أو المعاني، كما استخدم الإحصاء في تحليل نتائج الاختبارات السابقة.

وتزعم حركة القياس العقلي في الولايات المتحدة العالم كاتل Catell، الذي اهتم بدراسة الفروق الفردية في زمن الرجع، وكان له الفضل في تشجيع انتشار الحركة التجريبية في الدراسات النفسية في أمريكا

وتشجيع حركة القياس النفسي واستخدام الاختبارات. فقد وضع عدداً من المقاييس النفسية وركز على أن الاستعداد العقلي يمكن قياسه عن طريق أعمال بسيطة حيث يمكن السيطرة عليها، بينما يصعب ذلك في حالة العمليات المعقدة.

واهتم العالم النفسي الألماني كريبلبن Kraeplin بجمع بطاريات من الاختبارات لقياس بعض العمليات العقلية الأكثر تعقيداً. واستخدم لتحقيق هذا الهدف اختبارات تحتوي على العمليات الحسابية بقصد قياس أثر التمرين على هذه العمليات، وكذلك استخدم اختبارات لقياس التذكر وأخرى لقياس الحساسية. ثم أضاف أورن Ochrn تلميذ كريبلبن عدداً من الاختبارات لقياس الإدراك والتذكر.

تطور طرق القياس النفسي:

ثم تطورت حركة القياس العقلي في القرن العشرين تطوراً كبيراً نتيجة لظهور مقياس بينيه كأول مقياس عقلي يقيس العمليات العقلية البسيطة والمعقدة، إلى جانب ظهور اختبارات التحصيل المقننة.

وبعد ذلك انتشر استخدام الاختبارات والمقاييس في عملية التقويم النفسي، ومن هنا بدأ علماء النفس والتربية عملية تحسين نوع الاختبارات والمقاييس وتقنينها

وذلك بهدف استخدام القياس لا لغرض مقارنة الفرد بغيره فقط، بل ومقارنة الفرد بنفسه أيضاً، حتى يمكن مساعدته في فهم إمكانياته وتوجيهه نحو الاتجاه الدراسي والمهني الملائم لاستعداداته.

ثالثاً: مجال قياس الشخصية والميول:

يعتبر قياس الشخصية من أحدث التطورات في القياس النفسي، نظراً لصعوبة ضبط متغيرات الشخصية بدقة وموضوعية. ويتضمن اختبار الشخصية قياس التكيف الانفعالي والعلاقات الاجتماعية والدوافع والميول.

وتعتبر اختبارات كريبلبن Kraeplin لقياس الشخصية في ألمانيا من المحاولات الأولى، حيث استخدم في ذلك طريقة تداعي المعاني مع مرضاه.

ثم ساهم جالتون وكاتل في أوروبا في تطوير قياس الشخصية، وذلك بتصميم مقاييس التقدير وعمل الاستبيانات المقننة. كما أضاف وود ورث Woodworth استبيان لقياس الشخصية.

وأخيراً شهد قياس الشخصية تطوراً آخر بعد استخدام اختبارات المواقف وطريقة الإسقاط، واستخدام طريقة التحليل العاملي في تصميم بطاريات تحتوي على عدد من الاختبارات تشبه اختبارات القدرات الخاصة.

ولكن لا زالت حركة قياس الشخصية تحتاج إلى مزيد من الاهتمام وذلك لأنها تقيس نواحي معقدة للشخصية.

السابق
بحث عن علاج التوحد لدى الأطفال
التالي
تعريف الذاكرة وأنواعها وتصنيفاتها

اترك تعليقاً