قياس وتقويم

مجالات التقويم التربوي ومستوياته

مجالات التقويم التربوي ومستوياته

لقد اتسعت مجالات التقويم التربوي وأساليبه بحيث لم يعد قاصرا على الامتحانات المدرسية كوسيلة للتقويم، وذلك لأن للتربية أهدافا أخرى غير مجرد النجاح في الامتحان وأن للتقويم معنى أوسع وأشمل لأنه يتناول كل نتائج العملية التعليمية سواء منها ما يتصل بالمعلومات والمعارف المدرسية،

أو ما يتصل بغير ذلك من التغيرات التي تحدثها التربية في شخصية التلميذ فتشمل اتجاهاته العقلية وأساليبه في التفكير وقيمه الخلقية والجمالية….وغيرها مما تهدف إليه التربية الحديثة، وكذلك تعددت مجالات التقويم التربوي بحيث لم تعد قاصرة فقط على تقويم المتعلمين وانما شملت مجالات أخرى، ونعرض فيما يلي أهم مجالات التقويم التربوي:

1- تقويم التلاميذ:

أهم مجالات التقويم التربوي ويهدف تقويم التلاميذ إلى الحكم على قدراتهم واستعداداتهم التحصيلية في المقررات المختلفة التي يدرسونها حتى يمكن اتخاذ القرارات المختلفة التي تعينهم على التحصيل الدراسي الجيد من حيث التقديرات التي يحصلون عليها ومن حيث الانتقال إلى المراحل العليا، وكذلك توجيههم الى مجالات الدراسة المناسبة أو مجالات النشاط أو الهوايات المناسبة لهم.

وتعتبر البطاقات المدرسية من أهم الوسائل النافعة التي تساعدنا في تقويم التلميذ من جميع الجوانب، وتتبع ما يحدث له من تغير على مدى المدة التي يقضيها في المدرسة.

وهذه البطاقات عبارة عن سجلات مبوبة تبويبًا يشمل مكونات شخصية التلميذ من جميع النواحي الجسمية، والنواحي العقلية من ذكاء وقدرات، والنواحي التحصيلية في المواد الدراسية المختلفة، ثم الصفات المزاجية والخلقية والميول والهوايات التي يتميز بها.

كما أنها تشتمل بيانات كافية عن ظروف حياته المنزلية والبيئة المحيطة به والمؤثرات المادية والاجتماعية التي تلقي الضوء علي امكانياته وعوامل تقدمه أو تأخره الدراسي أو نمو شخصيته من جميع جوانبها.

وتنتقل هذه البطاقة مع التلميذ أينما ذهب سواء انتقل الى فرقة أعلى أو من مدرسة الى مدرسة أخرى أو من مرحلة دراسية الى مرحلة جديدة، وفي كل الأحوال يستمر تدوين البيانات عن جميع نواحي شخصية التلميذ بحيث تكون هذه البطاقة بمثابة صورة صادقة لتاريخ حياة التلميذ في أي مرحلة من مراحل نموه.

وقد ثبت أن العمل بنظام البطاقات المدرسية يفيد في تحقيق رسالة المدرسة في تهيئة أحسن الفرص لنمو شخصية التلميذ واعداده للحياه، حيث يؤدي هذا النظام إلى:

  • توجيه نظر المدرس لدراسة شخصية تلاميذه وتوثيق الصلة بهم.
  • توطيد العلاقة بين المدرسة والمنزل لما يتطلبه ملء البطاقات من الوقوف على عوامل البيئة المنزلية التي تؤثر على حياة التلميذ سواء بالسلب أو بالايجاب.
  • توجيه عناية المدرس إلى النواحي الخلقية والمزاجية والاجتماعية بعد أن كانت مقصورة على النواحي التحصيلية فقط.
  • التوجيه التعليمي والتوجيه المهني، حيث يتم التوجيه على أساس فهم صحيح لاستعدادات التلميذ وميوله الحقيقية وليس على أساس رغبة الكبار.
  • الاهتمام بحالة التلاميذ الذين يحتاجون الى علاج خاص، لأن البطاقة تسجل تسلسل حياتهم وتاريخ مشكلاتهم والعوامل المختلفة التي تضافرت على نشأتها وبذلك يسهل التشخيص والعلاج.

2- تقويم المعلم:

يعتبر تقويم المعلم من مجالات التقويم التربوي المهمة وذلك بعد أن اتضح الأثر الذي يمكن ان يحدثه المعلم الناجح في تلاميذه، فالمعلم يعتبر من أهم القوي المؤثرة في عملية التعليم بصفة خاصة وفي الموقف التعليمي بصفة عامة.

ولتقويم المعلم أهداف كثيرة منها: تبصير المعلم بمكانته وتوضيح نواحي قوته وضعفه ليكون لديه الوعي الكامل بحاله , وكذلك يتعرف على مدى كفاءته في شرح المادة أو المقرر الذي يدرسه وقدرته على توصيل المعلومات لتلاميذه، ومنها أيضا الوصول الى أساس عادل يمكن الرجوع اليه عند النظر في ترقيته أو نقله الى عمل آخر يتناسب مع قدرته وصلاحيته.

ومن الاعتبارات الهامة التي ينبغي الحذر منها في تقييم عمل المعلم العامل الشخصي أو الذاتي ممن يعهد اليهم تقدير عمل المعلم وإصدار الحكم على مدى نجاحه أو فشله، إذ أن لكل رئيس معاييره الخاصة ومستوياته وله ما يتوقعه من المدرسين ما دامت معاييرهم مختلفة، ولذلك اهتمت العديد من الابحاث والدراسات بمعرفة السمات المميزة للنجاح في مهنة التعليم والتي تعتبر أساسا لقويم المعلم، وفيما يلي بعض المجالات التي تتناولها هذه الأبحاث:

أ- تقويم كفاءة المعلم بقياس الأثر الذي يحدثه في تلاميذه:

لقد كان الشائع الى عهد قريب تقويم كفاءة المعلم وتقديرها بقياس الأثر الذي يحدثه في تلاميذه، ولكن تبين أنه ليس من السهل تطبيق ذلك لأن الأثر الذي يحدثه المعلم في تلاميذه معقد ومتعدد, فمنه ما هو خاص بالمعلومات ومنه ما هو خاص بتغيير الميول والاتجاهات والأهداف. ومن أوجه النقد التي وجهت الى هذه الطريقة في تقويم المعلم: أن نتائج الامتحانات لا تتأثر فقط بمجهود المعلم فقط، بل تتأثر بعوامل أخرى مثل عادات الاستذكار وتشجيع معلمي المواد الأخرى وتشجيع الاباء وغيرها من العوامل المؤثرة عليه.

ومن الانتقادات الموجهة لهذه الطريقة أيضا أن قياس قدرة المعلمين بالمقارنة بين مجهودهم على أساس اختبارات التحصيل طريقة لا يمكن أن يعتمد عليها، إلا اذا كان جميع المعلمين المراد المقارنة بينهم من حيث القدرة قد بدأوا بمجموعات من التلاميذ متساويين في القدرة العقلية والظروف الاقتصادية والاجتماعية والنمو الوجداني  وكلها عوامل من الصعب ضبطها تجريبيا.

ب- تقويم التلاميذ لمعلمهم:

من الطرق المستخدمة في بحث صفات المعلم الناجح والتي يمكن أن تتخذ أساسا لتقويمه الالتجاء الى التلاميذ انفسهم في تقدير معلميهم على اساس أن التلاميذ هم أكثر الناس احتكاكا بالمعلم ومعرفة له، حيث يسأل التلاميذ عن الصفات التي يتميز بها المعلم الذي كان له أكبر الأثر في نفوسهم وكان سببا في اقبالهم على التحصيل في مادته.

ومن الانتقادات التي وجهت لهذه الطريقة: أن التلاميذ لم يبلغوا من النضج والخبرة الدرجة التي تسمح لهم بالحكم على تعليمهم حكما صائبا، بحيث يشمل حكمهم وتقديرهم مختلف نواحي القدرات والسمات التي تميز شخصية المعلم الناجح، إذ قد يغفل التلاميذ مثلا درجة الاستقرار الانفعالي للمعلم وهواياته ودرجة تعاونه مع زملائه أوعلاقته بالمدير أو علاقته برؤسائه عامة، كما أن التلاميذ الذين حصلوا على درجات مرتفعة في مادة ما أميل الى رفع تقدير معلميهم. كل هذه العوامل تجعل تقييم التلاميذ ناقصا، ولا يمكن الاعتماد عليه كثيرًا.

جـ- تقييم المعلم لنفسه:

وفي هذه الطريقة تصمم استفتاءات تشمل عددا من الصفات المرتبطة بمهنة المعلم ويطلب من المعلم أن يجيب عنها , كما يعطي للمعلم بعض الاختبارات النفسية التي تكشف عن نواحي شخصيته وعن صفاته المزاجية والخلقية والعلمية.

ويؤخذ على هذه الطريقة: المغالاة الزائدة في تقدير المعلم لنفسه والتي قد تكون غير صحيحة أو غير متوفرة فيه.

3- تقويم التدريس:

يحتل هذا المجال مكانة رئيسية في التقويم التربوي وذلك للأهمية البارزة للمدرس في العملية التعليمية، وقد أخذ تقويم التدريس اتجاهات ثلاثة:

  • البحث عن خصائص المدرسين كمعيار لكفاءة التدريس سواء كانت هذه الخصائص شخصية أو ثقافية أو مهنية، ومن هنا نبدأ البحث عن تلك الصفات التي ترتبط بالتدريس الجيد مثل: المظهر الخارجي، الذكاء، تقديره في مادة التخصص، درجة ترنيم الصوت وغيرها. ولكن الاعتماد على ذلك في تقويم التدريس له عيوبه ذلك لأنه لا يقف على عمق وتعقد العملية التدريسية كما أن أدواته غير موضوعية.
  •  البحث عن العملية التدريسية وما يتم فيها من سلوك المدرس والتلميذ، وهذا المدخل في التقويم يعتبر أن التفاعل بين المدرس والتلميذ هو أساس التعليم وهو مؤشر صادق لكفاءة التدريس، ويقوم هذا المدخل بتحليل التدريس من خلال الملاحظة المنظمة لسلوك المدرس والتلميذ. وقد ظهرت العديد من البطاقات التي تستخدم في ملاحظة التفاعل بين المدرس والتلميذ سواء كان تفاعلا لفظيا أو غير لفظي.

ولكن يعاب على هذا المدخل أن أدواته ما هي إلا بطاقات ملاحظة لجزء من السلوك ( درجة التفاعل ) وبذلك فهي ادوات ناقصة، كذلك لا تهتم بمحتوى التدريس ومادته.

البحث عن نتائج التعليم باعتبارها المؤشر الأهم ان لم يكن الوحيد لكفاءة التدريس وكفاءة المدرسين، وهذا المدخل يركز على العائد والناتج من العملية التدريسية، وتحتل اختبارات التحصيل مركز الصدارة كأدوات للتقويم عند أصحاب هذا المدخل.

ولكن يعاب على هذا المدخل تركيزه على التحصيل كمعيار وحيد للحكم على كفاءة التدريس كما أن تحصيل التلاميذ يتأثر بعوامل كثيرة أخرى بحيث لا يمكن اعتبار كفاءة المدرس هي العامل الوحيد المسئول عن تحصيل التلاميذ.

4- تقويم المنهج:

لما كان تطوير المناهج الدراسية عملية ضرورية لتحسين العملية التعليمية، كان لابد من تقويم المناهج الحالية والاستفادة من نتائج التقويم في إعادة بناء المنهج  أو في تحسين بعض جوانبه، وهناك أمور كثيرة يجب أن تراعى عند تقويم المنهج منها:

  • ارتباط مستوى المنهج بمستويات نمو التلاميذ.
  • أهمية المنهج ومدى ترابط عناصر المحتوى وتكاملها.
  • مراعاة المنهج للفروق الفردية بين التلاميذ.
  • استخدام البيئة كمصدر للخبرات في المنهج.
  • مطابقة المنهج للمعايير القومية التربوية.
السابق
أفضل مواقع البحث العلمي للباحثين
التالي
أدوات القياس في البحث العلمي – الاستبيان

اترك تعليقاً