علم النفس

مجالات القياس النفسي وتطورها

مجالات القياس النفسي وتطورها

هناك العديد من مجالات القياس النفسي والتي تطور يوما بعد يوم وفقا للمستجدات في مجال القياس والتقويم النفسي والتربوي، ويمكن حصر مجالات القياس فيما يلي:

أولاً: مجالات القياس للتحصيل أو نتائج التعلم:  

بدأت حركة قياس التحصيل كنوع من أنوع القياس النفسي في الظهور منذ أقدم العصور البشرية، حينما كان معلم الحرفة في المجتمع الابتدائي يحاول تقويم المتعلمين على يديه بوصفهم في مواقف عملية تتطلب منهم القيام بأداء عمل معين، ثم يصدر حكمه إلى أي مدى نجح “الصبي” في أداء هذا العمل.

ومع تطور المجتمعات البشرية نشأت المدرسة كمكان يتم فيه تعلم الصغار تراث الأجيال السابقة. وهنا انتقلت حركة القياس إلى تقويم وقياس نتائج التحصيل المدرسي. وظهرت وسائل القياس التحريرية وعقد للطلبة امتحانات تحريرية.

وفي العصور الوسطى والتي تسمى بعصر الظلام المعرفي، اقتصرت عملية القياس على مجرد عدد من الأسئلة تلقي شفاهية ويجاب عليها شفاهية أيضاً، أي أن القياس اعتمد على الامتحانات الشفهية.

وفي أواخر القرن التاسع عشر استبدل الامتحان الشفهي بامتحان تحريري يقوم المعلم بعمله، وهكذا انتقل القياس خطوة نحو التقدم لأن الامتحانات التحريرية تتميز عن الامتحانات الشفهية بأنها تسمح للتلاميذ بالتفكير في الإجابة في وقت واحد.

وفي أوائل القرن العشرين فكر المربون وعلماء النفس المهتمين بقياس التحصيل المدرسي في طريقة للتغلب على عيوب التقدير الذاتي.

فأدى ذلك إلى ظهور نوع من الاختبارات الموضوعية، واتخذت الأسئلة فيها صورة أخرى غير أسئلة المقال. مثل الاختيار من متعدد، وبعد ذلك انتشرت الاختبارات الموضوعية بدرجة كبيرة في الوقت الحالي.

ثانياً: مجالات القياس العقلي:

بدأ الاهتمام بالقياس العقلي كأحد مجالات القياس النفسي في الظهور في القرن التاسع عشر نتيجة لاهتمام علماء النفس بدراسة ضعاف العقول في المجتمع، ومحاولة إيجاد وسيلة دقيقة لعزل هؤلاء الأفراد لإيوائهم في مؤسسات خاصة.

وقد استخدمت وسائل فسيولوجية مثل مقاييس الجمجمة وملامح الوجه، كما استخدمت اختبارات لغوية بسيطة في تصنيف الضعف العقلي.

تم تطور القياس بعد ظهور الدراسات التجريبية النفسية في ألمانيا وإنشاء معمل تجريبي لفونت، وذلك بالاهتمام بقياس السمات العامة بإجراء تجارب على النواحي الحسية بهدف الوصول إلى قوانين عامة تصف السلوك الإنساني. وقد استخدمت لهذا الغرض اختبارات حسية بسيطة.

وقد ساهمت هذه الحركة التجريبية في تطور القياس العقلي لأن واضعيها حاولوا تقنين ظروف إجراء هذه التجارب والاختبارات، وأصبح هذا التقنين من أهم شروط الاختبارات الحديثة.

ثم ساهمت بحوث فرنسيس جالتون Francis Galton في تطوير القياس العقلي، وذلك لاهتمامه بدراسة الوراثة وقياس السمات الجسمانية والحسية، مثل حدة البصر والسمع وزمن رد فعل.

وقد استخدم جالتون في أبحاثه الاستبيان ومقاييس التقدير وطريقة تداعي الكلمات أو المعاني، كما استخدم الإحصاء في تحليل نتائج الاختبارات السابقة.

وتزعم حركة القياس العقلي في الولايات المتحدة العالم كاتل Catell، الذي اهتم بدراسة الفروق الفردية في زمن الرجع، وكان له الفضل في تشجيع انتشار الحركة التجريبية في الدراسات النفسية في أمريكا، وتشجيع حركة القياس النفسي واستخدام الاختبارات.

فقد وضع عدداً من المقاييس النفسية وركز على أن الاستعداد العقلي يمكن قياسه عن طريق أعمال بسيطة حيث يمكن السيطرة عليها، بينما يصعب ذلك في حالة العمليات المعقدة.

واهتم العالم النفسي الألماني كريبلبن Kraeplin بجمع بطاريات من الاختبارات لقياس بعض العمليات العقلية الأكثر تعقيداً. واستخدم لتحقيق هذا الهدف اختبارات تحتوي على العمليات الحسابية بقصد قياس أثر التمرين على هذه العمليات.

وكذلك استخدم اختبارات لقياس التذكر وأخرى لقياس الحساسية. ثم أضاف أورن Ochrn تلميذ كريبلبن عدداً من الاختبارات لقياس الإدراك والتذكر.

ثم تطورت حركة القياس العقلي في القرن العشرين تطوراً كبيراً نتيجة لظهور مقياس بينيه كأول مقياس عقلي يقيس العمليات العقلية البسيطة والمعقدة، إلى جانب ظهور اختبارات التحصيل المقننة.

وبعد ذلك انتشر استخدام الاختبارات والمقاييس في عملية التقويم النفسي، ومن هنا بدأ علماء النفس والتربية عملية تحسين نوع الاختبارات والمقاييس وتقنينها. وذلك بهدف استخدام القياس لا لغرض مقارنة الفرد بغيره فقط.

بل ومقارنة الفرد بنفسه أيضاً، حتى يمكن مساعدته في فهم إمكانياته وتوجيهه نحو الاتجاه الدراسي والمهني الملائم لاستعداداته.

ثالثاً: مجالات القياس للشخصية والميول:

يعتبر قياس الشخصية من أحدث التطورات في القياس النفسي، نظراً لصعوبة ضبط متغيرات الشخصية بدقة وموضوعية. ويتضمن اختبار الشخصية قياس التكيف الانفعالي والعلاقات الاجتماعية والدوافع والميول.

وتعتبر اختبارات كريبلبن Kraeplin لقياس الشخصية في ألمانيا من المحاولات الأولى، حيث استخدم في ذلك طريقة تداعي المعاني مع مرضاه.

ثم ساهم جالتون وكاتل في أوروبا في تطوير قياس الشخصية، وذلك بتصميم مقاييس التقدير وعمل الاستبيانات المقننة. كما أضاف وود ورث Woodworth استبيان لقياس الشخصية.

وأخيراً شهد قياس الشخصية تطوراً آخر بعد استخدام اختبارات المواقف وطريقة الإسقاط، واستخدام طريقة التحليل العاملي في تصميم بطاريات تحتوي على عدد من الاختبارات تشبه اختبارات القدرات الخاصة.

ولكن لا زالت حركة قياس الشخصية تحتاج إلى مزيد من الاهتمام وذلك لأنها تقيس نواحي معقدة للشخصية.

السابق
ابراكسيا الكلام لدي الأطفال
التالي
مجالات الدراسة في علم الاجتماع الريفي

اترك تعليقاً