الصحة والإرشاد النفسي

مفهوم التعاطف الوجداني (Empathy)

مفهوم التعاطف الوجداني (Empathy)

يعد التعاطف عنصرا أساسيا مهما في عملية الإرشاد والعلاج النفسي، فمن خلال التعاطف الوجداني يستطيع المرشد النفسي فهم موقف المسترشد ومساعدته على إدراك حالته ومشاعره والتعامل معها بطريقة إيجابية فعالة.

وفي هذا السياق، يؤكد كل من جريسون وكولي [1] في كتابهما “العلاج النفسي الطلاب الجامعة” أن التعاطف يعد عنصرا أساسيا في جميع أشكال العلاج النفسي ومع جميع المتعالجين ومشكلاتهم، حيث إن التعاطف يساعدهم في الشعور بالراحة، ويوفر لهم الدافع لبذل الجهد في سبيل التغلب على الصعوبات التي تواجههم.

شروط استخدام التعاطف الوجداني:

يشترط لاستخدام التعاطف كوسيلة للتدخل في الجوانب النفسية والاجتماعية مراعاة عنصرين أساسيين هما:

  • أن يكون المختص قادرا على اختبار مشاعر المسترشد وفهما كما يخبرها المسترشد.
  • أن يكون المختص قادرا على الفصل بين مشاعر مسترشده ومشاعره الشخصية وألا تصبح مشاعر المسترشد جزء من مشاعره.

فمتى راعي المختص هذين العنصرين أصبح التعاطف ذا فائدة كبيرة. يتمثل التعاطف بالقدرة على الإحساس بمشاعر الآخرين وفهم معنى هذه المشاعر دون فقد التفس، بمعنی الإحساس بمشاعر شخص آخر – سعادة أو حزن أو غضب … الخ – كما يحسها، وإدراك الأسباب الحقيقية خلفها دون فقد للمشاعر والأحاسيس الشخصية.

فالتعاطف يعني الدخول إلى العالم الداخلي لشخص أخر، ويقتضي من المتعاطف أن يكون شخصا حساسأ لحظة بلحظة، ومدركا للأسباب الكامنة وراء المشاعر، والتعايش مع الشخص، وعدم الحكم على مشاعره – جيدة أو سيئة، صحيحة أو خاطئة – واشعاره بكل ذلك.

تعريف مصطلح التعاطف:

ويعرف بعض المختصين مصطلح التعاطف أنه المشاركة والتفاعل الوجداني المتزن. ومن خلال هذا التعريف يمكن القول: إن أي تفاعل أو اتصال يحدث بين شخصين هو واحد من ثلاثة أنواع، وهي [2]:

  • اتصال فكري (عقلي) يتمثل في تبادل الأفكار والآراء والمعلومات.
  • اتصال وجداني يتمثل في تبادل المشاعر والانفعالات، كالمواساة.
  • اتصال فكري ووجداني إذ يقوم الاتصال في هذا النوع على تفاعل مزدوج لكل من العقل والعاطفة، وهذا هو طبيعة الاتصال في مجال من المساعدة الإنسانية .

ويميز علماء النفس بين: المشاركة الوجدانية الانفعالية المرتكزة على آليات الإسقاط والمحاكاة للاستجابة الحركية والوجدانية لشخص آخر، والمشاركة الوجدانية التنبؤية بوصفها قدرة بشرية على التنبؤ بردود الأفعال الوجدانية لفرد أخر في مواقف ملموسة، والمشاركة الوجدانية المعرفية.

فمن خلال عملية التعاطف “Empathy” والتوحد “Identification” بالمسترشد، يمكن للمرشد فهم المغزى الكامن وراء خبراته، وعندها يصبح بإمكانه أن يقدم تفسيرات يقبلها العقل بشأن المسترشد بالنظر لإطاره المرجعي الخاص [3].

إضافة إلى قدرته على وضع نفسه مكان المسترشد وإدراكه حاجاته ومشاعره، لذلك تعد الطريقة الرئيسية في فهم المسترشدين، ومعرفة أفكارهم، واتجاهاتهم ومشاعرهم وتصوراتهم، ومن ثم فإن المرشد النفسي حين يشارك المسترشد وجدانية فإنه ينقل إليه رسالة بأنه يفهمه [4].

مما سبق نلاحظ أن التعاطف الوجداني (المشاركة الوجدانية): يعني شعور المسترشد أن المرشد يشاركه مشاعره وأفكاره، ويقدر ظروفه والظروف المحيطة به، ويوفر له فرص التعبير عن المشاعر الحقيقية بكل حرية وصراحة وبلا تصنع ولا مجاملة.

المراجع

  1. Grayson, P. and Cauley, K. (1989). College psychotherapy. New York: The Guilford press.
  2. العاسمي، رياض. (2015). علم النفس الإيجابي الإكلينيكي الجزء الثاني، عمان: دار الإعصار.
  3. بتروفسكي، باروسفكي. (1996). معجم علم النفس المعاصر. ترجمة: حمدي عبد الجواد . عبد السلام رضوان. دار العالم الجديد.
  4. بيك، أرون. (2000). العلاج المعرفي والاضطرابات الانفعالية. ترجمة: عادل مصطفى . غسان يعقوب. بیروت: دار النهضة.
السابق
مهارات المرشد النفسي وسماته الشخصية
التالي
الفرق بين العطف والتعاطف في الإرشاد النفسي

اترك تعليقاً