علم النفس

مناهج البحث في الدراسات النمائية

مناهج البحث في الدراسات النمائية

لقد بدأت الكتابة في بعض موضوعات علم نفس النمو على يد الفلاسفة كأفلاطون، جون لوك، جان جاك، روسو فقد قدموا كتابات تدخل ضمناً أو تصريحات في الدراسات النمائية وأن كانت تأملية لا تعتمد على الملاحظات العلمية الدقيقة.

وفي نهاية القرن الثاني عشر بدأ منهج جديد في دراسة النمو يقوم على التراجم للأطفال وغالباً ما كان هؤلاء الأطفال إما أبناء العلماء أو أبناء أخوتهم، ولذا فهي تقوم غالباً على التحيز ورؤية الجوانب الإيجابية وإغفال المظاهر السلبية.

ولكن في نهاية القرن التاسع عشر ظهر المنهج العلمي على يد ستانلي هول بأمريكا وغالباً ما كانت الدراسات تجري على الأطفال والمراهقين، أي أن الكتابة في علم نفس النمو بدأت على يد الفلاسفة، ثم الترجمات، وانتهت باستخدام المنهج العلمي.

وهناك شروط لابد أن تتوفر في المنهج العلمي ليس فقد في الدراسات النمائية ولكن في التخصصات المختلفة من أهمها:

  • التعبير الدقيق والذي يفهمه الآخرون: فعلى سبيل المثال: مقولة النمو الجسمي لطفل ما سريع، هذه العبارة ليست دقيقة بالدرجة الكافية والأدق منها أن هذا الطفل يزداد طوله عن أقرانه بـ 7سم مثلاً ،ويزداد وزنه 8 كجم.
  • استخدام وحدات قياس يمكن للآخرين أن يستخدموها: وهذا ما يسمى بالقياس الموضوعي البعيد عن التعصب والتحيز.    
  • القابلية للتعديل والتغير وخصوصاً في العلوم الإنسانية.
  • الالتزام بالميثاق الأخلاقي العلمي والذي يتضمن الصدق والأمانة وعدم التجريب على الآخرين إلا بموافقتهم.
  • القابلية للتكميم والمعالجات الرقمية لسهولة معالجة البيانات والتوصل إلى نتائج.

خطوات المنهج العلمي في الدراسات النمائية:

المنهج العلمي هو الذي يقوم على خطوات محددة وهي:

  • الأولى: الإحساس بالمشكلة وصياغتها، وأن هناك مشكلة تتطلب التصدي لها ومن أهمها ما يميز العلماء أن لديهم قدراً عالياً من الحساسية للمشكلات الموجودة في البيئة من حولهم.
  • الثانية: استعراض الأعمال العلمية السابقة المتصلة بموضوع المشكلة، وذلك بالرجوع إلى الأطر النظرية والدراسات السابقة، لأنه من الضروري الاستفادة بما كتبه العلماء الذين سبقوه في دراسة الموضوع.
  • الثالثة: تقدم الفروض، والفرض تخمين أو اقتراح مبدئي أو حدس قائم على معرفة شاملة بالموضوع من خلال الإلمام بالدراسات السابقة والملاحظات الأولية.
  • الرابعة: التوصل إلى النتائج، ثم التعميم وفق للعينة المستخدمة.

أهم الطرق المستخدمة في الدراسة النمائية:

1- المنهج  الطولي في الدراسات النمائية:

       وتعرف الطريقة الطولية بأنها تتبع مجموعة من الأفراد خلال فترة زمنية محددة حتى الانتهاء من الدراسة، وتتطلب هذه الطريقة تحديد المدى الزمني، وانتقاء الأفراد الذين ستجري عليهم الدراسة بحيث يضمن قدر الإمكان عدم التسرب خلال الفترة الزمنية.

فلو طلب من باحث القيام بدراسة عن النمو الجسمي خلال المرحلة الابتدائية، فإنه يمكنه أن يستخدم الطريقة الطولية ويتطلب هذا ما يلي:

  • تحديد المدى العمري: وهو من بداية السابعة حتى نهاية الثانية عشرة.
  • تحديد الفترة الزمنية للدراسة: فهذه الدراسة تحتاج إلى فترة زمنية لا تقل عن ست سنوات.
  • اختيار الأدوات: فيمكن على سبيل المثال قياس الطول بالسنتيمتر، وقياس الوزن بالجرام، وتتبع نمو الأسنان والعظام.

وهذه الطريقة لها مزايا وعيوب، ومن أهم مزايا الطريقة الطولية أن نتائجها تتسم بالدقة لأن الباحث يتتبع مجموعة أفراد خلال فترة زمنية محدودة قد تصل (بالشهور) وقد تطول إلى عدة سنوات، وبالتالي يتغلب على المتغيرات الدخيلة، ولكن يعاب على هذه الطريقة أنها تتطلب جهداً ووقتاً طويلاً،.

كما أنها ذات تكاليف كبيرة، وأيضاً ليس هناك ضمان لاستمرارية العينة في الدراسة فقد يتسرب مجموعة منها بالسفر إلى أماكن أخرى أو غير ذلك، ويصعب إجراء بعض البحوث النمائية بالطريقة الطولية كدراسة النمو الجسمي من المهد إلى الشيخوخة.

2- المنهج المستعرض الدراسات النمائية:

من خلال استخدام هذه الطريقة أصبح هناك كم هائل من المعرفة في مجال النمو، وتعرف الطريقة المستعرضة بأنها دراسة مجموعات من الأفراد كل مجموعة تمثل عمراً زمنياً محدداً بهدف التوصل إلى معرفة الفروق بين هذه المجموعات العمرية، ومن ذلك عندما بقوم باحث بدراسة النمو اللغوي خلال مرحلة ما قبل المدرسة مستخدماً الطريقة المستعرضة فإن هذا يتطلب ما يلي:

أ-  تحديد المجموعة العمرية:

أن مرحلة ما قبل المدرسة تبدأ من بداية الثالثة حتى تمام السادسة، أي من بداية الثالثة إلى نهايتها، وهذه تمثل المجموعة الأولى، ومن بداية الرابعة حتى نهايتها، وهذه تمثل المجموعة الثانية، ومن بداية الخامسة حتى نهايتها، وهذه تمثل المجموعة الثالثة، وأما المجموعة الأخيرة فمن بداية السادسة وحتى نهايتها، وليكن على سبيل المثال (50 طفلاً بكل مجموعة).

ب- انتفاء أفراد العينة:

أي يتم اختبار مجموعة من الأطفال أعمارهم تتراوح ما بين 25 شهراً – 36 شهراً وهم يمثلون المجموعة الأولى، و50 طفلاً تتراوح أعمارهم ما بين 37 – 48 شهراً، و 50 طفلاً أعمارهم ما بين 61 – 72 شهراً، ويتم انتفاؤهم وفق لأغراض الدراسة من الذكور – الإناث، ريف – حضر.

ج- المدى الزمني للدراسة:

بالتأكيد سيكون أقل بكثير عن الطريقة الطولية، فيمكن إجراء هذه الدراسة خلال شهور فقط، إذ يمكن تطبيق أدوات الدراسة على المجموعات العمرية خلال فترة محدودة.

د- اختيار الأدوات:

ويمكن قياس النمو اللغوي من خلال قياس المحصول اللفظي (عدد الكلمات التي يمتلكها الطفل)، مدى قدرة الطفل على فهم الكلمات، القدرة على تكوين جمل….

ه- التكافؤ قدر الإمكان بين المجموعات العمرية:

ومن أهم الانتقادات الموجهة للطريقة المستعرضة صعوبة ضبط العوامل التي تؤثر على النمو فهناك عوامل وراثية واجتماعية وثقافية وغيرها وبالتالي فإن النتائج لا تكون دقيقة كما هو الحال في الطريقة الطولية، وبرغم هذا فإن من مزايا هذه الطريقة أنها توفر الجهد والتكاليف، ولذا فإن مزايا الطريقة الطولية هي عيوب الطريقة المستعرضة، كما أن عيوب الطريقة الطولية هي مزايا الطريقة المستعرضة.

3- المنهج التجريبي:

ويتميز هذا المنهج بمزيد من الضبط والتحكم، ويستخدم المنهج التجريبي في بعض الدراسات النمائية، وقد يصعب استخدامه في دراسات نمائية معينة ويرجع ذلك إلى أن الخلق العلمي يمنع من استخدام هذا المنهج في بعض الدراسات النمائية، فلا يجوز منع الطفل من الطعام فترة طويلة لمعرفة أثر الجوع على النمو الجسمي لدى الطفل.

ويتطلب هذا المنهج تحديد المتغير المستقبل الذي يمكن التغير في درجاته وكذا تحديد المتغير التابع والذي يفترض أن التعديل في المتغير المستقل يتبعه تعديل في المتغير التابع، ومن الضروري تثبيت المتغيرات الوسيطة والتي قد تؤدي إلى تعديل في المتغير التابع، وهناك تصميمات عديدة للمنهج التجريبي من أهمها.

  • المجموعة التجريبية، والمجموعة الضابطة، إذ تتعرض المجموعة التجريبية فقط للتجريب في يحن أن المجموعة الضابطة لا تتعرض لهذا المتغير التجريبي.
  • القياس القبلي والبعدي لمجموعة واحدة: ويتم تعرض هذه المجموعة للبرنامج التجريبي بعد القياس القبلي، ثم بعد التجريب يتم قياس بعدي لمعرفة مدى التعديل الذي حدث.

4- المنهج  الكلينيكي:

يتكون علم النفس الإكلينيكى من ثلاث كلمات( علم النفس الإكلينيكى ) ، ويقصد بالعلم : المعارف والمعلومات المبنية على أسس علمية ، والقائمة على شروط البحث العلمى كالدقة ، الموضوعية ، عدم التحيز ، ونقيض العلم الجهل ، والعلم بمعناه اللغوى الإهتداء ألى شئ كان مجهولا من قبل.

كما يطلق العلم على المعرفة وحصول صورة الشئ فى العقل ، وبالتالى فقد أخذت العلوم مسمياتها مثل علم الأحياء ، علم الفلك ، علم النفس ، بمعنى أنها معلومات قائمة على أسس علمية مختصة بفرع معين من فروع المعرفة .

        ولا شك فى أن العلم البشرى محدود ، فمن يعلم عدد الخلايا التى يتكون منها جسمه على سبيل الحصر  ، والعلم  قابل للتطور والتعديل ،وكلما سلك العالم سبل العلم الموضوعية كلما تمكن من اكتشاف الجديد ، كما أن العلم تراكمي تطوري ،      

وأما النفس فتعنى الاهتمام بدرجة كبيرة بالجوانب النفسية كالانفعالات والمعواطف والدوافع والاتجاهات والميول وغير ذلك بالإضافة إلى المتغيرات الأخرى ذات الصلة المباشرة أو غير المباشرة . 

وتبقى الكلمة الأخيرة ( الإكلينيكي ) وهذه الكلمة ترجع أصولها إلى الكلمة اليونانية (كلينيوس) وتعنى العلاج الذى يقدم للمريض وهو فى فراشه ، واما كلمة (كلينى) فيقصد بها الفراش ، وأيضا يقصد بكلمة (كليناين) الاضطجاع  ، ثم أصبحت كلمة (اكلينيكية) تعنى الفحص الدقيق للمريض من بداية الجلوس معه ، وتشخيص الإضطراب أو المرض الذى يعانى منه ، وتقديم العلاج المناسب نفسيا وعضويا.

وعلى هذا فالكلينيكية تشمل المريض النفسى ، والمريض بمرض عضوى ، فيقوم الطبيب بفحص المريض مستخدما الأدوات التى تساعده على التشخيص الدقيق كالسماعة ، والأشعة ، والتحاليل الملائمة ، وتقديم العلاج الذى يساهم فى خفض هذا المرض وحتى التماثل للشفاء.

وكذا الحال يقوم الطبيب النفسى والأخصائى النفسى بتقديم خدمات التشخيص النفسى الدقيق والعلاج الملائم ، وعموما فإن علم النفس الكلينيكى يبحث عن المعرفة المتعمقة لتحسين الحالة النفسية للإنسان ويهدف إلى التشخيص والعلاج والتنبؤ [1] .

المراجع

  1. مريم سليم (2002). علم نفس النمو. بيروت: دار النهضة
السابق
أهم مشكلات المجتمع الريفي
التالي
العوامل الوراثية المؤثرة في النمو

تعليق واحد

أضف تعليقا

  1. التنبيهات : النظرية السلوكية في التعلم | معلومة تربوية

اترك تعليقاً