التربية الخاصة

تشخيص اضطراب التوحد عند الأطفال

تشخيص اضطراب التوحد عند الأطفال

يعد تشخيص اضطراب التوحد من المشكلات الصعبة التي تواجه الباحثين والمهتمين به على كافة التخصصات، وقد يعود ذلك إلى أن أعراض اضطراب التوحد تتشابه مع أعراض اضطرابات أخرى عديدة كفصام الطفولة، والتخلف العقلي، واضطرابات التواصل، وتمركز الطفل حول ذاته.

ومن هنا يمكن القول إن التشخيص الصحيح للتوحد أمرا على قدر كبير من الخطورة والأهمية، لأنه يساعد على الاهتمام بقدرات كل طفل وتطوير بيئة مناسبة له. كما ترجع الصعوبة إلى أن التشخيص يعتمد بشكل كبير على السلوكيات التي تظهر على الطفل التوحدي، لأنه لا توجد علامات جسدية أو دلالات بيولوجية تشير إلى إصابة الطفل بالتوحد.

فاضطراب التوحد يتم تشخيصه على المستوى السلوکی بناء على الصعوبات والمشكلات الواضحة التي تظهر على الطفل في مجالات التواصل والمشاركة الاجتماعية والتخيل، وكلما كان الطفل صغيرا في العمر كان التشخيص به صعوبة، ويتطلب جهودا دقيقة ومتواصلة للتعرف على طبيعة الأعراض لديه وتكراريتها، وتحليل مهاراته الاجتماعية وأساليب تفاعله مع البيئة وقدراته الإدراكية والعاطفية.

خطوات تشخيص اضطراب التوحد:

الكشف والمسح المبكر:

هي أول خطوة من خطوات عملية تشخيص اضطرب التوحد، والمقصود بها التعرف على الأطفال الذين يظهرون عددا من المؤشرات الخاصة باضطراب التوحد، وذلك لإحالتهم لعملية تشخيص متكامل، بمعنى أن المسح يعد إنذارا مهما يشير إلى إمكانية أن يكون لدى الطفل اضطراب التوحد، بينما التشخيص يؤكد أو ينفي اضطراب التوحد لدى الطفل بشكل رسمی.

وتعد عملية المسح والكشف المبكر في غاية الأهمية في تشخيص اضطراب التوحد، لما لها من علاقة بعملية تقديم الخدمات، خاصة خدمات التدخل المبكر، والتي تؤدي إلى مخرجات تعليمية وتدريبية أفضل بكثير مما هي عليه في حالة تقديم الخدمات المتأخرة، وقد حدد العلماء أربعة خصائص للتوحد إذا اجتمعت لدي طفل عمره ۱۸ شهرة أو أكثر، دل ذلك على احتمال كبير لأن يكون لديه اضطراب التوحد ، وهذه السلوكيات هي:

  • عدم استجابة الطفل لاسمه.
  • ضعف القدرة على التقليد.
  • عجز الطفل عن الإشارة إلى الأشياء، ومتابعة نظرات الآخرين.
  • عدم القدرة على اللعب التمثيلي.

التشخيص المتكامل:

وهي تمثل الخطوة الثانية في عملية تشخيص اضطراب التوحد، حيث سيتم هنا إجراء تقييم شامل متعدد التخصصات، لكل طفل دلت نتائج الكشف المبكر أن لديه احتمالية عالية لوجود اضطراب التوحد، فهذه الخطوة هدفها التأكد من وجود اضطراب التوحد لدى الطفل من عدمه، وهي تتضمن توظيف عدد من الأدوات المناسبة لتحقيق الأهداف المرجوة منها، بحيث يتم فيها العمل على قياس وتشخيص أكبر قدر ممكن من المجالات النمائية الوظيفية لدى الطفل.

ويتم تنفيذ هذه الخطوة من قبل فريق التشخيص المتكامل، وتتضمن هذه الخطوة ما يلي:

  1. التقييم الطبي: ليس الهدف هذا العمل على تشخيص اضطراب التوحد بصورة طبية، وإنما الهدف هو فهم حالة الطفل بصورة أوضح، والعمل على استثناء الاضطرابات الأخرى، والتي قد تتشابه مع اضطراب التوحد، وبالتالي فإن الهدف من التقييم الطبى، هو تأكيد إعطاء تشخيص اضطراب التوحد للطفل، ويعتبر الفحص الطبي العام وفحص السمع من أهم الفحوصات في هذا الشأن، إلى ذلك في درجة الأهمية التخطيط الكهربائي للدماغ .
  2. التقييم النمائي: يتم بهذا التقييم جمع البيانات الأساسية حول نمو الطفل، لتحديد مدى وجود التأخر النمائي لديه أولا، وهذا التقييم مهم لأنه يقدم لنا أهدافا مزدوجة، لكل من عملية التشخيص ووضع الأهداف التربوية، ومعرفة بعض الجوانب المهمة في اضطراب التوحد، كاللعب والتفاعل الاجتماعي والتواصل والاستجابات الحسية والسلوك العام، التي تساعد إجاباتها في اتخاذ القرار التشخيصي النهائي.
  3. تقييم سيكولوجي: الهدف من هذا التقييم التعرف على مستوى القدرات العقلية، ومظاهر السلوك التكيفي لدى الطفل الذي لديه اضطراب التوحد، وذلك بهدف الحكم على مدى قدرة الطفل على فهم البيئة المحيطة، والتعامل معها بفاعلية وبصورة تتناسب مع عمره الزمني.
  4. تقييم سلوكي: ويمثل هذا التقييم الجزء الأخير من عملية التشخيص المتكامل للطفل، ويهدف هذا التقييم إلى تطبيق الأدوات والمعايير التشخيصية الخاصة باضطراب التوحد، وهذا التقييم يختلف عن التقييمات السابقة، بكونه يعطى تسمية نهائية يتم بناء عليها وصف الطفل بأن لديه اضطراب التوحد أم لا.
  5. التقييم الاجتماعي: يقترح الباحث التقييم الاجتماعي الذي عن طريقه يتم التعرف على بعض الأنماط والخصائص الآتية: ضعف التفاعل والتواصل الاجتماعي، وعدم القدرة على إقامة علاقات اجتماعية، ورفض التعاون مع الآخرين، والإحجام عن المشاركة في الأنشطة، قصور في أداء بعض المهارات الاستقلالية والحياتية، قصور في المهارات الاجتماعية، ضعف الاستجابة للمثيرات الخارجية.

تشخيص اضطراب التوحد بالأسلوب الفارقي

هو العملية التي تحدد فيها أي من مريضين أو أكثر لهم أعراض متداخلة هي التي تنطبق على حالة مريض معين، كذلك تشمل عملية التشخيص الفارق بين مريضين اثنين متشابهين بتحديد الأعراض الحاسمة التي تظهر مع أحدهما ولا تظهر مع الآخر، والهدف من التشخيص الفارقي هو التوصل إلى تفسير طبي أقرب إلى الصواب لحالة مرضية غريبة أو معقدة، كخطوة أولى تساعد على البحث عن العلاج المناسب.

وتعتمد فكرة تشخيص اضطراب التوحد بالأسلوب الفارقي على سرد جميع احتمالات الأمراض التي يمكن أن تسبب عرضا ما أو أن تكون السبب في تغييرات مرضية معينة (مثلا نتائج فحوصات طبية)، بحيث توضع قائمة بالأمراض المحتملة. بعد ذلك يتم الاقتراب إلى التشخيص الحقيقي (الأقرب إلى الحقيقة) عن طريق إجراء فحوصات تفريقية (أي هادفة للتفريق بين هذه الاحتمالات) عن طريق توفير نتائج ومعلومات إضافية تدعم أو تنفي هذا الاحتمال أو ذاك.

بعدها يتم تصفية قائمة التشخيصات التفريقية حتى يتبقى تشخيص واحد يعتبر هو الأقرب للصواب في وصف الحالة المرضية، بمعنى أن التوصل إلى التشخيص الصحيح يتم عن طريق استبعاد الاحتمالات غير الممكنة.

السابق
أسباب التوحد Autism عند الأطفال
التالي
اضطراب فرط النشاط المصحوب بقصور الانتباه