الأنثروبولوجيا

المجال البيئي لمفهوم المشكلة الاجتماعية

المجال البيئي لمفهوم المشكلة الاجتماعية

يري البعض أنه ليس هناك فرد أو جماعة بعينها يمكن أن تحدد المشكلة الاجتماعية، فأحياناُ تحدد المشكلة الاجتماعية هؤلاء الذين يتأثرون بها مباشرة ويعانون منها بصورة قوية.

وأحيانا يلعب العلماء الدورالأساسي في تحديد المشكلة الاجتماعية ومن ثم فإن تحديد المشكلات الاجتماعية يرجع بصفة أساسية للمجال البيئى الذي تنبعث منه المشكلة الاجتماعية.

كما يذهب البعض إلي أن المشكلة الاجتماعية هى حالة يحددها عدد من الأفراد على أنها انحراف عن المعايير الاجتماعية التي يرتبطون ويتمسكون بها وذلك وفقاً لخصائص البيئة الاجتماعية التى تبنت تلك المعايير.

وتتميز المشكلة الاجتماعية بأنها ذات حالة موضوعية وبناء ذاتي أما الحالة الموضوعية فهي موقف يمكن اثباته أو التحقق منه، ويتم اختيار هذا الموقف بواسطة ملاحظين مدربين ومؤهلين لذلك.

أما البناء الذاتي فهو اهتمام مجموعة من أفراد المجتمع بالمشكلة باعتبارها تمثل تهديداً لقيمهم الخاصة وخصائصهم الذاتية التي يتميزون بها عن غيرهم.

في حين تمت الإشارة الي المشكلات الاجتماعيه بأنها عباره عن ( هوه كبيره بين المعايير الاجتماعيه والواقع الاجتماعي أو السلوك الفعلي) والذي يراه عدد كبير من افراد المجتمع بأنه وضع غير مقبول، وأنه لابد من حشد الجهود الجماعية والمجتمعيه لاصلاحه ومعالجته[1].

وعليه فإن للمشكله الاجتماعيه لكي يتم الاقرار بوجودها لابد من توافر عنصرين أو بعدين هما:

البعـد الـذاتـي

الذي يستند الى ادراك الناس وتقويمهم لوضع ما علي أنه اشكالي أو ضار (الاعتقاد بـضرورة تغيير هذه الحاله).

البعـد الموضوعي

الذي يستند الى حجم وانتشار الوضع أو السلوك الفعلي الذي يجري تقويمه ( الحاله أو المشكله نفسها).

كما تم النظر الى المشكلات الاجتماعية  بأنها نوع من الجروح يتعرض له الجسد الاجتماعي ، أو تمزق يصيب النسيج الاجتماعي ينتج عنه حاله من عدم التماسك الاجتماعي.

الأمر الذي يتطلب مجموعه من التدابير التي تقضي الى تحسين الاوضاع أو علاجها، إذن فالمشكلات الاجتماعيه هي حقيقه اجتماعيه غير مرغوبه ولكنها ملموسه وواقعيه[2].

ولهذا نجد التفسير البيولوجي للمشكلة الاجتماعيه حيث يري  الذين يعيشون المشكلة الاجتماعية ربما كانوا حتمية عوامل وراثية لم تكن في صالحهم ولذلك سقطوا في مشكلات متعددة وتكسرت مقاومتهم، أمام ظروف أقوي منهم،.

ومن أجل هذا يفكر في كل المشاكل الاجتماعية في ضوء حلول جانبية جزئية مثل تعقيم هؤلاء الأشخاص أو اجبارهم علي ضبط النسل حتى لا تخرج من أصلابهم نسل ضعيف يسقط صريعاً عند أول  صدام مع الحياة فتزيد المشكلة الاجتماعية حجماً وتعاظماً.

والجغرافي الحتمي من ناحية أخري قد يري أن المناخ ربما كان السبب في مشاكل مثل الفقر، ومن ثم في عدد من المشاكل الاجتماعية الأخري كالجريمة والبغاء[3].

ولكن هذه التفسيرات يظهر فسادها عند اللجوء إلى التفسير السيولوجي الذي يسعي إلى دراسة العوامل المتعددة التي تُكون ظاهرة يمكن أن تطلق عليها ” المشكلة الاجتماعية” وسبيل علم الاجتماع أن يحصر جميع العوامل قبل أن نحكم علي أهميتها النسبية.

علي أن هذا القول لا يجب أن يقود إلي الوقوع في بعض مغالطات العلية الاجتماعية ذلك لأنه من الخطأ أن نعتبر جميع العوامل متساوية العلية والدينامية في ابراز المشكلة الاجتماعية.

ومن هذه الزاوية رسم علماء الاجتماع عدة اطارات من المفاهيم بغرض ترتيب وحصر العناصر التي يقوم على اساسها بحث المشكلات الاجتماعية.

ومن الناحية التاريخية

يمكن القول أن قاعدة المفاهيم المؤدية للمعرفة قد تفيد في قيامها علي مبادىء الأخلاق أكثر من قيامها علي أسس الموضوعية والعلمية .

ويعتقد علماء الاجتماع ويشاركهم فى ذلك العلماء الآخرون في العلوم الاجتماعية أن كثيراً من المشكلات الاجتماعية قد تنتج عن محاولة تجاوز المعايير الاجتماعية والثقافية للمجتمع، كما أن بعض المشكلات تترتب على فشل الثقافة فى أن تواجه عزم الاندفاعات أو الرغبات الجامحة فى الفرد أو بعض الجماعات.

ويري البعض ان المشكلة الاجتماعية تمثل انحراف داخل اطار المجتمع ويدور هذا الانحراف فى دوائر تبدأ من الفرد إلي الجماعة وتنتهي وتصب في المجتمع.

ولعل هذا يقود إلى تعريف موضوعي للمشكلة الاجتماعية بأنها تمثل سلوك انحرافي في اتجاه غير موافق عليه إلي حد يصل الى مستوي أعلى من مستوى الحد التسامحي للمجتمع، ومثل هذا السلوك الذي يجاوز حدود التسامح يؤدي الى فعل عام.

يهدف إلي حماية المجتمع واصلاح المخالف أو الجاني وتحذير كل انسان من أن الانحراف الذي يتعدي نقطة معينة لن يتسامح فيه .

استنتاج

إذاً فالمشكلة الاجتماعية هى موقف يتطلب معالجة اصلاحية وينجم عن ظروف المجتمع أو البيئة الاجتماعية، أو يتحتم معه تجميع الوسائل الاجتماعية لمواجهته ولتحسينه، وهاتان الناحيتان تتلاقيان وتتميزان في أغلب الأحيان.

ففي الحالة الأولي يمكن أن ندخل تحتها كل النقائص والفشل في التوافق الذي يصيب الأفرد والأسرة والجماعات الصغيرة والتي يمكن ردها إلي ظروف البيئة التي يعيشون فيها ونضرب مثلاً على ذلك بالبطالة أو المرض أو الرزيلة أو الجريمة أو ما إلي ذلك

أما المشاكل التى تظهر في الحالة الثانية اى التى تتطلب وسائل اجتماعية عاجلة لمواجهته فهى تمثل الفشل في التوافق الذي يصيب البناء الاجتماعي وتأديته لوظيفته والذي تعلو مواجهته فوق مستوى فرد أو جماعة صغيرة مثل الحرب أو البطالة الدورية أو الفساد السياسي.

ومن ثم فإنه يمكن أن نحدد أن المشكلة الاجتماعية قد تمثل نطاق أنماط انحراف السلوك الاجتماعي عن القواعد التي حددها المجتمع للسلوك الصحيح طالما أن هذه القواعد تضع معاييراً معينة يكون الانحراف عنها مؤيداً إلي رد فعل واضح من الجماعة والمجتمع بصفة عامة.

وما دام الأمر كذلك: فإن طبيعة المشكلات الاجتماعية تختلف من حيث الزمان والمكان باختلاف الثقافات إلا إذا كانت القاعدة أو المعيار من الضروريات الاجتماعية التي يتوقف عليها الوجود الاجتماعي.

ولما كان الوضع الاجتماعي يعتبر أساساً من أسس اكتشاف السلوك الانحرافي وتحديد درجة خطورته وعمق تأثيره على الجماعة أو الفرد. فإنه يعتبر مقياساً هاماً من المقاييس المحددة للسلوك الانحرافي.

وبناء على ما تقدم

يمكن النظر الى المشكلات الاجتماعيه عموماً إلى أنها عبارة عن وجود احتياجات غير مشبعة لدي قطاعات عريضة من السكان، وقد يرجع عدم اشباعها إلى العجز أو القصور فى النظم الاجتماعية المكلفه بمواجهة هذه المشكلات.

ولهذا تمثل المشكلة موقفاً يواجه الانسان أو الجماعه أو المجتمع، بحيث تعجز إمكانات هذه الوحدات عن مواجهة هذا الموقف كما تحتاج أيضاً الى مصدر خارجي يساعد على مواجهة هذه المواقف سواء كان ذلك بالدعم المادي أم الاجتماعي.

كما أن المشكلة الاجتماعية لا تتضمن فقط وجود حاجات غير مشبعه وإنما تشمل أيضاً عدد المتأثرين من المشكلة ومدي انتشارها وعمقها، ومدي معرفه افراد المجتمع بالوسائل التي يمكن من خلالها اشباع هذه الاحتياجات قبل أن تتزايد ويصعب مواجهتها، بالإضافه الى مدى توافر الموارد اللازمة لمواجهة هذه المشكلات .


[1] – Merton,R.K;& Nisbet R.A.)EDS). contemporary social problems. New York,  Harcourt, brace,1981. p 7

[2]– Neil,J.Smelser.Social sciences and social problems: the next century (1) international sociology. Volume11, number3, septemles.1996.p. 5a

[3] – محمد عاطف غيث، إسماعيل علي سعد: المشكلات الاجتماعية دراسة نظرية وتطبيقية، الاسكندرية ، دار المعرفة الجامعية،2003، ص 1

السابق
تعريف المشكلات الاجتماعية ومتغيراتها
التالي
سمات شخصية الأطفال المعاقين عقليا

تعليقان

أضف تعليقا

  1. Twicsy قال:

    Greetings, I think your web site might be having internet browser compatibility problems.
    Whenever I look at your web site in Safari, it looks fine however, when opening in Internet Explorer, it’s got some
    overlapping issues. I just wanted to provide you with a quick heads up!
    Other than that, great site!

اترك تعليقاً