قياس وتقويم

القياس النفسي – مفهومه وأنواعه

القياس النفسي

يعد القياس النفسي على جانب كبير من الأهمية في أي علم من العلوم، فجميع العلوم تسعى لتطوير أساليب موضوعية دقيقة لقياس الظواهر المتعلقة بها من أجل فهم هذه الظواهر وتفسيرها، والتنبؤ بالعلاقات القائمة بين متغيراتها ومحاولة ضبطها والتحكم فيها.

فالتقدم العلمي يعتمد إلى حد كبير على تمثيل الظواهر والأحداث وصياغتها بأساليب موضوعية دقيقة بحيث تمكن الباحثين والدارسين والممارسين من التواصل بينهم بلغة مشتركة متفق عليها، كما تمكنهم من التقييم الموضوعي للنتائج التي يتوصل إليها العلماء، ويدون هذه الأساليب يصبح تعريف المفاهيم والمصطلحات والقواعد المتعلقة بالظواهر المختلفة خاضعا للآراء الذاتية والأحكام الفردية.

وبذلك لا تكون هناك أسس متفق عليها في دراسة وبحث هذه الظواهر. ويعد قياس السمات والخصائص الإنسانية من المجالات الرئيسة في العلوم النفسية والتربوية، حيث يتم من خلالها انتقاء الأفراد وتوجيههم وتسكينهم في مختلف ميادين العمل والأنشطة المهنية والفنية من خلال قياس وتقييم الجوانب المعرفية والشخصية وغيرها لدى هؤلاء الأفراد، باستخدام اختبارات ومقاييس متعددة ومتنوعة يزخر بها علم القياس النفسي والتربوي.

وتتميز الدراسة العلمية للسلوك الإنساني باعتمادها على الأساليب الكمية في قياس هذا السلوك، ولم يحدث ذلك إلا مع استخدام التجريب والقياس في نهاية القرن التاسع عشر اعتمادا على أسس الطريقة العلمية بدلا من الطرق الفلسفية عندما أصبح علم النفس علما مستقلا عن الفلسفة.

ومما لا شك فيه أن علم النفس لم يصل بعد إلى مرحلة الدقة المتناهية في دراسة ظواهره بنفس القدر في العلوم الطبيعية، مثل الكيمياء والفيزياء وغيرها التي تبحث في ظواهر مادية يمكن التحكم فيها ودراستها بدرجة عالية من الدقة بفضل الأدوات والأجهزة المقننة المتاحة لديه.

وبالرغم من ذلك فقد حاول علماء النفس أن يحذو بعلم النفس حذو العلوم الطبيعية من خلال الاهتمام بالأساليب الكمية ومنطق القياس وابتكار أساليب جديدة لقياس الظواهر النفسية وطرقا متنوعة لوصف واستقراء نتائج قياسها والتعبير عنها بمقادير عددية بهدف دراسة خصائص هذه الظواهر التي يمكن الاستناد إليها في تفسير السلوك والتنبؤ بحدوثه.

وتعد عملية القياس النفسي مكون أساسي من مكونات عملية التقويم، حيث انه خطوة أساسية من خطوات التقويم لكي نتخذ قرارات تربوية سليمة، أي اننا نستخدم البيانات التي نحصل عليها من عملية القياس في اتخاذ قرارات مبنية على أسس علمية سليمة.

وربما يظن البعض أن التقويم بهذا الشكل عملية بسيطة يمكن لأي فرد أن يقوم بها، ولكن إذا أمعنا النظر نجد أنه عملية منهجية تتطلب جمع بيانات موضوعية ومعلومات صادقة من مصادر متعددة باستخدام أدوات قياس متنوعة في ضوء أهداف محددة بغرض التوصل إلى تقديرات كمية وأدلة كيفية يستند إليها في إصدار أحكام أو اتخاذ قرارات مناسبة.

ونظرا لأهمية عملية القياس في العملية التعليمية فإننا نحاول في الصفحات القادمة توضيح معناها والوقوف على بعض الأمور المتعلقة بها.

نشأة وتطور القياس النفسي:

يرجع تاريخ عملية القياس النفسي في حقيقة الأمر إلى عصور ما قبل الميلاد وبالتحديد في عام ۲۲۰۰ قبل الميلاد عندما قام الصينيون بوضع اختبارات للخدمة المدنية لاختبار المسؤولين العموميون للتأكد من كفاءتهم، ثم في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر اكتشف (کارل فريدريك جاوس) التوزيع الاعتدالي عند تقييم أخطاء القياس.

كما استخدمت اختبارات الخدمة المدنية في أوروبا، ثم قام الأطباء والمعالجون النفسيون في إنجلترا والولايات المتحدة من أمثال (جين إسكويرول) و (إيميل كربلین) بتطوير أنظمة تصنيفية للمساعدة في تصنيف الأفراد ذوي التخلف العقلي وغيرها من المشكلات العقلية، لينتهي هذين القرنين بإسهام كل من جالتون وكاتل في تطوير إجراءات اختبارية مثل:

  • استبانات مقننة
  • موازين تقدير والتي أصبحت فيما بعد أساليب شائعة في تقييم الشخصية.

ثم حدثت طفرة كبيرة في إعداد الاختبارات العقلية والنفسية خلال القرنين العشرين والواحد والعشرين من أمثال اختبار الذكاء لبينيه وسيمون عام 1905م والذي يعد أول اختبارات الذكاء وكان منبئا جيدا بالنجاح الأكاديمي، ومقاييس وكسلر للذكاء، واختبار بقع الحبر لروشاخ، واستبيان مينيسوتا للشخصية متعدد الأوجه والذي أصبح نموذجا لاستبيانات الشخصية الموضوعية، وغيرها من الاختيارات والمقاييس العقلية والنفسية في مجال التربية الخاصة.

مفهوم القياس:

القياس النفسي عملية منهجية مخططة تعنى بالوصف الكمي المحدد لفظيا أو عدديا للصفة المراد قياسها وتستخدم فيها الاختبارات والمقاييس وهي الطريقة المنظمة لقياس عينة من السلوك وأساليب الملاحظة المختلفة والمتعددة والتي تساعدنا على الحصول على كميات أكبر من المعلومات كإجراءات ممهدة لعملية التقويم.

الأصل اللغوي لكلمة قياس:

  • هو الفعل ” قاس ” ويقال قاس الشيء أي قدره، وقاس الشيء بغيره أي قدره على مثاله، والقياس هو رد الشيء الى مثيله.
  • يعرف القياس النفسي بأنه: تعيين فئة من الأرقام أو الرموز مناظرة لخصائص أو سمات الأفراد طبقا لقواعد محددة تحديدا جيدا .
  • كما يعرف بأنه : إعطاء تقدير كمي لشيء معين عن طريق مقارنته بوحدة معيارية متفق عليها .
  • ويعرف أيضا بأنه: العملية التي يمكن بها وصف شيئا وصفا كميا في ضوء قواعد متفق عليها .
  • كما يعرف بأنه : التعبير الكمي عن الظاهرة موضوع الدراسة على نحو يمكن باحثين أخرين مدربين من أن يقوموا بقياسها دون وجود فروق جوهرية إذا قيست تحت نفس الظروف .

أهمية القياس:

  • يعتبر القياس وسيلة هامة من وسائل التقويم النفسي والتربوي. فعن طريقه يمكن تصنيف التلاميذ وتوجيههم توجيها تربويا سليما، عن طريق معرفة قدراتهم وميولهم الشخصية، كما نستطيع تقويم نظم التعلم بمعرفة إلى أي مدى نجح التعلم في إحداث التغير.
  • يستخدم القياس في المقارنة بين الأفراد، ومعرفة الفروق الفردية بشيء من الدقة والموضوعية والثبات. بناء على الوحدات المتساوية التي يتكون منها المقياس.
  • يساعد القياس علماء النفس والمربين على وضع اختبارات نفسية وتحصيلية مقننة يمكن الاعتماد على نتائجها بعد التأكد من صدقها في قياس الظاهرة المراد قياسها.
  • يساعد القياس على دراسة الظاهرات النفسية المختلفة، بطريقة تؤدي إلى تحليلها إلى عناصرها.
  • أدى تطور حركة القياس إلى تطور علم الإحصاء، حتى يقابل حاجات القياس النفسي والتربوي المتعددة.

أنواع القياس النفسي:

تتلخص أنواع القياس في نوعين أساسيين هما: (۱) القياس المباشر (۲) القياس غير المباشر كما يوضحه الشكل التالي:

أنواع القياس
أنواع القياس

فمن السهل قياس أوزان أو أطوال مجموعة من الأشخاص أو مساحة غرفة ما، بالمقارنة مع قیاس بعض المتغيرات النفسية مثل الدافعية أو الضغوط أو الاتجاهات.

ففي الحالة الأولى يكون القياس مباشرا ومحسوسا ومفهوما للجميع، أما في الحالة الثانية فيكون القياس غير مباشر لأنها صفات غير محسوسة ونتمكن من قياسها عن طريق مجموعة من العبارات أو الأسئلة.

السابق
علم الاجتماع مفهومه ودلالاته
التالي
التعلم النقال Mobile Learning وأهدافه

اترك تعليقاً